|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هَلْ يَنْهَقُ الْفَرَاُ عَلَى الْعُشْبِ، أَوْ يَخُورُ الثَّوْرُ عَلَى عَلَفِهِ؟ [5] كان يليق بهم عوض نقده أن يشاركوه آلامه، فإن شكواه ومرارة نفسه ليست من فراغ، فالحيوانات غير العاقلة لن تصرخ بدون سبب. عبٌر أيوب عن حال الهزال الذي بلغه بسبب كثرة الكوارث وشدتها وعنصر المفاجأة بجانب عدم مبالاة أصدقائه لحاله، فعوض تقديم كلمة تعزية تسنده، بدأوا يكيلون له اتهامات كثيرة وخطيرة. صار أشبه بحجرٍ بلا إحساس، ليس في قدرته أن يعبر عما في داخله، فلا يقدر أن ينهق مثل الفرا (الحمار الوحشي) لأنه لا يجد عشبًا، ولا يصيح (يخور) كالثور على علفه. اضطر أن يأكل طعامًا لا يليق به كإنسان دون أن يفتح فاه. لقد صار في موقفٍ لا يُحسد عليه، فهو يعلم أنه لا يقدر أن يتبرر أمام الله، لكنه كان يترقب كلمات تعزية من أصحابه، تفتح أمام نفسه المحطمة أبواب الرجاء، لا أن يحطمه اليأس. يرى البابا غريغوريوس أنه صار كمن سقط تحت لعنة الناموس الفاضح للخطية دون أن تمتد إليه النعمة لتقيمه. حقًا ليس في الناموس خطأ، إنما الحاجة إلى النعمة الغافرة للخطايا التي كشفها الناموس. كان يليق بأصدقاء أيوب أن يسندوه بالتطلع إلى نعمة الله، لا أن يبكتوه بمرارة ويحطموا نفسه. * هل يمكن لأحدٍ أن يذوق ما يجلب موتًا بتذوقه؟ فإن من يتذوق الناموس بطريقة جسدانية يجلب موتًا، إذ وصيته تُظهر الخطية ولا تزيلها... كما يشهد بولس قائلًا: "إذ الناموس لم يكمل شيئًا" (عب 19:7). وأيضًا: "إذ الناموس مقدس والوصية مقدسة وعادلة وصالحة" (رو 12:7-13)، بعد ذلك يقول للحال: "لكي تظهر خطية منشئة لي بالصالح موتًا لكي تصير الخطية خاطئة جدًا بالوصية" (رو 13:7) البابا غريغوريوس (الكبير) الناموس الذي يدين أُعطي بموسى، وأما النعمة التي تبرر، فقد صارت بواسطة الابن الوحيد. فكيف لا يكون المسيح فائق المجد وبما لا يمكن مقارنته؟ القديس كيرلس الكبير ثيؤدورت أسقف قورش * ألقى الرب بشجرة في المياه، مما جعلها عذبة. أما عندما تأتي شجرة (صليب) يسوع، ويسكن في داخلي تعليم مُخلصي حينئذ يصير ناموس موسى "عذبًا"، ويصير مذاقه، لمن يقرأه ويفهمه، بالحقيقة حلوًا" . العلامة أوريجينوس |
|