منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 30 - 06 - 2016, 05:34 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

الكنيسة: طبيعتها ومهمتها


الكنيسة: طبيعتها ومهمتها
الفكر الجامع:
يتعذَّر علينا أن نبدأ بإعطاء تحديد رسمي للكنيسة، لأنه لا يقدر أيّ تحديد أن يدَّعي السلطان العقيدي، ولأنه لا يوحد أيّ تحديد عند آباء الكنيسة وفي مقرارات المجامع المسكونية. وفي الملخصات العقيدية التي وُضعت أحياناً في الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية وعلى الأخص في القرن السابع عشر، والتي تُنعت خطأ “بكتب اللاهوت الدستوري” لا نجد أي تحديد للكنيسة، باستثناء الاستشهاد بعبارة دستور الإيمان التي تتعلَّق بالكنيسة وإضافة بعض التفاسير بعبارة دستور الإيمان التي تتعلَّق بالكنيسة وإضافة بعض التفاسير إليها. لكنَّ قلة التحديدات الرسمية لا تشير إلى تشويش في الأفكار أو غموض في الآراء. فآباء الكنيسة لم يهتموا كثيراُ بعقيدة الكنيسة، لأن حقيقتها المجيدة كانت ظاهرة أمام رؤيتهم الروحانية. إن المرء لا يحدِّد ما هو واضح في ذاته، مما يفسِّر غياب فصل خاص بالكنيسة في كلّ العروض الأولى للعقيدة المسيحية، عند أوريجنس والقديس غريغوريوس النيصصي حتى عند القديس يوحنا الدمشقي. يعتقد عدد من الباحثين المعاصرين الأرثوذكسيين والكاثوليك أن الكنيسة نفسها لم تحدِّد طبيعتها وجوهرها. فروبرت جروش يقول: “إن الكنيسة نفسها لم تحدِّد حتى اليوم طبيعتها” . ويرى بعض اللاهوتيين أكثر من ذلك فيدَّعي إمكانية وجود أي تحديد لها. فلاهوت الكنيسة مازال في الصيرورة (im Werden) والتكوّن
واليوم يبدو أنه على المرء أن يتجاوز النزاع اللاهوتي المعاصر، لكي يبلغ ثانية المنظور التاريخي الواسع، ولكي يستعيد “الفكر الجامع” الحقيقي الذي يحوي خبرة الكنيسة التاريخية في محجتها خلال العصور. وعليه أن يعود من غرفة الصف إلى الكنيسة المصلِّية وأن يستبدل، على الأقل، لغة اللاهوت المدرسية بلغة الكتاب التصويرية والمجازية. فلعلّه يقدر أن يصف طبيعتها وأن يصوِّرها أكثر من أن يحدِّدها فعلياً. فهو يقدر أن يفعل هذا من داخل الكنيسة فقط. ولعلّ هذا الوصف مقنع لابناء الكنيسة فقط. فالسرّ لا تدركه إلاَّ بالإيمان.
رد مع اقتباس
قديم 30 - 06 - 2016, 05:34 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الكنيسة: طبيعتها ومهمتها

الحقيقة الجديدة:
إن اللفظة اليونانية “ekklesia” (كنيسة) التي اتخذها المسيحيون الأوائل للدلالة على الحقيقة الجديدة التي أدركوها أنهم شركاؤها، تفترض فهماً دقيقاً جداً لما كانت عليه الكنيسة. فهذه اللفظة التي تبنَّاها المسيحيون تحت تأثير استخدامهم للترجمة السبعينية تؤكد أولاً الاستمرار العضوي بين العهدين، لأن الوجود المسيحي قد فُهم من خلال المنظور المقدَّس للإعداد المسياني ولتحقيقه (عبرانيين 1: 1-2). وهذا المنظور يتضمَّن لاهوتاً محدَّداً عن التاريخ. فالكنيسة هي إسرائيل الحقيقي والشعب المختار حديثاً و”النسل المختار والكهنوت الملوكي والأمة المقدَّسة والشعب الذي اقتناه الله” (1 بطر 2: 9). بل هي البقيَّة المؤمنة والمختارة من الشعب القديم الذي لم يستجب لربه (لوقا 12: 32. “القطيع الصغير” أي القطيع “الباقي” المعاد إقامته وتخليصه وتقديسه). فكلّ شعوب الأرض من يونانيين وبرابرة اقتطعهم الله وطعَّم بهم شعبه الجديد (هذا هو الموضوع الرئيسي في رسالتي القديس بولس إلى رومية وغلاطية، أنظر كذلك الفصل الثاني من رسالته إلى أهل أفسس).
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 06 - 2016, 05:35 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الكنيسة: طبيعتها ومهمتها

