|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إشتهيتك في الليل _ نيقيطس الرمسياني إشتهيتك في الليل نيقيطس الرَّمسيانّي (أسقف رمسيانا (صربيا حاليا)، تنيح عام 411م) والآن أيها الأحباء، أود أن أقول كلمة عن التقليد القديم ومنفعة السهر. من السهل الشروع في عمل ما، عندما نضع أمام أعيننا كم هو مفيد لنا. الإخلاص للسهر هو أمر قديم جداً. لقد كان تقليد مألوف جداُ بين القديسين. النبي إشعيا هو الذي صرخ إلى الرب قائلاً: "بنفسي إشتهيتك في الليل. أيضاً بروحي في داخلي إليك أبتكر" (إش 9:26). داود الذي مُسح مسحاً مضاعفاً كملك ونبي، بدأ هكذا بالترنيمة: "يارب إله خلاصي بالنهار والليل صرخت أمامك" (مز 88)، ويقول أيضاً: "ذكرت في الليل إسمك يارب وحفظت شريعتك" (مز 118). ربما تعتقد أنه كان في السرير عندما غنى هذه المزامير. فبعض الناس الأكثر كسلاً يظنون أنه إذا صلى الشخص في السرير وردَّد مزمور أو ما شابه، هذا كاف. بالطبع، لا شيء خاطئ في ذلك، لأنه من الجيد للنفس أن تفكر في الله في أي وقت كان، وفي أي مكان. ولكن لإثبات أنه من الأفضل النهوض قبل أن يضع الإنسان نفسه في حضرة الله، لنأخذ تعبير آخر لدواد النبي، حيث يوضح الوقت والمكان وإسلوب الصلاة: "بالليالي ارفعوا أيديكم نحو القدس وباركوا الرب" (مز 134)، ولئلا تظنون أنه يقصد الساعات الأولى فقط من الليل، يسرع ويقول: "في منتصف الليل أقوم لأحمدك على أحكام برك" (مز 118). هنا نجد وقت القيام بشكل واضح، واللياقة الواجبة عند تقديم الحمد والإعتراف لله. كلما أتأمل أكثر في فكر القديسين، كلما أنتبه بالأكثر إلى ما هو عال وفائق لقدرات الطبيعة الإنسانية. لنتذكر ما قاله صاحب المزامير: "أني لا أدخل إلى مسكن بيتي، لا أصعد على سرير فراشي، لا أعطي لعيني نوماً أو لأجفاني نعاساً، ولا راحة لصدغي، إلى أن أجد موضعاً للرب ومسكناً لإله يعقوب" (مز 132). من لا يندهش ويتعجب أمام مثل هذه المحبة لله، ومثل هذا التكريس القلبي، الذي يجعل ملكاً ونبياً يحرم نفسه من النوم - ما هو ضروري جداً للنشاط الجسدي - إلى أن يجد موضعاً لكي يبني هيكلاً للرب؟! هذه الحقيقة، تقدم عتاباً شديداً لنا، نحن الذين نشتاق أن نكون موضع سكنى للرب، وأن نُحسب كموضع خيمته وهيكله إلى الأبد. كما يذكرنا بولس الرسول: "أما تعلمون أنكم هيكل الله" (1 كو 3). هلم إذا نلتهب غيرة بمثال القديسين ونحب الأسهار بأقصى طاقتنا. فلا يقال عنا ما قيل في المزمور: "ناموا نومهم. وكل رجال البأس خانتهم سواعدهم" (مز 76: 6). بل بالأحرى، ليكن كل واحد منّا مسرور أن يقول: "في يوم ضيقي التمست الرب. يدي انبسطت في الليل، ولم أُخدَع" (مز 77: 2 س)، إذ أنه "حسن هو الحمد للرب والتَّرنم لاسمك أيها العليُّ. أن يُخبَرَ برحمتك في الصباح وأمانتك كل ليلة" (مز 92). هذه الأفكار، وأفكار كثيرة أخرى، تركها لنا القديسين في ترانيم وكتابات أخرى، حتى نتحرك نحن ورثتهم بمثل هذه الأمثلة، ونحتفل في الليل بأسهار خلاصنا. الآن من العهد القديم إلى الجديد، من خدام الناموس إلى خدام الإنجيل، إذ أن نعمة السهر يؤكدها العهد الجديد أيضاً. أنه مكتوب في الإنجيل أن حنَّة بنت فنوئيل كانت "لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات ليلاً ونهاراً" (لو 2). وبينما كان الرعاة الأتقياء يحرسون حراسات الليل على