رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أوّلًا: أُرسل الملاك إلى “عذراء مخطوبة لرجل”، لماذا لم يُرسل إلى عذراء غير مخطوبة؟ يقول القدّيس أمبروسيوس “معلّم الكنيسة” : [ربَّما لكي لا يُظن أنّها زانية. ولقد وصفها الكتاب بِصفتين في آنٍ واحد، أنّها زوجة وعذراء. فهي عذراء لأنها لم تعرف رجلاً، وزوجة حتّى تُحفظ ممَّا قد يشوب سمعتها، فانتفاخ بطنها يشير إلى فقدان البتوليّة (في نظر الناس). هذا وقد اِختار الرب أن يشكّ البعض في نسبه الحقيقي عن أن يشكُّوا في طهارة والدته… لم يجد داعيًا للكشف عن شخصه على حساب سمعة والدته.] لذلك اختار الرب “عذراء مخطوبة (متزوّجة) بيوسف البار. حسب التقليد اليهودي كانت الخطبة تعادل الزواج حاليًا في كل شيء (كالسّكن …) ما خلا العلاقات الجسديّة، لهذا دعيت القدّيسة مريم “امرأة يوسف”. ثانيًا: وجود يوسف عثرةٌ للشيطان؛ الذي لم يكشف له الله عن سرّ يسوع الناصري (المخلّص ابن الله) وبتوليّة مريم !! يشرح القديس أمبروسيوس: [هناك سببٌ آخر لا يمكن إغفاله وهو أنّ رئيس هذا العالم “إبليس” لم يكتشف بتوليّة العذراء، فهو إذ رآها مع رجلها لم يشكّ في المولود منها، وقد شاء الرّب أن ينزع عن رئيس هذا العالم معرفته !! هذا ظهر عندما أوصى السيِّد تلاميذه ألّا يقولوا لأحد أنّه المسيح (مت 16: 22)، كما مَنع الذين شفاهم مِن إظهار اسمه (مت 5: 4) وأمر الشيَّاطين ألا تتكلَّم عن ابن الله (لو 4: 35). يؤيِّد ما ذكره الرسول أيضًا: “بل نتكلَّم بحكمة الله في سّر، الحكمة المَكتومة التي سبق الله فعيَّنها قبل الدهور لِمجدنا، التي لم يعملها أحد مِن عظماء هذا الدهر، لأنّهم لو عرفوا لما صَلبوا ربّ المجد” (1 كو 2: 7-8)… إذن لقد توارى الرّب عن إبليس لأجل خلاصنا. توارى لكي ينتصر عليه، توارى عنه في التجربة، وحين كان يصرخ إليه ويلقبِّه “ابن الله” لم يؤكِّد له حقيقة لاهوته. توارى الرب أيضًا عن رؤساء البشر. وبالرغم من تردّد إبليس حين قال: “إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل” (مت 4: 6) إلا أن الأمر قد انتهى بمعرفته إيَّاه، فقد عرفتْهُ الشيَّاطين حين صرخت: “ما لنا ولك يا يسوع ابن الله أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذِّبنا؟!” (مت 8: 29). لقد عرفتْه الشيَّاطين إذ كانت تترقَّب مجيئه، أما رؤساء العالم فلم يعرفوه… استطاع الشيطان بمكرٍ أن يكشف الأمور المكتوبة أمّا الذين اقتنصتهم كرامات هذا العالم فلم يستطيعوا أن يعرفوا أعمال الله.] ثالثًا: كرَّر الإنجيلي كلمة “عذراء” وكأنه أراد تأكيد عذراويَّتها ليعلن أن السيِّد المسيح ليس من زرع بشر. هذا ما أعلنه حزقيال النبي بقوله عن الباب الشرقي: “هذا الباب يكون مغلقًا لا يُفتح، ولا يدخل منه إنسان، لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقًا، الرئيس، الرئيس هو يجلس فيه” (حز 44: 2-3). ولذلك جاء في الطقس البيزنطي عن السيِّدة العذراء: [السلام لكَ، أيها الباب الفريد الذي عبر منه الكلمة وحده.] إنّها