تحمل لفظة “ekklesia” (كنيسة) التي هي ترجمة للّفظة العبرية “Qahal” تشديداً خاصاً في العهد القديم على الوحدة الأساسية للشعب المختار، إذ إنه مقدّس بجملته. فهذه الوحدة تأصَّلت في سرّ الاختيار الإلهي أكثر منها في واقع الملامح “الطبيعية”. وهذا التشديد لم يثبت إلاَّ عبر تأثير الاستعمال الهلِّيني لهذه اللفظة التي تدلّ عادة على اجتماع أسياد الشعب في المدينة وعلى اللقاء العام لجميع المواطين القانونيين. وعندما طُبقت هذه اللفظة على الوجود المسيحي الجديد احتفظت بمولدها القديم. فالكنيسة كانت الشعب والمدينة بآن واحد، لكن التشديد وُضع على وحدة المسيحيين العضوية.
منذ البدء كانت المسيحية توحِّد الناس حقَّاً لتجعلهم جماعة واحدة. فحتى يكون الإنسان مسيحياً عليه أن ينتمي إلى جماعة. لا يقدر أحد أن يكون مسيحياً بمفرده وكفرد منعزل، بل “بل الإخوة” وفي “شركة معهم”: “Unus christianus – nullus christianus” (مسيحي واحد – لا مسيحي). فالقناعة الشخصية وحدها أو حتى طريقة العيش وحدها لا تجعلان المرء مسيحياً، لأن الوجود المسيحي يتطلَّب اندماجاً في الجماعة، أي في الجماعة الرسولية، وفي مشاركة الاثني عشر ورسالتهم. “فالجماعة” المسيحية جمعها وأقامها يسوع المسيح نفسه “أثناء حياته في الجسد”، وأعطاها على الأقل قواماً وبنية مؤقتين عندما دعا الاثني عشر الذين أطلق عليهم لقب “الرسل” أو لقب “السفراء” (أنظر لوقا 6: 13: “الذين سمَّاهم رسلاً”). “فإرسال” الاثني عشر لا يكون مهمة فقط، بل يكون تفويضاً، لأنه أعطاهم معه “القوة” (مرقس 3: 15، متى 10: 1، لوقا 9: 1). ولمّا أقام الاثني عشر “شهوداً” للرب (لوقا 24: 48، أعمال 1: 8) استحقوا وحدهم أن يصونوا استمرار الرسالة المسيحية وحياة الشركة. إذن، كانت المشاركة في حياة الرسل السمة الأولى “لكنيسة الله” في أورشليم (أعمال 2: 42، Koinonia).
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 06 - 2016, 05:35 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الكنيسة: طبيعتها ومهمتها

