رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الحسد والغيرة بقلم: البابا شنودة الثالث الحسد بمعناه اللغوي هو تمني زوال النعمة أو الخير عن المحسود, وتحول هذه النعمة والخير إلي الحاسد, وبهذا المعني يكون الحسد خطية مزدوجة. فتمني زوال النعمة عن المحسود خطية, لأن ذلك ضد المحبة, والمحبة لاتفرح بالإثم بل تفرح بالحق, وسليمان الحكيم يقول لا تفرح بسقطة عدوك, ولايبتهج قلبك إذا عثر فكم بالأكثر إن كان الشخص الذي يتمني له الحاسد السقوط ليس عدوا, ولم يفعل به شرا!! كذلك تمني تحول خيره الي الحاسد يحمل خطية أخري, إذ هو شهوة خاطئة. هناك نوع آخر من الحسد, يحذر منه الحكيم بقوله: لاتحسد أهل الشر ولاتشته ان تكون معهم وهنا يرتبط الحسد بشهوة الخطية. فيحسد الذين يرتكبونها حين لايكون بإمكانه ذلك. وهذا يدل علي عدم وجود نقاوة في القلب, وعلي ان القلب ليست فيه محبة الله ولامحبة الخير. والحسد عموما هو ضد المحبة. فالذي يحب انسانا لايمكن ان يحسده. وأنت إن أحببت إنسانا, تتمني أن تزيد نعمة الله عليه, لا أن تزول النعمة منه. وإن أحببت إنسانا, فإنك تفضله علي نفسك, بل تبذل نفسك من أجله. وهكذا لايمكن ان تشتهي ان يتحول الخير منه اليك. فالمحبة تبني ولاتهدم. وهكذا فإن الأم التي تحب ابنتها, لايمكن ان تحسدها علي زواج موفق. بل تسعد بسعادتها وتكون في خدمتها في يوم زواجها. تبذل جهدها ان تكون ابنتها في أجمل صورة وأجمل زينة. وكذلك الأب يفرح بنجاح ابنه. ولايمكن ان يحسده علي نجاحه ولا علي تفوقه, لا علي نيله درجة أعلي من درجة هذا الأب. ما من جهة الغيرة, فليست كل غيرة لونا من الحسد الخاطئ. وليست كل غيرة ضد المحبة. لأنها مغبوطة هي الغيرة في الحسني. انها الغيرة التي لاتحسد, وإنما تقلد, وتتحمس للخير فنحن نسمع عن فضائل الابرار, سواء الذين تركوا عالمنا الحاضر, او الذين مازالوا أحياء. فنغار منهم غيرة تجعلنا نتمثل بأفعالهم, لا أن نحسدهم أو نتمني زوال النعمة منها إلينا!! بل نفرح كلما نعرف جديدا من فضائلهم. إن الذي يحب الفضيلة, لايحسد الفضلاء. والذي يحب الفضلاء, لايحسدهم بل يقلدهم. إن القديسين ماكانوا يحسدون بعضهم بعضا في حياة الروح. بل كان ارتفاع الواحد منهم في الطريق الروحي, يشجع الآخرين ويقويهم, فيمجدون الله بسببه. وتملكهم الغيرة المقدسة, فيفعلون مثلما يفعل. ويطلبون صلواته عنهم وبركته لهم. هنا ونسأل سؤالا مهما وهو: هل الحسد يضر؟ نقول أولا إن الحسد يضر الحاسد وليس المحسود. فالحاسد تتعبه الغيرة, ويتعبه الشعور بالنقص. يتعبه منظر المحسود في مجد. تتعبه مشاعره الخاطئة. وكما قال الشاعر: اصبر علي كيد الحسود.. فإن صبرك قاتله فالنار تأكل بعضها... إن لم تجد ماتأكله وكذلك فإن الحاسد بتعبه تفكيره وسعيه في الأضرار بالمحسود. وقد لايفلح في ذلك, ويزداد المحسود ارتفاعا, فيزداد هو غيظا.. إن القلب الخالي من المحبة لابد أن يتعب. وقد يسعي الحاسد إلي التحرش بالمحسود وإهانته. فيقابله المحسود برقة ولطف, فتتعبه رقته ولطفه. ويتعبه فشله في إثارته, وتزداد فيه النار اشتعالا. نقطة أخري وهي ان الحسد مع كونه في حد ذاته لايضر, ولكن المؤامرات التي يدبرها الحاسدون قد تضر أحيانا. ولا يكون الضرر عبارة ضربة عين كما يظن البعض! وإنما هو متاعب نتيجة لمؤامرات الحاسدين. إن الحسد هو مشاعر قلب خاطئ, وليس ضربة عين. ونحن حينما نطلب من الله في صلواتنا أن ينجينا الله من الحسد, لانقصد أبدا ان ينجينا من ضربة عين, إنما من مؤامرات الحاسدين. كما نطلب من الله ايضا ان يبعد عن قلوبنا حسدنا لغيرنا. إن كثيرا من الناس يحاولون إخفاء كل خير يأتيهم خوفا من حسد الناس لهم! ولكنه خوف مبني علي جهل, ظانين ان معرفة الحاسدين بخيرهم تسبب لهم ضررا! أو ألا ضربة عين تصيبهم, فتفقدهم ماهم فيه من خير! إن ضربة العين لو كانت حقيقية, إذن لهلك كل أصحاب المواهب والمناصب والتفوق.. الحاصلون علي جائزة نوبل كل عام, أليس لهم حاسدون؟ وهؤلاء الحاسدون أليست لهم عيون؟.... فهل نتيجة حسدهم يفقد العالم أعظم علمائه وأدبائه وأبطال السلام فيه!! وأيضا ابطال الرياضة أصحاب الكئوس الذهبية, والميداليات, والمتفوقين في الفن والموسيقي, وملكات الجمال في العالم... أليس لكل هؤلاء حاسدون وللحاسدين عيون.. والذين ينجحون في الانتخابات او الذين يتولون مناصب ورياسات علي كل المستويات, وفي كل البلاد أليس لهم حاسدون. وأوائل الثانوية العامة, وقد يكون الأول متفوقا بنصف درجة فقط عن الذين يليه, أليس لكل أولئك حاسدون ولهم عيون تفلق الحجر؟!! ننتقل الي نقطة اخري, وهي حسد الشياطين. لاشك ان الشيطان يحسد الإنسان البار علي بره وفضائله ونقاوة قلبه, بينما الشيطان قد فقد تلك النقاوة وكل مايتعلق بالبر, ويحسده أيضا علي علاقته الطيبة مع الله ـ تبارك اسمه ـ بينما هو قد خسر تلك العلاقة, ويجسده علي مايتمتع به من نعمة ومن بركة, بينما الشيطان محروم من كل هذا. ويحسده علي ماينتظره في الأبدية من نعيم وفرح, بينما الشيطان يخاف هذه الأبدية. لذلك فإن الشيطان إن وجد الانسان في طريقه لعمل فضيلة معينة, يحاول ان يبعده عن عملها بجميع الطرق. وإن وجد الإنسان بارا, يحاول أن يسقطه من بره. ولكن الله لايسمح له بكل ذلك, ويرسل حفظه لهذا الانسان. |
24 - 08 - 2016, 11:18 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الحسد والغيرة بقلم: البابا شنودة الثالث07/03/2010
العظة مفيدة جداً
ربنا يبارك خدمتك |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|