|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تجسد وتأنس "ثم عاد الرب فكلم آحاز قائلًا: "اطلب لنفسك آية... ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل" (إش 7: 10-14). 1. بشفاهٍ مملوءة طهرًا، وبفكرٍ عفيفٍ ننشد تسبيحنا للإله ابن البتول. لنستحق أن ننال الشركة في جسد الحمَل الروحي: لنشترك في الرأس مع القدمين(16)، مدركين أن الرأس هو لاهوت المسيح والقدمان تعنيان ناسوته. لنصغ أيها المستمعون إلى الأناجيل المقدسة، إلى يوحنا اللاهوتي، إذ يقول: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله" (يو 1: 1.)، ويكمل قائلًا: "والكلمة صار جسدًا". لأنه ليس حسنًا أن نتعبد لإنسان عادي، ولا أن نقول إن المسيح إله فقط ناكرين ناسوته. لأنه إن كان المسيح هو الله فهذا حق، لكن إن قلنا إنه لم يأخذ الطبيعة البشرية يصير الخلاص غريبًا عنا. إذن لنتعبد له بكونه إله مؤمنين بتأنسه، لأنه لا نفع من القول عنه إنه إنسان وليس الله، أو أي خلاص لنا إن رفضنا الاعتراف ببشريته مع ألوهيته. لنعترف بحضوره إذ هو ملك وطبيب. لأن يسوع الملك، إذ صار طبيبًا، اتزر بكتان ناسوتنا، وشفى من كان مريضًا. المعلم الكامل للرُضع، صار رضيعًا بينهم (رو 2: 20)، لكي يعطى حكمة للجهلاء. خبز السماء نزل إلى الأرض لكي يُطعم الجياع! 2. لكن أولاد اليهود الذين لم يبالوا بالذي جاء، متطلعين إليه كبشرٍ، احتقروا المسيح الحقيقي وانتظروا المخادع فخدعوا أنفسهم. يقول المخلص الحقيقي: "أنا أتيت باسم أبي ولستم تقبلونني. إن أتى آخر باسم نفسه تقبلونه" (يو 5: 43). حسنًا! لنسأل اليهود: هل كان النبي إشعياء الذي قال إن عمانوئيل يولد من عذراء صادق أم كاذب؟ فإن وسموه بالكذب فلا تعجب، لأنهم قد اعتادوا لا أن يزيفوا الأقوال فحسب، بل ويرجموا الأنبياء. أما إن قالوا إنه صادق، فأشر إلى عمانوئيل وقل: هل الذي يأتي وتقبلونه يكون مولودًا من عذراء أم لا؟! فإن قلتم إنه لا يولد من عذراء تتهمون النبي بالكذب، وأمّا إن كنتم تتوقعون فيه هذا، فلماذا رفضتم من جاء فعلًا؟! 3. ليضل اليهود إذ هم أرادوا هذا، ولتتمجد الكنيسة. فقد قبلنا الرب الكلمة الذي صار إنسانًا حقيقيًا، وهو لم يأتِ عن مشيئة رجل وامرأة كما يدعى الهراطقة، بل من العذراء والروح القدس. ويقول الإنجيل إنه "صار جسدًا" حقيقيًا وليس خيالًا. أما عن كونه إنسانًا حقيقيًا من عذراء ففي الوقت المناسب أقدم الأدلة في هذا المقال إذ أخطاء الهراطقة متعددة. فالبعض يدعي أنه لم يُولد من عذراء قط. والبعض يدعي أنه وُلد ليس من عذراء بل من امرأة تقطن مع زوج. وآخرون ادعوا أن المسيح ليس إلهًا متأنسًا، بل إنسان متأله، فيقولون إنه ليس "الكلمة الأزلي" قد صار جسدًا بل إنسان تقدم فنال إكليلًا. 4. آمن أنه ابن الله الوحيد، هو هو بنفسه الذي عاد فولد من العذراء. صدق يوحنا الإنجيلي القائل: "والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا". ذلك لأن الكلمة أبدي، مولود من الآب قبل كل الدهور، وقد أخذ حديثًا جسدًا من أجلنا. كثيرون يعترضون متشككين، قائلين: ما هو السبب العظيم الذي يدعو أن يصير الله إنسانًا! وأن تكون للطبيعة الإلهية علاقات مع البشرية! هل يمكن لعذراء أن تحبل بدون رجلٍ! ولما كانت الاعتراضات كثيرة، والمعركة متعددة الجوانب، لهذا فإنني أجيب على كل سؤال بنعمة المسيح وصلوات الحاضرين. 