منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 07 - 08 - 2023, 03:19 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

آرميا النبي | بركات الرجوع إلى الله



بركات الرجوع إلى الله:

15 وَأُعْطِيكُمْ رُعَاةً حَسَبَ قَلْبِي، فَيَرْعُونَكُمْ بِالْمَعْرِفَةِ وَالْفَهْمِ. 16 وَيَكُونُ إِذْ تَكْثُرُونَ وَتُثْمِرُونَ فِي الأَرْضِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَنَّهُمْ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ: تَابُوتَ عَهْدِ الرَّبِّ، وَلاَ يَخْطُرُ عَلَى بَال، وَلاَ يَذْكُرُونَهُ وَلاَ يَتَعَهَّدُونَهُ وَلاَ يُصْنَعُ بَعْدُ. 17 فِي ذلِكَ الزَّمَانِ يُسَمُّونَ أُورُشَلِيمَ كُرْسِيَّ الرَّبِّ، وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهَا كُلُّ الأُمَمِ، إِلَى اسْمِ الرَّبِّ، إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَلاَ يَذْهَبُونَ بَعْدُ وَرَاءَ عِنَادِ قَلْبِهِمِ الشِّرِّيرِ. 18 فِي تِلْكَ الأَيَّامِ يَذْهَبُ بَيْتُ يَهُوذَا مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، وَيَأْتِيَانِ مَعًا مِنْ أَرْضِ الشِّمَالِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي مَلَّكْتُ آبَاءَكُمْ إِيَّاهَا. 19 وَأَنَا قُلْتُ: كَيْفَ أَضَعُكِ بَيْنَ الْبَنِينَ، وَأُعْطِيكِ أَرْضًا شَهِيَّةً، مِيرَاثَ مَجْدِ أَمْجَادِ الأُمَمِ؟ وَقُلْتُ: تَدْعِينَنِي يَا أَبِي، وَمِنْ وَرَائِي لاَ تَرْجِعِينَ. 20 «حَقًّا إِنَّهُ كَمَا تَخُونُ الْمَرْأَةُ قَرِينَهَا، هكَذَا خُنْتُمُونِي يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ الرَّبُّ». 21 سُمِعَ صَوْتٌ عَلَى الْهِضَابِ، بُكَاءُ تَضَرُّعَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. لأَنَّهُمْ عَوَّجُوا طَرِيقَهُمْ. نَسُوا الرَّبَّ إِلهَهُمْ. 22 «اِرْجِعُوا أَيُّهَا الْبَنُونَ الْعُصَاةُ فَأَشْفِيَ عِصْيَانَكُمْ». «هَا قَدْ أَتَيْنَا إِلَيْكَ، لأَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ إِلهُنَا. 23 حَقًّا بَاطِلَةٌ هِيَ الآكَامُ ثَرْوَةُ الْجِبَالِ. حَقًّا بِالرَّبِّ إِلهِنَا خَلاَصُ إِسْرَائِيلَ. 24 وَقَدْ أَكَلَ الْخِزْيُ تَعَبَ آبَائِنَا مُنْذُ صِبَانَا، غَنَمَهُمْ وَبَقَرَهُمْ بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ. 25 نَضْطَجعُ فِي خِزْيِنَا وَيُغَطِّينَا خَجَلُنَا، لأَنَّنَا إِلَى الرَّبِّ إِلهِنَا أَخْطَأْنَا، نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مُنْذُ صِبَانَا إِلَى هذَا الْيَوْمِ، وَلَمْ نَسْمَعْ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِنَا».

إذ يدعونا الله يكشف عن بركات الرجوع إليه ممتزجة بخطورة البعد عنه.

