|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا كيرلس السادس رجل لا مثيل له: إن البابا كيرلس أمضى نحو 40 عامًا في خدمة الكهنوت. وفي خلال تلك الفترة، حرص في كل يوم أن يقيم القداس الإلهي . لقد كان يحلو له أن يصلي جميع الصلوات ويترنم بألحان التسبحة ويصلي المزامير، ولا يوجد في تاريخ الكنيسة كله إنسان مثل البابا كيرلس ، استطاع أن يقيم مثل كل هذه القداسات. ولقد حاولت أن أُحصي عدد القداسات التي أقامها في حياته، فوجدت أنه قد صلى ما يزيد عن 12،000 قداس (باستثناء الخمس السنين الأخيرة التي مرض فيها). وهذا أمر لم يحدث في تاريخ أي بابا من باباوات الإسكندرية أو العالم أو الرهبان. وكان يجد تعزية في صلوات القداس ولذة روحية في صلوات التسبحة وكل الذين يعرفونه شاهدوه ينزل من المقر البابوي في الثالثة صباحًا ويصلي صلاة نصف الليل ويرتل التسبحة بنفسه مع المرتلين في الكنيسة، ثم يصلي القداس، ويخرج في السادسة صباحًا قبل أن يصحو الناس... كان عجيبًا في صلواته، وكانت الصلوات تتبعه في كل مكان. البابا كيرلس السادس تَتَلْمَذ على يد أكبر أستاذ هو ماراسحق السرياني: ومن محبته للصلاة اختار حياة الوحدة فعاش متوحدًا مدة طويلة، وتتلمذ على أكبر أستاذ كتب في الوحدة في تاريخ الرهبنة كلها وهو القديس مار إسحاق.. لقد قرأت مئات من الكتب النسكية، فلم أجد أعظم من كتابات مار إسحاق عن حياة الوحدة والسكون. ولقد كان البابا كيرلس يحب مار إسحاق، ويقرأ كلماته ويحفظ الكثير منها، ونَسَخَ بنفسه كتاب "مار إسحاق" على ضوء شمعة في مغارته وعلى ضوء لمبة غاز. عاش في وحدة في مغارة قرب دير البراموس. يسهر الليل في قراءة أقوال الآباء ويصلي في الفجر ويُقيم القداسات، وعاش في طاحونة قرب مصر القديمة، ثم في الكنيسة التي بناها بنفسه في مصر القديمة. ولم يخرج من بابها إلا للضرورة القصوى. وعندما اعتلى كرسي مارمرقس لم تتركه حياة الوحدة بل كثيرًا ما كان يذهب إلى دير مارمينا بصحراء مريوط.. وكان يريد أن يمتلئ من ثمار الوحدة لنفسه. الوحدة كما تعلمها البابا كيرلس من مار إسحاق، هي الانسلاخ من الكل للارتباط بالواحد. . لذلك كان كثير الصلوات حتى في أثناء وجوده وكلامه مع الناس؛ لذلك كان صَموتًا لا يتكلم كثيرًا، لكي يعطي نفسه فرصة التأمل والصلاة، وكان أيضًا يعهد إلى الله بمشكلاته.. ويرى أن القداسات والصلوات هي التي تحل له المشكلات وليست المجهودات البشرية. وكلما كانت تحيط به الضيقات يلجأ إلى الوحدة والصلوات والقداسات شاعرًا أن معونة الله أكبر من كل معونة بشرية.. لقد أعطانا مثلًا كبيرًا في حياة التأمل والخدمة مع أن جمعهما ليس بالأمر الهين السهل، فقد كان يخدم الكنيسة بأقصى ما يستطيع. ومن جهة أخرى يختلي بنفسه ويأخذ من التأمل والوحدة على قدر ما تعطيه إمكانياته. |
|