5. دعنا أولًا نبحث عن سبب مجيء المسيح. لا تبالِ ببراهين من عندي كي لا تضل الطريق، بل إن لم تتقبل شهادة الأنبياء فلا تصدقني. ما لم تتعلم من الكتاب المقدس بخصوص البتول وعن مكان الميلاد وزمانه وطريقته، فلا تقبل شهادة إنسان (يو 5: 34). لأن تعليم إنسان قد يؤدى إلى الشك، لكن كيف يشك أحد في نبوات أعلنت منذ حوالي ألف سنة ونيف؟! إن أردت أن تعرف عن سبب مجيء المسيح ارجع إلى أول أسفار الكتاب المقدس. في ستة أيام صنع الله العالم. بَيد أن العالم كان من أجل الإنسان، الشمس تبرق بضيائها لكي تنير له، وكل الخليقة وُجدت من أجل خدمتنا. العشب والشجر لكي نستمتع به. كل أعمال الخليقة صالحة، لكن لم يُخلق على صورة الله سوى الإنسان وحده. الشمس وُجدت بمجرد أمر، أما الإنسان فإنه عمل يديّ الله، إذ قال "لنعمل الإنسان على صورتنا ومثالنا". إن كانت قطعة خشب منحوتة على صورة ملك تنال شرفًا، فكم بالحري صورة الله العاقلة؟! لكن إذ وُضع هذا المخلوق العظيم في الفردوس سرعان ما طرده حسد إبليس. ابتهج العدو بسقوطه، فهل يُترك العدو مستمرًا في بهجته؟! هذا العدو الذي لم يجسر أن يتكلم مع الرجل بقوته فاستضعف حواء التي كانت لا تزال عذراء، إذ عرف آدم حواء امرأته بعد الطرد من الفردوس. 6. جاء قايين وهابيل في الجيل الثاني للبشرية، وكان قايين القاتل الأول. وبعد ذلك غمرت آثام البشر الأرض. فنزلت نار من السماء على شعب سدوم بسبب تعدياتهم. وبعد زمن اختار الله شعب إسرائيل، لكن إسرائيل حاد عن الطريق، وصار الشعب المختار جريحًا. إذ بينما كان موسى يقف أمام الله على الجبل إذا بالشعب يعبد ثورًا عوض الرب. وفي أثناء حياة موسى مستلم الشريعة القائل "لا تزن"، تجاسر الإنسان ودخل أماكن الخلاعة مرتكبًا الإثم. وبعد موسى جاء الأنبياء لشفاء إسرائيل، وإذ بهم يولولون ويندبون عدم قدرتهم على التغلب على الأمراض حتى قال فيهم أحدهم" ويل لي... لأنه قد باد التقي من الأرض وليس مستقيم بين الناس" (مي 7: 2). وأيضًا "الكل قد زاغوا وفسدوا ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد" (مز 14: 3؛ رو 3: 12). وأيضًا "لعن وسرقة وفسق وقتل غمر الأرض" (هو 4: 2)... "كانوا يقدسون أولادهم وبناتهم قرابين للشياطين فاستخدموا السحر والجان" (2 أي 31: 6). وأيضًا "يتمدّدون على ثياب مرهونة بجانب كل مذبحٍ، ويشربون خمر المغرمين في بيت إلههم"(17). 7. ما أعمق جرح الطبيعة البشرية "من القدم إلى الرأس. ليس فيه صحة، ليس من يقدر أن يستخدم دهنًا أو زيتًا أو عصائب" (راجع إش 1: 6). لذلك ولول الأنبياء قائلين: "هل من صهيون خلاص إسرائيل؟!"(18)... كما يتضرع أحد الأنبياء فيقول: "يا رب طأطئ سماواتك وانزل" (مز 144: 5). إن جروح الطبيعة البشرية لا تلتئم. "نقضوا مذابحك، وقتلوا أنبياءك" (1 مل 19: 10)، وصرنا عاجزين عن إصلاح الشر، محتاجين إليك لتصلحه. 8. سمع الرب صلوات الأنبياء واهتم الآب ألاّ يهلك جنسنا، فأرسل ابنه من السماء كشافٍ. يقول أحد الأنبياء: "يأتي بغتة السيد الذي تطلبونه" (مل 3: 1) إلى أين؟ "إلى هيكله"! يقول نبي آخر عند سماعه هذا: "على جبلٍ عالٍ اصعدي يا مبشرة صهيون... قولي لمدن يهوذا". ماذا أقول؟ "هوذا إلهك. هوذا السيد الرب بقوة يأتي" (إش 40: 9، 10). والرب نفسه يقول: "هأنذا آتي وأسكن في وسطكم" (زك 2: 10). لكن الإسرائيليين رفضوا الخلاص، لهذا "جئت لأجمع كل الأمم والألسنة" (إش 66: 18). إذ "جاء إلى خاصته، وخاصته لم تقبله" (يو 1: 2). إنك تجيء، فماذا تهب الأمم؟ "جئت لأجمع كل الأمم والألسنة وأجعل فيهم آية" (إش 66: 19). لأنه متى علقت على الصليب أعطي جميع جنودي ختمًا على جباههم. يقول نبي آخر "طأطأ السماوات ونزل، (ضباب) تحت رجليه" (مز 18: 9)، لأن نزوله من السماء لم يكن معروفًا من البشر. 