|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب القديس العظيم مارمرقس الرسول بين كرسي الإسكندرية وكرسي روما أ. أمير نصر تقديم الأنبا رافائيل تقديم لصاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة نشأت المسيحية -بطبيعة الحال- في الأرض المقدسة بفلسطين.. وتأسيس أول كرسي رسولي في أورشليم ثم انتشرت المسيحية في كل البلاد. فكان الكرسي الرسولي الثاني في أنطاكية.. الثالث كان بالإسكندرية.. والرابع كان بروما. ومع تأسيس مدينة القسطنطينية في عهد الإمبراطور المسيحي قسطنيطين تأسس كرسي خامس في القسطنيطينية. وكان الفكر المسيحي والإشعاع الروحي ينبعث من هذه الخمس مراكز الكبيرة. وبكل فخر.. تميزت كنيسة الإسكندرية عن أقرانها بالروحانية السامية ونقاوة الفكر اللاهوتي ودقته.. فقادت الإسكندرية العالم المسيحي -بكل جدارة- في مسيرة العمل الروحي.. وفي قصة الصراع اللاهوتي الذي حدث بسبب ظهور الهرطقات المضادة للإيمان القويم. ماذا عن قصة هذا الصراع..؟ وماذا عن العلاقات بين هذه الكراسي القديمة الرسولية..؟ خاصة بين الإسكندرية وروما. هذا ما يحدثنا عنه هذا الكتاب الشيق.. الموثّق بدقة علمية نعهدها في كاتبه للمحبوب الأستاذ أمير نصر مدرس التاريخ الكنسي بالكلية الإكليريكية.. دعنا نقرأ صفحات هذا الكتاب بروح الصلاة.. فليس هدفنا توسيع الفجوة ولكن إظهار الحقيقة. فلتكن وحدتنا في المسيح على أساس صادق ومتين وبدون تزييف للتاريخ. الرب يكافئ الكاتب المحبوب ببركة صلوات أبينا رئيس الأحبار قداسة البابا شنوده الثالث. 13 برموده 1716 21 أبريل 2000 جمعة ختام الصوم الكبير |
16 - 07 - 2014, 04:39 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس العظيم مارمرقس الرسول بين كرسي الإسكندرية وكرسي روما
هذا الكتاب قام الحبر الروماني البابا يوحنا بولس الثاني بزيارة تاريخية لمصر في الفترة من 24 إلى 26 فبراير عام 2000م. وكانت هذه أول مرة في التاريخ، يأتي إلى بلادنا بابا روما.. وقد استقبل الرئيس حسني مبارك قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في مطار القاهرة الدولي بصفته رئيسًا لدولة الڨاتيكان.. كما أستقبله قداسة البابا شنوده الثالث في المقر البابوي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بصفته الرئيس الأعلى للكنيسة الكاثوليكية في العالم. وقداسة البابا يوحنا الثاني رجل له رؤيته وفكره في العلاقات بين كرسي روما وبقية الكنائس والشعوب والأجناس والأديان الأخرى. كرجل سياسي ورجل ديني في آن واحد.. وله العديد من المواقف المتميزة التي تشهد على هذه الرؤية التي له. نذكر منها على وجه الخصوص أسفاره الكثيرة إلى أغلب بلاد العالم من أجل نشر المحبة والسلام. ولأجل ملكوت الله. كما قال قداسة البابا شنوده الثالث لقداسته. وأن هذه الأسفار تذكره بقول القديس بولس الرسول عن نفسه "بأسفار مرارًا كثيرة.." (2كو 11: 26). ولاشك أن هذه الزيارة التي قام