تأمّل في ذكرى رقاد السيّدة
في ميلادِك حفظتِ البتوليّة وصُنتها وفي رقادِك ما أهملتِ العالم وما تركتِه يا والدة الإله: البتوليّة ليست عائقاً أمام الميلاد الخلاصي لربنا يسوع المسيح، والموت ليس عائقاً أمام استكمال العذراء مريم لدورها التي بدأت به على الأرض. لا الموت ولا البتوليّة حواجز، مع أن نظام الطبيعة الذي خلقه الله يجعل من البكارة حاجزاً أمام الحَبل والولادة، ويجعل من الموت حاجزاً أمام التعامل مع الإنسان الميت. كل الحواجز سقطت أمام محبّة الله وتدخّله في حياة البشر ونظام الطبيعة بواسطة يسوع المسيح. رقاد والدة الإله إذاً هو استكمالٌ لأعجوبة ولادتها ليسوع. هي وُلدَت في السماء بدخولها حاجز الموت تماماً كما أن الرب يسوع وُلِدَ على الأرض بدخوله حاجز البتوليّة. محبّة الله وقدرته قادرة على هدم كل الحواجز: "أما عند الله فكل شيء مُستطاع" (مرقس 10 : 27 ). بقيامة الرب يسوع من بين الأموات لم يعد الموت يُخيفنا ولم يعد حاجزاً بين الأرض والسماء. وها هي العذراء تعبر—كما ابنها وكما كل واحد منّا—بواسطة الموت الى القيامة والحياة الأبديّة.
لأنّكِ انتقلتِ الى الحياة بما أنّكِ أمّ الحياة: بعد قيامة المسيح، لم يعد الموت موتاً بالمفهوم القديم بل صار انتقالاً وعبوراً الى مكانٍ معلوم وهو يمين الآب. بعد القيامة بالجسد البشري من الموت، صعد الرب يسوع بهذا الجسد القائم والمُمَجَّد الى السماء وجلس عن يمين الآب (أعمال 7 : 55 ). ويسوع نفسه وَعَدنا قائلاً: "حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً" (يوحنا 14 : 3 ). ليس أن الله محدود وله يمين ويسار وهو الحاضر في كل مكان والمالئ الكل! جلوس يسوع عن يمين الآب هو تعبير بشري ليُفهمنا أن يسوع صعد بجسده البشري الى حيث كان أولاً منذ البدء والأزل ولكنّه قد أضاف الى نفسه (بسبب حبّه للبشر) جسداً بشرياً الذي به صنع الخلاص وجعل كل الراقدين المؤمنين به قائمين مثله ومعه وبه وجالسين معه باللحم والدم والعظام والمشاعر والهوية والإسم في ملكوت السماوات—في وليمة عشاء عُرس الحَمَل—على مائدة أفراح الرب الأبدية!
فبشفاعاتِكِ أنقذي من الموت نفوسنا: يسوع يجلس عن يمين الآب في المجد الإلهي بجسده وأُمَّه مريم في حضرته أيضاً بجسدها البشري. نحن نذهب الى هناك بعد الرقاد أولاً بالروح لمعاينة هذا المجد الإلهي، ثم بعد القيامة العامة أيضاً بالجسد بعد أن نستعيد أجسادنا من التراب لإستكمال دخول كل المؤمنين إلى الملكوت الأبدي .قيامة يسوع انقذتنا من الموت الابدي بأن جلعتنا قائمين بعد الموت وقاميين في هذه الحياة .
وشفاعة والدة الاله تؤازرنا من فوق لنتبع ابنها المخلص .ونغلب به الموت .
وحدة النفس والجسد ووحدة المكان في الملكوت هي الهدف النهائي من الحياة وهي الهدف الذي اتى لاجله يسوع وتألم و وذلك ليوهلهنا ويعطنا ما لم يعطه للملائكة .
وهو الجلوس معه على العرش الأبدي .
واحد هو الإيمان وواحدة هي الكنيسة المقدسة .
آمين .
14 - 08 - 2023, 06:14 AM
رد: ❈﴿ تأمّل في ذكرى رقاد السيّدة ﴾❈
العرض المتطور