رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إيفاء نذور باسم الشعب أَدْخُلُ إِلَى بَيْتِكَ بِمُحْرَقَاتٍ، أُوفِيكَ نُذُورِي [13]. هنا ينتقل المتكلم من صيغة الجمع حيث يتحدث باسم الجماعة، أو تشترك كل الجماعة في التسبيح معًا، إلى الحديث بصيغة المفرد. يرى البعض أن المتحدث هنا المَلِكُ الذي يدخل إلى بيت الرب، ليقدم محرقات ونذور تعهد بها أثناء المحنة. إنه يقدم الشكر والتسبيح لله الذي أنقذ الشعب من الضيق. يرى القديس أغسطينوس أن الإيفاء بالنذر هنا يعني أن المؤمن وهو يقدم كل حياته محرقة حب لله، يعترف بأن الله لا يحتاج إلى المحرقات. إنها لا تضيف إليه شيئًا، وإن كل ما يفعله الله لصالح المؤمن. إن أدرك المؤمن هذا يكون قد أوفى نذره الذي نطقت به شفتاه. * ما هي المُحرَقة؟ الذبيحة التي تُحرَق بكاملها ولكن بنارٍ إلهية. فإن الذبيحة تُسمَّى مُحرَقة عندما تُحرَق بالكامل... كل مُحرَقة هي ذبيحة، ولكن ليس كل ذبيحة هي مُحرَقة. فالمُحرَقات إذن قد وعد هو بها. الذي يتحدث هو جسد المسيح، وحدة المسيح تتكلم... كل ما هو لي لتحرقه نارك، ولا تترك شيئًا يتبقى لي، ليكن الكل لك. هذا يحدث في قيامة الصديقين، عندما يلبس هذا الفاسد عدم الفساد، وهذا المائت عدم الموت، عندئذٍ يتم المكتوب: "قد ابتُلع الموت في غلبة" (1 كو 15: 54). الغلبة كنارٍ إلهية، عندما تبتلع الموت تصير مُحرقَة. لا يبقى شيء قابل للموت في الجسد. لا يبقى أي شيء مستحق للوم في الروح. ستهلك كل الحياة المائتة، حتى تزول في الحياة الأبدية، حتى نحفظ من الموت في الحياة. هذه هي إذن المُحرقَات. القديس أغسطينوس * النذر euche هو وعد بشيء ليُكرَّس لخدمة الله. أما الصلاة proseuche فهي تقدمة طلبة لله من أجل أمورٍ صالحة. لذلك إذ نحتاج إلى ثقة لنقترب إلى الله ونطلب ما هو نافع لنا، لهذا فإن تنفيذ النذر يلزم أن يأتي أولًا. فعندما نحقق ما هو من جانبنا نثق في نوال ما يعطيه الله من جانبه... النذر هو وعد بتقديم تقدمة شكر؛ أما الصلاة فتعني الاقتراب من الله بعد تحقيق الوعد... يليق بالشخص أن ينذر أولًا، وبعد ذلك يصلي. يزرع أولًا وبعد ذلك يحمل الثمر هكذا[47]. القديس غريغوريوس النيسي الَّتِي نَطَقَتْ بِهَا شَفَتَاي،َ وَتَكَلَّمَ بِهَا فَمِي فِي ضِيقِي [14]. كثيرًا ما نصرخ لله في وسط الضيق، وننساه عند حلول الفرج. ما يطلبه الله ليس النذور المادية إنما تكريس القلب لله. فمع تقديم النذور الملموسة يليق بنا أن نُقدِّم أجسادنا ذبيحة حيَّة مقدسة مرضية عند الله، عبادتنا العقلية (رو 13: 1). *إن الأسرى الذين كانوا في بابل قد دخلوا بعد رجوعهم منها إلى بيت إلههم الحيّ أي الأرضي، وقرَّبوا مُحرقَات حسية هذه التي نَذَروها حينما كانوا في الحزن والضيقة. أما الرسل الأطهار وكافة المؤمنين، فحين دخولهم بين الله الروحي، الكنيسة المقدسة، أي جماعة المسيحية، التي هي مسكن الله، فقرَّبوا أنفسهم كذبائح مُحرَقة بجملتها في النار أي احتمال لأحزان الطاهرة والمرضية أمامه. كذلك جماعة الحافظين البتولية والعفة يقدمون ذواتهم لله كمُحرَقات مقبولة. الأب أنثيموس الأورشليمي أُصْعِدُ لَكَ مُحْرَقَاتٍ سَمِينَةً مَعَ بَخُورِ كِبَاشٍ. أُقَدِّمُ بَقَرًا مَعَ تُيُوسٍ. سِلاَه [15]. إن كانت المُحرَقات تشير إلى تكريس القلب بالكامل، حيث يلتهب بنيران المحبة الإلهية، فإن "بخور الكباش" أي إصعاد البخور مع تقديم ذبيحة السلامة، فإنه يشير إلى الصلاة الدائمة. *أمر الله بتقديم هذه الحيوانات المذكورة بشرط أن تكون صحيحة بريئة من كل عيب... لهذا يقول المزمور: "مُحرَقات سمان" أما الرسل وخلفاؤهم الشهداء فقرَّبوا لله نفوسهم بعمل الفضائل. وعوض ثيران حارثة للأرض قدَّموا أجسادهم المجبولة منها، وذلك بالشهادة والاعتراف بالإيمان، وآخرون قرَّبوا جداء، أعني أعمال التوبة وأتعابها، لأن القدماء كانوا يقرِّبوا جداء لتطهيرهم على خطاياهم. الأب أنثيموس الأورشليمي * "تكلم بها فمي في ضيقي" [14]. يا لعذوبة التجربة في أغلب الأوقات! يا لضرورتها! في تلك الحالة بماذا يتكلم لسان نفس المتحدث الذي في ضيقة؟ "أصعد لك محرقات سمينة (حتى نخاع العظام)" [15] ما معنى نخاع العظام؟ أحفظ حبك في داخلي، وليس على السطح. أحبك من نخاع عظامي. فإنه ليس شيء أكثر عمقًا (داخليًا) من نخاع العظام. العظام في الداخل أكثر من الجسد، والنخاع في الداخل أكثر من العظام نفسها. لذلك من يحب الله من السطح يطلب بالأكثر أن يُسر الناس، ولكن إذ له شيء من العاطفة في الداخل لا يقدم محرقات نخاع العظام، أما من يتطلع (الله) إلى نخاع عظامه فإنه يتقبل منه الكل. * "مع بخورٍ وكباش": الكباش هم قادة الكنيسة: كل جسم الكنيسة يتحدث؟ هذا هو ما يقدمه لله. "البخور"، ما هو؟ الصلاة. فإن الكباش على وجه الخصوص تُصلِّي لأجل القطيع. "أقدم ثيران (عجول) تيوس"... يقول الرسول عن الكارزين بالإنجيل إنهم يُشبَّهون بالثيران: "لا تكم ثورًا دارسًا. ألعل الله تهمه الثيران؟" (1 كو 9: 9). لهذا يا لعظمة الكباش، ويا لعظمة الثيران. وماذا عن البقية التي ربما تشعر ببعض الخطايا، الذين ربما انزلقوا في الطريق، وجُرحوا، وشُفوا بواسطة الندامة؟ هل هؤلاء يستمرون ولا يقدمون مُحرَقات؟ ليتهم لا يخافون فقد أضاف الماعز أيضًا. القديس أغسطينوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|