خلوة قبل العمل:
إذ يسلك كرقيب أمره الرب ألا يتسرع في بدء العمل بل يخرج إلى البقعة ليتكلم معه [22]، وهناك أراه مجده السماوي مرة أخرى كما رأى عند نهر خابور. فإن نجاح الرسالة لا يقوم على كثرة العمل بل على نوعية الخادم، أنه ملزم بالتقديس خلال خلوته مع الله، ليرفع قلبه إلى الأمجاد الإلهية فيقدم للشعب في حياته "قوة الحياة السماوية".
إن الخروج إلى البقعة لمعاينة مجد الرب أمر ضروري لكل خادم، لهذا بعد أن دُعي الرسول بولس للخدمة التزم بالإقامة ثلاث سنوات في البرية في خلوة طويلة مع الله ليتهيأ للعمل الرسولي. ويتحدث القديس أغسطينوس عن التزام الخدام بالخلوة الروحية دون أن تعوق الخلوة العمل ولا العمل حياة الخلوة إذ يقول: [الذين قد أنيط بهم أعمال الخير ورعاية النفوس ملزمون أن يحملوا للناس شهادة عن الحياة الأخرى (التأمل)، لذلك يجب أن يتفرغوا لدراسة الحق وتأمله والحياة الأبدية. كما أنه ليس من الإنصاف أن تكون حياة التأمل سببًا في إعاقة إنسان للقيام بالمهام الكنسية ].
نحتاج لنجاح خدمتنا أن يتجلى الرب في قلوبنا، وأن ننعم بالحضرة الإلهية، ليس مرة واحدة، وإنما من وقت إلى آخر، فننعم برؤى جديدة مستمرة، تكشف عن مجد الله وقوته وإمكانياته... فنتأكد أنه عامل فينا وبنا. هو حاضر دومًا في داخلنًا، يتجلى باستمرار في أعماقنا.