|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"وَقَالَ لَهُمْ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ لَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ: "لِنَجْتَزْ إِلَى الْعَبْرِ". فَصَرَفُوا الْجَمْعَ وَأَخَذُوهُ كَمَا كَانَ فِي السَّفِينَةِ. وَكَانَتْ مَعَهُ أَيْضاً سُفُنٌ أُخْرَى صَغِيرَةٌ. فَحَدَثَ نَوْءُ رِيحٍ عَظِيمٌ، فَكَانَتِ الْأَمْوَاجُ تَضْرِبُ إِلَى السَّفِينَةِ حَتَّى صَارَتْ تَمْتَلِئُ. وَكَانَ هُوَ فِي الْمُؤَخَّرِ عَلَى وِسَادَةٍ نَائِماً. فَأَيْقَظُوهُ وَقَالُوا لَهُ: "يَا مُعَلِّمُ، أَمَا يَهُمُّكَ أَنَّنَا نَهْلِكُ؟" فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ، وَقَالَ لِلْبَحْرِ: "اسْكُتْ. اِبْكَمْ". فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ. وَقَالَ لَهُمْ: "مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ هكَذَا؟ كَيْفَ لَا إِيمَانَ لَكُمْ؟" فَخَافُوا خَوْفاً عَظِيماً، وَقَالُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: "مَنْ هُوَ هذَا؟ فَإِنَّ الرِّيحَ أَيْضاً وَالْبَحْرَ يُطِيعَانِهِ!" (مرقس 4:35-41). مثّلت الريح من خارج البحر المصائب الخارجية التي تنقضُّ على الإنسان، ومنها القُوى الطبيعية المهلكة للأجساد. ومثَّل التموُّج من داخل البحر التجارب الداخلية التي تثور في نفس الإنسان، وهي القوى الشيطانية المهلكة للنفوس. ففي تسكين المسيح هذا النوء المزدوج بالمعجزة المزدوجة، أعلن استعداده أن يعمل عملاً مزدوجاً في سفينة حياة الإنسان التي تتخبط في بحر هذا الدهر. وهو الذي يعطي الفوز على نوعي البلايا، والسلامة من شرهما. فالمصائب والتجارب هي كبوتقة الصائغ، التي لا تحوّل الذهب نحاساً ولا النحاس ذهباً، بل تُظهر الحقيقة وتزيل الإلتباس، وتزيد الذهب جلاءً وانفصالاً عن النحاس. هكذا التجارب لا تصيّر الصالح صالحاً ولا الشرير شريراً، لكنها تُظهر الحقيقة وتكشف عن شر الشرير وتزيده، وعن صلاح الصالح وتزيده. |
|