|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فالتَفتَ وقالَ لِبُطرس: ((إِنسَحِبْ! وَرائي! يا شَيطان، فأَنتَ لي حَجَرُ عَثْرَة، لأَنَّ أَفكارَكَ لَيسَت أَفكارَ الله، بل أَفكارُ البَشَر)). تشير عبارة "إِنسَحِبْ! وَرائي!" في الأصل اليوناني Υπαγε ὀπίσω μου (معناها اذهب خلفي) الى طلب يسوع من بطرس أن يجد مكانه، وهو وراء المعلم وليس أمامه، وألاَّ يكون حجر عثرة بين يسوع والآب السماوي. في حين في الفصول السابقة لما جاءَ يسوع إِلي تلاميذه ماشِياً على البَحْر. سأله بطرس ان يأتي إليه على الماء " فقالَ لَه: تَعالَ!" (متى 14: 29)! وأمّا اليوم فيقول له العكس: إِنسَحِبْ! وَرائي! يا شَيطان. فماذا جرى؟ إن ما قاله بطرس ليس من عند الله، بل هو تكرار لتجربة ابليس في البرِّية كي يتجنب يسوع الموت على الصليب لهذا السبب قال يسوع لبطرس نفس العبارة التي قالها لإبليس حين جرَّبه في البرية "اِذهَبْ، يا شَيطان! " Υπαγε, Σατανᾶ (متى 4: 10). وبينما كانت دوافع الشيطان شريرة، كانت دوافع بطرس هي محبة يسوع وحمايته وربما البحث عن مصلحته الشخصية؛ أمَّا عبارة " يا شَيطان" فتشير الى مُعارض يقف في عُرض الطريق كحاجز ويمنع الناس من المرور. رفض بطرس الصليب فدعاه السيّد المسيح "شيطانًا"، و"معثرة لي" و"مهتمّا بما للناس لا بما لله". ان بطرس، بمعارضته آلام يسوع، يقوم مقام الشيطان الذي يحاول ان يردّ يسوع عن طاعة الله وتأدية رسالته؛ بهذا يهجر بطرس مكانه، لان على التلميذ ان يسير وراء يسوع (مرقس 1: 17). وقد دعاه يسوع شيطانا، وكأنَّ الشيطان جاءه ببطرس مجربا إياه من جديد. بطرس ليس شيطانًا، ولكنه يُرِّدد ما وسوس به الشيطان لهُ لرفض الصليب. أمَّاعبارة "حَجَرُ عَثْرَة" في الأصلاليوناني σκάνδαλον(معناها شك) فتشير الى عائق ومصيدة او فخ يعرقل السير (مزمور 124: 7)، ويسبّب السقوط (أشعيا 8: 14-15)، ومانع عن إتمام الواجبات ، وبهذا لم يرضَ بطرس السير وراء يسوع (متى 5: 29، 16/ 23، 18: 6-9) وإنما عمل على تعطيل يسوع للسير نحو الصليب والفداء. ولن يسمح يسوع لأفكار بطرس البشرية التي ليست من الآب أن تصبح حجر عثرة في طريقه، هذه الأفكار التي تدّعي وجود خلاص دون المرور من بوابة الآلام والموت وبذل الذات. أمَّا عبارة " لأَنَّ أَفكارَكَ " في الأصل اليوناني φρονεῖς (معناها تفكر او تهتم) فتشير الى تبنِّي وجهة نظر معينة مغايرة عن وجهة نظر الله كما وردت في رسائل بولس "فالَّذينَ يَحيَونَ بِحَسَبِ الجَسَد يَنزِعونَ φρονοῦσιν إِلى ما هو لِلجَسَد، والَّذينَ يَحيَونَ بِحَسَبِ الرُّوح يَنزِعونَ إِلى ما هو لِلرُّوح. (رومة 8: 5)؛ أمَّا عبارة " لأَنَّ أَفكارَكَ لَيسَت أَفكارَ الله، بل أَفكارُ البَشَر " فتشير الى بطرس الذي عاد الى افكار البشر تاركا افكار الله. فقد عاد بطرس الى اللحم والدم فكانت نظرته نظرة بشرية مرتبطة بالعالم الذي يعيش فيه حيث أعلن يسوع ان ما يقوله بطرس ليس من عند الله؛ أمَّا عبارة "أفكار الله " فتشير الى نظرة يسوع التي تتوافق مع نظرة الله، والتي تقبل الصليب طريقا للخلاص؛ أمَّا عبارة " أَفكارُ البَشَر" فتشير الى نظرة البشر المتمثلة برد فعل بطرس، والتي ترى أنه من غير المعقول ان خلاص الله ينبغي ان يسلك طريق الاهانة والعذاب والصليب والموت. أفكار البشر تكمن فيما يشتهيه الناس ويتوقعونه ويقصدونه كالشرف الدنيوي والربح العالمي الى غير ذلك مما يختص الممالك الأرضية كما يتوقع اليهود. لذلك كان من المستحيل ان يتوقعوا المسيح الملك أن يُذلّ ويتألّم ويُقتَل على الصليب. ونحن هنا امام طريقتين لفهم الحياة: طريقة يسوع التي تكشف كيف يفكر الله، وطريقة بطرس التي تمثل ما يدعوه يسوع "الشيطان". وكثيرا ما ورد موضوع عدم فهم التلاميذ (مرقس 4: 13، 6: 52، 7: 18). وعندما نتساءل نحن اليوم: لماذا جرى سوء التفاهم هذا؟ فنجد الجواب عند يوحنا الإنجيلي حيث يقول:" ذلك بِأَنَّ بطرس ويوحنا لم يكونا قد فهِما ما وَرَدَ في الكِتاب مِن أَنَّه يَجِبُ أَن يَقومَ مِن بَينِ الأَموات " (يوحنا 20. 9). لقد جاء السيّد يُقيم مملكته خلال صليبه، فمن يرفض الصليب كوسيلة لخلاصنا يرفض الفكر الإلهي. وبعد ان رفض يسوع تجربة بطرس، وبَّخ بطرس على موقفه، وطلب منه ان يتبعه ليكون التلميذ الذي يسير وراء معلمه. ان معاتبة يسوع لبطرس تضعنا امام سؤال: ما هي صورة الله التي نحتفظ بها في معتقدنا الديني؟ |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
"إِنسَحِبْ! وَرائي!" Υπαγε ὀπίσω μου (معناها اذهب خلفي) في الكتاب المقدس |
(متى 4: 10) فقالَ له يسوع: اِذهَبْ، يا شَيطان |
تشير عبارة "إِنسَحِبْ! وَرائي!" |
أشمل يا نصرانى |
نصراني كافر |