بها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني لمصر، كانت تدعيمًا للكنيسة الكاثوليكية في مصر، ولعملها وخدمتها لأبنائها الكاثوليك.. وقد تكلم الآباء المسئولون عن كنيسة الأقباط الكاثوليك بمصر في أحاديث إعلامية وبالأخص في التليفزيون المصري في برنامجي أخبار الناس، وما وراء الأحداث، عن تاريخ العلاقات بين كنيسة روما وكنيسة الإسكندرية وعن أهداف ومعاني زيارة قداسة البابا.. ولكن كانت هناك في تاريخ تلك العلاقات بين الكنيستين التي ذكروها بعض المعلومات التاريخية التي تحيد عن الدقة، ويشوبها التفسير المنافي للحقائق التاريخية الثابتة. ولكنها كانت تظهر أنها راسخة في وجدان وفكر المسئولين!!! لذلك رأيت من منطلق الانتماء لأبي القديس العظيم مارمرقس الرسول، ولكنيستي القبطية الأرثوذكسية، ويحكم اهتمامي الخاص بتاريخ الكنيسة المقدس، وخدمتي في هذا المجال وسط الشباب والخدام.. رأيت من مسئوليتي أن أقدم لهم هذا الكتاب. وهذا الكتاب هو بانوراما تاريخية سريعة تعرض لتاريخ العلاقات بين كرسي الإسكندرية وكرسي روما. بداية من العمل الكرازي الذي قام به أبانا القديس مارمرقس الرسول هنا وهناك. وحتى تاريخ زيارة البابا يوحنا بولس الثاني لمصر مع مطلع القرن الحادي والعشرين.. وهذا الكتاب سيكون نواة لكتاب آخر أكثر تفصيلًا وشرحًا عن تلك العلاقات مدعمًا بالوثائق التي هي لغة التاريخ الحقيقية. وأنني إذ أضع هذا الكتاب بين يدي الله أشكر أبي الحبيب نيافة الحبر الجليل الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة على تفضله بمراجعة الكتاب رغم المشاغل الكثيرة في هذه الأيام المقدسة التي للصوم الكبير. واهتمامه بموضوع الكتاب.. كما أشكر الأخ والصديق العزيز الأستاذ أديب نجيب سلامة على اهتمامه واستجابته السريعة وإهدائي أحدث كتبه "الكنيسة الكاثوليكية في مصر" ليكون أحد المراجع الهامة التي اعتمدت عليه.. وأيضًا الأخ الحبيب رامي رمزي والمركز القبطي لوسائل الإيضاح بالمقر البابوي لتقديم الصور التاريخية لزيارة قداسة البابا شنوده الثالث إلى روما واستقباله للباب يوحنا بولس الثاني. كما أشكر كل من ساهم معي في إخراج هذا الكتاب وهم: الأستاذ هاني مجدي لجمع الكمبيوتر (= الكومبيوتر- 4 السطر 2) والمهندسان چورچ بيشوي عبد المسيح وحسام أمين وأسرة سكاننج هاوس للإخراج الفني والغلاف وفصل الألوان. والأخ الفنان المهندس عادل حنا للمونتاج. والأستاذ رفيق نبيه وأخيه الأستاذ هاني نبيه ولأسرة مكتب النسر للطباعة. الرب يعوض الجميع خيرًا في ملكوت السموات بشفاعة أمنا القديسة الطاهرة مريم العذراء والدة الإله. وصلوات أبينا القديس العظيم مار مرقس الرسول كاروز مصر ومدبرها الأول. وصلوات أب الآباء وراعي الرعاة حبيب المسيح قداسة البابا شنودة الثالث. ولإلهنا المجد والإكرام إلى الأبد آمين. أمير نصر الاثنين 30 برموده 1716 ش. 8 مايو 2000 م. تذكار شهادة القديس مار مرقس الرسول |
||||