عذراء وزوجة (عروس) في نفس الوقت، إذ هي العضو الأول في الكنيسة العذراء عروس المسيح، وكما يقول القدّيس أمبروسيوس: [كانت مريم الزوجة العذراء تمثِّل في آن واحد الكنيسة العروس التي بلا عيب. فالكنيسة عروس المسيح البتول، حبلت بنا بالروح القدس وولدتنا بغير ألم، ومريم حبلت بالروح لا بالزواج، وهكذا صارت تمثِّل كل الكنائس التي تثمر بالروح والنعمة، وإن كانت تتَّحد ظاهريًا تحت لواء راعٍ بشري.] يقول أيضًا القدّيس أغسطينوس: [كما ولدت مريم ذاك الذي هو رأسكم، هكذا ولدتكم الكنيسة، لأنّ الكنيسة هي أيضًا أم وعذارء، أم في أحشاء حبّنا، وعذراء في إيمانها غير المزعزع. هي أمٌّ لأممٍ كثيرةٍ التي تُمثِّل جسدًا واحدًا، وذلك على مِثال العذراء أُم الكثيرين وفي نفس الوقت هي أُم للواحد.] يقول القدّيس كيرلس الكبير: [لنُطوِّب مريم دائمة البتوليّة بتسابيح الفرح، التي هي نفسها الكنيسة المقدَّسة.] رابعًا: تحيّة الملاك: “سلامٌ لكِ أيَّتهاالممتلئة نعمة، الرب معك، مباركة أنت في النساء” [28]. لم تكن بالتحيّة العاديّة وإنما جاءت تحيَّة فريدة، حملت كل معنى الفرح، فالكلمة اليُّونانيّة “شيريه” التي تُرجمت هنا “سلام” ورد فعلها حوالي 80 مرة في الترجمة السبعينيّة للعهد القديم، تُرجم نصفها “يفرح” والنصف الآخر استخدم للتعبير عن فرح شعب الله بعملٍ مثيرٍ يمسّ خلاصهم. وكأنّ القدّيسة مريم قد نالت باسم الكنيسة كلّها التي هي عضوٌ فيها فرحًا فائقًا خلال تجسّد الله الكلمة وحلوله فيها. بعض تعليقات الآباء على هذه التحيّة الفريدة: ****************************************** انفردت بدعوتها “المُمتلئة نعمة”، إذ وحدها نالت النعمة التي لم يقتنيها أحد آخر غيرها، إذ امتلأت بمواهب النعمة. القدّيس أغسطينوس: ’’ التحفت بالنعمة الإلهيّة كثوب، امتلأت نفسها بالحكمة الإلهيّة، في القلب تنعَّمت بالزيجة مع الله، وتسلَّمت الله في أحشائها!‘‘ خامسًا: إضطراب مريم = تواضعها العظيم. وليس خوفًا ! لم تضطرب مريم خوفًا أو هولًا من الملاك (هي التي أعلى مرتبةً من الملائكة والقديسين جميعًا وتعرفهم)، “فَٱضْطَربَتْ مَرْيَمُ لِكَلامِهِ”، بل إنّ تواضعها العظيم جعل قلبها يضطربُ لمجرّد سماعها تطويب الملاك لها، هي التي كانت تعتبر نفسها “أحقر المخلوقات جميعها، دُويدة صغيرة، حبّة تراب” (حسب ما كشفت هي الى الطوباوية ماريا داغريدا، كتاب: مدينة الله السريّة) بينما هي بالحقيقة أعظمُ مخلوقٍ، والبريئة مِن كل دنس، والمُعَدّة منذ البدء كي تكون أمّ الله، وسلطانة السماء والأرض والبشر والملائكة، وشريكة الفداء، وساحقة رأس الشيطان، وناصرة المسيحيين والكنيسة ! فكل هذه الأمور كانت لا تزل مجهولةً بالنسبة لها حتّى لحظة البشارة ! فأخَذَتْ تُفَكِّرُ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا السَّلام (29) : مباركة أنت بين النساء (28) ؟!!! سادسًا: مريم لم تشكّ كذكريّا الذي عاقبه الله بالخرس لتسعة أشهر … بل استفسرت ! أ. يظهر من حديث العذراء أنها قد نذرت البتوليّة، فلو