الفشل في حياة النور يُعيد الانسان الى حياة الظلمة
قال السيد المسيح «أدخلوا من الباب الضيّق. فما أوسع الباب وأسهل الطريق المؤدية إلى الهلاك، وما أكثر الذين يسلكونها. لكن ما أضيق الباب وأصعب الطريق المؤدية إلى الحياة، وما أقل الذين يهتدون إليها.»... وقال ايضًا «من منكم، إذا أراد أن يبني برجًا، لا يجلس أولًا ويحسب النفقة ليرى هل يقدر أن يكمّله، لئلا يضع الأساس ولا يقدر أن يكمّل، فيستهزئ به الناظرون إليه كلهم ويقولون: هذا الرجل بدأ يبني وما قدر أن يكمل»...
نتيجة للمعتقدات الخاطئة التي ورثناها منذ صغرنا، فغالبًا ما نفهم كلام السيد المسيح على انه كلام إدانة او توبيخ. لم يكن هذا الفهم صحيحًا في أغلب الاوقات. فعندما يقول لك السيد المسيح أن طريق تبعيته ضيّق (صعب) او أنك ان لم تحسّب "لتكاليف" ايمانك فأنك ستخور في منتصف الطريق؛ فالكلام لا يحمل في طيّاته اي تفسيرات سلبية كما نفسرها نحن في العادة. بل هو يقول "من منكم، إذا أراد أن يبني برجًا، لا يجلس أولًا ويحسب النفقة" لكي يدعوك ان تسخر كل امكاناتك (الفكرية، العلمية، النفسية، المادية، المهاراتية، العلاقاتية، والوقتية...) في سبيل ان تبني برج حياتك (حياة النور) بأفضل طريقة ممكن. فهو لا يقول هذا الكلام ليجعلك تشعر بالأحباط، بل ليدفعك الى الأمام من أجل "تفعيل خلاصك". فبعد أن آمنت بالمسيح، تغيّير توجه قلبك واصبح يطلب القداسة وليس الخطيئة، وبدأت حينئذٍ حياتك في النور. ولكن، إن لم تلبي متطلبات حياة النور (ان لم تجلس اولًا وتحسب النفقة، وتدرس كيفية بناء البرج من كافة النواحي) فانك ستصل إلى مرحلة معينة وتفشل. فقد تبقى تصارع الخطيئة في حياتك ولا تنتصر عليها فتيأس، او قد يضع الله امامك حاجزًا لتقفزه إلى مرحلة ايمانية ابعد (كمسامحة شخص، او معاتبة شخص، او مساعدة شخص، او التواضع وخدمة شخص... الخ) إلا انك لا تستطيع عبوره، فتتوقف عملية بناء البرج عند هذه المرحلة. احبتنا، بناء البرج هو تشبيه لتبعية المسيح وعيش حياة النور. وبناء البرج يتطلب شراء مواد من عدة انواع، وفهم في التصميم، وخبرة في البناء، وايدي عاملة، وعملًا شاقًا، وفترة طويلة، وكلفة عالية لكي يتم بناء البرج بالكامل. ان اهمال الإنسان "لوسائل" تفعيل خلاصه، تؤدي إلى فشله المتكرر في حياة النور، وهذا الفشل المتكرر سيقوده رجوعًا الى حياة الظلمة، فتراه بعد فترة ذاب واختفى في العالم وعاد الى حياته الطبيعية. ويقول الرسول بولس "إن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا. قد تناهى الليل وتقارب النهار"، ما هذا الكلام الذي تقوله يا بولس؟ نحن حسبنا اننا "خلُصنا" لحظة ايماننا!... كلا يا عزيزي ، انت الآن "اقرب الى الخلاص" من يوم آمنت. فهذا يعني ان لحظة ايمانك بالمسيح (لحظة تغيير القلب) هي اللحظة التي قررت فيها ان تبني برجك وتعيش في النور. ولكن، من هذه اللحظة، بدأت لك حياة مختلفة كليًا تحتاج ان تعمل لها... فتحتاج للبحث والدراسة والعمل في كيفية بناء هذا البرج. إن كنت تلاحظ ان في داخلك غضب، فيجب ان تبحث عن كيفية معالجته؛ إن كانت لك نظرة شهوانية للمرأة، فيجب ان تبحث عن كيفية شفاء عينك وافكارك؛ إن كانت لك نظرة دونية عن نفسك، فيجب ان تبحث عن كيفية تصحيح معتقداتك؛ إن كنت لا تهتم بحياة الآخرين ، فيجب ان تزداد فيك المحبة لهم.
باختصار نقول:
عمل الله: أن يُغَيِّر داخلك.
عملك انت: أن تُغيِّر خارجك، بعدما تَغيَّر داخلك.
... فلا حدود لما يمكن ان تفعله لتغيّر خارجك، لا حدود نهائيًا، كل ما في هذا الكون من مادة وعلم وتقنيات ممكن تسخيرها في تغيير هذا الخارج لبناء البرج (تفعيل الخلاص) إلى ان نصل الى حياة كاملة في النور.
ويمكنكم ايجاد هذا النص في الإنجيل المقدس في متى 7 : 13 ، 14 و لوقا 14 : 28 ،-30