|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"وكان في الغد أن فشحور أخرج إرميا من المقطرة. فقال له إرميا: لم يدعُ الرب اسمك فشحور بل مجور مِسا بيب. لأنه هكذا قال الرب: هأنذا أجعلك خوفًا لنفسك ولكل محبيك، فيسقطون بسيف أعدائهم، وعيناك تنظران. وأدفع كل يهوذا ليد ملك بابل فيسبيهم إلى بابل ويضربهم بالسيف" [3-4]. كان الاتهام الرئيسي ضد إرميا النبي أنه محطم لنفسية القيادات والشعب، وأنه دائم التشاؤم، لذا جاء تغيير اسم فشحور ردًا على هذا الاتهام. وكأن مصدر الرعب وتحطيم النفسية هو فشحور ومن على شاكلته، وليس إرميا. حينما دخل الله مع أبرام في عهد وأعلن له عن شريعة الختان (تك 17) غير اسمه من أبرام (أب مكرم) إلى إبراهيم (أب لجمهور)، وغيَّر اسم ساراي (أميرتي) إلى سارة (أميرة)، فقد صار إبراهيم خلال الميثاق الإلهي أبًا لجمهور من الأمم، ولم تعد سارة خاصة به بل أميرة يعتز بها جميع المؤمنين. هذا حدث مع الختان وكما يقول القديس أغسطينوس: [ماذا يعني الختان سوى تجديد الطبيعة البشرية بنزع الإنسان القديم؟ وماذا تعني الأيام الثمانية (للختان) سوى المسيح الذي قام بعدما أكمل الأسبوع، أي بعد "السبت"؟ لقد تغير اسما الوالدين، وأعلن كل شيء جديدًا]. الآن، إذ فقد فشحور ختان القلب والأذن برفضه الكلمة النبوية الإلهية تغيَّر اسمه فلا يكون أبًا لجمهورٍ، بل رعبًا للذين يحبونه، وهلاكًا لهم! هكذا غُرلة القلب والأذن، ورفض الميثاق الإلهي يغير اسمنا من الإثمار والبركة إلى الرعب والهلاك، حتى الأرض التي نقيم فيها تتغير كما تغيرت توفة إلى "وادي القتل" (إر 19: 6). يدخل فشحور الكاهن والناظر الأول للهيكل إلى حالة من الرعب، مصدرها من الداخل، وهو رفضه التمتع بكلمة الله والاستماع إلى الصوت الإلهي. وإذ يفقد سلامه الداخلي ينهار أمام ملك بابل، ويسقط في السبي كما تحت السيف. يفقد قوته وكرامته وحريته وأخيرًا حتى حياته! أولاد الله يعيشون في فرحٍ داخلي حتى وسط آلامهم، أما أولاد إبليس فيعيشون في رعبٍ، حتى إن نالوا كل العالم في أيديهم. يصيرون كقايين الذي قيل عنه: "تائهًا وهاربًا تكون في الأرض" (تك 4: 12). |
|