رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المسيح يحب الفقر * تواضع لأجلنا إراديًا، وجاء إلى أقصى حد الفقر حتى قال: للثعالب أوجرة وللطير مظلَّة، وليس لابن الإنسان موضع حيث يسند رأسه. أحِب الفقر بكل هذه (القوة) بحيث لا يريد أن يقتني مَن يحبه شيئًا. من لم يرد أن يقتني شيئًا في العالم، هذا عرفه وهذا أحبه من كل قلبه. النفس التي أبغضت زينة العالم وشهواته هي بيته ومنزله وفيها يسكن. الفِلسان الموجودان في بيت الأرملة لم يحلّ عندها إلى أن أخرجتهما وأعطتهما. سمعان كان يقتني شبكة صغيرة، حالما ألقاها تبع ابنَ الله. الرسل لم يقتنوا سوى شِراك السمك على الأرض وتركوها، وها أنهم أغنياء في الملكوت. زكا العشار الذي كان بيته مملوءًا غنى عندما دخل المسيح ليأكل فيه وزعه حالًا. زكا لم يترك شيئًا في بيته دون أن يوزعه، لأنه رأى بأن ربه يحب الفقر. لا يدخل إلى بيت يجد فيه الذهب، لأنه خطف مكانه منه وهو لا يلزم. قام الذهب وصار سيدًا حيثما وُجد، ولو دخل إليه سيد آخر احتقره ورذله. لا تقدر أن تخدم بكل قوتك ربَين اثنين: الله والمال. واحد يُكرم وآخر يُحتقر، لأنك لا تقدر أن تُكرم الاثنين بالتساوي. أمر أن تحب الرب ربك من كل قلبك، فلو اقتنيت معه الذهب فإنك لا تحبه. الذهب يسلب كل قلبك ويجعله مُلكه، ويظَل الله بدون محبتك من كل قلبك . القديس مار يعقوب السروجي * يجدر بالذهن أن يلتصق بهذه العبارة على الدوام، فيتقوى باستخدامها الدائم، والتأمل المستمر فيها، بهذا يطرد عنه كل الأفكار الأخرى الغبية مستهينًا بها... مكتفيًا بفقر هذه العبارة الوحيدة. وهكذا يبلغ بأقصى سرعة إلى التطويب الوارد في الإنجيل، محتلًا مكان الصدارة بين التطويبات، إذ يقول: "طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السماوات" (مت 5: 3). وإذ يصير الإنسان مسكينًا للغاية بفقرٍ كهذا، يتحقق فيه قول النبي: "الفقير والبائس ليسبحا اسمك" (مز 74: 21). حقًا أيّ فقر أشد من أن يعرف إنسان عن نفسه أنه بلا قوة ليدافع بها عن نفسه، طالبًا العون اليومي من جود غيره. وهكذا يعلم أن كل لحظة من لحظات حياته تعتمد على العناية الإلهية... فيصرخ إلى الرب يوميًا: "أما أنا فمسكين وبائس، الرب يهتمُّ بي" (مز 40: 17). هكذا يصعد بواسطة الاستنارة الروحية إلى معرفة الله من جوانب متعددة، ويتقوّت بأسرار عالية مقدسة، كقول النبي: "الجبال العالية للوعول، الصخور ملجأ للوبار (للقنفذ)" (مز 104: 18). هذا ينطبق تمامًا على المعنى الذي نقدمه، لأن من يسلك في بساطة وبراءة لا يؤذي أحدًا، مكتفيًا بالجهاد لحماية نفسه من أذية أعدائه. ويكون مثل قنفذ روحي يتدرع دائمًا متحصنًا في صخرة الإنجيل، أي محتميًا بتذكر آلام الرب... ولقد جاء في سفر الأمثال عن هذا القنفذ الروحي "الوبار (القنفذ) طائفة ضعيفة، ولكنها تضع بيوتها في الصخر" (أم 30: 26).. الأب إسحق * تحدث الكتاب المقدس عن الغنى والممتلكات بطرق ثلاث: ما هو صالح، وما هو رديء، وما هو ليس بصالحٍ ولا رديء. فالممتلكات الرديئة تلك التي قيل عنها:" (الأغنياء) الأشبال احتاجت وجاعت" (مز 34: 1). "ويل لكم أيها الأغنياء، لأنكم قد نلتم عزاءكم" (لو 6: 24). الزهد في هذا الغنى فيه سمو في الكمال، إذ يقول الرب عن الفقراء: "طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السماوات" (مت 5: 3)، وجاء في المزمور: "هذا المسكين صرخ، والرب سمعه" (مز 34: 6) وأيضًا: "الفقير والبائس يسبحان اسمك" (مز 74: 21). الغني الصالح هو ما يمتلكه من يسعى إلى عمل الفضيلة العظيمة عن استحقاق، صانع البرّ الذي يمدحه داود، قائلًا: "نسله يكون قويًا في الأرض، جيل المستقيمين يُبارَك، رغد وغنى في بيته وبرّه قائم إلى الأبد" (مز 112: 2-3). وقيل أيضًا: "فدية نفس رجل غناه" (أم 13: 8). وعن هذه الثروات كُتب في سفر الرؤيا عن ذاك المفتقر والمُعدم من هذا الغنى... "أنا مزمع أن أتقيأك من فمي، لأنك تقول أنا غني وقد استغنيت ولا حاجة لي إلى شيء، ولست تعلم أنك أنت الشقي والبائس وأعمي وعريان، أشير عليك أن تشتري مني ذهبًا مُصفى بالنار لكي تستغني، وثيابًا بيضًا لكي تلبس، فلا يظهر خزي عريتك" (رؤ 3: 16- 18). يوجد أيضًا الغنى الذي ليس بصالحٍ ولا رديء، فيُمكن أن يكون صالحًا أو رديئًا حسب رغبة مستخدمه وشخصيته. في ذلك يقول الرسول الطوباوي: "أوصِ الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى، بل على الله الحيَ الذي يمنحنا كل شيءٍ بغنى للتمتع، وأن يصنعوا صلاحًا، وأن يكونوا أغنياء في أعمال صالحة، وأن يكونوا أسخياء في العطاء، وكرماء في التوزيع، مدَّخرين لأنفسهم أساسًا حسنًا للمستقبل، لكي يمسكوا بالحياة الأبدية" (1 تي 6: 17-19). هذا الغني احتفظ به الغني المذكور في الإنجيل ولم يقبل أن يعطي الفقراء، بينما كان لعازر المسكين ملقى عند بابه يرغب أن يقتات بالفتات الساقط من مائدته، لذلك حُكم عليه بالنيران غير المحتملة ولهيب جهنم الأبدية (لو 14: 19 الخ) . الأب بفنوتيوس * يقدم كل واحدٍ للهيكل حسب قدرته. فالبعض يقدمون ثيابًا ثمينة برفيربة، والبعض ثيابًا مواشاة، والبعض ثيابًا حريرية، أما أنا فإنني أسر إن أمكنني أن أُقدم لهيكل الرب جلود الماعز. فالذين قد ارتفعوا إلى كمال تام قليقدموا لله فضائلهم السامية وتأملاتهم الرفيعة، وأما أنا فيكفيني أن أقدم له ذلي ودناءتي باعترافي أنني إنسان خاطئ مملوء من الزلات والنقائص، وخالٍ من كل خيرٍ مطلقًا. القديس جيروم |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|