16 - 07 - 2014, 04:44 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس العظيم مارمرقس الرسول بين كرسي الإسكندرية وكرسي روما
العظيم مارمرقس الرسول القديس مارمرقس ناظر الإله الإنجيلي تلميذ المسيح الرسول الطاهر والشهيد كاروز مصر ومدبرها الأول الكارز الذي بلغت أقواله إلى أقطار المسكونة وتباركت به كل أقطار الأرض. هذا الرسول العظيم الذي أرسله رب المجد يسوع المسيح لكي ينير العالم ببشارة الملكوت، ويخرج البشر من الظلمة إلى النور.. هذا الرسول العظيم الذي ننتمي إليه، ونرتبط به، لأننا ولدنا في المسيح يسوع بواسطته، وإليه يعدو إيماننا الأقدس، مقول القديس بولس الرسول "أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل" (1كو4: 15) (1). العظيم مارمرقس الرسول، كانت له شخصيته المتميزة، وثقافته العالية، وفكره الصائب، ورؤيته الثاقبة، انعكست على كرازته وخدمته في كل مكان ذهب إليه ليبشر بكلمة الخلاص. ولد أبانا القديس مارمرقس في القيروان، وهي إحدى الخمس المدن الغربية ليبيا والتي تسمى بنتابوليس (2).. وقد أجرت أسرته إلى فلسطين، واستقرت هناك، وهو نفس الوقت الذي كان فيه السيد المسيح. كانت مريم أم القديس مارمرقس، هي إحدى المريمات اللائي تبعن رب المجد يسوع المسيح، وهي أيضًا إحدى اللائي ذهبن إلى القبر بعد موت الرب ودفنه.. أما أبوه فهو أرسطوبولس وكان إبن عم أو إبن عمه زوجة القديس بطرس الرسول. وكان القديس برنابا الرسول هو خال أو إبن عم القديس مرقس. رسولية مارمرقس إرتبط القديس مارمرقس بالسيد المسيح له المجد، وانضم إليه. وتبعه مثل التلاميذ الأطهار القديسين، وقد أرسله رب المجد ضمن السبعين رسولًا، الذين عينهم وأرسلهم أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع.. (لو 10: 1-12)، وقد ذكر هذه الحقيقة كل المؤرخين منذ أقدم العصور من الأقباط والكنائس الأخرى والمسلمين أيضًا. وكنيستنا تؤكد وتثبت لقب القديس مارمرقس كرسول في كل طقوسها وألحانها الكنسية. وهذا عكس ما ينكره الكاثوليك عليه، فتجرد من كرامته الرسولية. بل ينسبون كل تعبه في الكرازة إلى القديس بطرس الرسول!! (3). بيت مارمرقس وأيضا ارتبط بيت القديس مارمرقس الرسول بالسيد المسيح له المجد. ففى هذا البيت كانت مريم والدة مرقس تستضيف الرب وتلاميذه. وفيه كانت أحداث ليلة القبض على مخلصنا الصالح حيث: - أكل الفصح مع تلاميذه الأطهار (مت 26: 17-20، مر 14: 3- 15، لو 22: 10-12). - غسل أرجل التلاميذ (بو 13: 4-11). - أسس سر الافخارستيا. عندما أخذ الرب إلهنا خبزًا وبارك وكسر وأعطى التلاميذ قائلًا خذوا كلوا هذا هو جسدي. وكذلك الكأس قائلًا خذوا اشربوا منه كلكم لأن هذا هو دمى الذي للعهد الجديد.. (مت 26: 26-29، مرقس 14: 22-25، لو 22: 16-20). ولأن بيت القديس مارمرقس كان مركزًا للرب وجميع التلاميذ، وكان معروفًا لديهم نجد في هذا البيت: - بختفى التلاميذ بعد صلب وموت السيد المسيح وقبيل قيامته المقدسة. ولحين جاءت إليهم مريم المجدلية لتخبرهم أنها وجدت