أنها كانت تودّ الزواج لما قالت هكذا، بل تقول: “متى يكون هذا؟!” مُنتظرةً تحقيق الوعد خلال الزواج. لقد وضعت في قلبها أن تكون بتولاً للرب، فحلّ البتول فيها، ليُقدِّس فيها بتوليّة الكنيسة الروحيّة. وكما يقول القدّيس أغسطينوس: [اليوم تحتفل الكنيسة البتول بالميلاد البتولي… فقد أكّد السيِّد المسيح بتوليّة القَلب التي يريدها للكنيسة أوّلاً خلال بتوليّة جسد مريم. فالكنيسة وحدها هي التي تستطيع أن تكون بتولاً فقط حين ترتبط بعريس، ألا وهو ابن البتول، إذ تقدِّم له ذاتها تمامًا.] ب. يقول القدّيس أمبروسيوس: [لم ترفض مريم الإيمان بكلام الملاك، ولا اعتذرت عن قبوله، بل أبدت استعدادها له، أمّا عبارة: “كيف يكون هذا؟” فلن تنم عن الشك في الأمر قط، إنما هو تساؤل عن كيفيّة إتمام الأمر… إنها تحاول أن تجد حلاً للقضيّة… فمن حقِّها أن تعرف كيف تتم الولادة الإعجازيّة العجيبة.] لذلك جاءت إجابة الملاك لها تكشف عن سرّ عمل الله فيها لتحقيق هذه الولادة: “الروح القدس يحلُّ عليك، وقوّة العليِّ تظلِّلك، فلذلك أيضًا القدِّوس المولود منك يُدعى ابن الله”. الروح القدس يحلُّ عليها لتقديسها، روحًا وجسدًا، فتتهيَّأ لعمل الآب الذي يُرسل ابنه في أحشائها يتجسّد منها. حقًا يا له مِن سرّ إلهي فائق فيه يًعلن الله حبُّه العجيب للإنسان وتكريمه له ! سابعًا: طاعة مريم الفريدة، علامة أخرى على تواضعها ! أحنت الطاهرة رأسها بالطاعة لتقول: “هوذا أنا أَمَة الرب ليكن لي كقولك” [38]. لقد شك زكريَّا الكاهن في إنجاب زوجته، والبتول آمنت، وفي طاعتها قبِلت عمل الله، وكما يقول القدّيس أمبروسيوس: [لقد سَمت بإيمانها على الكاهن؛ فالكاهن أخطأ وتوارى، والعذراء قامت بإصلاح خطأه.] هكذا صمت زكريَّا بسبب شكِّه وحملت العذراء بالكلمة المتجسّد أو النّطق الإلهي الذي لن يصمت. يرى القدّيس إيريناؤس أن طاعة القدّيسة مريم قد حلَّت موضع عِصيان أُمِّها حواء؛ الأخيرة بعِصيانها عقَّدت الأمر، وجاءت ابنتها تحِل العقدة بالطاعة. ويرى اللاهوتيون أنه في هذه اللحظات التي قدَّمت الطاعة لله والخضوع قبلت التجسُّد، إذ لم يكن ممكنًا أن يتم التجسّد بغير إرادتها وقبولها للعمل، إذ يقدِّس الله الحريّة الإنسانيّة. يقول القدّيس أمبروسيوس: [إنها تصف نفسها أَمََة للرب مع أنها اُختيرت أُمًا له، فإنَّ الوعد الذي تحقّق لم يُسقطها في الكبرياء.] ويقول القدّيس أغسطينوس أن السيِّد المسيح المتواضع لا يُعلِّم أُمّه – في الحبل به- الكبرياء بل التواضع ! |
13 - 04 - 2018, 09:07 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: بشارة كلية الطهر العذراء مريم
أن السيِّد المسيح المتواضع لا يُعلِّم أُمّه – في الحبل به- الكبرياء بل التواضع !
بركتها تكون معنا ربنا يبارك حياتك |
||||
13 - 04 - 2018, 08:21 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: بشارة كلية الطهر العذراء مريم
ميرسى على مرورك الغالى مرمر |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|