9. إذ يسمع سليمان أباه داود ينطق بهذه الأمور، ويبني بيتًا عجيبًا، في دهشة يتساءل: هل يسكن الله حقًا على الأرض مع الإنسان؟! (1 مل 8: 27) بلى، يجيب داود متنبأ في المزمور المنسوب لسليمان "ينزل مثل المطر على الجزة" (مز 71: 5). "مثل المطر" لطبيعته السمائية، و"على الجزة" لناسوته. ولأن المطر ينزل على الجزاز بغير ضوضاء. لهذا فإن المجوس وهم لا يدركون سرّ الميلاد يتساءلون: أين هو المولود ملك اليهود؟ وإذ سمع هيرودس ذلك اضطرب، وأراد أن يعرف من هو هذا المولود فسأل: أين يولد المسيح؟! 10. لكن من هذا الذي ينزل؟ "إنه يدوم مع الشمس، وقبل القمر بأجيال الأجيال" (مز 71: 4). ويقول نبي آخر: "ابتهجي جدًا يا ابنة صهيون. اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك عادل ومعه الخلاص" (زك 9: 9). ما أكثر الملوك، فعن من تتكلم أيها النبي؟ لتعطنا علامة ينفرد بها عن باقي الملوك. إن قلت إنه مكسو بالأرجوان لا يكون فريدًا، وإن قلت إنه محاط بحاملي السلاح، أو يجلس على مركبة ذهبية، فإن هذا يتميز به باقي الملوك. إذا فلتعطنا علامة ينفرد بها ذلك الملك الآتي، الذي تخبرنا عنه؟ يجيب النبي "هوذا ملكك يأتي إليك، عادل ومعه الخلاص وديع وراكب على جحش ابن أتان" وليس على مركبة. إنه يسوع الوحيد بين الملوك، يجلس على أتان بغير سرج، ويدخل أورشليم بحفاوة كملك. وعندما يأتي هذا الملك ماذا يفعل؟ "وأنت أيضًا فإني بدم عهدك قد أطلقت أسراكِ من الجيب الذي ليس له ماء" (زك 9: 11). 11. لكن ربما حدث هذا مصادفة أن الملك ركب أتانا؟ أعطنا علامة أخرى. أين يحل هذا الملك! ولتكن هذه العلامة داخل المدينة ذاتها، ولتكن العلامة معلومة لدينا، ولتكن واضحة أمام عيوننا حتى نتعرف عليها؟ يجيب النبي: "وقفت قدماه في ذلك اليوم على جبل الزيتون الذي قدام أورشليم من الشرق" (زك 14: 4). هل يصعب على أي إنسان في داخل المدينة أن يتطلع إلى الموضع؟! 12. لدينا علامتان ونريد أن نعرف علامة ثالثة. أخبرنا ماذا يفعل الرب عند مجيئه؟ يقول نبي آخر "هوذا إلهنا يأتي ويخلصنا حينئذ تنفتح عيون العمي، وتسمع آذان الصم، حينئذ يقفز الأعرج كالإيل، ويترنم لسان الأخرس" (إش 35: 4-6). لنأخذ شهادة أخرى. إنك تقول أيها النبي أنه سيأتي ويعمل ما لم يعمله آخر، وماذا أيضًا!" الرب يدخل في المحاكمة مع شيوخ شعبه ورؤسائهم" (إش 3: 14). يا لها من علامة جديرة بالأهمية. فإن السيد حاكمه خدامه الشيوخ وخضع لهم! 13. هذه الأمور قرأها اليهود ولكنهم لم يعوها، إذ سدوا آذان قلوبهم كي لا تسمع. أما نحن فلنؤمن بيسوع المسيح أنه جاء في الجسد وتأنس، لأننا لا نقدر أن نقبله بغير ذلك فإن لم يكن في استطاعتنا أن نتطلع إليه كما هو، ولا نتمتع به، صار واحدًا منا حتى نتمتع به. لأنه إن كنا لا نستطيع أن نمعن النظر تمامًا في الشمس المخلوقة في اليوم الرابع فكيف نستطيع إمعان النظر في الله خالقها؟! لقد نزل الرب في لهيب نار على جبل سيناء، فلم يستطع الشعب أن يتحملوا ذلك، وطلبوا من موسى: تكلم أنت معنا ونحن نسمع، "ولا تجعل الله يكلمنا لئلا نموت" (خر 20: 19). "لأنه من هو من البشر الذي سمع صوت الله الحي يتكلم من وسط النار مثلنا وعاش" (تث 5: 6). فإن كان سماع صوت الله يُميت أفلا تدفع رؤية الله إلى الموت؟! وأي عجب، فإن موسى نفسه يقول: "أنا مرتعد ومرتعب" (عب 12: 21). 14. ماذا تريد إذن! الذي جاء إلى خلاصنا يصير خادم هلاك، لأن الناس لا يحتمّلونه! أو يحد نعمته لقياسنا! دانيال لم يحتمل رؤية ملاك، فهل تقدر أنت أن تحتمل رؤية رب الملائكة؟ عندما ظهر جبرائيل سقط دانيال. في أية طبيعة أو مظهر ظهر؟ لقد كان على شكل نور (دا 5: 6). لكن ليس كالشمس. عيناه مثل مصباح نور، لكنهما ليسا كشعلة لهيب. صوته كصوت جمهور، لكن ليس كصوت اثني عشر ربوة من الملائكة، ومع ذلك سقط النبي فجاءه الملاك قائلًا: "لا تخف يا دانيال، قم وتشجع فقد سمعت كلماتك". قال دانيال: "قد وقفت مرتعدًا"، بل حتى هذه الكلمات لم ينطق بها إلى أن لمسته يد تشبه اليد البشرية، ولما تحوّل ذاك الذي ظهر له إلى صورة إنسان عندئذ تكلم دانيال. ماذا قال؟ يا سيدي، بالرؤيا "انقلبت عليّ أوجاعي لم تثبت فيّ قوة، ولم تبقَ فيّ نسمة" (دا 10: 16، 17). إن كان مجرد ظهور ملاك لنبي لم يبقِ فيه صورة ولا قوة، فهل ظهور الله بنفسه سيبقي له نسمة؟! يقول الكتاب المقدس: "فعاد ولمسني كمنظر إنسان" وإلى أن لمسني الملاك لم تلازم الشجاعة دانيال قط. هكذا رأى الرب أنه لكي يمكن للإنسان أن يسمع له يتعين له أن يكون في طلعة الإنسان وملامحه، لذلك أخذ المخلص الطبيعة البشرية بانفعالاتها حتى يمكن أن يرشد بأكثر سهولة. 15. لنتعلم أيضًا عله أخرى. جاء المسيح ليعتمد ويقدس العماد. جاء لكي يصنع عجائب ويسير على مياه البحر. فإن كان قبل ظهوره في الجسد "البحر رآه فهرب... الأردن رجع إلى الخلف" (مز 114: 3)، أخذ المخلص جسدًا لكي يقدر البحر علي رؤياه ويستقبله الأردن بلا خوف. هذا سبب لمجيئه، هناك سبب آخر: وهو أنه خلال حواء العذراء سار الموت وخلال العذراء تصير الحياة. وكما أغوت الحيّة القديمة العذراء الأولى، جُعل جبرائيل البشارة الطيبة للثانية. هجرت البشرية الرب وتخلت عنه وسجدت لصور بشرية منحوته، عبدت صورة الإنسان باطلًا على أنه الله، فصار الله إنسانًا حقيقيًا حتى ينزع الزيف بعيدًا. استخدام إبليس الجسد كسلاح ضدنا، وقد عرف بولس ذلك فقال: "أرى ناموسًا آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني..." (رو 7: 23)، وبنفس الأسلحة التي أراد إبليس أن يهزمنا بها خلّصنا الرب. أخذ الرب شبهنا حتى يخلص البشر. أخذ مالنا حتى يهبنا نعمة أعظم تنقصنا، فتصير البشرية الآثمة مشاركة "فحيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدًا" (رو 5: 20). لاق بالرب أن يتألم لأجلنا، لكن لو عرفه إبليس لما تجاسر أن يقترب إليه. "لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" (1 كو 2: 8). لذلك صار جسده طُعمًا للموت، وإذ صار موضع أمل للوحش أن يقبض على المخلص، قبض المخلص عليه. لأنه "يَبْلَعُ الموت إلى الأبد، ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه" (إش 25: 8). 16. هل معتقداتنا مجرد عبارات منمقة وادعاءات بشرية؟ أليس الكتاب المقدس ونبوات الأنبياء هي لخلاصنا؟ لهذا اطلب إليك أن تحفظ هذه الوديعة بغير عيب ولا يثنيك أحد عنها. آمن أن الله صار إنسانًا. إن كان من السهل إمكانية أن يصير الله إنسانًا، إلاّ أن اليهود لا يزالون غير مؤمنين. لهذا نسوق لهم هذا القول: أي غرابة في القول إن الرب تأنس وأنتم تقولون أن إبراهيم استقبل الرب كضيفٍ؟ (تك 10: 1) أي غرابة فيما نقول إن كنتم تقولون إن يعقوب صارع مع الرب وجهًا لوجه (تك 32: 30)... الرب الذي أكل مع إبراهيم أكل معنا... 17.... يقول موسى النبي "نبيًا مثلي سيُقيم لكم الرب إلهكم من إخوتكم له تسمعون" (تث 18: 15؛ أع 7: 37). لنترك الآن كلمة "مثلي" إلى حين لبحثها في موضعها. ولكن متى يأتي هذا النبي المنتظر؟ انظر ما كتبه وابحث بتدقيق نبوة يعقوب الموجهة إلى يهوذا: "إياك يحمدك إخوتك". ثم يقول: "لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون، وله يكون خضوع (ويكون منتظرًا من الشعوب)" (تك 49: 8، 10)، لا من اليهود. بهذا أعطى علامة لمجيء المسيح هو انقطاع الحكم من اليهود. فلو لم يكونوا تحت حكم الرومان لما كان المسيح قد جاء بعد. لو كان لليهود ملك من يهوذا من نسل داود لما جاء المسيح بعد... إنه المنتظر من جميع الشعوب. وما هي علامته؟ "رابطًا بالكرمة جحشه" (تك 49: 11). لاحظ الجحش الذي يعلنه زكريا بصراحة. 18. إذن نبحث بأكثر تدقيق عن شهادة خاصة بزمان مجيئه، إذ يصعب إقناع الشخص ما لم يُقدم له حساب دقيق للزمان بالسنوات. فما هو وقت وحال زمان مجيئه؟ إنه في زمان انحلال ملوك يهوذا وسقوطهم، حيث بلغ هيرودس الأجنبي المُلك. لهذا قال الملاك الذي خاطب دانيال... "فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبناءها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعًا" (دا 9: 25). والتسعة والستون أسبوعًا يحملون 483 سنة (69×7). فكأنه يقول أنه بعد بناء أورشليم بـ483 سنة حيث يسقط الحكام، ويأتي عوضًا عنهم ملك من جنس آخر من زمان يولد المسيح. وقد بني داريوس المادى Mede (دا 5: 31) المدينة في السنة السادسة من حكمه، والسنة الأولى من الأولمبي (Olympiad) الـ66 طبقًا للإغريق. والأولمبي هي كلمة إغريقية معناها احتفالات للألعاب، تقام كل 4 سنوات، وذلك بسبب اليوم الذي فيه تؤدى دورة الشمس إلى 3 ساعات إضافيا... أما هيرودس فهو الملك الذي تولى الحكم في الأولمبي الـ186 في السنة الرابعة منه. فمن الأولمبي الـ66 إلى الأولمبي 186 يكون هنا 120 أولمبي أي 480 سنة، وبإضافة 3 سنوات ربما الفترة ما بين السنة الأولى والرابعة للأولمبي يكون عدد السنوات 483. وبهذا يكون لديك شهادة طبقًا لقول الكتاب المقدس "إنه من خروج الأمر..." 20. لنصغِ الآن إلى مكان الموعد، إذ يقول ميخا: "وأما أنتِ يا بيت لحم أفراته وأنت صغيرة وأن تكوني بين ألوف يهوذا..." (مى 5: 2)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. وإذ أنت ساكن في أورشليم تعرف ما جاء في المزمور 131: "هوذا قد سمعنا به في أفراته ووجدناه في موضع الغابة"، إذ من سنين قليلة كانت المنطقة مشجرة (غابة). 21. لنسأل أكثر من هذا: ممن يأتي؟ وبأية كيفية؟ يخبرنا إشعياء النبي بهذا "ها العذراء تحبل وتلد ابنًا ويدعون اسمه عمانوئيل" (إش 7: 14). وهنا يتعثر اليهود الذين هم منذ القدم يقاومون الحق فإنهم يقولون إنه لم يكتب "عذراء" بل "فتاة". لنتمشى مع اليهود فإننا نصل إلى الحق. لنسألهم: إن أُكرهت فتاة فصرخت طالبة النجدة، هل يكون ذلك قبل الاعتداء أم بعده؟ فإنه يقول الكتاب المقدس في موضع آخر "الفتاة المخطوبة صرخت فلم يكن من يخلصها" (تث 22: 27). أم يتكلم هنا عن عذراء؟! ولكن ما يجب أن تعرفه بوضوح أن العذراء تدعى في الكتاب المقدس فتاة، إذ يتحدث عن ابيشج الشونمية "كانت الفتاة جميلة جدًا" من أجل هذا اختيرت وقد صارت موضع إعجاب داود. 22. لكن اليهود يقولون إن هذا قيل لآحاز مشيرًا إلى حزقيا. حسنا لنقرأ الكتاب المقدس، ماذا يقول؟ "اطلب من الرب إلهك آية في العمق وفي العلو" (راجع إش 7: 11). والآية بكل تأكيد يجب أن تكون عجيبة مثل خروج المياه من الصخرة أو انشقاق البحر أو رجوع الشمس إلى الوراء، وما أشبه ذلك، لكن ما أشير إليه بأكثر وضوح لدحض اليهود أن إشعياء هذا كان في أيام آحاز. وآحاز ملك فقط 16 سنة. فإن كان النبي يتنبأ خلال هذه المدة فإن دعوى اليهود تبطل أنه يقصد الملك الذي جاء بعده حزقيا بن آحاز، إذ كان عمرة 25 عامًا يوم تولية الحكم. فإذ كانت النبوة خلال 16 عامًا فإنه من المفروض أن يكون حزقيا قد ولد بالغًا من العمر تسعة سنوات (على الأقل) قبل النبوة. فما الحاجة إلى النبوة عن شخص ولد فعلًا حتى قبل أن يملك أباه آحاز، فإن النبي لم يقل "حبلت" بل "ها العذراء تحبل" متحدثًا عن أمور ستحدث. 