|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تفسير سفر المزامير - مزمور7 أنشودة القديس المُفْتَرَى عليه مرثاة يرفعها المرتل متضرعًا أمام محكمة الرب العادلة. مناسبتها هي حادثة كانت وقعت لداود حين اضطهده أعداء شرسون، ربما شاول ورجاله، الذين افتروا عليه، فهرب إلى حضرة الرب في الهيكل، لأجل سلامته الشخصية، وللبت في القضية واستصدار حكم بها وإعلان براءته. يرى أحد الدارسين Hans Schmidt أن حالة المرتل هنا كالتي تجسمت بشكل واضح في (1 مل 8: 31) الخ... حيث يتقدم المتهم البرئ إلى الهيكل طالبًا حكم الله الذي يبرره ويدين الخصم الذي يفترى عليه، موقعًا عليه عقوبة يستحقها[200]. يحّول داود النبي التقي كل حادثة تقع في حياته إلى مناسبة يرفع فيها قلبه ونفسه في تكريس عميق لله. فقد دفعته أقوال كوش وأفعاله الشريرة ضده إلى الصلاة والتغني بتسبحة تبعث بالتعزية في قلبه، وبالحياة المتدفقة في أوصال الكنيسة عبر كل العصور. الإطار العام: 1. ثقة صلاة [1-2]. 2. داود البرئ [3-5]. 3. قم يارب [6-7]. 4. الحكم الانقضائي [8-9]. 5. نهاية الشر [10-17]. |
23 - 07 - 2020, 04:16 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور7 - أنشودة القديس المُفْتَرَى عليه
عنوان المزمور:
"شجوية Shiggaion لداود، غناها للرب بسبب كلام كوش البنياميني". 1. لا يمكن تحديد المعنى الأكيد لكلمة "شجوية Shiggaion"[201]: أ. يفترض بعض الدارسين وجود علاقة بينهما وبين اللفظ الآشوري Iegu الذي يعني "مرثاة". ب. يرى البعض أنها تعني "صراخًا عاليًا"، يحدث في حالة خطر محدق أو في حالة ارتباك أو تحت وطأة ألم شديد. وقد استخدمت هنا مرة واحدة في المزامير، وجاءت بصيغة الجمع "شجويات Shiginoth" في (حبقوق 3: 1)، حيث نجد تشابها شديدًا وعميقًا بينهما. ففي سفر حبقوق يبدو الصراخ بصوت عالٍ تحت وطأة نفس الظروف التي يتعرض لها المرتل في المزمور الذي أمامنا. ج. يرى آخرون أن لفظة "شجوية" تعني "تجولاً" أو "تيهًا"، وثمة شروحات أربعة لهذا المعنى: * الشرح الأول: أن هذا المزمور يُرنم بنغمة متغيرة (متجولة كما من موضع إلى آخر)؛ أي يقدم بنغمة تضم نغمات مختلفة ومتباينة مع تبدّل أزمنة وأساليب عزفها وآدائها. * الشرح الثاني: أن المزمور يتسم بتنوع أوزانه وبحوره الشعرية. * الشرح الثالث: أن داود النبي كان يتغنى بتجواله؛ وإن كان الدارسون لم يتفقوا معًا أكان التجوال هنا يشير إلى عدم استقراره في البرية، أو هو تيهًا في أخطاء ارتكبها أو بسبب تيه أخلاقي أو سلوكي. * الشرح الرابع: أن داود يتغنى بتجوال أو بتيه أو أخطاء آخرين في تعاملهم معه. |
||||
23 - 07 - 2020, 04:16 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور7 - أنشودة القديس المُفْتَرَى عليه