القبر فارغًا وأنهم أخذوا السيد (يو20: 1-10) ومرة أخرى بقيامة السيد المسيح وأنها رأته (مت 28: 6- 10، مر 16: 6و 7، لو 24: 9-12). - مكث التلاميذ بعد صعود رب المجد إلى السماء، وكانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أم يسوع ومع إخوته، وذلك في علية صهيون التي هي إحدى قاعات البيت.. (أع 1: 12- 14). - اختيار الروح القدس القديس متياس الرسول بدلًا من يهوذا الإسخريوطي. عندما ألقى التلاميذ قرعة بين يوسف ومتياس (أع1: 15-26). - في يوم الخمسين المقدس حل الروح القدس على التلاميذ الأطهار وتكلموا بألسنة لتبدأ الكرازة والخدمة في الكنيسة منذ هذا اليوم العظيم (أع2: 1-4). - جاء القديس بطرس الرسول بعد أن خرج من السجن بواسطة ملاك الرب، حيث كان التلاميذ والمؤمنون يجتمعون للصلاة من أجله".. ثم جاء وهو منتبه إلى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس حيث كثيرون مجتمعين وهم يصلون.." (أع 12: 12- 16). وهكذاصار بيت القديس مارمرقس أول كنيسة في العالم،وصار مركز كنيسة أورشليم، ومركز أسقفها القديس يعقوب البار، الذي صلى القداس الإلهي الأول فيه، وذلك في يوم الأربعاء التالي ليوم أحد العنصرة. (4). إنجيل مارمرقس عاش القديس مارمرقس الرسول مع رب المجد يسوع المسيح، سار معه في كل مكان، وإلى كل موضع، وعاين خدمة الرب، ونظر أعماله ومعجزاته، وكان شاهدًا لآلام السيد المسيح. ويذكر أنه. - كان من التلاميذ الذين استقوا من الماء المتحول خمرًا في الرس بقانا الجليل. (5). - وإنه الرجل الذي كان يحمل جرة الماء وتبعه تلميذا الرب إلى بيته لإعداد الفصح (مر 14: 13). - كان الشاب الذي تبع الرب في بستان جثسيماني، وهرب عريانًا تاركًا ملابسه عندما قبضوا على رب المجد.."وتبعه شاب لابسًا إزارًا على عريه فأمسكه الشبان، فترك الإزار وهرب منهم عاريًا". (مر 14: 50-52). ومن ثم كتب القديس مارمرقس إنجيله بوحي من الروح القدس. وبكل ما لديه من أخبار وأحداث عن حياة السيد المسيح، لأنه لمسها وشاهدها وعاينها بنفسه، لأنه كان معاشًا لها ويتتبعها بكل تدقيق وتفاصيل.. ويذكر أن إنجيل القديس مارمرقس هو أول وأقدم الأناجيل. وقد كتب ما بين سنتيّ 43م و67م باللغة اليونانية التي كانت سائدة وقتذاك. وهو يعتبر بذلك أول وثيقة تاريخية للتقليد المسيحي لحياة السيد المسيح على الأرض.. ولذلك من الغريب والظلم أن ينسب إنجيل مارمرقس إلى القديس بطرس الرسول باعتباره "مذكرات بطرس" واعتبار إن القديس مارمرقس كان سكرتيرًا ومترجمًا الذي أملاه ما يكتب!!! (6). قداس مارمرقس يعتبر أول قداس في حياة الكنيسة هو الذي أقامه رب المجد في علية صهيون ببيت مارمرقس الرسول في مساء الخميس الكبير، وهو يعتبر أساس جميع القداسات أو الليتورجيات التي كتبت بعد ذلك. لذلك كتب القديس مارمرقس الرسول القداس الإلهي منذ الوقت المبكر للكرازة والخدمة بعد حلول الروح القدس في يوم الخمسين. وهو نفس التوقيت الذي كتب فيه القديس يعقوب الرسول