يمكن تلخيص بركات الرجوع إليه في الآتي:
أولًا: يضمنا إلى كنيسته (صهيون الجديدة)"

"لأني سُدت عليكم فآخذكم واحدًا من المدينة، واثنين من العشيرة، وآتى بكم إلى صهيون" [14].
إن كانت الدعوة عامة موجهة إلى كل الشعب، لكنها أيضًا شخصية؛ في وسط رغبته في اقتناء كل الشعب يقبل واحدًا من وسط مدينة بأكملها أو اثنين من عشيرة. أنه لا يحتقر نفسًا واحدة راجعة إليه، ولو رفضته المدينة كلها. ففي وقت ما كان العالم كله وثنيًا ماعدا إبراهيم وسارة زوجته، ومع هذا دعاهما إليه ليقيم من نسلهما شعبًا مقدسًا وكنيسة طاهرة!
الله يطلب رجوعك إليه لكي يدخل بك إلى صهيون، كنيسته التي افتداها بدمه، يقيمك عضوًا في جسده المقدس، ويؤهلك لشركة الميراث الأبدي.
إن فسد العالم كله، فهو لا يزال ينتظرك باسمك ليدخل بك إلى مجده.
لا تقل مع إيليا النبي في يأس: "قد تركوا عهدك ونقضوا مذابحك وقتلوا أنبياءك بالسيف فبقيت أنا وحدي وهم يطلبون نفسي ليأخذوها" (1 مل 19: 14)، فقد أبقى الله له سبعة آلاف كل الركب التي لم تجث للبعل وكل فم لم يقبله (1 مل 19: 18)... وإن كنت وحدك، فمن أجلك أنت مات المسيح ليخلصك.

ثانيًا: يُرسل فعلة مقدَّسين له، لهم معرفة روحية:

"وأعطيكم رعاة حسب قلبي، فيرعونكم بالمعرفة والفهم" [15].
حين يرجع الشعب إلى الله، يغير الله على كنيسته فيُرسل رعاة حسب قلبه، لهم معرفة روحية وفهمًا صادقًا، يقودون الشعب بروح الله إلى الحياة السماوية.
لا تدن الخدام، فإن توبتك تحرك السماء عينها ليرسل فعلة مقدسين لخدمة البشرية! عوض إدانة الآخرين ندين أنفسنا، ونحسب قساوة قلب الخدام هي بسببنا... علامة غضب الله علينا، يسمح لهم بالخدمة لتأديبنا!
لعله من أهم صفات الخادم النقي، الذي له روح سيده، هو تمتعه بالمعرفة والفهم! يقدم مرعى المعرفة للشعب، فلا يخدم بروح التسلط والعنف في جهالة وغباوة.
يحسب أباء مدرسة الإسكندرية "المعرفة" أعظم هبة يقدمها السيد المسيح لعروسه حين يرفعها بروحه القدوس إلى حجاله، حيث يكشف لها عن أسرار الكلمة، ويدخل بها إلى سر معرفته.

ثالثًا: الثمر المتكاثر:

"ويكون إذ تكثرون في الأرض في تلك الأيام يقول الرب..." [16].
كثيرون يظنون أن الرجوع إلى الله مضيعة للوقت وتحطيم للطاقات، ناظرين إلى الصلاة كأنها عمل باطل، والصوم حرمانًا، والتسابيح والعبادة الجماعية خسارة... ونسى هؤلاء في حياتهم عنصر "البركة". رجوعنا إلى الله يعني دخول "البركة" في وقتنا وكلماتنا وتصرفاتنا حتى الزمنية، فيصير كل ما في أيدينا مباركًا ومتزايد ثمرًا.
بسبب يوسف بارك الرب بيت فوطيفار، وبسبب إبراهيم بارك الله شعبًا عبر الأجيال حتى بعد موته! وبظل بطرس الرسول أُنقذ كثيرون من أرواح شريرة، وبمناديل وعصائب بولس الرسول شفى كثيرون!
برجوعك تتبارك، بل وتصير بركة لمن هو حولك، بل ومثمرًا حتى بعد رحيلك!

رابعًا: يرجع إلينا بنفسه:

"لا يقولون بعد تابوت عهد الرب، ولا يخطر على بالٍ ولا يذكرونه، ولا يتعهدونه، ولا يُصنع بعد" [16].
بمعنى آخر يصير إلقاء مع الله لا خلال الرموز كتابوت العهد، وإنما يتحقق لقاءٌ حقٌ... يسكن الله وسط شعبه، ويدرك المؤمن حضرة الرب في أعماقه.
كان تابوت العهد بما يحويه من لوحيّ الشريعة وقسط المن يشير إلى الحضرة الإلهية وسط شعبه، خاصة في فترة التِيه في البرية وبداية الاستقرار في أرض الموعد. الآن وقد جاء كلمة الله نفسه، الخبز النازل من السماء، لم تعد هناك حاجة إلى تأكيد الحضرة الإلهية... إنه يسكن وسط شعبه ويحل في قلوبهم.