د. يرى آخرون أن Shiggaion تعني "أنشودة مبهجة جدًا وعذبة". 2. "كوش": أكبر أبناء حام حمل هذا الأسم، لكن ثمة صعوبة تواجهنا حينما نعلم أن التاريخ لا يورد شخصًا معاصرًا لداود يحمل هذا الأسم"[202]. * يرى البابا أثناسيوس الرسولي والقديس باسيليوس الكبير أن كوشًا هذا يعني "حوشاي" الذي أثنى أبشالوم عن الإنصات لمشورة أخيتوفل، وقد دُعى ابن اليمين (بنياميني) لأنه تصادق مع أبشالوم ليحثه على عدم محاربة أبيه، فأعطى أمانًا لداود أو حُسب كمن عن يمينه يعمل لحسابه. * يرى البعض أنه يقصد شمعي الذي كان بحق بنيامينيًا، منافسًا ومقاومًا لداود. وربما كان كوش البنياميني هذا هو أحد أنسباء أو أقارب شاول ألّد أعداء داود. * لما كانت كلمة "كوش" معناها "أسود"، لذلك اعتقد البعض أن كوش البنياميني هو شاول البنياميني، الذي كانت نفسه من الداخل في ظلمة، بسبب شره وخبثه. من الجانب التاريخي يمكن ربط المزمور ب (1 صم 24، 28)، حيث يرمز شاول إلى ضد المسيح الآتِ. * يرى القديس جيروم أن هذا المزمور يشير إلى الزمان الذي ثار فيه أبشالوم ضد أبيه داود. وقد بدد كوش مشورة أخيتوفل مشير أبشالوم وأرسل كلمة إلى داود (2 مل 15-17)، فتغّنى داود بهذه الأغنية. |
||||
23 - 07 - 2020, 04:16 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور7 - أنشودة القديس المُفْتَرَى عليه
1. اتكال وصلاة: "أيها الرب إلهي، عليك توكلت، خلصني من أيدي جميع المطاردين ونجني لئلا يخطفوا نفسي مثل الأسد حيث ليس من ينقذ ولا من يُخِلّص" [1-2]. هنا أول مثل في المزامير فيه يذكر اسمين للقدير: "يهوه" (الرب)، و"إلهي". إذ كان داود مضطربًا يتطلع إلى عدوه القاسي كأسد يود أن يمزقه [2]، لهذا يرفع صلاة وتسبيحًا للرب (يهوه) الذي يدخل مع شعبه في عهدٍ لحمايتهم، ويحسب يهوه إله كل الشعب هو إلهه الشخصي (إلهي). وكأن داود المؤمن يقول: "أنت هو رب كل الكنيسة عمومًا، وربي أنا بوجه خاص. أنت هو إلهي، فإلى من غيرك أذهب إذن؟ أنت إلهي وأنا عبدك، لي حق حمايتك لي فأنت درعي وملجأي". الإيمان والصلاة هما مفتاحان بهما تُفتح أبواب مراحم الله؛ وهما الذراعان اللتان بهما يغلب المؤمن في التجربة القاسية ويقهر عدوه الروحي. في وقت الضيق يهرب دائمًا إلى رب كل الكنيسة ليحتمي به، هذا الذي يمنح حصنًا شخصيًا للمؤمن وله القدرة على تخليصه من خصمه الذي يهدده بالقتل. يجد المؤمن في الله كل كفايته وأمانه. وليس شيء أكثر يقينًا ولا أقدر قوة من حماية الله لكل من يلجأ إليه ويتكل عليه. |
||||
23 - 07 - 2020, 04:16 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور7 - أنشودة القديس المُفْتَرَى عليه
يصرخ داود النبي إلى الرب إلهه من أجل مطاردين كثيرين يريدون البطش به... لكنه يعود فيرى عدوًا واحدًا رئيسيًا، يشبهه بأسد يمزق فريسته [2]. وكراعٍ صغير السن فإن مشهد أسد يمزق حملاً إربًا كان مألوفًا لديه منذ صبوته (1 صم 17: 34-35). الأسد هنا هو الشيطان، الخصم المقاوم لكل البشر. إنه أسد زائر ومشتكٍ، يتهمنا، وهو كذّاب وأبو الكذاب؛ هو الحية القديمة، رئيس سلطان الهواء، إله هذا الدهر، رئيس الظلمة، الروح الذي يعمل حتى الآن في أبناء المعصية، وما من أحد يستطيع الصمود أمامه بقوة، أما حماية الرب فهي الرجاء الوحيد والأخير للخلاص منه. الكلمات التي ينطق بها المرتل هي كلمات شخص هزّه الفزع المميت، فسقط مرتعدًا انقطعت نفاسه وضاق به صدره. وفي ذات الأوان هي كلمات إنسان متمسك بالمشاعر العميقة أنه يجد موضعًا للأمان والحماية في الله الذي يمكنه أن يلقي عليه ثقته[203]؛ لأن مجد الله هو أن يعين الذين لا عون لهم. بدأ الاضطهاد مع قايين، واستمر على أيدي أشرار كثيرين في أجيال متعاقبة. وها هي الكنيسة تعيش كما عاش دانيال في جب الأسود، التي تزأر على الدوام وتزمجر في كل مكان وزمان، تلتمس أن تقتل الأبرار، لكن نداءنا لله يدخل بنا إلى ملجأ آمن. |
