رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وجَميعُ أَعمالِهم يَعمَلونَها لِيَنظُرَ النَّاسُ إِلَيهم: يُعَرِّضونَ عَصائبَهم ويُطِّولونَ أَهدابَهم تشير عِبَارَة "جَميعُ أَعمالِهم" إلى المُمَارسات اليهودية الأساسيَّة الثَّلاثة: الصَّدقة (متى 6: 2-4) والصَّلاة (متى 6: 5-6) والصَّوم (متى 6: 16-18). أمَّا عِبَارَة "لِيَنظُرَ النَّاسُ إِلَيهم" فتشير إلى إتَّهام يسوع للكتبة والفِرِّيسيِّين المُرائيين على نِفَاقهم حيث لا تطابق بين أعمالهم وأفكارهم، كما جاء في تعليمه " فإِذا تَصدَّقْتَ فلا يُنْفَخْ أَمامَكَ في البوق، كما يَفعَلُ المُراؤونَ في المجَامِعِ والشَّوارِع لِيُعَظِّمَ النَّاسُ شَأنَهم. الحَقَّ أَقولُ لكُم إِنَّهم أَخذوا أَجرَهم" (متى 6: 2). حكم يسوع على الكتبة والفريسيين، لأنَّه " كانَ يَعرِفُهم كُلَّهم. ولا يَحتاجُ إِلى مَن يَشهَدُ لَه في شَأنِ الإِنْسان، فقَد كانَ يَعلَمُ ما في الإِنسان" (يوحنا 2: 24-25). وتنبأ عاموس النَّبي عن نفاق اليهود وعن مراءتهم قائلاً: "هَلُمّوا إلى بَيتَ إِيلَ وآعْصُوا وفي الجِلْجالِ أَكثِروا مِنَ المَعاصي وأْتوا في الصَّباحِ بِذَبائِحِكم وفي كُلِّ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ بِعُشورِكم أَحرِقوا مِنَ الخَمْيرِ ذَبيحَةَ شُكْرٍ ونادوا بتَقادِمَ طَوعِيَّةٍ وأَعلِنوها لِأَنَّكمَ هذا ما أَحبَبتُم يا بَني إِسْرائيل يَقولُ السَّيِّدُ الرَّبّ" (عاموس 4: 4-5). ويُعلق العلاّمة ايرونيموس "كل إنسان يسلك لكي ينظره النَّاس هو فرِّيسي وكاتب". أمَّا عِبَارَة "عَصائِبَهم" في الأصل اليوناني φυλακτήρια (معناها "حماية") فتشير إلى عُلب صغيرة تحتوي على عصائب، والعَصابة عِبَارَة عن حرزٍ يتكوَّن من شريط من جِلد رقيق مكتوبٌ عليه بعض آيات التَّوراة (الأسفار الخمسة الأولى) مثلاً: اِسمَعْ يا إِسْرائيل: إِنَّ الرَّبّ إِلهَنا هو رَبٌّ واحِد. فأَحبِبِ الرَّبّ إِلهَكَ بكُلِّ قَلبكَ كلِّ نَفسِكَ كلِّ قُوَّتكَ. ولتكُنْ هَذه الكَلِماتُ الَّتي أَنا آمُرُكَ بِها اليَومَ في قَلبِكَ. ورَدِّدْها على بَنيكَ كلِّمْهم بِها، إِذا جَلَستَ في بَيتِكَ وإِذا مَشَيتَ في الطَّريق وإِذا نِمْتَ وقُمْتَ. وأعقِدْها عَلامةً على يَدِكَ، ولتكُنْ عَصائِبَ بَيْنَ عَينَيكَ. واَكتُبْها على دَعائِم أَبْوابِ بَيتِكَ" (تثنية الاشتراع 6: 4-7). ثم يضيف الرَّبّ "فاجعَلوا كَلِماتي هذه في قُلوبكم وفي نُفوسِكم، واعقِدوها عَلامةً على أًيديكم، ولتكُنْ عَصائِبَ بَينَ عُيونكم" (تثنية الاشتراع 11: 18)، “يَكون عَلامةً لَكَ على يَدِكَ، وذِكْراً بَينَ عَينَيكَ، لِكَي تَكونَ شَريعةُ الرَّبّ في فَمِكَ " (خروج 13: 9). ويربط اليهود العُلب بسير من الجِّلد على جِبَاههم وعلى ظهور أيديهم اليُمنى مُتتبِّعين في ذلك حرفية تفسير تثنية الاشتراع: " أعقِدْها عَلامةً على يَدِكَ، ولتكُنْ عَصائِبَ بَيْنَ عَينَيكَ. واَكتُبْها على دَعائِم أَبْوابِ بَيتِكَ" (تثنية الاشتراع 6: 8-9). وكانت تُلبس هذه العَصائِب عادة فقط أثناء الصلاة ولكن يبدو أنَّ الفِرِّيسيِّينَ كانوا يلبسونها دائمًا، وقد جعلوها ظاهرة بشكلٍ واضحٍ. ويُعلق القديس ايرونيموس "لم يفهم الفرّيسيّون أنه يجب حَمْل الوصايا في القلب، وليس على الجَّسد" أمَّا عِبَارَة "أَهدابَهم" فتشير إلى أطراف الرِّداء الأربعة التي تُربط بخيوط بنفسجية رمزًا إلى السَّماء، وتُذكِّر المُؤمن بوصايا الرَّبّ كما ورد في التَّوراة "كَلِّمْ بَني إِسْرائيلَ ومُرْهم أَن يَصنَعوا لَهم أَهْدابًا على أَذْيالِ ثِيابِهِم مدى أَجْيالِهم ويَجعَلوا على هُدْبِ الذَّيْلِ سِلْكًا مِنَ البِرْفيرِ البَنَفْسَجِيّ. فيَكونَ ذلك لَكما هُدْبًا فتَرَونَه وتَذكُرونَ جَميعَ وَصايا الرَّبّ وتَعمَلونَ بِها، ولا تَتيهونَ وراءَ قُلوبِكم وعُيونكمُ الَّتي أَنتُما تَزْنونَ وَراءَها" (عدد 15: 38-39). وكان يسوع يلبس مثل هذا الرِّداء كما ورد في الإنجيل " إِذا امْرَأَةٌ مَنزوفةٌ مُنْذُ اثنَتَيْ عَشْرَةَ سَنةً تَدْنو مِن خَلْف، وَتَلَمِسُ هُدْبَ رِدائِه" (متى 9: 20)، وكان الأهداب تُحاط بالإكرام "أَخذوا يسأَلونَه أَن يَدَعَهم يَلمِسونَ هُدْبَ رِدائِه فَحَسْبُ، وجَميعُ الَّذينَ لَمَسوه نالوا الشِّفاء"(متى 14: 36). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|