المسيحية هي “الحياة المشتركة”. ولذلك يجب على المسيحيين أن يعتبروا أنفسهم “إخوة” (وكانت هذه اللفظة من أسمائهم الأولى) وأعضاء في جماعة واحدة تربطهم مودَّة حارَّة. فكان الإحسان العلامة الأولى والبرهان الأول لهذه الشركة العضوية. ونحن استحققنا أن نقول: إن المسيحية شركة وتعاون وأخوّة ووحدة “ومجتمع ودّ” (coetus fidelium). إن وصفاً كهذا عون لنا في البدء لكنه يتطلَّب توضيحاً، لأنه يفتقر إلى أمر مهمّ. فعلى المرء أن يسأل: علامَ تقوم هذه الوحدة وهذه الشركة؟ وفيمَ تتأصل؟ وما هي تلك القوة التي تجمع وتوحِّد الناس؟ هل هذه القوة غريزة اجتماعية فقط، أم قوة للتلاحم الاجتماعي؟ هل هي دافع شعوري أو قوة أخرى للتجاذب الطبيعي؟ هل تقوم هذه الوحدة على إجماع في الآراء، أم على تماثل في النظريات والقناعات؟ وخلاصة القول، هل الجماعة المسيحية، أي الكنيسة، هي مجرَّد مجتمع إنساني؟ لا شك أن شهادة العهد الجديد الواضحة تنقلنا إلى مستوى يفوق المستوى البشري، لأن المسيحيين لا يتَّحدون فيما بينهم فقط، بل يتحدون أولاً في يسوع المسيح. وهذه الوحدة مع المسيح هي التي تجعل اتحاد الناس ممكناً “فيه”. فمركز هذه الوحدة هو الرب والقوة التي تحققها هي الروح. إن المسيحيين ينضمُّون إلى هذه الوحدة بالقصد الإلهي وإرادة الله وقوته، فوحدتهم تنحدر من العلاء. إنهم واحد في المسيح مثل الذين وُلدوا فيه حديثاً “متأصلين راسخين فيه” (كولوسي 2: 7) ومثل الذين قبلوا “المعمودية بروح واحد ليكونوا جسداً واحداً” (1 كور 12: 13). أسَّس الله كنيسته بيسوع المسيح ربنا لتكون “خليقته بالماء والكلمة”. إذن، ما هي مجتمع بشري، بل “مجتمع إلهي”، ولا هي جماعة “من هذا العالم”، مشابهة لجماعات بشرية أخرى، بل جماعة مقدَّسة لا تنتمي أساساً إلى “هذا العالم” ولا إلى “هذا الدهر”، بل إلى “الدهر الآتي”.
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 06 - 2016, 05:35 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الكنيسة: طبيعتها ومهمتها

ينتمي المسيح نفسه إلى هذه الجماعة كرأس لها، لا كسيِّد ورب فقط. وهو لا يكون فوق الكنيسة أو خارجها، فالكنيسة هي فيه. وما الكنيسة مجرَّد جماعة تؤمن بالمسيح وتسير على خطاه أو وفقاً لوصاياه، بل الجماعة التي تقيم فيه والتي يقيم هو فيها بالروح القدس. اختار اللهُ المسيحيين و”ولدهم من جديد” وأعاد خلقهم، لكنه لم يعطهم نمطاً جديداً فحسب، إنما أعطاهم مبدأً جديداً: الحياة الجديدة في المسيح بالروح القدس. إنهم “شعب خاص”، “اقتناه الله لنفسه”. والنقطة الأساسية هي أن الجماعة المسيحية أي الكنيسة (ekklesia)، تؤلِّف شركة في الأسرار (communion sacris) و”شركة في المقدَّسات” أي بالروح القدس، أو حتى “شركة قديسين” (communio sanctorum). تتمّ وحدة الكنيسة بالأسرار. فسرَّا المعمودية والشكر هما “السرَّان الاجتماعيان” في الكنيسة، وبهما يُعلن دائماً المعنى الحقيقي “للشركة” المسيحية ويُختم. ونقول بتشديد أكبر إن الأسرار تؤلِّف الكنيسة. ففيهما فقط تتجاوز الجماعة المسيحية القياس البشري الصرف لتصبح الكنيسة. لذلك كان “منح الأسرار بصورة صحيحة” أمراً يتعلَّق بجوهر (esse) الكنيسة. فالأسرار يجب أن تؤخذ “باستحقاق”، فهي لا تنفصل عن جهاد المؤمنين الداخلي وعن موقفهم الروحي. إن المعمودية مثلاً يجب أن يسبقها الندم والإيمان. فالعلاقة الشخصية بين المقبل إلى المعمودية وربه يجب أن تقوم أولاً على سماع الكلمة وقبولها وقبول رسالة الخلاص، لأن قَسَمْ الولاء لله ولمسيحه شرط أساسي وضروري لمنح السرّ (المعنى الأصلي للفظة sacramentum هو القَسَم العسكري). “يُدرج” الموعوظين بين الإخوة بناء على إيمانه. ولذلك يتلقَّى الإنسان نعمة المعمودية ويحفظها بالإيمان والوفاء والترسّخ في الإيمان ووعده. لكن الأسرار علامات حقيقية للنعمة المخلِّصة لا مجرَّد علامات للإيمان المعترَف به، ورموز خارجية للعمل الإلهي لا مجرّد رموز للتوق والولاء الإنسانيين. في الأسرار يرتبط وجودنا الإنساني بالحياة الإلهية، ويرتفع إليها بالروح الواهب الحياة.
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 06 - 2016, 05:35 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الكنيسة: طبيعتها ومهمتها