||||
23 - 07 - 2020, 04:17 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور7 - أنشودة القديس المُفْتَرَى عليه
وسط الضيق الشديد وكثرة المقاومين لم يرى داود النبي إلا ذاك العدو الخطير الذي يريد أن "يخطف نفسه"... لم يخف داود على كرسي المُلك ولا على آلام الجسد التي قد تلحق به وإنما على نفسه لئلا تفقد إيمانها وتخسر أبديتها! لقد خطف العدو نفس آدم الأول وأسرها تحت سلطانه، وظن أنه قادر أن يخطف نفس آدم الثاني، نائب البشرية ومخلصها... لكنه لم يستطع. في البستان صرخ السيد المسيح لدى الآب ليرفعنا إليه وقت الضيق، وإذ دخل الجحيم هزّ أركانه وأخرج نفوس الأسرى. عدو الخير الأسد المزمجر لا يطلب إلا هلاك النفس، ومسيحنا الأسد الخارج من سبط يهوذا مخلص النفوس ومحررها بدمه الثمين! v يقول الرسول: "إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه" (1 بط 5: 8)، لذلك حينما يقول بصيغة الجمع: "خلصني من جميع المطاردين لي"، يكمل بصيغة المفرد، قائلاً: "لئلا يمزق نفسي مثل أسد". إذ لم يقل: "لئلا يمزقوا نفسي في أي وقت". فهو يعلم يقينا من هو عدو النفس الكاملة وخصمها العنيف... إن لم يفتِد الله أو يُخلص ينقضّ الشيطان على فريسته. القديس أغسطينوس |
||||
23 - 07 - 2020, 04:17 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور7 - أنشودة القديس المُفْتَرَى عليه
2. داود البريء: إذا كان العدو يطارد داود، التجأ الأخير إلى الله، في بيت الله، حيث يخضع لقسم التبرئة، مُقسمًا أنه برئ [4، 6؛ 1 مل 8: 31-32]، لا من كل خطايا، وإنما مما أتهم به ظلمًا! إذ وُجهت إليه تهمة التآمر والخيانة ضد حياة شاول وتاجه، تمامًا كما حدث مع أيوب (أي 31: 1) الخ، لذلك أقسم داود معلنًا تبرئته وتطهيره من هذا الذنب، باذلاً جهدًا عظيمًا لينطق مؤكدًا ضميره الصالح؛ وفي جرأة راح يستدر حكم الله العادل، فلا بديل لتبرئته سوى طلب عدالة الله. لهذا تضرع من أجل النجاة لكي يتمجد الله في حكمة بالبراءة. من يتألم ظلمًا دون ذنبٍ ارتكبه لا يخاف شيئًا، بل يعرف يقينًا أن الله يسمعه ويستجيب لصلاته، ويحارب عنه معانديه، ويتحمل عنه كل ضيق، بل ويقاوم مقاوميه ومضطهديه (2 تس 1: 4، 8). إذ كان لداود ضمير صالح خاصة في معاملاته مع أعدائه لم يخش أن يحتكم للسماء. وكما يقول القديس بولس: "لأن فخرنا هو هذا، شهادة ضميرنا أننا في بساطة وإخلاص الله لا في حكمة جسدية بل في نعمة الله تصرفنا في العالم ولا سيما من نحوكم" (2 كو 1: 12). كما يقول القديس يوحنا الحبيب: "أيها الأحباء، إن لم تلمنا قلوبنا فلنا ثقة من نحو الله" (1 يو 3: 21). من له الضمير الصالح في الرب لا يخشى مقاومة الناس بل يحتكم لله الفاحص الأعماق. كثيرًا ما يتعرض للضيقات، لكنه يؤمن بذاك القادر أن يبرر ويمجد أولاده! إذ لم يحتقر داود النبي وصية الله فأحب أعداءه دون أن يُضمر في قلبه شرًا أو يحمل فيه حقدًا، لهذا اطمأن أنه لن تحل به لعنةً ما بل يستجيب الله لصلاته. |
