|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بولس الرسول والرســـالة الثانيـة إلي أهــل كـورنثـــوس كتب القديس بولس الرسول هذه الرسالة الثانية بعد عام تقريباً من كتابته الرسالة الأولى. هذه الرسالة هي أكثر رسائله التي توضح سماته الشخصية، ففيها قام بالدفاع عن نفسه وعن زملائه ضد الانتقادات الكثيرة التي وجهها له الذين يعتقدون أنهم رسل ومعلمون متفوقون (2كو5:11)، مع أنهم ” ليسوا رسلا بينما هم معلمون كذبة ” (2كو13:11)، ذاكراً بدقة بالغة الشروط الواجب توافرها في الخدام المسيحيين الحقيقيين. في الإصحاح الأول ذكر بولس سلطانه كرسول للمسيح بقوله:” أنه رسول يسوع المسيح { فهو معين كرسول له بمشيئة الله }، وأن تيموثاوس أخ وزميل مؤمن معه، موضحاً أن هذه الرسالة موجهة إلي كنيسة الله التي في كورنثوس مع جميع القديسين الذين في جميع أخائية ثم يهديهم النعمة والسلام مقتبساً قول الرب لموسى كيف يبارك هرون وبنيه بني إسرائيل (عد 24:6)، ثم يذكر بعض ضيقاته وآلامه ومتاعبه، مسبحاً ومباركاً الله أبو ربنا ووإلهنا يسوع المسيح أبو الرأفة وإله كل تعزية الذي يعزينا في كل ضيقاتنا موضحاً أنه ” كما تكثر آلام المسيح فينا كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضا” (2كو5:1). وتعبير{كما … كذلك } تشير إلى الآلام التي يحتملها المسيحيون نتيجة إيمانهم وإتحادهم بالرب يسوع المسيح (أع15:9-16)، ثم قام بالرد على الانتقادات ودافع عن تغيير خططه فقال: ” لأن فخرنا هو شهادة ضميرنا أننا في بساطة وإخلاص الله لا في حكمة جسدية بل في نعمة الله تصرفنا في العالم ولا سيما من نحوكم.” (2كو12:1). مؤكداً لهم ” أن الذي يثبتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله. الذي ختمنا أيضاً وأعطى عربون الروح في قلوبنا “(2كو21:1-22). في الإصحاح الثاني يذكر أنه اتخذ قراراً في نفسه “أن لا آتي إليكم في حزن. لأنه إن كنت أحزنكم أنا فمن هو الذي يفرحني إلا الذي أحزنته “(2كو1:2-2). ثم يتقدم بالشكر لله ” الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان. لأننا رائحة المسيح في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون. لهؤلاء رائحة موت لموت ولأولئك رائحة حياة لحياة.” (2كو14:2-16). في الإصحاح الثالث دافع عن زملائه باعتبار أنهم ” خدام عهد جديد” (2كو6:3)، موضحاً إن خدمة العهد الجديد تزداد كثيرا في المجد (2كو9:3)، فهي “خدمة الروح “(7) وليست “خدمة الموت” وهي “خدمة التبرير” وليست “خدمة الدينونة “، وأنها ” خدمة دائمة ” وليست ” خدمة إلى زوال”. ” (2كو 1:3-18). في الإصحاح الرابع يذكر بولس الرسول بان عدم استجابة الكثيرين لكرازته في كورنثوس ناتج للتربة التي تقع عليها بذار الكرازة وليست في البذار نفسها، لأن إله هذا الدهر وهو الشيطان سلطانه وقتي وقد أعمي عيونهم وأذهانهم فاصبحوا يسيرون في طريق الهلاك “إن كان إنجيلنا مكتوماً فإنما هو مكتوم في الهالكين” (2كو 3:4). لئلا تضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة منظورة لله الغير منظور. ” لأن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح” (2كو6:4). في بدء الخليقة ” قال الله ليكن نور فكان نور” (تك3:1)، وفي العهد الجديد كلمنا في ابنه الذي هو بهاء مجده ورسم جوهره ليضيئ لنا الوجود بنور معرفته وأصبح المؤمنون مصابيح خزفية تحمل نور الله الظاهر في جسد ربنا يسوع المسيح “لكي تظهر حياة يسوع في جسدنا المائت”(2كو11:4). ثم أوضح القديس بولس بأ ننا لا نفشل “لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشيء لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدياً. “(2كو17:4) لأنه لا ينظر للأشياء التي تري لأنها وقية، بل ينظر إلى الأشياء التي لا تري أي الأبدية. في الإصحاح الخامس يذكر أن خدمة العهد الجديد هي “خدمة مصالحة ” لأن ” الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعا فينا. كلمة المصالحة “بأن المسيح في داخلهم. (2كو18:5-21). وأن المسيح له المجد هو ” وسيط المصالحة بين الله والناس”، ” لأنه الله جعل الذي لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه” ( 2كو 21:5). فالروح القدس يجعلالمؤمنين خليقة جديدة