الكنيسة بكلّيتها جماعة مقدَّسة (أو مكرَّسة) ومتميِّزة عن العالم (المدنَّس). فهي الكنيسة المقدَّسة ولذلك استعمل بولس لفظتَيْ “كنيسة” و”قدّيسين” وكأنهما مترادفتان. ويجدر بنا أن نشير إلى أن لفظة “قدّيس” في العهد الجديد يكثر استعمالها في صيغة الجمع، لأن القداسة بمعناها الحقيقي ترتبط بالجماعة. فهي لا تدلّ أبداً على المآثر الإنسانية، بل على عطيّة وتقديس وتكريس. وهي تنحدر من القدّوس الأوحد أي من الله. والإنسان يكون قدّيساً عندما يشارك في الحياة الإلهية. فالقداسة تُتاح للأفراد في حياة الشركة فقط، وبالأولى في “شركة الروح القدس”. إن عبارة “شركة القدّيسين” حشو وتكرار في الكلام، لأن الفرد لا يقدر أن يكون “قدّيساً” إلا في حياة الشركة.
نقول بدقة إن الجماعة المسيانيَّة التي جمعها يسوع المسيح حوله لم تكن “الكنيسة” قبل الآلام والقيامة، وقبل أن يرسل الآب “ما وعد به”، وقبل أن “تحلّ عليها القوة من العلى” و”تعتمد بالروح القدس” (لوقا 24: 49، أعمال1: 4-5)، في سر يوم الخمسين، وقبل انتصار الصليب الذي أُعلن في القيامة المجيدة. كانت هذه الجماعة “تحت ظل الشريعة” (sub umbraculo legis)، لكنَّ الاكتمال كان وشيكاً. ويوم الخمسين كان ليشهد لانتصار المسيح وليضع الختم على هذا النصر. إن “القوة من العلى” دخلت التاريخ فأُعلن “الدهر الجديد” وابتدأ تحقيقه. فحياة الأسرار في الكنيسة استمرار ليوم الخمسين.
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 06 - 2016, 05:36 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الكنيسة: طبيعتها ومهمتها

كان نزول الروح إعلاناً سامياً، لأنه في “السرّ الرهيب الذي لا يفسَّر” الذي تمَّ في يوم الخمسين جاء الروح المعزِّي العالمَ الذي ما كان حاضراً فيه مثلما صار فيه الآن، وتفجَّر ينبوع غزير من الماء الحيّ على الأرض، أي في العالم الذي خلَّصه الرب المصلوب والناهض وصالحه معه. لقد حضر الملكوت، لأن الروح القدس هو هذا الملكوت . لكنَّ “حضور” الروح يعتمد على “ذهاب” الابن (يو 16: 7). انحدر “المعزِّي الآخر” ليشهد للابن وليعلن مجده وليضع ختماً على انتصاره (يو 15: 26، 16: 7 و14). في الروح القدس عاد الرب الممجَّد إلى قطيعه ليقيم معه دائماً (يو 14: 8 و28)… فيوم الخمسين كان تقديساً سرِّياً لكلّ الكنيسة ومعموديتها (أعمال 1: 5). إن معمودية النار هذه أقامها الرب نفسه، لأنه يعمِّد “بالروح القدس والنار” (متى 3: 11، لوقا 3: 16). والآب أرسل الروح القدس عربوناً في قلوبنا، وهو روح التبنّي في المسيح يسوع و”قدرة المسيح” (2 كور 12: 9). فبالروح القدس نعترف بأن يسوع هو الرب (1 كور 12: 3). وعمل الروح في المؤمنين هو أن يجعلهم أعضاء في جسد المسيح وأن يعمّدهم ليكونوا جسداً واحداً (1 كور 12: 13)، أي جسد المسيح. يقول القديس أثناسيوس: “بما أننا سُقينا مشروب الروح فنحن نشرب المسيح”، “فالصخرة كانت المسيح” .
بالروح القدس يتَّحد المؤمنون بالمسيح ويتَّحدون فيه ويصبحون أعضاء في جسده، جسد المسيح الواحد: هذا التشبيه الرائع الذي أورده بولس في أماكن متعدِّدة ليصف سرّ الوجود المسيحي هو أفضل شهادة عن خبرة المودّة في الكنيسة الرسولية. فهو لم يورد هذا التشبيه عرضاً أو اتفاقاً، لأنه خلاصة الإيمان والخبرة.
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 06 - 2016, 05:36 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الكنيسة: طبيعتها ومهمتها

