حينما يحيا الإنسان بالجهالة أو عدم المعرفة ممكن أن يسقط في الشرور دون أن يدري، وهذا لا يعطيه العذر بالطبع أو يبرر سقوطه، لأن المؤمن الحقيقي والذي يريد أن يحيا مع الله بدقة يبحث عن المعرفة – للإرشاد والحياة – في كلمة الحق ليصل لحياة القداسة التي بدونها لا يُعاين أحد الرب، والشخص الذي يُسَرّ بالجهالة ولا يُريد أن يعرف بحجة أن من يعرف كثيراً يُدان كثيراً، فهو بذلك يُطفئ روح المعرفة فيه ويُسر بالجهل وعدم المعرفة، فيضل – بسهولة – طريقة حتماً مبتعداً بعيداً عن طريق الله الضيق، ويصاب بالجهل ويصل في النهاية لقساوة القلب، لأن من كثرة الخطية يُصاب الإنسان بحوَّل في عينيه فيرى الطريق معكوساً، فيمضي في طريق الجهالة ويفقد كل حكمة الروح فيضل وفي النهاية يفقد كل معرفة لله ويسير حتماً في طريق الموت سريعاً !!!
الجهل طبيعة من لم يؤمن أو المبتدأ في الطريق، ولكن الجهل قبل الإيمان يختلف عن المبتدأ في طريق الله :
قبل الإيمان : [ لكنني رُحمت لأني فعلت بجهل في عدم إيمان ] (1تي 1: 13 )
بداية الدعوة وطريق الله : [ الله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضياً عن أزمنة الجهل ] ( أعمال 17: 30 )
فالله يرحم من يصنع بجهل الشرّ، إذ لا يفهم ما يفعل لأن ليس عنده إيمان ولا رؤية للأمجاد، ويبدأ بمحبة شديدة للإنسان الساقط، يُنادي نداء التوبة متغاضياً عن أزمنة الجهل، فيبدأ الإنسان الطريق بالإيمان والتوبة معاً، ويعطيه الله المعرفة إذ يفتح الذهن ليفهم الإنسان المكتوب ويستوعب غنى مجد أسرار الله، شرط أن يطلب الإنسان المعرفة ولا يُسرّ بالجهل أو يستعفى من المعرفة بحجة المعرفة تسبب دينونة أعظم كما هو الحال في مفهوم الكثيرين، مع أنه مكتوب :
[ أمثال سُليمان بن داود ملك إسرائيل. لمعرفة حكمة وأدب لإدراك أقوال الفهم. لقبول تأديب المعرفة والعدل والحق والاستقامة. لتُعطي الجُهال ذكاء والشاب معرفة وتدبراً. يسمعها الحكيم فيزداد علماً والفهيم يكتسب تدبيراً. لفهم المثل واللغز أقوال الحكماء وغوامضهم. مخافة الرب رأس المعرفة. أما الجاهلون فيحتقرون الحكمة والأدب ] ( أمثال 1: 1 – 7 )
[ الحكمة تُنادي في الخارج. في الشوارع تُعطي صوتها. تدعو في رؤوس الأسواق في مداخل الأبواب. في المدينة تبدي كلامها. قائلة إلى متى أيها الجُهَّالُ تحبون الجهل والمستهزئون يُسَرُّونَ بالاستهزاء والحمقى يُبغضون العلم. أرجعوا عند توبيخي. هانذا أفيض لكم روحي أُعلمكم كلماتي ] ( أمثال 1: 20 – 23 )
وفي الجانب المقابل، فأن الجهل في غير المؤمنين إيمان حي وحقيقي، فهو مقترن بغلاظة القلب، إذ هم مظلمو الفكر مبتعدين بعيداً عن حياة الله بسبب الجهل الذي يسكن فيهم بسبب غلاظة قلوبهم (أنظر أفسس4: 18) ، وذلك بسبب أن [ إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تُضيء لهم إنارة إنجيل المسيح الذي هو صورة الله ] (2كو4: 4)، لذلك لا نتعجب من أن كثيرين يمزحون حينما يسمعوا عن التوبة والعودة لله، ومن يتكلم بهذا فهو مازح في أعينهم، أو نرى هجوم شديد من بعض المرائين الذين لهم صورة التقوى وينكرون قوتها على المؤمنين الحقيقيين الذين يحيون كما يحق لإنجيل ربنا يسوع المسيح، وهم بلا عذر لأنهم :
[ يحجزون الحق بالإثم، إذ معرفة الله ظاهرة فيهم لأن الله أظهرها لهم. لأن أموره غير المنظورة تُرى منذ خلق العالم مُدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته حتى أنهم بلا عذر ] (أنظر للأهمية رومية1: 18 – 32 ؛ 2بطرس 3: 5 ؛ رومية10: 3)
فلنحذر تمام الحذر ونسعى للمعرفة الإلهية لئلا يتخلى عنا الله: [ لأني دعوت (دعوتكم) فأبيتم ومددت يدي وليس من يُبالي (يهتم أو يُصغي). بل رفضتم كل مشورتي ولم ترضوا توبيخي، فأنا أيضاً أضحك عند بليتكم. أشمت (الترجمة الأدق : استهزئ) عند مجيء خوفكم، إذا جاء خوفكم كعاصفة وأتت بليتكم كالزوبعة، إذا جاءت عليكم شدة وضيق. حينئذٍ يدعونني فلا استجيب. يبكرون إليَّ فلا يجدونني. لأنهم أبغضوا العلم ولم يختاروا مخافة الرب. لم يرضوا مشورتي. رَذَلُوا كل توبيخي. فلذلك يأكلون من ثمر طريقهم ويشبعون من مؤامراتهم. لأن ارتداد الحمقى يقتلهم وراحة الجُهَّال تُبيدهم. أما المستمع لي فيسكن آمناً ويستريح من خوف الشرّ ] (أمثال 1: 24 – 33)
يا إخوتي [ إذا دخلت الحكمة قلبك ولذت المعرفة لنفسك. فالعقل (التعقل) يحفظك والفهم ينصرك لإنقاذك من طريق الشرير ومن الإنسان المتكلم بالأكاذيب، التاركين سُبُل الاستقامة للسلوك في مسالك الظلمة. الفرحين بفعل السوء المبتهجين بأكاذيب الشرّ الذين طرقهم معوجة وهم ملتوون في سبيلهم ... لأن المستقيمين يسكنون الأرض والكاملين يبقون فيها، أما الأشرار فينقرضون من الأرض والغادرون يُستأصلون منها ] (أنظر أمثال 2)
ولنصغي لكلمة الله : [ اسمعوا أيها البنون تأديب الأب وأصغوا لأجل معرفة الفهم. لأني أُعطيكم تعليماً صالحاً فلا تتركوا شريعتي ] (أمثال 4: 1 – 2)