رعيتهم، كافأهم الرب بأن يكونوا أول من رأوا الملائكة في المجد، وأن يسمعوا عن ولادة السيد المسيح على الأرض (لو 2). أيضاً بالنسبة لتعاليم مخلصنا، كان الرب دائماً يحث سامعيه على السهر. لنأخذ ما قاله في مثل الزارع: "وفيما الناس نيام جاء عدوه وزرع زواناً في وسط الحنطة ومضى" (مت 13). فلو لم يكونوا نائمين، ما كان العدو قد إستطاع أن يزرع الزوان. ولننتبه أيضاً لكلامه في موضع آخر: "لتكن أحقائكم ممنطقة وسُرجكم موقدة. وأنتم مثل أناس ينتظرون سيدهم متى يرجع من العرس حتى إذا جاء وقرع يفتحون له للوقت. طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين ... وأن أتى في الهزيع الثاني أو أتى في الهزيع الثالث ووجدهم هكذا فطوبى لأولئك العبيد ... فكونوا أنتم إذا مستعدين لأنه في في ساعة لا تظنون يأتي ابن الإنسان" (لو 12). وفيما يتعلق بالسهر، ما علمه الرب بالكلام أكده أيضاً بالمثال. يشهد الإنجيل على حقيقة أنه "قضى الليل كله في الصلاة لله" (لو 6). لم يحفظ الرب السهر الليلي من أجل ذاته، بل لكي يتعلم عبيده - الفقراء والضعفاء - ما يجب أن فعلوه، برؤيتهم الرب الغني يصلي - التي ليست له حاجة إليها - ويقضي بعزم وتصميم طوال الليل كله في الصلاة. لذلك نراه يوبخ بطرس في وقت الآلام قائلاً: "أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة"، ثم قال لجميعهم: "اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة" (مت 26). والآن أسألكم هل هناك شخص لا توقظه مثل هذه الكلمات والأمثلة، حتى ولو كان نائماً نوماً عميقاً كالأموات؟! وقد علّم الرسل المباركين بكلمات مثل هذه، وشددوا الناس بمثل هذه الأمثلة، ومارسوا السهر الروحي بأنفسهم وأوصوا الناس به. عندما كان بطرس في السجن، أيقظه ملاك، وعندما أنفتح الباب الحديد جاء إلى بيت مريم "حيث كان كثيرون مُجتمعين"، وكانوا لا يغطون في نوم عميق بل يُصلون (أع 12). أنه بطرس هو الذي وضع هذه الكلمات في رسالته: "اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو" (1 بط 8:5). وأيضاً عندما كان بولس وسيلا في السجن العام، كانوا يصلون في نصف الليل، "يسبحان الله والمسجونون يسمعونهما، فحدث بغتة زلزلة عظيمة حتى تزعزعت أساسات السجن فانفتحت في الحال الأبواب كلها وانفكت قيود الجميع" (أع 16). الرسول بولس المبارك أيضاً في ترواس، عندما كان مزمع أن يمضي في الغد، "أطال الكلام حتى منتصف الليل وكانت مصابيح كثيرة في العلية"، وكان شاب اسمه أفتيخوس متثقلاً بنوم عميق، إذ كان بولس يُخاطب خطاباً طويلاً غلب عليه النوم فسقط من الطبقة الثالثة إلى أسفل وحُمل ميتاً .. وبعدما أعيد للحياة مرة أخرى، أكمل بولس كلامه، "وتكلم كثيراً حتى الفجر"، ثم سافر بولس (أع 20). وفي كلامه إلى أهل تسالونيكي، كان واضحاً في حثّه الناس على ممارسة الأسهار: "فلا ننم إذا كالباقين بل لنسهر ونصح. لأن الذين ينامون فبالليل ينامون والذين يسكرون فبالليل يسكرون وأما نحن الذين من نهار فلنصح"، ثم يكمل بهذه الكلمات الرائعة: "إذا سهرنا أو نمنا نحيا جميعاً معه" (1 تس 5)، وللكورنثيين يكتب: "اسهروا اثبتوا في الإيمان كونوا رجالاً تقوَّوا" (1 كو 16). أتمنى أن أكون قد قلت ما فيه الكفاية عن التقليد القديم والأصيل الذي للسهر الروحي. يجب أن أنتقل الآن للنقطة التالية، وأقول كلمة عن