شدَّد الرسول بولس على اتحاد المؤمنين بربهم، وعلى مشاركتهم في ملئه. ولقد أشار القديس يوحنا الذهبي الفم في تفسيره للآية الرابعة من الإصحاح الثالث من الرسالة إلى أهل كولوسي إلى أن بولس كان في كل كتاباته يسعى إلى أن يظهر المؤمنين “مشاركين إياه (أي المسيح) في كلّ شيء”، “فيتحدث عن الرأس والجسد حتى يظهر هذا الاتحاد” . ولعلَّ خبرة سرّ الشكر أوحت بهذه العبارة (أنظر 1كور 10: 17)، حتى إنها استُعملت لتوحي بمدلولها السِّري، أي إن كنيسة المسيح واحدة في سرّ الشكر، لأن هذا السرّ هو المسيح نفسه الذي يقيم سرِّياً في الكنيسة جسده. الكنيسة جسد ووحدة عضوية وأكثر من جماعة بكثير. ولعلَّ لفظة “الجسم الحيّ أو الكيان” هي أفضل ترجمة حديثة للفظة الجسد “to soma” التي استعملها بولس الرسول.
بل إن الكنيسة جسد المسيح و”ملؤه”. الجسد والملء (to soma to pleroma). هاتان اللفظتان تتلازمان وتترابطان في فكر بولس. فالواحدة تفسِّر الأخرى: الكنيسة “هي جسد وملؤه، وهو الذي يملأ كلّ شيء في كلّ شيء” (أفسس 1: 23). الكنيسة جسد المسيح، لأنها تتمة له. ويفسِّر يوحنا الذهبي الفم فكرة بولس بهذا المعنى قائلاً: “تكون الكنيسة ملء المسيح مثلما يكون الرأس ملء الجسد ومثلما يكون الجسد ملء الرأس”. المسيح لم يبقَ بمفرده لأنه “أعدّ الجنس البشري كلّه ليتبعه ويلتصق به ويقتفي أثره”. ويؤكِّد الذهبي الفم فيقول: “أنظر إليه (أي إلى بولس) كيف يظهره لنا محتاجاً إلى الكلّ، أي إلى جسده. إذن هو يكتمل بالكلّ. فالرأس يكتمل والجسد أيضاً عندما نتّحد جميعنا ونتلاحم” .
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 06 - 2016, 05:36 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الكنيسة: طبيعتها ومهمتها

وبكلام آخر، الكنيسة هي امتداد التجسّد المقدَّس و”ملؤه”، بل هي امتداد حياة الابن المتجسد مع “كل ما جرى من أجلنا، الصلب والقبر والقيامة بعد ثلاثة أيام والصعود إلى السماء والجلوس عن يمين الآب” (قداس يوحنا الذهبي الفم، صلاة تقديس القرابين).
يكتمل التجسد في الكنيسة، لأن لكنيسة بمعنى من المعاني هي المسيح نفسه في ملئة الذي يجمع الكلّ (أنظر 1 كور 12: 12). هذه الوحدة بين الكنيسة والمسيح أشار إليها ودافع عنها أوغسطين فقال: “لا من أجل أن يجعلنا مسيحيين فقط، بل من أجل أن يجعلنا مسيحاً”، إن كان هو ارأس فنحن الأعضاء: “يتكون الإنسان الكامل منه ومنّا، المسيح والكنيسة”، لأن “المسيح لا يكون في الرأس أو الجسم (فقط)، بل المسيح الكامل هو الجسد والراس معاً” وعبارة المسيح الكامل (totus christus) التي كررها أوغسطين والتي كانت فكرته الأساسية والمفضلة استواحاها بالتأكيد من القديس بولس: “عندما أتحدث عن المسيحيين بصيغة الجميع أفهم أنهم واحد في المسيح الواحد. فأنتم كثيرون ولكنكم واحد: نحن كثيرون وواحد أيضاً. “فما ربنا يسوع المسيح في ذاته فقط، بل فينا” ، “هناك إنسان واحد حتى انقضاء الدهر”.
إن القناعة الأساسة في هذا الكلام كله واضحة: إن المسيحيين يتّحدون بالمسيح والمسيح يقيم فيهم وهذا الاتاد الحميم هو سر الكنيسة. فالكنيسة هي كما كانت، مكان حضور الرب الناهض الخلاصي في عالم مفتدى. “جسد المسيح هو المسيح نفسه”. والكنيسة هي المسيح لأنه أصبح بعد القيامة حاضراً بيننا، ويلاقينا على هذه الأرض . بهذا المعنى نقول: المسيح هو الكنيسة، “لأنه هو نفسه الكنيسة التي ضمّها إلى ذاته بسرّ جسده” . وفي تعليم كارل آدم: “المسيح، الرب، هو الأنا الحقيقية للكنيسة” .
  رد مع اقتباس
قديم 30 - 06 - 2016, 05:36 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,942

