|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يونان النبي
ادعى بعض النقاد أن هذا السفر يقدم صورة رمزية مجردة وليس حقيقة واقعة، فيونان في رأيهم يمثل إسرائيل العاصي، والحوت الذي ابتلعه هو بابل الذي سبى إسرائيل، وجوف الحوت هو السبي، وما تلي ذلك من خلاص إنما يُشير إلى عمل الله الخلاصي ورد الشعب من السبي، أما حُججهم في ذلك فهي: أ. لم يرد السفر بين الأسفار التاريخية بل النبوية. ب. جاءت توبة أهل نينوى سريعة ومفاجئة وبشكل جماعي، وجاء قرار ملك نينوى بطريقة غير متوقعة، الأمر الذي لا يحدث واقعيًا. ج. لا يُعقل أن إنسانًا يُحفظ في جوف الحوت لمدة ثلاثة أيام وثلاث ليال ويخرج حيًا، ويُقدم صلاة شكر داخل الجوف. د. ما ورد في هذا السفر قدم فكرًا رمزيًا أُعلن في أسفار أخرى، فقد رُمز لنبوخذنصر بتنين يبتلع إسرائيل: "أكلني أفناني نبوخذنصر ملك بابل، جعلني إناءً فارغًا، ابتلعني كتنين وملأ جوفه من نعمي، طوّحني... وأعاقب بيل في بابل وأخرج من فمه ما ابتلعه فلا تجرعه إليه الشعوب بعد ويسقط سور بابل أيضًا، أخرجوا من وسطها يا شعبي ولينج كل واحد نفسه من حمو غضب الرب" (إر 51: 34، 44، 45). ورُمز لمدة السبي بثلاثة أيام: "يُحينا بعد يومين، في اليوم الثالث يقيمنا فنحيا أمامه" (هو 6: 2). ويرد بعض الدارسين على الاعتراضات السابقة مؤكدين أن هذا السفر مع ما حمله من معانٍ رمزية كثيرة يروي قصة واقعية حقيقية، ودلائلهم على ذلك الآتي: أ. وضع السفر بين كتب الأنبياء لا بين الأسفار التاريخية لا ينفي ما قدمه السفر من واقع تاريخي، فقد وُضعَ هكذا لأن الكاتب نبي، ولأن الواقعة تحمل أيضًا جانبًا نبويًا، كما جاءت تسبحة يونان قطعة نبوية رائعة تعلن عن عمل السيد المسيح الخلاصي. ب. الاعتراض بأن توبة ملك نينوى وشعبه جاءت سريعة بطريقة غير متوقعة لا يمكن قبولها، اعتراض ضعيف، فظهور نبي غريب الجنس قذفه الحوت بعد ثلاثة أيام من جوفه قد أثار البلد كلها، وكان موضوع رعب الجميع. وقد تحدث السيد المسيح عن أهل نينوى في توبتهم بكونهم يدينون إسرائيل، كما أعلن أن أبناء هذا الدهر أحكم من أبناء الملكوت. ج. ما ورد في سفري إرميا وهوشع من رموز مشابهة لقصة يونان كتشبيه ملك بابل بالتنين ومدة السبي بثلاثة أيام لا يعني أن سفر يونان سفرًا رمزيًا مجردًا، بل بالحري إستقى البنيان الرمز منه. د. أما من جهة إمكانية بقاء إنسان حيّ لمدة ثلاثة أيام في جوف حوت وتقديمه تسبحة شكر لله هناك، فقد اعترض البعض على ذلك حتى في عصر القديس چيروم إذ يرد عليهم بقوله: [هل هؤلاء القوم مؤمنون أم غير مؤمنين؟! فإن كان لهم الإيمان فليُصدقوا ما قيل، كيف يمكن لثلاثة فتية يُلقون في أتون نار ملتهب ولا تمس النار ثيابهم ولاّ حلت بها رائحة النار (إر 3: 29)؟! كيف يتراجع البحر كيابسة ويصير كسورين للشعب حتى يعبر (خر 14: 22 - 29)؟! كيف يمكن لأسد جائع يرى ضحيته (دانيال) في الجب ولا يريد أن يمسها؟!]