خامسًا: رجوع الأمم إليه:

لم تعد هناك حاجة إلى تابوت العهد لتأكيد الحضرة الإلهية، إذ صارت أورشليم - مدينة الملك العظيم - جذابة للأمم. يأتي البشر من كل أمة ولسان ليروا أورشليم العليا أمنا، يعيشون فيها، ويحملون سماتها، قائلين مع الرسول: "أجلسنا معه في السماويات" (أف 2: 6).
إذ يطلب الله رجوع شعبه القديم إليه يعلن لنبيه عن رجوع الأمم، وقبول الشعوب الإيمان به. "ويجتمع إليها كل الأمم إلى اسم الرب إلى أورشليم، ولا يذهبون بعد وراء عناد قلبهم الشرير" [17].
مع توبتك تجتذب كثيرين إلى الرب وتدخل بهم إلى سمواته!
ضعفنا وشرنا يقف عائقًا في طريق خلاص الكثيرين، إذ ُيجدف على اسم الله بسببنا، أما رجوعنا القلبي والعملي إلى الله فيسحب الكثيرين إليه.
نلاحظ هنا أن الله يرفع أنظارهم من الرجوع من السبي كبركة إلهية إلى ما هو أعظم، وهو رجوع الأمم من سبي الخطية وعدم الإيمان إلى كنيسة المسيح، أرض الموعد الجديدة.

سادسًا: الشفاء من طبيعة الفساد العاملة فينا:

"ارجعوا أيها البنون العصاة فأشفي عصيانكم" [22]. ويقول المرتل التائب: "قلبًا نقيًا أخلقه فيَّ يا الله، وروحًا مستقيمًا جدده في أحشائي" (مز 51: 10).
الراجع إلى الله يشعر بعمل روح الله القدوس اليومي لتجديده المستمر، حتى يصير على مثال الله!
أخيرًا بعدما تحدث عن بركات الرجوع إلى الله أشار إلى خطورة العصيان والإصرار على العناد والتمسك بالشرور، أو خيانة الإنسان أو الجماعة لله:
أولًا: "سُمع صوت على الهضاب بكاء تضرعات بني إسرائيل، لأنهم عوَّجوا طريقهم، نسوا الرب إلههم" [21].

في الموضع الذي كانوا يصنعون فيه الرجاسات، أي في الهضاب، يُسمع صوت نحيبهم، حيث يُساقون إلى السبي في مذلة.
لا تقدر الخطية أن تهب الإنسان فرحًا حقيقيًا، بل تخدره إلى حين ليجد نفسه قد فقد سلامه الداخلي وفرحه وحياته نفسها. هذا هو ثمر الدخول في الطريق المعوج ونسيان الرب إلهنا!

ثانيًا: يدخل إلى الباطل لا إلى الحق:

"حقًا باطلةهي الآكام ثروة الجبال؛ حقًا بالرب إلهنا خلاص إسرائيل" [23].
هنا يقارن بين عبادة الأوثان على الآكام والجبال التي يحسبها الأشرار ثروة وغنى للنفس، حيث يجدون الطريق الواسع والحياة السهلة، وبين خلاص الرب إلهنا.
تُقدم العبادة الوثنية طريقًا سهلًا لكنها طريق باطلة، أما طريق الرب الضيق ففيه الخلاص الحق.
الترجمة الحرفية لكلمة "آكام" هنا تعني "الخلاعة"، فهي تقدم ما هو باطل، أما الرب فيقدم لنا الحق.
يرى العلامة أوريجينوس
أن الأمم كانوا يعبدون نوعين من الآلهة: يعبدون أناسًا صاروا آلهة، هؤلاء يُرمز لهم بالآكام؛ ويعبدون آلهة يرونها هكذا بالطبيعة، هذه يُرمز لها بالجبال.
[الذين يتعبدون لهذه الآلهة لا يدركون أنها آلهة كاذبة، بل يظنون أن وحيها وحيّ حقيقي، وأنها تُقدم شفاءً حقيقيًا، دون أن يدركوا الفارق بين عمل الشيطان بقوةٍ وآيات وعجائب كاذبة وكل خديعة الإثم في الهالكين (2 تس 2: 9)، وبين قوة الحق وعجائبه.
ما كان يفعله يسوع المسيح كان من عجائب الحق،
وما كان يفعله موسى أيضًا هو من قوة الحق (باسم الله)،
أما ما كان يفعله المصريون فكان آيات وعجائب كاذبة، وذلك كما كان يفعل سيمون الساحر الذي كان يُدهش شعب السامرة، حتى قالوا عنه: هذا هو قوة الله العظيمة (أع 8: 10)، مع كونها قوات وآيات وعجائب كاذبة].
هذههي خطورة الخطية، ُتفقد الإنسان قدرته على تمييز ما هو باطل أو كذب وما هو حق! تفقده روح التمييز الداخلي.

