قراءة النبوات في بابل:
59 اَلأَمْرُ الَّذِي أَوْصَى بِهِ إِرْمِيَا النَّبِيُّ سَرَايَا بْنَ نِيرِيَّا بْنِ مَحْسِيَّا، عِنْدَ ذَهَابِهِ مَعَ صِدْقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا إِلَى بَابِلَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لِمُلْكِهِ، وَكَانَ سَرَايَا رَئِيسَ الْمَحَلَّةِ،
60 فَكَتَبَ إِرْمِيَا كُلَّ الشَّرِّ الآتِي عَلَى بَابِلَ فِي سِفْرٍ وَاحِدٍ، كُلَّ هذَا الْكَلاَمِ الْمَكْتُوبِ عَلَى بَابِلَ،
61 وَقَالَ إِرْمِيَا لِسَرَايَا: «إِذَا دَخَلْتَ إِلَى بَابِلَ وَنَظَرْتَ وَقَرَأْتَ كُلَّ هذَا الْكَلاَمِ،
62 فَقُلْ: أَنْتَ يَا رَبُّ قَدْ تَكَلَّمْتَ عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ لِتَقْرِضَهُ حَتَّى لاَ يَكُونَ فِيهِ سَاكِنٌ مِنَ النَّاسِ إِلَى الْبَهَائِمِ، بَلْ يَكُونُ خِرَبًا أَبَدِيَّةً. [59-62].
سرايا هذا هو أخ باروخ كاتب إرميا النبي، ذهب مع صدقيا الملك إلى بابل لكي يجدد عهده بالولاء، لكن بعد العودة مباشرة كسر الملك عهده وثار ضد ملك بابل.
كتب إرميا كل النبوات ضد بابل في سفر وأرسلها مع سرايا ليذهب بها إلى بابل ويقرأها على الذين سبق سبيهم، ويختم القراءة بصلاة [62] فيه يطلب سرايا أن يحقق الله وعوده هذه بتحطيم بابل.
واضح أن تصرفات إرميا النبي تبدو غير منطقية بشريًا، فقد أعلن نبواته ضد بابل قبل سبي يهوذا، أي في الوقت الذي فيه كان يوبخ الملك وكل رجاله مع كل القيادات بسبب عدم خضوعهم لبابل، عصا التأديب الإلهي؛ وفي نفس الوقت يعلن عن انهيار بابل، ويسلم ذلك لأحد مساعدي الملك ليذهب بهذه النبوات إلى بابل نفسها ويتحدث بين المسبيين علانية عن ذلك! بمعنى آخر بينما يطالب بالخضوع لبابل يعلن عن نهاية إمبراطوريتها! حقًا هكذا يسلك أولاد الله بروح الإخلاص للكلمة الإلهية حتى إن بدت غير مقبولة في أعين الكثيرين.
لماذا كتب إرميا السفر بنفسه؟
ربما كان باروخ متغيبًا في ذلك الحين، أو لأنه لم يرد أن يعرضه للخطر البابلي، فقد قبل أن يتعرض هو لا كاتبه للمتاعب! هنا نجد فيه أبوة عجيبة!
غالبًا لم يتقبل كل المسبيين هذه النبوات بترحاب:
أولًا: لأن بعضهم نجح في تجارته هناك واستقر ماديًا.
ثانيًا: لأنهم خشوا انتشار هذه الأخبار في بابل وبلوغها إلى الملك فيسيء معاملتهم. لقد قُرأت بالعبرية التي لا يفهمها الكلدانيون، لكن يمكن أن تبلغ إليهم بطريق أو آخر.