. هذا من الجانب الإيماني، أما من الجانب العلمي فقد أفرد الدكتور يوسف رياض الأستاذ بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية بحثًا شيقًا يوضح فيه من الجانب العلمي إمكانية حدوث هذا(5). قال إن الكلمة العبرية "دوج" التي ترجمة "حوت" وردت في العهد القديم 19 مرة وترجمة في كل مرة "سمكة"، وأن الكلمة اليونانية في العهد الجديد "كيتوس" ترجمتها "وحش من الأعماق"، وكأن العهدين اتفقا أنها سمكة ضخمة أو وحش بحري. وقد أورد أمثلة من الواقع العملي لأُناس وحيوانات ابتلعها أنواع من الأسماك الخاصة الـRhinodon Typicus دون أن يتحطم هيكلهم العظمي أو يصابوا بأذى. من بين هذه الأمثلة سقط أحد البحارة من الأسطول الإنجليزي يقوم بالصيد في القتال الإنجليزي فابتلعته سمكة من هذا النوع وهربت. وإذ قامت السفن القريبة بالبحث عنها وجدتها بعد 48 ساعة فاصطادتها بمدفع، وسحبت السمكة لإخراج هيكل الجندي ودفنه، وكم كانت دهشتهم بالغة حين رأوا زميلهم مُغمى عليه فأنقذوه ودُعي "يونان القرن العشرين". ه. لم يقف الدارسون عند حدّ الرد على المعترضين على واقعية قصة يونان، وإنما قدموا دلائلهم على ذلك منها: أولًاً: أشار ربنا يسوع المسيح إلى قصة يونان كحقيقة واقعة، وأيضًا إلى توبة أهل نينوى (مت 12: 39 - 40؛ لو 11: 29 - 30)، ولم يعترض أحد من اليهود أنها قصة رمزية. ثانيًا: طابع السفر تاريخي بسيط وليس بالسفر الشعري الرمزي، إذ يضم أصحاحًا واحدًا شعريًا هو صلاة يونان في جوف الحوت. هذا ويذكر السفر اسم النبي واسم والده بكونهما شخصين معروف مكان نشأتهما (2 مل 14: 25)، كما يذكر أسماء مواضع معروفة مثل يافا وترشيش ونينوى، فالأسماء ليست رمزية. ثالثًا: لو أن السفر قصة رمزية غير واقعية كتبها آخر غير يونان نفسه لما كشف بقوة عن خطأ فكر النبي فقد جاء السفر يكشف عن الكاتب كنبي تائب يُسجل بقلمه وبوحي إلهي اعترافاته، فاضحًا أعماق قلبه، وكأنه مع معلمنا بطرس الرسول يقدم دموع توبته، ومع القديس مرقس الإنجيلي يُسجل خطأه أكثر مما سجله بقية الإنجيليين. وفي نفس الوقت يبرز جوانب طيبة في النوتية الأُمميين واستعدادًا فائقًا للملك الوثني وكل شعبه لقبول محبة الله الفائقة لكل البشرية. فبينما يظهر النوتية الأمميون كرجال صلاة (1: 5) يصرخون إلى آلهتهم قبل أن يمارسوا خبرتهم البحرية كإلقاء الأمتعة من السفينة إذا به يتحدث عن نفسه الإنسان الوحيد في المركب يغط في نوم عميق، فييقظه الله بكلمات الأمميين. هذا الفكر الإنجيلي المتسع الذي يفتح أبواب الرجاء أمام الأمم ويعالج الأمور بغير تحيز لم يكن ممكنًا لكاتب يهودي أن يتقبله أو يسجله هكذا بوضوح وصراحة إلاَّ من كان كيونان دخل إلى الموت في جوف الحوت وتلامس مع الله الذي يُقيم الأموات أيًا كانت جنسية هؤلاء الموتى! رابعًا: من الجانب التاريخي قارن Winckler الإصلاحات الدينية للملك أدادنيراري الثالث Adadnirari III (812 - 783 ق.م.) بإصلاحات الملك أمنوفيس الرابع في مصر وقرر أن الأول "هو الملك الذي وجده يونان في نينوى عندما ذهب إلى هناك ووجد تجاوبًا ملكيًا مع تعليمه |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كانوا لنا الطريق والسفر ومحطة الوصول |
نصائح التأشيرة والسفر |
أن الأتن يستخدمها الإنسان في حمل الأثقال والسفر لخدمته |
النبي هوشــع والسفر |
أفضل الكاميرات لمحبي الرحلات والسفر |