ثالثًا: الدخول إلى الخزي والعار:

"وقد أكل الخزي تعب آبائنا منذ صبانا،
غنمهم وبقرهم،
بنيهم وبناتهم.
نضطجع في خزينا ويغطينا خجلنا (ببرقع)،
لأننا إلى الرب إلهنا أخطأنا نحن وآباؤنا،
منذ صبانا إلى هذا اليوم،
ولم نسمع لصوت الرب إلهنا" [24-25].
لا يقف عمل الخطية عند فقدان السلام الداخلي وتحطيم روح التمييز ليعيش الإنسان يتخبط، يظن الحق باطلًا، والباطل حقًا، الحياة الزمنية خالدة، والسماء خيالًا، وإنما تدخل به الخزي (bosheth) الذي يحطم كل تعبه منذ صباه.
يقول سليمان الحكيم: "البر يرفع شأن الأمة، وعار الشعوب الخطية" (أم 14: 34). وعندما دخل الشعب أرض كنعان وقدموا عبادة مقدسة، دُعِي الموضع "الجلجال"، ويعني "الدحرجة" إذ دحرج عنهم العار (يش 5: 9)، عار العبودية رمز الخطية.
لقد دَعَى شاول ابنه "ايشبوشث" (2 صم 2: 8)، أي "رجل العار"... هذا هو ثمر الخطية!
تكمن خطورة الخطية في كونها مخادعة. بينما تدفع النفس إلى الخزي والعار، يفتخر البعض بها، ويحسبونها مجدًا لهم... عوض أن يقفوا فيخزي وعارٍ أمام الله، وقدام أنفسهم يعترفون بما حلَّ بهم بسبب خطاياهم. بمعنى آخر بالتوبة والاعتراف نضرب عار الخطية وخزيها بشعورنا بالخجل والخزي والعار!
يقول العلامة أوريجينوس:
["وقد أكل الخزي تعب آبائنا منذ صبانا..." [24]. يجب أن يكون هناك خزي حتى يأكل التعب الباطل والأعمال الكاذبة التي لآبائنا، فإنه بدون الخزي لن ُتستهلك (تنتهي) هذه الأعمال الباطلة والكاذبة...
يوجد خطاة ليس عندهم خزي ولا حياء من خطاياهم، إذ لا يخجلون منها. هؤلاء هم الذين فقدوا كل حس وأسلموا لكل نجاسة.
إنكم ترون بالفعل كيف تستعرض الشعوب الأممية أحيانًا قائمة فسقهم وزناهم، ويفتخرون بها كما لو كانت أعمال بطولة، دون أن يخجلوا من ممارستهم هذه الأعمال، ودون أن يطلقوا عليها "خطايا". ما دام ليس عندهم "الخزي" لن تُؤكل (تُمحى) خطاياهم.
بداية الصلاح هو الشعور بالخجل مما كنا لا نخجل منه قبلًا].
ما هو غنم الآباء وبقرهم الذي يأكله الخزي؟

