|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اَللهُمَّ بِاسْمِكَ خَلِّصْنِي، وَبِقُوَّتِكَ احْكُمْ لِي [ع1]. هذه هي خبرة داود النبي منذ صباه، تحدث بها وهو غلام مع شاول الملك الذي قال له: "لا تستطيع أن تذهب إلى هذا الفلسطيني (جليات) لتحاربه، لأنك غلام وهو رجل حرب منذ صباه"، فأجابه: "الرب الذي أنقذني من يد الأسد ومن يد الدب، هو ينقذني من يد هذا الفلسطيني" (1 صم 17: 37). وفي مقاومته لجليات قال: "أنت تأتي إليّ بسيف ورمح وترس؛ وأنا آتي إليك باسم رب الجنود..." (1 صم 17: 45). يُدرك المرتل ما لاسم الله من قوة، فيقول: "على اسمه القدوس اِتكلنا" (مز 33: 21). "أيها الرب ربنا، مثل عجبٍ صار اسمك على الأرض كلها" (مز 18: 1). "باسمك ندوس القائمين علينا" (مز 44: 5). "باسمك أرفع يدي، فتشبع نفسي كأنها من شحمٍ ودسمٍ" (مز 66: 4). "أعنا يا الله مخلصنا من أجل مجد اسمك، يا رب تنجينا وتغفر لنا خطايانا من أجل اسمك" (مز 79: 9). "باسمك طول النهار يبتهجون" (مز 89: 16). هكذا يرى المرتل في اسم الله سرّ الخلاص، فعليه يتكل، وفيه يجد عجبًا يملأ الأرض كلها، وبه يحطم العدو إبليس، ويرفع يديه لتشبع نفسه، ومن أجله يتمتع بغفران الخطية، وتتحول حياته إلى بهجة مستمرة بلا انقطاع. واضح هنا أن "الاسم" الإلهي يعني "الحضرة الإلهية"، والتمتع بالعمل الإلهي، وليس مجرد ترديد الاسم بالشفاه. إذ يقول الأشرار للسيد المسيح: "أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟!" (مت 7: 22)، فيجيبهم: "إني لم أعرفكم قط؛ اذهبوا عني يا فاعلي الإثم" (مت 7: 23). ليتنا لا نستغل اسم الله المخلص لغير خلاص نفوسنا، فإنه قد وُهب لنا لنجد فيه عذوبة الخلاص. نناديه باسمه، فينادينا بأسمائنا. نطلب باسمه أن نخلص، فيحملنا إلى أحضانه، ونترنم قائلين: "اللهم باسمك خلصني، وبقوتك أحكم لي" [ع1]. لقد اهتم أهل زيف بإرضاء شاول، أما داود فالتجأ إلى اسم الله، وسلم له كل أموره بكونه الحاكم الأعظم وديان الجميع. ليس غريبًا أن يتعرض المؤمنون في كل الأجيال للخيانة حتى من ذويهم، حتى يصيروا مقاومين لهم أكثر من الأعداء، الأمر الذي يسبب لهم حزنًا شديدًا، لكن الحزن لا يقدر أن يبتلعهم، إذ يدركون أنهم في يد الله الديان العادل، الذي يسمح لهم بالضيق، لكن إلى حين. يرى القديس أغسطينوس أن الكنيسة مثل داود، تختفي بين أهل زيف. بينما يمارس أهل زيف الخداع، ويدبرون مؤامرات. تجد الكنيسة المُضطهدة في اسم عريسها المصلوب المُهان خلاصها، وفي قوة صليبه ما يقيمها في يوم الدينونة أو الحكم العظيم. * كما يقول معلم الأمم إنه لا يعرف شيئًا بيننا "إلا يسوع المسيح وإيّاه مصلوبًا" (1 كو 2:2)، لكي ما نفضل الاسم الذي له عن زهو الزيفيين. ومع ذلك فماذا يقول عنه؟ "إن كان قد مات عن ضعفٍ، لكنه يحيا في قوة الله". إذن جاء لكي يموت في ضعفٍ، وسيأتي ليدين في قوة الله. لكن خلال ضعف الصليب صار اسمه مشهورًا. من لا يؤمن بالاسم الذي صار مشهورًا خلال الضعف يصير في رعب أمام الديان عندما يأتي بقوة. القديس أغسطينوس إذن اسم "يسوع" الذي يعني "الله خلاص"، هو سرّ خلاصنا وتبريرنا في يوم الدين، وهو عينه مُرعب للأشرار الرافضين خلاصه. * اسم الله عظيم الجلال وكلي القدرة؛ بالنسبة للمؤمنين يكون نصرة ومعونة، أما بالنسبة للمقاومين فانكسارًا وإبادة... لا يزال إلى الآن اسم ربنا إذا دُعي بإيمان يصنع خلاصًا. داود أيضًا يطلب الخلاص باسم الله، وبقدرته يقيم الحكم بينه وبين أعدائه والانتقام منهم، دون أن يفتخر ببرّه (الشخصي). لنسأل نحن أيضًا غفران خطايانا، ونجاتنا من الشدائد في هذا العالم وفي الآخرة، لكن ليس بأعمالنا، وإنما باسم ربنا المدعو علينا. الأب أنثيموس أسقف أورشليم |
|