|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"بعد هذا كنت أرى في رؤى الليل، وإذا بحيوانٍ رابعٍ هائلٍ وقويٍّ وشديدٍ جدًا، وله أسنان من حديدٍ كبيرة. أكل وسحق وداس الباقي برجليه. وكان مخالفًا لكل الحيوانات الذين قبله. وله عشرة قرون" [7]. هذا الحيوان أكثر قوة من الحيوانات السابقة: "هائل وقوي وشديد جدًا، وله أسنان من حديدٍ ومخالب من نحاسٍ" (الترجمة السبعينية). يُقابل قدميّ التمثال الذي رآه نبوخذنصَّر "بعضهما من حديد والبعض من خزف" (دا 2: 33). يقول القديس هيبوليتس الروماني أن أصابع القدمين العشرة التي بعضها من حديد والأخرى من خزف تُقابل العشرة قرون التي لهذا الحيوان، وهي تُشير رمزيًا للملوك العشرة الذين قاموا من هذه المملكة . وُصف هذا الحيوان بأنه هائل وقوي وشديد جدًا، لأنه لا يُقارن بالنسبة للمالك السابقة. حقًا لقد أخضع الإسكندر الأكبر أغلب دول العالم، لكنه كان يطلب الشهرة لا السيطرة، وإذ تحققت أحلامه وهب الدول الخاضعة له الكثير من الحرية. أما الرومان فأخضعوا العالم وصاروا سادته العنفاء. أخضعوا آسيا الصغرى وسوريا وكيليكية واليونان ومقدونية وأسبانيا وبلاد الغال وجزء من ألمانيا. خضعت كل دول البحر الأبيض المتوسط لها. حقًا كان لمصر ملوكها، لكنهم خضعوا للجزية؛ وكل قانون يصدره الرومان يُطبق فورًا في مصر. لقد تركوا ولاة في آسيا الصغرى، لكنهم كانوا جواسيس لحساب الرومان. يوليوس قيصر هو أول من دخل بريطانيا بعد إخضاع الغال إلخ. لهذا كله دعاها دانيال بالوحش الهائل والقوي والشديد جدًا. "وله أسنان من حديد كبيرة" [7]، إشارة إلى افتراسها العنيف مع طمعها الشديد. كانت أفضل محاصيل العالم وموارده تُنقل إلى روما، دون أن تشبع. لم تكن الإمبراطورية تهتم باحتياجات الدول المستعمرة بل تسحقها وتدوسها بأقدامها. كان الأباطرة يبعثون سفراءهم إلى الدول بحجة الحفاظ على أمن الدولة وسلامها، وكان همّهم الأول التجسُّس لحساب الأباطرة، ونقل كل ما هو ثمين إليهم. يظن بعض النقاد الحديثين أن هذا الحيوان يُشير إلى السلوقيِّين، ورؤوسه العشرة هم الملوك: سلوقس الأول، أنطيوخس سوتير، أنطيوخس الثاني، سلوقس الثاني، سلوقس الثالث، أنطيوخس الثالث، سلوقوس الرابع، هليودورس، بطليموس السادس، ديمتريوس، والقرن القوي هو أنطيوخس أبيفانيوس الذي داس الثلاثة ملوك الأخيرين. لكن الرأي الأرجح هو أن الحيوان الرابع يُشير إلى الإمبراطورية الرومانية. وهو حيوان غريب لا شبيه له، لأن الدولة الرومانية لم تفرض ثقافتها على الدول التي استعمرتها. كان كل ما يشغلها هو السلطة العسكرية وجمع الجزية. امتازت بالإدارة والتنظيم ولم تُبالِ بفكر ثقافي معين، لذا صارت الدولة تحمل ثقافات متنوعة، كل بلد حسب رغبته. يرى البعض في القرون العشرة إشارة إلى الاضطهادات العشر التي مارسها الرومان ضد الكنيسة، ويرى آخرون أنها تمثل ممالك سوف تبرز إلى الوجود خلال المرحلة الثانية من تاريخ الحيوان. ولا يستتبع ذلك بالضرورة أن هذه الممالك يجب أن تقوم بعد ضعف روما. إذ جل ما يستنتج من ذلك كون هذه الممالك يمكن رد أصلها إلى روما، وهي متعاصرة فقط بمعنى وجودها في حقبة معينة، فليس من الضروري أن تكون متعاصرة بالفعل. ظن بعض اليهود أنه يعني هنا قيام عشرة ملوك يحكمون معًا في روما، لكن واضح أن رقم 10 في الكتاب المقدس يعني الكثرة، فقد أقام الأباطرة الرومان ولاة كثيرين على مستعمراتهم، واليًا على سوريا وآخر على مقدونية وثالث على أسبانيا إلخ. وكان لهم حقوق أشبه بحقوق الملوك، يفعلون ما يريدون، لكنهم يخضعون للإمبراطور، ويُطيعون قوانينه التي يصدرها، الذي كان يحسب نفسه ملك الملوك أو أشبه بإله. |
|