فائدة الأسهار، بالرغم من أنه من الأفضل إختبارها بالتجربة عوضاً عن الكلام. إذ يجب علينا أن نذوق نحن أنفسنا - كما يقول الكتاب – حلاوة وطيبة الرب (مز 33). أنه فقط الشخص الذي يتذوق، يدرك ويشعر مقدار الثقل الذي يُرفَّع من قلوبنا، ومقدار الكسل الذي نتخلص منه، عندما نسهر، ومقدار النور الذي يفيض في نفس الشخص الذي يسهر ويصلي، ومقدار النعمة والحضور الإلهي الذي يملأ كل عضو بالبهجة والفرح. بالسهر الروحي، يُطرد كل خوف بعيداً، وتتولد الثقة، ويضعف الإنسان العتيق، وتتبدد الرذائل، وتتقوى المحبة، وتختفي الحماقة، والتعقل يأخذ مكانها، يصير الذهن حاداً، ويقل الخطأ، ويُجرح الشيطان - محرضنا على الخطية - بسيف الروح. هل هناك شيء نحتاجه أكثر من هذه الفوائد؟ هل هناك مكسب أعظم من هذه المكاسب؟ هل هناك شيء أحلى من هذه البهجة؟ أو أكثر بركة من هذه السعادة؟ أحتاج فقط أن استدعي شهادة النبي الذي في بداية مزاميره يصف الرجل السعيد، ويُشير إلى هنائه الفائق هكذا: "وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً" (مز 1). لا شك أن اللهج والتأمل أثناء النهار أمر جيد، لكنه في الليل يكون أفضل. أثناء النهار، هناك صخب إهتماماتنا العديدة، وهناك تشريد للذهن الناتج من وظائفنا. فالإنهماك في أكثر من شيء يُقسم إنتباهنا. لذلك الهدوء والخلوة في الليل يجعله وقتاً مناسباً للصلاة، وأكثر ملائمة لممارسة السهر الروحي. وبوضع الوظائف الدنيوية جانباً، وبإنتباه غير منقسم، يقف في الليل الشخص منجمعاً في الحضرة الإلهية. إن الشيطان ماهر دائماً في تقليد ومحاكاة الأمور المقدسة. لقد أعطى أتباعه ليس فقط أصوام بل أيضاً بتولية باطلة ومعمودية باطلة. وقد نسخ أيضاً هذه الخدمة المقدسة، وأعطى أسهار ليلية لأتباعه المأسوف عليهم. على أية حال، البعض منّا الذي لم يتحرك نحو ممارسة الأسهار المقدسة، يجب عليه على الأقل أن لا يزعم بأن الأسهار تتعارض مع خدمة الله لكونها من الممكن محاكاتها من قبل الشيطان. إن الحقيقة هي أن الشيطان ما كان قد نسخ هذه الأمور لخداع أتباعه، ما لم يكن يدرك بأي مقدار يُسَّر الله بهذه الأسهار، وأي مقدار من البركة يحصل عليه أولئك الذين يمارسون السهر الروحي. أيها الأخوة الأعزاء، ليكن الشخص السهران بعينيه سهران أيضاً بقلبه، وليصلي ليس فقط بشفتيه بل ذهنه أيضا. فما المنفعة من إبقاء العين مفتوحة بينما النفس نائمة. أما العكس فهو صحيح، كما يشهد الكتاب المقدس عندما يتكلم باسم الكنيسة: "أنا نائمة وقلبي مستيقظ" (نش 5) ... ولا حاجة للقول، أن الإنسان الذي ينوي السهر يجب عليه أن لا يملأ معدته بالطعام أو الشراب أكثر من اللازم. لذلك، مثل شخص أوشك على تأدية مُهمة إلهية، يجب أن نستعد قبل الوقت بالصوم، حتى نكون مُستعدين للسهر بكل يقظة. ويجب أن يطرح المصلي بعيداً كل فكر شرير حتى لا تكن صلاته - كما يقول المزمور - خطية (مز 108: 7). إن بعض الأسهار من عمل الشيطان، كما نرى في سفر الأمثال: "لأنهم لا ينامون إن لم يفعلوا سوءاً، ويُنزع نومهم إن لم يُسقطوا أحداً" (أم 15:4)، لتكن مثل هذه الأسهار المشينة بعيدة كل البعد عنا. |
10 - 03 - 2015, 02:41 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: إشتهيتك في الليل _ نيقيطس الرمسياني
مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
|