23. عرفنا أن الرب يولد من عذراء، بقي لنا أن نعرف عائلة هذه العذراء. "أقسم الرب لداود بالحق ولن يندم، من ثمرة بطنك أجعل على كرسيك". وأيضًا "وأجعل إلى الأبد نسله وكرسيه مثل أيام السماوات". وأيضًا "حلفت بقدسي إني لا أكذب لداود. فله إلى الدهر يكون وكرسيه كالشمس والقمر أمامي" (مز 132: 11؛ مز 89: 29؛ مز 89: 35). ها أنت ترى الحديث عن المسيح لا سليمان، لأن عرش سليمان لا يبقي كالشمس. أما إن أنكر أحد قائلًا: إن المسيح لم يجلس على كرسي داود المادي، فإننا نقدم له هذا القول "على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيّون" (مت 23: 2)، فهم لم يجلسوا على كرسي خشبي، بل صارت لهم سلطة التعليم، هكذا لا تنظر إلى كرسي داود أنه كرسي خشبي، بل المُلك نفسه. أيضًا خذوا الأطفال كشهودٍ،ٍ إذ يصرخون: "أوصنا يا ابن داود. مبارك (الآتي) ملك إسرائيل" (مت 21: 9؛ يو 12: 13). كذلك الأعميان قالا: "ارحمنا يا ابن داود" (مت 20: 30). وقد شهد جبرائيل لمريم بصراحة قائلًا: "يعطيه كرسي داود أبيه" (لو 1: 32). وأيضًا يقول بولس: "اذكر يسوع المسيح المقام من الأموات من نسل داود بحسب إنجيلي" (2 تي 2: 8). وفي بداية الرسالة إلى أهل روميه يقول: "الذي صار من نسل داود من جهة الجسد" (رو 1: 3). اقبل المولود ابن داود آمن بالنبوة القائلة: "ويكون في ذلك اليوم أن أصل يسى داود القائم يحكم الشعوب وفيه تثق الشعوب" (راجع إش 11: 10؛ رو 15: 12). 24. لكن يضطرب اليهود كثيرًا بسبب هذه الأمور. لقد سبق إشعياء فعرفها، قائلًا: "لأنه يكون مأكلًا للنار، لأنه يولد لنا (وليس لهم) ولد ونعطى ابنًا" (إش 9: 5)، لاحظ أنه أولًا ابن الله ثم يعطى لنا. بعد هذا بقليل يقول "سلامه بلا حدود". مملكة الرومان محدودة، أمّا مملكة المسيح ابن الله فبلا حدود. دولة فارس ومادي لها حدود، أما ابن الله فمملكته بلا حدود. ثم يكمل قائلًا: إنه علي كرسي داود يجلس، وعلى مملكته يديرها. لذلك فإن العذراء هي من نسل داود. 25. يليق بكلي الطهارة ومعلمها أن يتجسد في أحشاء عروس الطهارة. إن كان كاهن المسيح في الخدمة يمتنع عن المضجع، فكيف يولد المسيح من امرأة ورجل؟! إنه يقول بنفسه في المزمور "أخرجتني من الرحم" (مز 22: 1)، مظهرًا أنه مولود بغير زرع رجل، إنما يحمل الجسد عن عذراء، الأمر الذي يختلف عن المولودين من زرع بشري. 26. إذ أخذ الرب جسدًا لم يخجل منه إذ هو مكوّن الأجساد. لكن من الذي أخبرنا بهذا؟ يقول الرب لإرميا: "قبلما صورتك في البطن عرفتك. وقبلما خرجت من الرحم قدستك" (إر 1: 5). فإن كان لم يخجل من خِلْقَة جسد الإنسان، أفيخجل من الجسد الذي أخفي فيه لاهوته. الذي يخلق الأطفال في الأحشاء كما كتب أيوب: "ألم تَصُبَّني كاللبن وَخَثَّرتني كالجبن، كَسَوتَني جِلدًا ولَحمًا فَنَسَجْتَني بِعِظامٍ وعصب؟!" (أي 10: 10، 11) ليس شيء نجسًا في هيكل الإنسان بل هو يفسده بالزنى والدعارة. الذي خلق آدم خلق حواء أيضًا، فإن يد الله هي التي خلقت الرجل والمرأة. ليس عضو من الأعضاء التي خلقها منذ البدء نجسًا. ليصمت جميع الهراطقة الذين يهينون أجسادهم ويغتابون صناعها. لنذكر قول بولس "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم؟!" (1 كو 6: 19). أيضًا سبق النبي فتكلم عن شخص يسوع فقال: "جسدي مأخوذ منهم" (راجع هو 9: 12 LXX). كتب في موضع آخر: "لذلك يسلمهم إلى حين تكون ولدت والدة" (مى 5: 3). وما هي العلامة؟ إنه يخبرنا بعد ذلك فيقول: "تلد ثم ترجع بقية إخوته". وماذا عن العروس القديسة العذراء؟ "أخطبك لنفسي بالأمانة فتعرفين الرب" (هو 2: 20). لذلك عندما تكلمت أليصابات مع مريم قالت لها "طوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" (لو 1: 45). 27. لكن كلًا من اليهود واليونانيين يزعجوننا قائلين: إنه من المستحيل أن يولد المسيح من عذراء. أما بالنسبة لليونانيين، فإننا نخرس ألسنتهم من أساطيرهم. يا من تقولون إن الحجارة صارت بشرًا، كيف تستبعدون إمكانية ولادة المسيح من العذراء. يا من تعتقدون أن فتاة ولدت من عظام كيف لا تقدرون أن تصدقوا أن المسيح يولد من أحشاء عذراء. يا من تعتقدون باطلًا أن ديونيسيوس ولد من فخذ زيوس كيف تستبعدون الحق. إنني أعلم أن ما انطق به الآن هي أمور يستخف بها الحاضرون، لكنني أذكرها لكي توبخوا اليونانيين في حينه، تجيبونهم من أساطيرهم. 28. أما أهل الختان فإننا نواجههم بهذا السؤال: أيهما أصعب، أن تلد عاقر وفي سن الشيخوخة أم أن تحبل صبية عذراء؟! سارة كانت عاقرًا وانقطعت عن أن يكون لها كعادة النساء، لكن على خلاف الطبيعة ولدت طفلًا. فإن ولدت عاقر طفلًا، فليس غريبًا أن تحبل عذراء. فإمّا أن تقبل الاثنين أو ترفضهما. لأن الله ذاته الذي جعل العاقر تلد هو الذي جعل العذراء تحبل. لا تقدر إن تقول إن الله قادر في الحالة الأولى وغير قادر في الحالة الثانية. أيضًا كيف يمكن لذراع إنسان أن تتحول في ساعة معينة إلى صورة أخرى ثم تشفى مرة ثانية؟! كيف يمكن أن تصير يد موسى بيضاء كالثلج ثم تعود لطبيعتها مرة أخرى؟! إنك تقول إنها إرادة الله صنعت هذا. فهل في هذه الحالة إرادة الله قادرة، وفي الحالة الأخرى إرادة الله بلا قوة؟! خاصة وأنه في حالة موسى كانت الآية للمصريين وحدهم، أما في حالة العذراء فهي للعالم كله. أيهما أصعب أيها اليهود، أن تلد عذراء، أم أن تصير العصا الجماد مخلوقًا حيًا؟! إنكم تقولون إن عصا موسى صارت حيَّة، وقد هرب منها ليس خوفًا، لكن لأنها صارت حيَّة. العصا أخرجت عيون وأسنان كالحية، فهل إرادة الله تُخرج من العصا عينين، ولا يمكن أن يولد طفل من عذراء؟! إنني لم أقل شيئًا عن عصا هارون التي أثمرت في ليلة، الأمر الذي ما كان يمكن أن يتم مع الشجر إلاّ خلال سنين. من لا يعرف أن الغصن متى فقد حياته لا يعود يفرخ حتى وإن زرع في مجاري الأنهار؟! لكن الله الذي لا يعتمد على طبيعة الأشجار بل هو خالق هذه الطبيعة جعل العصا الجافة التي بلا أوراق أو ثمار أن تزهر وتثمر. فإن كان الرب من أجل رئيس الكهنة أعطى ثمرًا بطريقة معجزية، أفلا يقدر من أجل رئيس الكهنة الأعظم أن يجعل العذراء تلد ابنًا؟! 29. هذه أدلة قوية، لكن اليهود يرفضونها ولا يريدون الخضوع للشهادات الخاصة بالعصا ما لم يروا ميلاديات عجيبة وفريدة. اسألهم: من الذي ولد حواء؟ أي أم ولدت من هي بلا أم؟ الكتاب المقدس يقول إنها وُلدت من جنب آدم. فهل ولدت حواء بدون أم من جنب وكثير أن يُولد طفل بلا أب من أحشاء عذراء؟ لهذا كان على جنس المرأة دين إزاء الرجل... لذا دفعت مريم هذا الدين، وردت هذا الجميل عندما حبلت ليس برجلٍ بل وحدها حين حبلت بالروح القدس بطريقة سرية بقوة الله(19). 30. لننظر عظمة هذا: إنه لأمر عجيب أن تولد الأجسام من أجسام أخرى. وإن كان هذا الأمر عجيبًا لكنه ممكن، لكن العجب كل العجب أن يتحول التراب إلى إنسان له عيون وعظام وهيكل ورئتان يتنفس ويتحرك ويتكلم ويملك. أيها الأغبياء كيف خُلق آدم؟ ألم يأخذ الله حفنة من التراب؟!... العجب كل العجب أن تنشأ الأنسجة والعيون الرائعة من طين لا شكل له، وأن تنتج العظام الصُلبة والرئات الرقيقة، ومختلف الأعضاء الأخرى من التراب ذاته... أيها اليهود الأغبياء، من أين أتى آدم؟ أليس الله الذي أخذ من تراب الأرض ورسم هذا الشكل العجيب؟ (تك 2: 7)، إن كان الطين تحوَّل إلى عين، ألا تستطيع العذراء أن تلد ابنًا...؟ 31. أخيرًا دعنا نرد على القائلين إنه ولد من رجل وامرأة، من يوسف ومريم قائلين إنه ذكر في الكتاب المقدس "يوسف أخذ امرأته" (مت 1: 24). لنرى ماذا قال يعقوب قبل أن يستلم راحيل "أعطني زوجتي" (تك 29: 21). لأنه حتى قبل الارتباط، لكن بمجرد الوعد صار يعقوب يطلق عليها "زوجته". كذلك مريم إذ كانت مخطوبة دُعيت زوجة يوسف. لاحظ قول الكتاب المقدس: "في الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك إلى عذراء مخطوبة لرجل اسمه يوسف" (لو 1: 26). كما يقول صعد يوسف من الجليل ليكتتب مع مريم امرأته المخطوبة وهي حبلى" (لو 2: 54)، إذ حتى وهي حبلى بولد دُعيت زوجته "المخطوبة". وكما يقول بولس الرسل: "أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة" (غل4: 4)، فقط وليس من رجل وامرأة. 32. لا تعجب أيها الحبيب، فالعذراء سبق أن تعجبت قائلة لجبرائيل: "لست أعرف رجلًا". فقال لها الملاك: "الروح القدس يحل عليك، وقوة العلي تظللك، ولهذا فالمولود منك يُدعى ابن الله" (لو 1: 34، 35). لقد كانت ولادة طاهرة وبلا دنس، لأنه حيث يحل الروح القدس يزول كل دنسٍ. ولادة ابن الله الوحيد بالجسد من عذراء ولادة بلا دنس. إن اعترض الهراطقة على هذه الحقيقة فسيلومهم الروح القدس، وتغضب عليهم قوة العليّ، ويثور عليهم جبرائيل في يوم الدين. وسيفحمهم مكان المزود الذي تقبَّل الرب، وسيشهد ضدهم الرعاة الذين بشروا بالفرح العظيم، وأيضًا جيش الملائكة الذين سبحوا الله، قائلين: "المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة" (لو 2: 24). سيشهد عليهم الهيكل الذي حُمل إليه في اليوم الأربعين، وزوجا اليمام اللذان قُرِّبا مكانه، وسمعان الذي حمله على ذراعيه، وحِنة النبية التي حضرت تلك الساعة. 33. إذن، ليشهد الله، ويشهد الروح القدس، وسيقول المسيح: "الآن تطلبون أن تقتلوني، وأنا إنسانٌ قد كلَّمكم بالحق" (يو 8: 40). إذن، ليصمت الهراطقة الذين يعارضون في طبيعته البشرية، لأنهم يناقضون القائل: "جسُّوني واُنظروا، فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي" (لو 24: 39). فليُسجد للرب المولود من العذراء، ولتعترف العذارى بإكليل جماعتهن، ولتعترف طغمة المتوحدين بمجد العفة، فإننا لم نُحرم من كرامة العفة. لقد مكث المخلص تسعة أشهر في أحشاء العذراء؛ وأصبح الرب رجلًا في الثالثة والثلاثين من عمره، بحيث إنه إذا كانت العذراء تفتخر بحملها إياه تسعة شهور، فإننا قد حظينا به لسنوات كثيرة. 34. لنسرع جميعًا بنعمة الله إلى سباق الطهارة، شبابًا وعذارى، شيوخًا وأطفالًا (مز 148: 12). لنسبح اسم المسيح بعيدين عن الشراهة، ولا ننكر مجد العفة. إنها إكليل ملائكي، وفضيلة تسمو بالإنسان. لنوقر أجسامنا التي يلزم أن تضيء كالشمس (مت 13: 3). ولا ندنس هذا الجسم العظيم من أجل لذةٍ طفيفة؛ فالخطية زائلة تدوم لساعةٍ. أما العار فجسيم يدوم إلى الأبد. الذين يمارسون العفة هم ملائكة سالكون على الأرض. وللعذارى نصيب مع مريم العذراء. لنبتعد عن كل تبرُّج، وكل نظرةٍ شريرة]، وكل حديثٍ باطلٍ، وكل زينةٍ وعطر مثير للأهواء. ليقتصر عطرنا على راحة صلاتنا الذكية، وممارسة أعمال الخير، وتقديس الأجسام. حتى يتسنى للرب المولود من العذراء أن يقول عنا نحن الذين نمارس العفة، من رجالٍ ونساءٍ؛ "إني سأسكن فيهم، وأسير بينهم، وأكون لهم إلهًا، وهم يكونون لي شعبًا" (2 كو 6: 16). له المجد إلى الأبد، آمين. |
|