المسيحيّة قوامها الشّهادة
لذا الكنيسة كنيسة شهداء. وليس في الكنيسة غير شهداء. والشّهادة تقيم ما بين شهادة قطع المشيئة، على نحو متواتر، التماسَ وجه المسيح، وشهادة الدّم. الأولى تتعاطاها في كلّ حال، والأخيرة تتعاطاك بنعمة من ربّك. هاتان، في تاريخ الكنيسة، متضامنتان متكافلتان. شهادة الدّم لا تأتي إلاّ من شهادة قطع المشيئة، إلى نعمة الله، كما قلت، وشهادة قطع المشيئة تهن إذا لم يعد الاستعدادُ لشهادة الدّم ربيبَ وجدان الإنسان المؤمن. حين لا تعود شهادة الدّم واردةً لديك، نظير الكثيرين من الّذين سبقوك، ممّن يذخر بهم تقويمنا الكنسيّ، كلّ يوم، إذ ذاك لا يمكن إلاّ أن يُصاب وجدانك بالخلل. يمسي معرَّضًا لاستقرار روح هذا الدّهر فيه، وهذه تتآكله شيئًا فشيئًا، إلى أن يستأسره حبّ العالم الّذي حذّرنا ربّنا منه، لمّا قال: لا تحبّوا العالم ولا الأشياء الّتي في العالم لأنّ محبّة العالم عداوة لله.
الأرشمندريت توما (بيطار)، رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي ، دوما – لبنان