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الكنيسة: طبيعتها ومهمتها

الكنيسة هي وحدة حياة المواهب المتعدِّدة، ومصدر هذه الوحدة محتجب في سرّ العشاء الربَّاني وفي سرّ يوم الخمسين. فيوم الخمسين يستمر في الكنيسة ويدوم فيها بالتعاقب الرسولي. وهو، كما كان، ليس هيكل الكنيسة القانوني وحسب. فالكهنوت (أو “الهيرارخيا”) مبدأ يقوم على المواهب و”خدمة الأسرار” و”تدبير إلهيّ”. ما الكهنوت منصباً قانونياً، أو بنية مؤسسية في الكنيسة فقط، بل صورة بنيوية لا غنى عنها، وذلك بمقدار ما تكون الكنيسة جسداً وكياناً حيّاً. وما الكهنة “موظَّفين” مكلَّفين بالجماعة أو زعماء أو مندوبين عن “جمهور المؤمنين” أو عن “الشعب” أو عن “الرعية” فقط، فهم لا يعملون “بشخص الكنيسة” (in persona ecclesiae) فقط، بل “بشخص المسيح” أولاً (in persona Christi). هم “ممثِّلون” للمسيح نفسه، لا المؤمنين. فيهم وبهم يُكمْل ويُحقق ويُتمّ رأسُ الجسد ورئيسُ كهنة العهد الجديد عملَه الرعوي والكهنوتي الأبدي. فهو الكاهن الحقيقي الأوحد في الكنيسة. والآخرون هم خدَّام أسراره، فهم يقومون مقامه أمام الجماعة وبما أن الجسد يكون واحداً في رأسه فقط، وبما أن أوصاله تلتئم وتتَّحد بهذا الرأس وفيه، فالكهنوت في الكنيسة يكون كهنوت الاتحاد. ففي الكهنوت لا يظهر الجسد متَّحدا اتحاداً عضوياً فحسب، بل يظهر متأصلاً ومتجذِّراً فيه، من دون أي إجحاف “بمساواة” المؤمنين الذين هم على صورة “مساواة” خلايا الجسم الحيّ الذي لا يُهدم بالاختلاف البنيوي بينها: كلّ الخلايا تتساوى، لكنها تختلف وظائفياً، وهذا الاختلاف يخدم الوحدة العضوية ويجعلها أكثر شمولاً والتصاقاً. فوحدة كل رعية تنبع من الوحدة في الطعام الافخاريستي. أمَّا الكاهن الذي يقيم سرّ الشكر فهو خادم وحدة الكنيسة ومشيِّدها. لكن هناك وظيفة أخرى تسمو فوقها. وهذه الوظيفة هي لضمان الوحدة المسكونيَّة والجامعة للكنيسة بأجمعها في المكان والزمان. إنها المقام الأسقفي والخدمة الأسقفية. فالأسقف عنده سلطان وضع اليد. وهذا السلطان لا يُعطى له كامتياز قانوني فقط، بل يؤلِّف قوة أسرارية تسمو على القوة التي تُعطى للكاهن. وبما أنه الأسقف “واضع لليد” فهو باني وحدة الكنيسة على نطاق أوسع.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
المسيحية فى طبيعتها حياة نشربها
الخطية تحمل الموت في طبيعتها
حسن نافعة الحكومة الجديدة ضعيفة ومهمتها تسيير الأعمال
شاهد تمرد الخضروات على طبيعتها
مصادر سيادية تكشف:"الإخوان" تشكل "ميليشيات الموت" ومهمتها ..


الساعة الآن 08:03 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024