أسقف أورشليم الليتورجية التي صلى بها لأول مرة (7) وقداس القديس مارمرقس يعتبر أساس القداسات التي تصلى بها كنيستنا القبطية حتى اليوم. ومن المعروف أن القديس البابا كيرلس الكبير 24 (412-444) قد أضاف عليه بعض الصلوات ثم نسب إليه ويعرف باسم "القداس الكيرلسي" وقد اكتشفت في عام 1928 قصاصات بردية في إستراسبورج ترجع إلى القرنين 4و5 مكتوب عليها قداس القديس مارمرقس. كما توجد مخطوطات في الفاتيكان لهذا القداس (8). مدرسة الإسكندرية اللاهوتية في بادرة رائدة تدل على شخصيته المتميزة قام العظيم القديس مارمرقس الرسول -والوحيد عن جميع التلاميذ والرسل الآخرين- بتأسيس مدرسة الإسكندرية اللاهوتية (الكلية الإكليريكية) لتكون أول معهد لاهوتي في تاريخ المسيحية وذلك من أجل شرح الإيمان المسيحي وتثبيته وتعميقه، وأيضا لتواجه الفكر الوثني والفلسفات المختلفة ومشكلات العصر.. ومن ثم نرى أن الدور الذي قامت به مدرسة الإسكندرية كان له الأثر المباشر في تكوين وصياغة الفكر اللاهوتي السليم، وفي تأكيد وتأصيل التعليم الكنسي بكل مفرداته الكتابية والآبائية والطقسية والتاريخية وأيضًا في تحديد معالم الثقافة القبطية،لهذا أكد المؤرخون والعلماء أن مدرسة الإسكندرية صارت "عقل المسيحية"، واعتبروها أقدم مركز للعلوم القدسية في تاريخ الكنيسة. ومن يتتبع مسيرة مدرسة الإسكندرية يجد: - أن التعليم صار سمة كنسية الإسكندرية عبر كل العصور. وغدت مرجعية لكنائس العالم شرقًا وغربًا. حتى أن بابا الإسكندرية لقب بـ"معلم المسكونة". - أن كنيسة الإسكندرية هي التي واجهت الهرطقات والتعاليم المنحرفة، وخاصة التي نادى بها كل من أريوس ومقدنيوس ونسطور وأوطاخي.. وذلك بسبب قوة الإيمان والتعليم للآباء البطاركة الذين جلسوا على كرسي القديس مارمرقس. فهم من مديري وأساتذة وتلاميذ هذه المدرسة اللاهوتية. - أن آباء وأساتذة وعلماء هذه المدرسة قد أسهموا وأثروا الكنيسة بأعمالهم وإنجازاتهم مثل: بنتينوس، أكلمنضس الإسكندري، أثيناغوراس، العلامة أوريجانوس. ديديموس الضرير، وغيرهم.. - أن هناك الكثيرين من آباء الكنيسة في العالم قد جاءوا للتلمذة والتعلم في هذه المدرسة، أو منهم من تتلمذ على كتابات وفكر معلميها مثل باسيليوس الكبير، غريغوريوس الناطق بالإلهيات، يوحنا ذهبي الفم، وغيرهم.. واليوم ونحن نرى قداسة البابا شنودة الثالث خليفة القديس مارمرقس الرسول عندما يؤسس الكليات الإكليريكية والمعاهد الدينية في مصر، في أمريكا. في أوروبا، في استراليا. وإنما هو امتداد لعمل العظيم مارمرقس الرائد. وهو أيضًا صوت هذا الرسول والكارز المسكوني الذي بلغت أقواله إلى أقطار المسكونة كلها. _____ الحواشي والمراجع: (1) راجع كتابنا: القديسون في حياتنا الكنسية. (2) راجع كتابنا: مارمرقس وكنيسة الإسكندرية الذي سنضعه هنا لاحقًا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت. (3) البابا شنودة الثالث: ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول - ص15 وص 26-28. (4) القمص منقريوس عوض الله: منارة الأقداس ج1 ص 143. (5) ابن كبر: مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة ج1 ص 88. (6) قام قداسة البابا شنودة الثالث بالرد على كل هذه الإدعاءات في كتابه "ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول " في الفصلين 3 و15. (7) القمص منقريوس عوض الله: المرجع السابق ص 141. (8) البابا شنودة الثالث: المرجع السابق ص 92. |
||||
16 - 07 - 2014, 04:46 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس العظيم مارمرقس الرسول بين كرسي الإسكندرية وكرسي روما
مار مرقس الكاروز المسكوني كانت كرازة القديس العظيم مارمرقس الرسول في كل العالم أجمع، وبه تباركت كل قبائل الأرض، وإلى كل أقطار المسكونة قد بلغت أقواله.. لقد أنار هذا الكاروز المسكوني العالم بإنجيله المقدس ن وعلم الخليقة كلها الآب والابن والروح القدس.. وفى كل مكان وكل موضع ذهب إليه هذا الرسول الكارز المسكوني مارمرقس، كان يضئ نور المسيح الإله، ويفتح طريق ملكوت السموات أمام الجميع.. في كل موقع وبقعة وطأت عليها قدما الرسول المسكوني مارمرقس كان يبدد الأوثان، ويسقط الأصنام، ويقيم مذبحًا للرب القدوس. من ينظر إلى كرازة القديس مارمرقس الرسول ويتطلع إلى عمله في كل العالم، يدرك تمامًا مدى عظمة دوره الكبير كأحد السبعين رسولًا الذين أرسلهم الرب إلهنا إلى كل أقصى الأرض. ويدرك أيضًا مدى عظمة شخصيته التي يقودها الروح القدس، ويرشده في كل شيء. وأنه ليس سكرتيرًا أو مندوبًا أو موفدًا أو مرسلًا من قبل القديس بطرس كما يدعى البعض. إن القديس مارمرقس الرسول كان يكرز باسم المسيح الفادي والمخلص في أسيا وأوروبا وإفريقيا. كان يكرز في وسط اليهود، وفي وسط الأمم، كان يكرز مع التلاميذ والرسل، وكان يكرز بمفرده، كان مارمرقس كارزًا مسكونيًا بلا جدال.. فنجده: - كان يكرز مع القديس بطرس في اليهودية، وأورشليم وبيت عنيا، بحكم صلة النسب التي بينهما. - كان يكرز مع القديسين بولس وبرنابا في رحلتهما الأولى حيث ذهبوا إلى أنطاكية وسلوكية وبافوس وبرجه بمفيلية (اع 11: 27-30، أع 13: 4). - عاد إلى أورشليم بعد أن فارق القديس بولس وبرنابا (اع 13: 13)، وبعد حضوره مجمع أورشليم عاد مرة أخرى إلى أنطاكية مع القديس برنابا الرسول (أع 15: 37). - كان يكرز مع القديس برنابا الرسول في قبرص، وسرميس (أع 13: 44 و5، 15: 39). - كان يكرز في كولوسى بآسيا الصغرى، كما ذكر القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهلها (كو 4: 10). - أيضًا كرز في البندقية وأكويلا بإيطاليا. - كرز في الخمس مدن الغربية بليبيا حيث مسقط رأسه قبل حضوره إلى مصر. وقد صارت هذه المدن تابعة لكرسى الإسكندرية منذ ذلك الوقت، وأكد على ذلك مجمع نيقية 325 (1). مارمرقس وكرسي الإسكندرية جاء القديس العظيم مارمرقس الرسول إلى مصر لكي يبشرها بكلمة الخلاص، وينادى باسم الرب يسوع المسيح الفادى