|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أنا عرفت ما فعله المسيح،
لكن لو كنت أقبل هذا وأشعر بالاكتفاء إن النفوس التي تواجه هذه الصعوبة، تظن أن بإمكانها أن تعرف ما عمله المسيح على الصليب. ولكن لو عرفت هذه النفوس حقيقة هذا العمل الكامل وطبيعته ما كانوا قد تكلموا بمثل هذا الكلام. خّذ هذه الحادثة مثلاً، بقصد الإيضاح- أن ولداً كسر لوحاً من زجاج واجهة إحدى المحال التجارية، وهو يُلقي حجراً. فأمسكوا الولد وعرف المطلوب منه في هذا الموقف، أن يسدد قيمة اللوح الزجاجي المكسور. ولكن لم يكن معه المال، فقالوا له ليس أمامك سوى السجن أو التسديد. ويتقدم واحد وهو قريب لصاحب المحل وصديق للولد في ذات الوقت وكان موجوداً وقت هذه الحادثة. فيضع يده في جيبه- ويلتفت إلى الولد ليوبخه بلطف فيهتز قلب الولد، ويتحول إلى صاحب المتجر قريبه ليقول له كم قيمة التلفيات؟ -عشرة جنيهات، قالها بلهجة حاسمة. -هاهي، ثم يضعها أمامه، ويقول "هل أنت راض الآن؟" فيمد يده ويأخذ المبلغ قائلاً: تمام -والآن أعطني إيصال باستلام المبلغ. ويستلم الإيصال، وصاحب المتجر أصبح راضياً تماماً. أما الولد فهل يظل يطلب العفو من صاحب المتجر؟ كلا. وهل عليه أن يتردد فيما فعله صديقه له؟ كلا أيضاً. إنه وجد فيه الرحمة، وهو الآن حر من أي مطلب أو دين. فليست المسألة أن يكون المخطئ متراضياً ومستريحاً بما فعله صديقه، كلا. ولكنه يقول إذا كان صاحب المتجر الذي كسرت له لوح الزجاج قد تراضى فلماذا لا أكون مستريحاً أنا كذلك؟. فإذا قابلت الولد وسألته عما حدث، فإنه لا يتحدث عن خطئه دون أن يتكلم عن الرحمة التي أظهرها صديقه. وإذا سألته كيف تعرف إن كان صاحب المتجر لا يأتي ويطالبك ثانية بالمبلغ بعد ذلك؟ فيرد: إنه لا يفعل ذلك بحسب العدالة. ولكنني مدين فقط لمن سدد عني الدين فأعطاني العفو. إنه صديقي الذي طوق عنقي بهذا الجميل الذي لن أنساه. - أتريد أن تقول أنك تثق في بره وعدالته؟ - بكل تأكيد، فإن عدالته تمنعه أن يأخذ حقه مضاعفاً. والآن إذا طبقنا الشرح. ألم يقف المسيح في الثغرة التي صنعتها الخطية بين الله القدوس والبشر الخاطئين؟ ألم يقدم نفسه لله وهو بلا عيب لأجل إيفاء كل مطاليب عدالة الله وبره تجاه الخطية؟ ألم يكن المسيح أيضاً هو عطية محبته، الحمل الذي أعده لكي يقدمه؟. والمسألة الآن ليست أيها الصديق إن كنت تقبل ما عمله المسيح؟ بل بالحري هل قبل الله ما عمله المسيح ووجد فيه الاكتفاء التام لكل مطاليب عدالته إزاء خطايانا؟ ألست تؤمن بأن الله قد قبل ما تحمّله الابن على الصليب لأجل خطايانا، فإذا آمنت الآن فلتسبح ذاك الذي تألم لأجلك. والله الذي بذله بمحبة لكي يتمم العمل. ولقد تبرهن رضا الله وقبوله لعمل هذا البديل فالحجاب المشقوق، والقبر الفارغ والمجد الذي به أقيم ذاك الذي حمل الخطايا، وجلوسه على يمين العظمة، وإشراق مجد الله في وجه يسوع المسيح، والأكاليل التي طوقت جبينه- كل هذه تؤكد لنا أن عمله الكفاري قد قُبل. ويضاف إلى كل هذا كلمات الرب نفسه الخارجة من شفتيه قبيل أن يصعد إلى الآب: "أنا مجدتك على الأرض العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته" (يو17: 4). وما أحب وما أقوى هذه الكلمات الموحى بها التي تُخصص عمل المسيح للخاطئ: "صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة" (1تي1: 15) (اقرأ أيضاً رو5: 6- 8). ودعونا نتصور حالة شخص يقبع تعيساً في زنزانته انتظاراً ليوم الإعدام شنقاً، وإذا برسول يدخل عليه بنبأ سعيد قائلاً له: إن شخصاً ما تقدم ليضع حياته لأجلك تطوعاً منه. هنا تأخذ الدهشة ذلك السجين فيسأل "من هو هذا؟" وبلهفة يسأل مرة بعد أخرى "من هو هذا الصديق؟" "هل يقصد فعلاً أن يفعل ذلك؟"، "هل يثبت على قصده أم يغير رأيه؟" فيقول له الرسول "لا تفكر يا أخي هكذا إنه مات فعلاً من أجلك. إني أبشرك". فيسأل ذلك السجين "وهل قبلت المحكمة هذه البدلية؟" "هل صدَّق رئيس الدولة على تنفيذ الحكم؟" يقول الرسول "نعم قُبلت بدليته ونُفذ الحكم فعلاً وأنا أُرسلت من قبل الرئيس لأخبرك بأنك الآن طليق. لقد وُهبت حريتك بسبب هذا البديل وصدَّق رئيس الدولة على مرسوم العفو". والآن ليس فقط أن المسيح قدم نفسه لله بلا عيب لأجلك (عب9: 14و 10: 9) بل أيضاً تألم مرة واحدة من أجل الخطايا البار من أجل الأثمة لكي يُقربنا إلى الله" (1بط3: 18). ولماذا؟ يقول بطرس هنا "لكي يُقربنا إلى الله؟". ذلك لأن الله يريد أن نكون قريبين منه. والآن الله ليس فقط يعلن اكتفاء قلبه بهذا العمل بل إن قلبه المحب ومطاليب قداسته قد وجدت كل الكفاية وتمجد أيضاً. هذا أمر هام جداً. لأنه إذا كان ذلك الصديق قد مات عن صديقه فماذا كان يفيده هذا الموت إذا يرضى به رئيس الدولة؟ ماذا يقول الرسول يوحنا؟ "إن كان الله قد تمجد فيه فإن الله سيمجده في ذاته ويمجده سريعاً" (يو13: 32). وقد مجده فعلاً لأننا نقرأ عن المسيح أنه: 1- أُقيم من الأموات بمجد الآب (رو6: 4) 2- وأنه رُفع في المجد (1تي3: 16) 3- وأنه "مكللٌ بالمجد والكرامة" (عب2: 9) 4- وقد رفعّه الله وأعطاه اسماً فوق كل اسم (في 2: 9). فأية براهين أعظم من هذه يقدمها الله تعبيراً عن شبعه واكتفائه بعمل المسيح؟ ليس أن الله شبع واكتفى بنا في ذواتنا أو بأعمالنا الحقيرة القاصرة بل بالمسيح وبالعمل الذي مجّد الله تمجيداً أبدياً وضمن بركة أبدية للإنسان. ليتك يا أخي لا تنشغل فيما بعد بأفكارك الخاصة عن سلام مزعوم أو راحة أساسها عمل يديك وليتك تقول مع المرنم: راحة عذبة وسلاماً يغمران نفسي حلو تسبيح لساني به ترنماً فالله اكتفى بيسوع ابنه فماذا لي غير أن أكتفي به |
|