|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الغنوصية تقوم أغلب النظم الغنوصية على الفصل ما بين الله الخالق والكائن الإلهي السامي. ففي نظر البعض أن العالم المادي هو شرّ جاء نتيجة سقوط الحكمة (صوفيا). ويقسم الغنوصيون البشر إلى طبقتين أو ثلاث طبقات، وهم: أ. الروحيون، يتمتَّعون بإشراقة من الجوهر الإلهي الروحي، وسيعودون إلى أصلهم، أي إلى الكائن الإلهي السامي، وذلك بواسطة المعرفة (الغنوصية) وممارسة طقوسها. ب. الجسدانيون أو الماديون، وهم منهمكون في العالم المادي ومصيرهم الهلاك الأبدي. ج. يضيف البعض طبقة ثالثة متوسطة، وهي جماعة المسيحيين غير الغنوصيين، هؤلاء يبلغون حالة وسطى، خاصة بالله الخالق، وذلك خلال إيمانهم وأعمالهم الصالحة. أما عن المسيح، ففي نظرهم جاء عن الإله السامي، يُقَدِّم الغنوصية أي (المعرفة)، وهو كائن إلهي لم يأخذ جسدًا بشريًا حقيقيًا ولا مات[59]. لهذا لم يقبلوا تجسد المُخَلِّص ولا ولادته من امرأة. إحدى الأشكال الغنوصية تُدعَى Docetism، وهي هرطقة هددت كيان الكنيسة الأولى، أخذت اسمها عن كلمة dokein اليونانية التي تعني (يبدو) أو (يظهر هكذا). إذ نادت بأن يسوع لم يصر إنسانًا حقيقيًا، بل بدا هكذا كأنه يحمل جسدًا. إنه عَبَرَ في العذراء دون أن يأخذ من جسدها شيئًا. يقول القديس إيرينيؤس: إن ساتيرنانيوس (حوالي عام 120 م.) قد أعلن بأن المُخَلِّص لم يُولَد، ولا تجسد ولم يكن له شكل.. إذ يرى أن الزواج وإنجاب الأطفال هما من عمل الشيطان[60]. وعلَّم أيضًا فالنتينوس في القرن الثاني بأن السيد المسيح قد اتَّحد بالإنسان يسوع، [الذي وُلِد خلال مريم[61] وليس من مريم، عبر فيها كما من قناة.] وعلَّم مرقيون بأن يسوع لم تكن له نفس بشرية، ولا جسد أرضي. إنه لم يولد من مريم، بل ظهر فجأة في اليهودية في تجسد خيالي، كشخصٍ كامل النمو، مستعد للبدء في الخدمة حالًا[62]. أما إبيليس Appeles فقد قبل أن يكون للسيد المسيح جسدًا حقيقيًا، لكنه جسد سماوي، نزل إلى هذا العالم من السماء، وليس من مريم. وقد حذَّر آباء الكنيسة مثل القديسين أغناطيوس أسقف أنطاكية ويوستين وإيرينيؤس والعلامة ترتليان والعلامة أوريجينوس المسيحيين من هذه التعاليم، كما واجهوا الهراطقة مؤكدين حقيقة أمومة القديسة مريم بقصد تأكيد سرّ التجسد أي تأكيد حقيقة ناسوتية المسيح. كتب القديس أغناطيوس إلى أهل تراليا: [سدّوا آذانكم عندما يُحَدِّثكم أحد من هؤلاء الذين يأخذون جنبًا من يسوع المسيح، الذي هو من نسل داود ابن مريم، الذي ولد ميلادًا حقيقيًا |
|