|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لا يجد المرتل مسرته في صحبة الأشرار، إنما في عبادة الله في اجتماعات شعب الله. إنه يعزل نفسه عن الأشرار وفعلة الأثم وعن تجمعاتهم، ومن الجانب الآخر يؤكد ولاءه للرب وللعبادة التي تُقدم لمجده وأن يكون عضوًا في شعب الله، إذ يقول: "فلا تهلك مع المنافقين نفسي، ولا مع رجال الدماء حياتي، الذين في أيديهم الإثم، يمينهم امتلأت من الرشوة. وأنا بدعتي سلكت، انقذني وارحمني لأن رجلي وقفت في الاستقامة، في الجماعات أباركك يا رب" [9-12]. كأن داود النبي يقول للرب إنه لا تشغلني اتهامات الأعداء الباطلة والظالمة، إنما ما يشغلني أن تحميني وأنا طريد من الجو الوثني الذي اضطررت أن أعيش فيه بجسدي وليس بقلبي. لا تسمح أن أكون شريكًا للمنافقين والمجرمين والأثمة والمرتشين في حياتهم ولا في مصيرهم؛ حياتهم غير حياتي، وهدفهم غير هدفي. على النقيض منهم اسلك بدعة، أي أسير في طريقك بروح الوداعة والاتضاع، اتكئ على خلاصك واترجى مراحمك... رجليّ لا تقدران أن تقفا إلا في الاستقامة، في طريقك الملوكي، حتى تدخل بيّ إلى حياة التسبيح والفرح مع الجماعة المقدسة. من الجانب السلبي لم يطق المرتل الشركة مع الأشرار هنا، لا يحتمل روح النفاق ولا سفك الدماء ولا الرشوة أو الظلم فكيف يحتمل أن يكون مصيره الأبدي معهم... كأنه يقول لا تجمعني هناك معهم مادمت لم اجتمع هنا معهم في ظلمهم وإثمهم، بل "لتمت نفسي موت الأبرار، ولتكن آخرتي كأخرتهم" (عد 23: 10). أما من الجانب الإيجابي فبرفضه شر الأشرار يعلن رغبته في خلاص الرب العظيم ومراحمه حيث تتقدس نفسه بالدم الثمين ويجد رجليه تقفان في الاستقامة، أي في برّ المسيح وعطاياه ووعوده الإلهية فتنطلق أعماقه بالتسبيح الداخلي على مستوى الجماعة المقدسة كعضو في كنيسة المسيح الواحدة. يُعلّق القديس أغسطينوس على تعبير "يمينهم امتلأت من الرشوة" قائلًا: [الله وحده هو الذي يرى من يقبل الرشوة أو يرفضها]، مقدمًا مثلًا لذلك أنه أحيانًا تمتد يد القاضي لتمتلئ رشوة لا من الغني بل ومن الفقير، كأن ينتهك حرمة العدالة وينطق بحكم ظالم مخالف للحق لحساب الفقير، لا لشيء إلا لخوفه من لوم الناس له. فالرشوة هنا هي حبه للمديح والكرامة لا للمال، على حساب الحق. يُقارن القديس يوحنا الذهبي الفم بين من تمتلئ أيديهم بالدنس والرشوة وبين من له يدان طاهرتان يرفعهما إلى السماء فيقول: "لتكن رفع يديَّ ذبيحة مسائية" . أخيرًا يرى القديس أغسطينوس أن المرتل يشترك مع الجماعة المقدسة في التسبيح للرب يجمعه حبه لإخوته مع حبه لله! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تصرخ أعماقي إليك كي لا تهلك نفسي |
مزمور 105| لأكشف لك نفسي |
لا تهلك نفسي التي أحببت بيتك بكل جماله مع أولئك الذين يبغضوك |
مزمور 26 - ومع المنافقين لم أجلس |
مزمور 21 - وثمرتهم من الأرض تهلك |