|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البخور المقدسة: كما تحدثنا عن النور (المنارة الذهبية) أنه لم يكن مجرد وسيلة لإضاءة الخيمة بل طقسًا تعبديًا يحمل مفهومًا لاهوتيًا يخص علاقتنا بالله، هكذا أيضًا البخور، لم يكن القصد منه مجرد إيجاد رائحة طيبة في الخيمة، لكنه حمل مفهومًا لاهوتيًا يمس حياتنا في الله. لذلك حدد الله نوع البخور وكمياته، وموعد إيقاده، ومن الذين يقومون بهذا العمل. فحرم استخدامه (بذات النسب) خارج الخيمة، أو إيقاده بيدٍ غريبة! في مناجاة السيد المسيح لعروسه قال لها: "من هذه الصاعدة من البرية، كأعمدة من دخان، معطرة بالمرّ وبكل أذرة التاجر" (نش 3: 6). وكأن دخان المذبح النحاسي (الذبائح اليومية) قد التحم مع البخور اليومي الصاعد من المذبح الذهبي، هكذا يلتحم عمل المسيح الذبيحي في حياتنا بصلوتنا فيشتمها الله رائحة رضا. في دراستنا لبيت الله من الجانب الطقسي الروحي تعرضنا للبخور والتبخير في الكنيسة الأولى ، ورأينا كيف التحم الطقس اليهودي (خر 30: 34-38) بالطقس المسيحي (ملا 1: 10-11) وبالطقس السماوي (رؤ 8: 3-4). لقد قبلت كنيسة أورشليم البخور بسهولة إذ عرفته في خيمة الاجتماع وفي خدمة الهيكل كما عرفته كطقس هام في وجبة الشبورة، ورأت في نبوة ملاخي (1: 10-11) عن كنيسة العهد الجديد أنها تقدم تقدمة البخور من مشارق الشمس إلى مغاربها، كما رأت في العبادة السماوية البخور يقدمه السمائيون لله (رؤ 5: 8، 8: 4)، لكن كنائس الأمم تخوفت في بدء انطلاقها منه، لئلا يمزج المؤمنون الذين من أصل أممي بين البخور لله والبخور للوثن. لكننا سرعان ما رأينا في القداسات الأولى تأكيدات مستمرة لتقديم تقدمة البخور لله. هذه المسحة أيضًا تشير إلى المسحة العامة التي تُعْطَى للمسيحيين بعد العماد، والتي تدعى "مسحة الميرون"، إذ يقول القديس أمبروسيوس: [كل مؤمن يمسح كاهنًا وملكًا، غير أنه لا يصير ملكًا حقيقيًا ولا كاهنًا حقيقيًا بل ملكًا روحيًا وكاهنًا روحيًا، يقرب الله ذبائح روحية وتقدمات الشكر والتسبيح]. ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [الذين كانوا يمسحون في العهد القديم إما كهنة وإما أنبياء أو ملوك. أما نحن المسيحيون أصحاب العهد الجديد، فيجب أن نمسح لكي نصير ملوكًا متسلطين على شهواتنا، وكهنة ذابحين أجسادنا ومقدسين إياها ذبيحة حيَّة مقدسة مرضية عبادتنا العقلية، وأنبياء لإطلاعنا على أسرار عظيمة جدًا وهامة للغاية (خاصة بالأبدية) ويقول القديس أغسطينوس: [إن اسم "المسيح" جاء من المسحة، فكل مسيحي يقبل المسحة، يكون ذلك دلالة ليس فقط على أنه صار شريكًا في الملكوت، وإنما صار من المحاربين للشيطان]. |
|