04 - 04 - 2023, 10:41 AM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
يا لغنى عظمة الله
هَا هَذِهِ أَطْرَافُ طُرُقِهِ،
وَمَا أَخْفَضَ الْكَلاَمَ الَّذِي نَسْمَعُهُ مِنْهُ!
وَأَمَّا رَعْدُ جَبَرُوتِهِ فَمَنْ يَفْهَمُ؟ [14]
يختم أيوب حديثه هنا معترفًا بحب الله للإنسان حيث يكشف "أطراف طرقه" أو نصيبًا من حكمته وقدرته وخطته قدر ما يستطيع الإنسان أن يحتمل أو يدرك. لكن مهما نلنا من معرفة لأسرار الله تُحسب قليل القليل مما يريد أن يعلنه لنا. إننا نسمع همسًا خفيفا من كلامه. "ما أخفض الكلام الذي نسمعه منه!" إننا لا نزال "نعلم بعض العلم، ونتنبأ بعض التنبوء" (1 كو 12: 9). إننا نتغنى مع الرسول بولس قائلين: "ما أبعد أحكامه عن الفحص، وطرقه عن الاستقصاء" (رو 11: 33). يستحيل علينا ونحن بعد في هذا العالم أن نبلغ إلى أعماق معرفة الله وحكمته، فإننا نراه كما في مرآة، في لغز، حتى نلتقي به وجهًا لوجه في الحياة العتيدة (1 كو 13: 13). هكذا القليل الذي نناله يُحسب كرعدٍ عظيمٍ ومهوبٍ للغاية، "وأما رعد جبروته، فمن يفهم؟"
يرى القديس أمبروسيوس أن الله إذ يتكلم يرعد، لأن الإنسان في عجزه عن إدراك أسرار الله يقف في دهشة أمام الحديث الإلهي كمن أمام رعدٍ لا يُدرك سره.
* إنه لائق جدًا أن يؤسس (المسيح) رعود بمجيئه، أعني قوة الأسفار المقدسة السماوية وصوتها وذلك كنوعٍ من الرعد. بمعنى أن أذهاننا تُصاب بدهشة، فتعلم أننا نخشى المنطوقات السماوية ونهابها جدًا.
أخيرًا ففي الإنجيل دُعي إخوة الرب "ابني الرعد"، وعندما نطق صوت الآب قائلًا للابن: "مجدت، وأمجد أيضًا" (يو 12: 28)، قال اليهود: "قد حدث رعد". فمع عجزهم عن نوال نعمة الحق إلا أنهم اعترفوا لاإراديًا، ونطقوا بغير معرفة بسرٍّ الشهادة العظمَى للآب عن الابن. في سفر أيوب أيضًا يقول الكتاب: "من يعرف متى يصنع قوة رعده" (أي 26: 14 LXX ).
* يراه البشر قدر ما يموتون عن هذه العالم، وقدر ما يعيشون له لا يرونه. وبالرغم من أن هذا النور يبدأ يظهر بوضوح، ليس فقط بأكثر إمكانية لرؤيته بل وبأكثر بهجة، إلا أنه يُرى كما في مرآة غامقة (لغز). فنقول أننا نراه لأننا نسلك بالإيمان لا بالعيان، بينما نحن نجول في هذا العالم كغرباء حتى وإن كانت محادثتنا في السماء (1 كو 12:13؛ 2 كو 7:5). في هذه المرحلة يغسل الإنسان عيني عواطفه ليرى أنه لم يضع قريبه أمامه... لأنه بالحق لم يحبه بعد كنفسه .
* هذه الرؤية محفوظة كمكافأة لإيماننا، يقول عنها الرسول يوحنا: "إذا أُظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو" (1 يو 2:3). نفهم "وجه" الله "إعلانه"، ليس جزءً من الجسد مشابهًا للذي في أجسادنا وندعوه بهذا الاسم.
* "هوذا هذه الأمور يُنطق بها عن طرقه جزئيًا، وإذ نحن بالكاد نسمع قطرة صغيرة من كلماته، من يقدر أن يتطلع إلى رعد عظمته؟" [14] ماذا يعني هنا بتحديد طرقه إلا طرق الرب للعمل؟ هكذا أيضًا يقول الرب بالنبي: "الآن طرقي ليست كطرقكم" (إش 8:55). لهذا إذ يخبر عن مجيء الرب يصف طرق الله جزئيًا. وسيلته في العمل التي بها خلقنا تختلف عن تلك التي بها خلصنا. هكذا أخبرنا عن تلك الأمور الخاصة بطريق الرب للعمل، (كاشفًا) عنها بمقارنتها بالدينونة الأخيرة. يقول: "هوذا هذه الأمور يُنطق بها عن طرقه جزئيًا" هذه أيضًا دعاها "قطرة صغيرة من كلماته"، فإننا بالتأمل فيه ونحن في هذه الحياة نتعرف على علوه ورهبته...
"من يقدر أن يتطلع إلى رعد عظمته؟" [14] إنه كمن يعبِّر عن نفسه بكلمات صريحة: إن كنا بالكاد نحتمل عجائب تواضعه، فبأية جسارة نواجه مجيء (أو ظهور) جلاله المرتفع والمهوب؟ رعد مجيئه هذا يصفه المرتل أيضًا، قائلًا: "إلهنا يأتي في قوة، إلهنا لا يصمت، نار تلتهم أمامه، وعاصف قدير حوله" (مز 3:50).
البابا غريغوريوس (الكبير) * نعرف أنفسنا خلال الانعكاس كما في مرآة. إننا قدر ما نستطيع نتأمل العلة الخالق خلال العنصر الإلهي فينا.
|