يقول العلامة أوريجينوس: [يُطلق على التصرفات غير العاقلة التي يمارسها الآباء غنمًا وبقرًا.
الخليقة غير العاقلة (الحيوانية) ليست ممدوحة على الدوام، إذ توجد كائنات غير عاقلة ملومة، مثل "غنم الآباء الذين أخطأوا". وتوجد حيوانات ممدوحة ومطوّبة، هذه التي يُقال عنها: "خراف يتسمع صوتي".
حينما يقول المخلص: "أنا هو الراعي الصالح" يلزمنا ألا نفهم ذلك بطريقة عامة كما يفعل الجميع، حاسبين أنه راعي المؤمنين وحدهم دون الخطاة. إنما يلزمني كخاطي أن أقبل السيد المسيح في داخل نفسي. أقبل الراعي الصالح فيّ، الراعي الصالح القادر بعصا رعايته أن يسيطر على تصرفاتي غير العاقلة، فلا يسمح لها أن تخرج كما تشاء وحيثما تشاء، لكنها تحت قيادة الراعي تصير تصرفات سليمة. "فلستم إذا بعد غرباء، بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله" (أف 2: 19).
هكذا، إذا كان الراعي في داخلي فإنه يقود حواسي، فلا تخضع قط لفكر غريب؛ لا تخضع لفرعون ولا لنبوخذنصر، وإنما للراعي الصالح!].
إذن ما دام يوجد في حياتي الداخلية كما في سلوكي غنمات ضالة وبقر كثير شارد، بالتوبة الصادقة والاعتراف الصريح أشعر بالخزي فتؤكل الحيوانات الفاسدة، ليقيم الراعي الصالح فيَّ غنمات مقدسة تحت رعايته الشخصية.
كان لبني إسرائيل غنم وبقر، إذ كانوا يتكلون تارة على فرعون مصر وأخرى على ملك بابل... لنطلب راعي نفوسنا الحق، ولنحتمي فيه، فهو وحده قادرعلى رعايتنا وحمايتنا من كل تجارب عدو الخير القاتلة.

ماذا يُقصد بالبنين والبنات الذين يأكلهم الخزي؟

كثيرًا ما يفسر العلامة أوريجينوس البنين كثمار النفس وأفكارها، والبنات كأعمال الجسد وأفكاره... إذن بخزي التوبة تؤكل أفكار النفس الفاسدة وأعمال الجسد الشريرة، ليقيم لنا الرب المخلص بروحه القدوس ثمرًا مقدسًا للنفس والجسد معًا!

