|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حارب الشيطان القدّيس أنطونيوس اب الرهبان ككلّ القدّيسين الآخرين، وحاول بحيل مختلفة أن يوقعه في فخّه، إلاّ أنّ رجل الله كان يحاول بكلّ طريقة أن يواجه حبائل الشرّير، وأن يتغلّب عليها بالصلاة. ففي أحد الأيّام .. حاول الشيطان أن يقنع أنطونيوس بأنّه قد بلغ رتبة عالية في الفضيلة حتّى إنّه لا يوجد شخص يماثله في التقدُّم الروحيّ .. فأسرَّ الشيطان بأذنه: "من مثلك يصوم، يا أنطونيوس، من يصلِّي كما تصلّي أنت، من يتقشّف كما تفعل أنت؟ لا أحد". أدرك أنطونيوس حيلة الشيطان، وعمد إلى الاستجارة بالربّ الذي أمدّه بالمعونة السريعة. ففي ذلك المساء .. بعد أن أنهى رجل الله صلاته الحارّة، وأطفأ قنديل الزيت، وأغلق أجفانه قليلاً طلباً للراحة، إذا به يسمع صوتاً إلهيّاً يقول له: "احتفظ يا أنطونيوس بتواضعك، واعلم أنّه في الطريق المؤديّة إلى الإسكندريّة تجد إسكافيّاً يفوقك قداسة" .. فهبَّ أنطونيوس من نومه متسائلاً: إسكافيّ! هل هذا ممكن؟!! .. إسكافيّ يفوق أنطونيوس في النسك والفضيلة؟!!.. حسناً، سأذهب صباح الغد إلى الإسكندريّة .. وبعد أن أشرقت الشمس، تناول القدّيس أنطونيوس عصاه، وانطلق إلى المكان الذي أرشده إليه الله وهو يردّد: "إسكافيّ في الإسكندريّة أعظم من نسّاك البريّة"؟!!.. وفي الطريق الفرعيّة المؤدِّية إلى الإسكندريّة، ظهر دكّان صغير، كان يقبع فيه إسكافيّ شيخ بسيط قليل الكلام جلس يُصلح حذاءً باجتهاد وعناية .. قال الإسكافيّ للراهب المتواضع: "باركوا" ( وهي تحيّة المسيحيّين قديماً لمن يزورونهم) .. أجاب القديس أنطونيوس ببساطة: "الربّ يباركك" (وهي الجواب على باركوا ومازال الرهبان يستعملون هذه التحيّة إلى الآن). تابع الإسكافيّ عمله في تصليح الحذاء وهو يهذُّ في أحد المزامير .. فبادره القدّيس أنطونيوس بالسؤال: - قل لي، يا بنيّ، كيف تُمضِي أيّام حياتك؟.. - لا أعرف، يا أبانا، إن كنت قد صنعتُ خيراً لأحد ما، ولا أتذكَّر إحساناً ما عملتُه .. - وكيف تُمضِي أيّامك؟!.. قاطعه الأب أنطونيوس متحيِّراً. - أنهض كلّ صباح وأقول لفكري: كلُّ سكّان الإسكندريّة والذين يسكنون أبعد من ذلك جميعهم سيخلصون إلاَّ أنا بسبب خطاياي الكثيرة .. فيعبر نهاري كلّه وأنا مستغرق في هذا الفكر .. وعند المساء أيضاً أتأمّل بالفكرة ذاتها، ملتمساً رحمة الله .. نهض أنطونيوس وعانق الإسكافيّ الفقير وقبَّله بتأثُّر كبير قائلاً: لقد اشتريت، يا بنيَّ، الكنز الثمين بتعب بسيط!!.. أمّا أنا فقد شخت في البريّة في الجهادات والأصوام، إلاّ أنّي لم أصل بعد إلى تواضعك .. ثمّ تناول الناسك العظيم عكَّازه، ومضى في طريق العودة منتفعاً جدّاً .. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الاستعداد للسفر في البريّة |
إن كثيرًا من السوّاح كانوا يأتون من أقاصي الأرض إلى بعض نسّاك مصر |
يشيّد نسّاك الكرمل معبدهم الأول على اسم من اتخذوها شفيعة |
السّلحفاة البريّة المصريّة |
في البريّة والهدوء |