|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يَنْقُلُونَ التُّخُومَ. يَغْتَصِبُونَ قَطِيعًا وَيَرْعَوْنَهُ [2]. يتطلع أيوب إلى من هم حوله، فيراهم غير مبالين بالديان العادل، ينقلون التخوم، أي يقومون باغتصاب حقول الآخرين وأرضهم، فيضعون حدود أرضهم (تخومهم) في أرض الغير، ويسلبون غنمهم ويقومون برعايتها كأنها من حقهم. يبدأ هنا بأول أنواع الشرور وأخطرها، تلك التي لا يطيقها القدوس، وهي ممارسة الظلم. ليس ما يحزن قلب الله مثل أن يحتل الظلم موضع الحب والحق. فقد خلق الإنسان ليكون أيقونة للحب، لكن "رؤي تحت الشمس... موضع الحق هنالك الظلم" (جا 3: 16). ليس من يبالي بدموع المظلومين، أما ظالموهم فمتغطرسون (جا 4: 1). كان هذا الإجراء محرمًا (تث 19: 14)، ومن يخالف الناموس يستحق اللعنة (تث 27: 17). أما عن اغتصاب القطيع، فقد حكم داود النبي على من ذبح نعجة الفقير بأنه مستحق للقتل (2 صم 12: 4) ولم يكن يدرك أنه يحكم على نفسه حيث اغتصب امرأة أوريا الحثي. * "يا رب لماذا يهرب الأشرار من ساعتهم، يتعدون الحدود، يحملون القطيع مع الراعي؟" مرة أخرى يوجد شك فيسأل: لماذا ينجح الأشرار...؟ فكما أننا لا نعرف لماذا يسقط إنسان تحت مثل هذه الآلام ظلمًا، بينما يُسقطها آخر عليه، فإنه طبيعيًا أن هذه المظالم تسبب اضطرابًا وتؤثر على طرف كما على الطرف الآخر (الظالم والمظلوم). "إنهم يرحلون مثل حميرٍ في حقلٍ" [6]، بمعنى إنهم احتقروا العالم كله، إذ يستخفون بكل أحدٍ، ظانين ليس من أحد يظلمهم، ولا من يسيء إليهم. "لكنه لم يفتقدهم (الله) بعد". سيفعل ذلك مؤخرًا، لكنه سيدقق في عيوبهم ولن يتركها تعبر! القديس يوحنا الذهبي الفم لعل من أخطر الرذائل التي يهاجمها الكتاب المقدس بعهديه هو ظلم الإنسان لأخيه. ينتظر الله في طول أناته رجوعنا إليه لنمارس حبه وبرَّه، لكن إذ يُصر الأشرار على ممارسة العنف والظلم. ففي يوم الدينونة يبدو كأن الله لا يشير إلى تفاصيل شرورهم، بل يدعو كل شرورهم ظلمًا، وكأنه لا يوجد ما يحُزن قلب الله مثل ظلم الإنسان لأخيه الإنسان. إنه يخاطب الأشرار، قائلًا: "لا أعرفكم من أين انتم، تباعدوا عني يا جميع فاعلي الظلم" (لو 13: 27). "حتى متى يا رب أدعو وأنت لا تسمع، اصرخ إليك من الظلم، وأنت لا تخلص" (حب 1: 2). |
|