نتيجة الإتحاد بالمسيح يسوع ربنا. واصفاً خدمته بأنه ” إذا نسعى كسفراء كأن الله يعظ بنا. نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله” (2كو20:5). في الإصحاح السادس يواصل القديس بولس كلامه واصفاً خدمته بالجديرة بالثناء، لأنه بشكر يتحمل كل الضيقات والشدائد وأنه ذو أخلاق حميدة مثل الطهارة والمحبة بلا رياء، واستخدم اسلوب التطابق والتضاد مثل ” بمجد وهوان بصيت رديء وصيت حسن. كمضلين ونحن صادقون كمجهولين ونحن معروفون. كمائتين وها نحن نحيا. كمؤدبين ونحن غير مقتولين. وكحزاني ونحن دائما فرحون، كفقراء ونحن نغني كثيرين. كأن لا شئ لنا ونحن نملك كل شئ.” (2كو8:6-10)، ليظهر بذلك وجهة نظر الناس في مقابل وجهة نظر الله. مقدماً النصح والارشاد للإبتعاد عن الارتباطات الشريرة، لاتكونوا تحت نير غير المؤمنين فيما يتعلق بالزيجات، وأن الزيجات القائمة لا يجب فسخها. ويعود فيستخدم اسلوب التطابق والتضاد فيقول: “لأنه أي خلطة للبروالإثم. وأي شركة للنور والظلمة. وأي اتفاق للمسيح مع بليعال. وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن. وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان” (2كو14:6-16). ويقوم بتوضيح حقيقة إيمانية هامة فيقول:” فإنكم أنتم هيكل الله الحي كما قال الله إني سأسكن فيهم وأسير بينهم وأكون لهم إلها وهم يكونون لي شعبا” (2كو 16:6)، مناديا بأن “نطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح مكملين القداسة في خوف الله ” (2كو1:7). في الإصحاح السابع يواصل الرسول بولس موضحا ثقته في الكورنثيين، مع أنه لما أتوا إلى مقدونية كانوا مكتئبين في كل شيء، بسبب الخصومات من الخارج والمخاوف من الداخل. موضحاً ان الله دائما يعزي المتواضعين، وقد جاء تيطس وكان متعزياً وأخبر بولس بشوقهم وغيرتهم لأجله مما أسعده بسبب نجاح مهمته. وأن رسالته التي أحزنتهم انما كانت لخلاصهم لأنها كانت بحسب مشيئة الله ” لأن الحزن الذي بحسب مشيئة الله ينشئ توبة لخلاص بلا ندامة. وأما حزن العالم فينشئ موتاً.”(2كو10:7) . في الإصحاحين الثامن والتاسع نجد أنه خصصهما ليحث ويشجع المؤمنين لجمع التبرعات والإعانات من الكنائس الغنية في مقدونية وكورنثوس لكنائس أورشليم التي تضررت من الفقر والعوز بسبب الاضطهادات التي تمر بها. مذكرا إياهم: ” إن يزرع بالشح فبالشح أيضاً يحصد ومن يزرع بالبركات فبالبركات أيضاً يحصد…لأن المعطي المسرور يحبه الله “(2كو6:9-7). ثم استشهد بقول المرنم في المزمور: ” فرق أعطى المساكين . بره يبقى إلي الأبد . قرنه ينتصب بالمجد.” (مز9:112). في الأربعة إصحاحات المتبقية من هذه الرسالة وهي الإصحاح العاشر حتي الإصحاح الثالث عشر، نجد أن القديس بولس عاد مرة أخرى للدفاع عن رسوليته مظهراً سلطانه ضد الرسل المزيفين، ومقدماً أوراق إعتماده كرسول لرب المجد يسوع المسيح (2كو1:10-18)، كما قام بالرد علي المشككين في رسوليته (2كو1:11-33) ، ولذلك قام بمناشدتهم بوداعة المسيح وحلمه (2كو1:10) وكان يغار عليهم غيرة الله، وقال لهم “خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح “(2كو2:11). لقد اجبره مقاوموه علي الافتخار المبني على ثقته بنفسه وليس بحسب مشيئة الرب (2كو17:11-18). ذاكرا أنه يهودي الأصل، مخلصا للمسيح رغم ما تلقاه من ضربات في السجون، وأخطار كثيرة في البحر والنهر من اللصوص والأعداء في المدينة وفي البرية (القرية) ، في جوع وعطش، في عري وفي سهر، وفوق كل ذلك اختبر الضغط الناتج من اهتمامه وعنايته بالكنائس (2كو21:11-33). ثم افصح عن رؤى واعلانات الرب له { الاختطاف إلي السماء الثالثة}(2كو1:12-4) ولكن الرب أعطاني شوكة في الجسد ملاك الرب ليلطمني لئلا أرتفع من فرط الإعلانات (2كو7:12). ورغم أنه تضرع للرب ثلاث مرات لكي يخلصه من هذه الشوكة إلا أن الرب يسوع قال له: ” تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل.” (2كو9:12). وقد تعلم أن “يُسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح (مستخدما التطابق والتضاد) لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي ” (2كو10:12) . لذلك وجب علينا أن نتمثل ببولس الرسول عندما نتعرض لبعض المضايقات والاضطهادات. |
|