إرسالية يسوع المسيح
بعد ظهور يوحنا المعمدان، آخر الأنبياء وأعظمهم، (متى 11: 9-14)، تقدم يسوع المسيح، إلى الناس، باعتباره المُرسل من الله أو الرسول بكل معنى الكلمة، ذاك الذي تحدث عنه أشعيا "روحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَليَّ لِأَنَّ الرَّبَّ مسحني وأَرسَلَني لِأُبشِّرَ الفقراء وأَجبُرَ مُنكَسِري القُلوب وأُنادِيَ بِإِفْراجٍ عنَ المَسبِيِّين وبتَخلِيَةٍ لِلمَأسورين" (أشعيا 61: 1-2). أرسل الله أخيراً ابنه كما ورد في إنجيل مرقس "فبَقِيَ عِندَه واحِدٌ وهو ابنُه الحَبيب. فأَرسَلَه إِلَيهم آخِرَ الأَمرِ"(مرقس 12: 2-8). أرسله الآب " ليبشّر بالإنجيل" (مرقس 1: 38)، وليُكمل الشريعة والأنبياء (متى 5: 17)، وليُلقي ناراً على الأرض (لوقا 12: 49)، لا ليحمل سلامًا بل سيفًا (متى 10: 34)، لا ليدعو الأبرار، بل الخاطئين (مرقس 2: 17)، ويبحث عن الهالك فيُخلّصه (لوقا 19: 10)، ويخدم ويفدي بنفسه جماعة كثيرة (مرقس 10: 45). لذلك فإن من يقبله أو ينبذه، إنما يقبل أو ينبذ ذلك الذي أرسله (لوقا 10: 16). إن موضوع الإيمان الذي يطلبه يسوع من الناس هو أنّه مُرسل من الآب (يوحنا 11: 42). وهذا ما يتضمن في الوقت نفسه الإيمان بالابن على أنه المُرسَل (يوحنا 6: 29) والإيمان بالآب على أنه أرسله (يوحنا 5: 24).