التجربة
كانت سوسنه العفيفة ، لا تخرج من دارها حتى ينصرف الناس جميعاً- عندئذ كانت تدخل الحديقة لتتمشى قليلاً فكان الشيخان القاضيان ينظراها ، وهما مختبئان ، وكانت سوسنه جميلة في شكلها ، كما كانت جميلة في روحها. فأحبها الشيخان ، وأرادا أن يصنعا معها الشر. فإتفقا أن ينتهزا أقرب فرصة لتحقيق غرضهما الشرير، وإختبئا في ركن من أركان الحديقة حتى يعتقد الجميع أنهما انصرفا … فدخلت سوسنه كعادتها للحديقة ، ومعها خادمتين ، وأمرتهما أن تحضرا لها من القصر غسولاً وزيتاً عطرياً لتغتسل في الحديقة، وأن تغلقا الباب عليها. وعندما انصرفت الجاريتان ، إتجه الشيخان الخبيثان إليها ، فخافت، وطلبا منها أن تصنع الشر معهما. وإلا فسيدعيا عليها زوراً أنه كان معها شاب فی الحديقة ، فرفضت سوسنه أن تفعل الشر وقالت : “إن فعلت هذا فهو لی موت وإن لم أفعل فلا أنجو من أيديكما. ولكن خير لي إن لا أفعل ثم أقع في أيديكما ، من أن أخطأ أمام الرب” ( تتمة دانيال 23.22:13 ).
ثم صرخت بصوت عظيم فصرخ الشيخان كذلك ، وفتحا أبواب الحديقة ، فأسرع إليها أهل بيتها ليروا ما حدث لسوسنه ، فقال الشيخان كذباً: ( أن سوسنه خائنة لزوجها وعاصية لوصايا إلهها- فقد كنا مُنصرفين لبيوتنا ورأيناها جالسة مع شاب تحت شجرة كبيرة ، فلما أقبلنا عليها فزعت وصرخت ، وحاولنا أن نقبض على الشاب فلم نستطيع لأنه أقوى منا، فقبضنا عليها ، وسألناها عن الشاب من هو ؟ فلم تجيبنا … لذلك سنعقد جلسة هنا غداً لمحاكمتها ، بحسب قوانين شريعتنا ) ، فتعجب أهل الدار والخدم وحزنوا ، لأنهم يعرفون جيداً أن سوسنه زوجة طاهرة عفيفة ، تتقي الله وتحفظ وصاياه.