07 - 03 - 2023, 02:13 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
يَذْهَبُ بِالْمُشِيرِينَ أَسْرَى،
وَيُحَمِّقُ الْقُضَاةَ [17].
ليس فقط الأفراد تحت سلطانه، وإنما حتى تحركات الأمم والشعوب لا تفلت من يدي ضابط الكل.
كثيرًا ما يسمح بالحمقى الذين يظنون في أنفسهم أنهم مشيرون حكماء أن يسقطوا في الأسر كغنائم حربية، تُسلب كرامتهم وثروتهم وحريتهم؛ ليس فقط يُسلبون من حكمتهم بل وأحيانًا كما من آدميتهم.
حتى القضاة الذين يُعرفون بمشورتهم وسمو أفكارهم يصيرون أحيانًا حمقى كما حمَّق الله مشورة أخيتوفل، وصار اسمًا على مسمي، إذ معناه "أخو الجهل أو الغباء". وكما قيل بإشعياء: "رؤساء صوعن صاروا أغبياء؛ رؤساء نوف انخدعوا، وأضل مصر وجوه أسباطها" (إش 19: 13).
كثيرًا ما يفقد الشيوخ أصحاب الخبرات الطويلة والحكمة قدرتهم على الفهم، فعامل الزمن الذي قادهم للحكمة هو عينه الذي يسبب ضعف الشيخوخة، فيعيدهم إلى حالة تشبه الطفولة، كمن هو بلا خبرة ولا فهم.
* "يذهب بالمشيرين إلى نهاية غبية" [17]، ذلك عندما يفعلون صلاحًا بدون هدفٍ صالحٍ، بل يطلبون المكافأة الوقتية. فإن كان ابن الله الآب العلي الوحيد قد صار إنسانًا ليكرز بالحقائق الأبدية، لذلك دعي "ملاك المشورة العظيم" (إش 9: 6)، فبحق نفسر "المشيرين" بالكارزين الذين يزودون السامعين لهم بمشورة الحياة. ولكن عندما يبشر أي كارز بالحقائق الأبدية ليقتني مكاسب وقتية فبالتأكيد "يذهب إلى نهاية غبية"، إذ يهدف نحو بلوغ ذلك بجهوده المضنية، هذه التي كان يجب أن يهرب منها الفكر المستقيم.
البابا غريغوريوس (الكبير) * فكر "المجد الباطل" هو أخبث أنواع الأفكار.
يأتي هذا الفكر للسالكين في حياة البرّ، ويبتدئ الإنسان يمجّد جهاده، ويجمع لنفسه مديح الآخرين له. فيتصور فزع الشياطين منه، شفاءه للنساء، ازدحام الجماهير حوله يلمسون هدب ثوبه، وأخيرًا يتنبأ له بتكريسه للكهنوت. وأن الناس يفدون إليه ليجعلوه كاهنًا، وعندما يرفض الكهنوت يقيدونه ويقودونه رغمًا عنه.
بعدما يشعل الشيطان فيه هذه الآمال الكاذبة، ينسحب تاركًا المجال لمحاربات أخرى يقدمها شيطان الكبرياء أو شيطان التذمر، الذي يأتي حالًا ويعرض عليه أفكارًا مضادة لهذه الآمال، حتى أنه في بعض الأوقات يستسلم لأفكار شيطان الزنا، هذا الذي منذ لحظات كان يرى في نفسه أنه قديس وكاهن وقور!
أما "شيطان الكبرياء" فهو سبب سقوط النفس المحزن للغاية. إنه يشير على النفس ألا تنظر إلى الله كمعين لها، بل تنسب إلى ذاتها كل ما هو صالح. فتبتدئ تنتفخ أمام الإخوة، وتحسبهم جهلاء، لأنهم لا يعرفون منزلتها السامية.
الكبرياء يتبعه الغضب والتذمر. والشر الأخير يتبعه خروج الإنسان عن وعيه والغيظ ورؤية شياطين كثيرة في الهواء .
*يصعب عليك الهروب من فكر المجد الباطل، لأن كل ما تصنعه لطرده يمكن أن يكون عاملًا مساعدًا لإنشاء دافع جديد نحو المجد الباطل. هذا والشياطين لا تقاوم دائمًا كل فكر سليم، بل أنها أحيانًا تشجع فينا بعض الأفكار السليمة على رجاء أنها تقدر بعد ذلك أن تخدعنا.
|