||||
23 - 07 - 2020, 04:17 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور7 - أنشودة القديس المُفْتَرَى عليه
يرى القديس يوحنا الذهبي الفم ستة شروط لاستجابة الصلاة[204]: أ. أن يكون الطالب مستحقًا لنوال طلبه. ب. اتفاق الطّلبة مع ناموس الله. ج. مداومة الطلبة. د. ألا تكون الطلبة أمرًا دنيويًا. ه. أن يكون الطالب مجاهدًا في حياة الفضيلة. و. أن تتفق طلبته مع مشيئة الله. يُعلن المرتل براءته أمام الله، قائلاً: "أيها الرب إلهي إن كنت فعلت هذا، وإن كان ظلمًا في يديّ؛ أو جازيت الذين صنعوا بي الشرور، |
||||
23 - 07 - 2020, 04:17 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور7 - أنشودة القديس المُفْتَرَى عليه
أسقط إذن أمام أعدائي فارغًا" [3-4]. سقط شاول بين يديّ داود مرتين، مرة في مغارة عدلام وأخرى في برية زيف، لكنه لم يمس شعرةً منه ولم يؤذه؛ بل ولم يدع أحدًا من أعوانه يتعرض لشاول بالضرر. هكذا يتعامل رجل الله مع عدوه من بني البشر بالخير الذي أوصاه به الكتاب المقدس (1 صم 24، 26). وكأن داود يقول: "إن كنت مذنبًا فإنني اعترف بأنني هكذا، ولكنني إن كنت أصنع خيرًا حتى مع أعدائي فليضطهد عدوي نفسي ويدركها ويدوس في الأرض حياتي... [5]. إن كان كوش يقيم ضدي اتهامًا صادقًا يُدينني، فلتحلّ بي كل أشر المهالك، وليقع بي كل ما يشتهيه ضدي عدوي، وليسلبني حياتي، ولينزعني من الوجود، وليدفن في التراب مجدي [5][205]. * أي مجد لنا إن كنا لا نؤذي من لا يؤذينا؟! بل الفضيلة الحقة هي أن نغفر لمن يؤذينا[206]. القديس أمبروسيوس v كان موسى وديعًا أكثر من جميع الناس (عد 12: 3)؛ وكان داود وديعًا بزيادة (مز 131: 2). لهذا يحثنا بولس هكذا: "عبد الرب لا يجب أن يخاصم بل يكون مترفقًا بالجميع، صالحًا للتعليم، صبورًا على المشقات، مؤدبًا بالوداعة المقاومين" (2 تي 2: 24-25). فلا تطلبوا الانتقام لأنفسكم ممن يؤذونكم، إذ يقول (الكتاب): "إن جازيت الذين صنعوا بي الشرور (بالشر)" [4]. لنصيرّهم إخوة لنا بترفقنا[207]. القديس أغناطيوس الأنطاكي |
||||
23 - 07 - 2020, 04:17 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور7 - أنشودة القديس المُفْتَرَى عليه
v "إن جازيت الذين صنعوا بي الشرور، لأسقط إذن بلا دفاع أمام أعدائي" [4]. ما المقصود بالقول "لأسقط"؟ طالما الإنسان على قدميه تكون له القوة أن يقف أمام أعدائه، يضرب ويُضرب، فينال نصرة أو تحل به الهزيمة، لكنه يظل واقفًا على قدميه؛ أما إن زلت قدماه وسقط ملقيًا على الأرض، فكيف يقدر على الاستمرار في مقاومة عدوه؟ لهذا نصلي بغيرة ألا نسقط أمام أعدائنا لئلا نسقط أمام أعدائنا، ولئلا يكون سقوطنا دون وجود دفاع... نطلب أن يلقينا (الخصم) أرضًا بهذه الكيفية إن كنا نجازي الشر بالشر. لا نطلب هذا فقط، بل نضيف: "ويدوس في الأرض حياتي" [5]. ما المقصود بحياتنا؟ قدرتنا على العمل في الفضيلة، واقتدارنا في العمل التقوى، فإننا نطلب ذلك أن نُداس في الأرض فنصير أرضيين تمامًا، وتنحدر كل أفكارنا وأعمالنا إلى الأمور الأرضية. |
||||
|