ماذا يُقصد بالخجل الذي يغطينا كما ببرقع؟

يقول العلامة أوريجينوس:
["نضطجع فيخزينا ويغطينا خجلنا (ببرقع)" [25].
اعتدنا أن نتحدث عن البرقع الموضوع على وجه الذين لا يرجعون إلى الرب. بسبب هذا البرقع الموضوع على قلوبهم لا يفهم الخطاة حين يُقرأ موسى (2 كو 3: 15). لهذا نقول إن الخزي هو هذا البرقع.
ما دام لدينا أعمال الخزي، يوجد عندنا البرقع دون شك، وذلك كما قيل في المزمور: "وخزي وجهي قد غطاني (ببرقع)" (مز 44: 15).
أما الذين لا يمارسون أعمالًا مخزية فلا يكون عندهم البرقع. هذا ما يقوله بولس الرسول: "ونحن جميعًا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة" (2 كو 3: 18).
إن كنا نريد أن ننزع البرقع الناجم عن الخزي فلنعمل الأعمال المجيدة، ولنضع كلمات المخلص هذه في أذهاننا: "حتى أن الجميع يمجدون الابن كما يمجدون الآب"، وكلمات بولس الرسول: "بتعدينا الناموس نهين الله".
في مقدرتنا نحن أن ننزع البرقع وليس في مقدرة أحد غيرنا. فعندما كان موسى يتوجه إلى الله كان بالفعل يرفع البرقع.
لم يأمر الله موسى قائلًا له: غطِ نفسك ببرقع"، وإنما لما رأى موسى الشعب عاجزًا عن النظر إلى مجده وضع برقعًا على وجهه. ولم ينتظر أيضًا أن يقول له الله في كل مرة كان يتحدث فيها معه: "انزع البرقع".
إذن كُتب هذا حتى ترفع أنت أيضًا بدورك برقع أعمالك المخزية الذي وضعته على وجهك، وذلك متى اتجهت بنظرك إلى الرب؛ وإذ تنزع البرقع لا تعود تقول: "يغطينا خجلنا (ببرقع)".
على سبيل المثال، عندما يستقر الغضب في نفوسنا، يكون مثل برقع موضوع على الوجه. وعندما نردد القول في صلاتنا: "قد أضاء علينا نور وجهك يا رب" (مز 4)، نرفع البرقع، وننفذ ما يقوله الرسول: "فأريد أن يصلي الرجال في كل مكان، رافعين أيادي طاهرة بدون غضب ولا جدال" (1 تي 2: 8). فإذا نزعنا الغضب نكون قد رفعنا البرقع؛ وهكذا أيضًا بالنسبة لجميع الخطايا.
طالما وُجدت الخطايا في فكرنا يكون البرقع موجودًا على وجوهنا الداخلية بصورة تحجب عنا رؤية مجد الله المضيء.
الله لا يخفي عنا مجده، إنما نحن بوضعنا برقع الخطية على نفوسنا نحرم أنفسنا
من رؤية مجد الله].
إذن بالتوبة والاعتراف نشعر بالخزي فتُنزع من داخلنا الحياة الحيوانية غير العاقلة، فيؤكل غنمنا وبقرنا، ويسكن راعينا في القلب ليرعى غنمًا روحيًا جديدًا، ويقيم ملكوته فينا.
بالتوبة الصادقة يقدّس روح الله القدوس أولادنا وبناتنا، أي أعمال النفس والجسد معًا، فيكون لنا الفكر المقدس والأحاسيس الملتهبة بنار حبه والتصرفات اللائقة كأولاد لله.
بالتوبة الصادقة يرفع روح الله عن قلوبنا برقع الخزي والعار فنرى مجد الله، وندرك أسراره الفائقة السماوية.
هذا هو طريق التوبة، الذي فيه نصرخ، قائلين:
"لأننا إلى الرب إلهنا أخطأنا نحن وآباؤنا منذ صبانا إلى هذا اليوم، ولم نسمع لصوت الرب إلهنا" [25].
يعلق العلامة أوريجينوس على هذه العبارة، قائلًا:
[هل يمكننا نحن أيضًا أن نقول كما قال هؤلاء: إننا أخطأنا؟ هذا يختلف عن القول: "لقد أخطأنا ونخطئ". فمن لا يزال في خطيته لا يقول: "لقد أخطأنا".
لكن ينطق بهذا من أخطأ وقد تاب توبة حقيقية.
يوجد في الكتاب المقدس أمثلة كثيرة لأناس لم يعودوا يخطئون، ومع هذا يقولون: "لقد أخطأنا، لقد تعدينا شريعتك"، كما جاء في دانيال. كذلك يقول داود النبي: "خطايا شبابي وجهلي لا تذكر".
فلنعترف إذن بخطايانا، ليس خطايا الأمس وأول أمس فحسب، وإنما تلك التي مرَّ عليها 15 عامًا دون أن نكون قد ارتكبنا أية خطية خلال هذه السنوات الـ15...
إن ذهبنا لنعترف بخطايا الأمس فقط نكون غير صادقين في توبتنا، "لأننا إلى الرب إلهنا أخطأنا نحن وآباؤنا منذ صبانا إلى هذا اليوم"...
تستلزم الجراحات وقتًا قبل أن تُشفى، هكذا أيضًا بالنسبة للرجوع، فإن الرجوع الكامل النقي إلى الله يتطلب أيضًا بعض الوقت].
نختم حديثنا هنا عن التوبة والاعتراف بالعبارات الآبائية التالية:
* أول طريق التوبة هو إدانتنا لخطايانا.
* من يمارس التوبة بعدما يخطئ يستحق تهنئة لا الحزن عليه، إذ يعبر إلى خورس الأبرار .
القديس يوحنا الذهبي الفم
* لينتبه (الخاطئ) إلى خطورة الجرح،
ولا ييأس من عظمة الطبيب.
الخطية مع اليأس هي موت أكيد...
القديس أغسطينوس
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
بركات الرجوع إلى الله
آرميا النبي | طلب الله من إرميا النبي أن يمارس عملًا
آرميا النبي | يقدم الله أيضًا إجابة لتساؤل النبي
آرميا النبي | تمتع إرميا النبي بتقديس الله
صموئيل النبي | الرجوع القلبي والعملي إلى الله


الساعة الآن 01:55 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024