|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
“أي خدمة” والقلب وهنا ننتقل لنقطة أخرى أخطر وأهم، وهي عروض خدماتنا لله نفسه!! فكثيرون يتساءلون مثلي: إن كانت الكنائس والاجتماعات مليئة بالخدام والخادمات، وجدول خدماتهم مملوء عن آخره ومُرضي لجميع الأذواق، وهم يعرضون خدماتهم على الله بصراحة في ترانيمهم (يا رب إنني لك أكرس الحياة... جهزنا علشان تستخدمنا...)، وفي صلواتهم (افتح لنا بابًا لخدمتك... أرسلنا حالاً لكرمك...)؛ فلماذا إذاً يتزايد عدد النفوس المكسورة؟ وتكثر بالعشرات العائلات المتعثِّرة؟ ويجلس مئات الشباب في كورتهم البعيدة ولا يجدون حضنًا واعيًا يستوعبهم؟!! ولماذا نبدو وكأننا نقدم “شيكات على بياض” لله، عنوانها “أي خدمة”، وعندما يأتي وقت دفع الدفعة الأولى منها، يبرز التراجع وتظهر الأعذار، ويبدأ كل واحد منا يتنصل من التزامه. والحقيقة أنني أرى سببين لهذه الازدواجية المرعبة؛ السبب الأول - في رأيي - أننا اهتممنا كثيرًا بنوع وتوقيت ومكان الخدمة، ولم نهتم بقلبنا نحن أثناء الخدمة!! وتناسينا أن المسيح؛ الخادم الأعظم، لم يأتِ لنا بـ“لستة” من الخدمات الفارغة لنملأها، ولا بـ“كتالوج” به أحدث الطرق والوسائل المبتكرة للوصول للناس وملامسة احتياجاتهم، ولكنه جاء بالأهم والذي لم يأتِ به غيره؛ جاء بقلب الخادم!! فأخبرنا المسيح أن قلب الخادم يجب أن يكون موحَّدًا ومخصَّصًا له، ولا يخدم أي شخص أو شيء سواه (متى6: 24). وأن من أراد خدمته عليه أولاً أن يتمم شروط تبعيته، «إن كان أحد يخدمني فليتبعني وحيث أكون أنا هناك أيضًا يكون خادمي»، وأن من يخدمه لا يجب أن ينتظر مكافأة معنوية أو مادية من أي إنسان «وإن كان أحد يخدمني يكرمه الآب» (يوحنا12: 26)، وأن من يخدمه عليه أن يضحي ببعض من حقوقه الطبيعية، ومن راحته لكي يرضي من يخدمه (لوقا17: 8). فإن كان قلب الخادم موحَّدًا وملتزمًا وتابعًا ومضحيًا، فإن كل كلمة تخرج منه ستكون نافعة وبانية للآخرين، وأي تصرف سيفعله سيكون مثالاً وقدوة للكثيرين، حتى لو لم يصعد في حياته على منبر، لكنه سيكون امتلك قلب الخادم الحقيقي، وتتم فيه الكلمات «الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح» (لوقا6: 45). ويكون «مستعدًا لكل عمل صالح» (2تيموثاوس2: 21)، وساعتها سيخدم أقل خدمة، وأبسط خدمة، ولكنها لن تكون كـ“أي خدمة”!! |
|