16 - 03 - 2023, 06:34 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
"قَبَضْتَ عَلَيَّ.
وُجِدَ شَاهِدٌ.
قَامَ عَلَيَّ هُزَالِي يُجَاوِبُ فِي وَجْهِي". [8]
يرى بعض الآباء أن أيوب وهو رمز للسيد المسيح يرى في كل ما حلّ به إنما ظلال لما سيحل بالسيد المسيح. فإن كانوا قد اجتمعوا على أيوب لتحطيمه، فإن قوات الظلمة تكاتفت ضد السيد المسيح، وأبناء الظلمة قبضوا عليه لصلبه، وللأسف قام أحد تلاميذه بتسليمه.
صار أيوب كمن قُبض عليه في أسرٍ مريرٍ، وصار في هزالٍ شديدٍ حيث بلي لحمه بسبب القروح التي ملأت كل جسمه، صار هزاله موضوع حديث يُعلن على وجهه، بمعنى أن ملامحه تشهد لما بلغه من هزال.
يترجم البعض هذه العبارة: "ملأتني تجعيدات، وهذا شاهد علي، وهزالي قام علي ليشهد لوجهي". صار وجهه كله تجعيدات لا بسبب تقدم السن، بل بسبب شدة الأمراض. منظر وجهه يشهد بأنه لم يشكُ من فراغ وبلا مبررٍ.
* يبرهن أيوب أنه اقتنى ربحًا عظيمًا من هجوم المقاتل (الشيطان)، إذ لم يعرف الأخير أن أيوب يُكَلَل بذات الوسائل التي يظن أنه يخدعه بها. لذلك يقول أيوب: "إذ قبضت عليّ، صرت شاهدًا ضدي" (أي 16: 8). فالعدو لم يقبض فقط على خيرات أيوب وأبنائه وبناته، بل قبض أيضًا على أيوب في شخصه، حيث أن المفتري أمسك به ليصارع معه ويغتصبه.
هذه شهادة ضد البار، حُملت بدقة بواسطة الأعداء. ولهذا فبعد فترة قصيرة من هذه المعارك قدم الله تلك الأفكار لأيوب: تظن إني أتحدث معك بطريقٍ آخر... لكنني سأظهر برّك، ستظهر كحامل الله. في كل الأحوال هذه الشرور أيضًا تحمل شهادة لصالح أيوب.
ما حدث لأيوب كرمزٍ تحقق في شخص السيد المسيح. وما حدث مع السيد المسيح، إنما فتح الباب لكنيسته كي تشاركه آلامه وصلبه. لقد سّلم يهوذا الخائن سيده، أما بالنسبة للكنيسة فيبقى ضد المسيح الكذاب يهاجمها خفية حتى يظهر في أواخر الدهور لمقاومتها علنًا في وجهها.
إنها حرب دائمة بين الله وإبليس، أو بين مملكة الظلمة ومملكة النور. في القديم قام أصدقاء أيوب بتمثيل مملكة الظلمة، وفي أيام السيد المسيح ظهرت بشاعتها في التلميذ الخائن المتكاتف مع المقاومين، وبعد صعود السيد المسيح إلى السماء يقاومها أعداء المسيح الكثيرون إلى يوم ظهور ضد المسيح علانية في معركة حاسمة ومُرة.
* "قام عليّ هزالي (باطلي)". يتحدث أيوب عن يهوذا، فقد كان تلميذ السيد (لو 14: 26، 27، 33) ورسوله، لكنه وُجد كذَّابًا (باطلًا يو12: 6)، وخائنًا (لو6: 16).
* "يجاوب (يتحدى) في وجهي". عندما قلت لتلاميذي: "الحق الحق أقول لكم إن واحدًا منكم سيسلمني" (يو 13: 21). تجاسر فقال في وجهي في غير خجل: "هل أنا هو يا سيدي؟" (مت 26: 25)
* سيحارب الشيطان عدونا وخصمنا لكي يحفظنا في قبضته. من سيهرب منه؟ ذاك الذي يفهم ما قيل عن الفقير والمحتاج: "الرب يخلصه في يوم الشر" (مز 1:41).
* لا يشعل العدو الحرب ضدنا مباشرة علنًا، بل خلال حيله. ما هي حيل إبليس؟ إنها تكمن في محاولة أسرنا أحيانًا بطرق مختصرة، ولكنه دائمًا يستخدم الخداع... لا يضع العدو التجارب مكشوفة أمامنا. إنه لا ينادي بعبادة الأوثان علانية، لكن خلال خداعاته الحربية يقدم الفرص للعبادة الوثنية، وبالإغراء بالكلام مستخدمًا مهاراته.
*في المعارك العادية لا يقوم القادة بتسليح النساء أو الأطفال أو الشيوخ، أما قائدنا الرب المسيح، فيوزع هذا السلاح الملوكي (الذي هو اقتناء المسيح نفسه) على الكل بالتساوي. عندئذ يعلمهم حيل إبليس العسكرية .
* كل قصة (من قصص معارك العهد القديم) تتضمن نوعًا من النصرة والغلبة على قوات الشيطان الروحية.
* "قام عليّ الكذاب، ضد وجهي يقاومني ". حتى في وقت سلامها تخضع الكنيسة المقدسة للكذاب، إذ أن كثيرين لا يؤمنون بالوعد بالحياة الأبدية، وباطلًا يدعون أنهم مؤمنون. وإذ لا يستطيعون مقاومة كرازتها علانية تتعرض للكذاب من ظهرها وليس أمام وجهها. وإذ يندلع وقت الشر (أيام ضد المسيح)، فإن ذاك الذي يستخف بالكنيسة يقف بإدراك كامل مقاومًا إياها في وجهها، مستخدمًا عبارات صريحة بكلماتٍ يقتبسها من الإيمان الحق.
لكن يجب أن نتحقق أننا إذ نواجه مثل هذه الأمور من أيدي أناس جسدانيين هؤلاء الذين يقتلوننا بعنفٍ، فإنهم ليسوا في عنف الروح الشرير الذي يسود أذهانهم، كقول بولس: "فإن مصارعتنا ليست مع دمٍ ولحمٍ، بل مع الرؤساء مع السلاطين، مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر" (أف 6: 12).
البابا غريغوريوس (الكبير) * ضُرب المخلص العظيم بالمقارع، وبالحكم الصادر من الحاكم خرج ليصلب!
أتى إلى خاصته، وخاصته لم تقبله، بل أخرجوه بالهزء من عندهم!
خرج ليموت مع الأثمة بغير زلةٍ، حينئذ ندم يهوذا - السراج الذي انطفأ من بين أصحابه - وخزي من الفعل الشرير الذي صنعه.
الذي أسلمه رد الفضة للذين امسكوه حيث ازدرى بنفسه، واعترف أنه أسلمه بالشر... وأيضًا هرب الصالبون كأنهم غير قريبين، وقالوا: ما علينا أنت تعرف.
الدم الزكي طرح الرعب على من سفكوه، وبدأوا يرتعبون ويرتعشون منه قبل أن يهرقوه!
|