والمخلص.. جاء إلى الإسكندرية نحو عام 61م قادمًا من الخمس مدن الغربية بإرشاد الروح القدس وقيادته له. يقول ساويرس بن المقفع أسقف الشمونين:".. لذلك ظهر له الروح القدس وقال له قم أمض إلى مدينة الإسكندرية لتزرع فيها الزرع الجيد الذي هو كلام الله. فقام تلميذ المسيح ونهض وتقوى بالروح القدس كمثل مقاتل في الحرب، وسلم على الأخوة وودعهم وقال لهم: السيد المسيح يسهل طريقي لأمضى إلى الإسكندرية. وابشر فيها بإنجيله المقدس. ثم عاد وقال: يا رب ثبت الأخوة الذين قد عرفوا اسمك المقدس. وأعود إليهم فرحًا بهم.. فشيعه الأخوة وتوجه إلى مدينة الإسكندرية.." (2). وفى الإسكندرية(3) - تقابل القديس مارمرقس مع حنانيا الإسكافي، وتحدث معه عن الإله الواحد يسوع المسيح، فآمن هو وكل أهل بيته. وعمدهم باسم الآب والابن والروح القدس. فصار بيت الإسكافي البسيط هو باكورة المؤمنين في أرض مصر. - اتخذ القديس مارمرقس هذا البيت مركزًا لكرازته وتبشيره وخدمته فاجتمع إليه الكثيرون. وآمنوا بالرب يسوع المسيح. - كان القديس مارمرقس يجول ويطوف مدينة الإسكندرية متحديًا كل الصعاب والمقاومات. فزاد عدد المؤمنين كثيرًا، وذاع صيتهم في كل مكان. - أسس القديس مارمرقس مدرسة الإسكندرية اللاهوتية وعين لها القديس يسطس مديرًا. - أسس القديس مارمرقس كرسي الإسكندرية عندما قام بسيامة حنانيا أسقفًا باسم "الأنبا أنيانوس"، ومعه ثلاثة كهنة وسبعة شمامسة، ورتب كاروز مصر ومديرها الأول الخدمة في كنيسة الإسكندرية، قبل أن يغادرها إلى الخمس مدن الغربية، بناء على طلب المؤمنين بسبب عزم الوثنيين التخلص منه وقتله. - عاد القديس مرة أخرى إلى مصر عام 68م، فوجد ازدهار الكنيسة ونموها. وقد تم بناء كنيسة في شرق الإسكندرية وهي كنيسة بوكاليا.. وقام بافتقاد رعيته وزيارة البلاد المصرية يثبت الإيمان وينشر التعاليم المسيحية السامية، مما هز أركان الوثنية فلقب بـ"مبدد الوثنية".. - وفي يوم 29 برمودة وفي ليلة عيد القيامة المجيد، هجم الوثنيون على الكنيسة وقبضوا على القديس مارمرقس الرسول وربطوه بحبل طويل وجروه في الشوارع بكل قسوة حتى تمزق جسده، وتخضبت الأرض بدمه الطاهر.. أودعوه في السجن حيث ظهر له رب المجد يسوع المسيح قائلًا: "يا مرقس يا تلميذي الإنجيلي، ليكن السلام لك " فصرخ القديس قائلًا: "يا سيدي يسوع". وفى صباح يوم 30 برموده ربطوه بحبل من عنقه وسحلوه مرة أخرى في شوارع الإسكندرية، وما لبث أن انفصلت رأسه عن جسده وانطلقت روحه الطاهرة إلى الفردوس لينال ثلاثة أكاليل نورانية: أكليل الرسولية، وإكليل البشارة وإكليل الشهادة.. - أخذ المؤمنون جسد القديس مارمرقس الطاهر ورأسه لي كنيسة بوكاليا ووضعوه في تابوت وصلى عليه خليفته الأنبا أنيانوس وتبارك منه الجميع، ثم دفنوه في قبر نحتوه خصيصًا له،وسميت الكنيسة باسمه، فكانت أول كنيسة في مصر تحمل اسم قديسنا العظيم مارمرقس الرسول. مارمرقس وكرسي روما كانت روما هي عاصمة الإمبراطورية الرومانية، وهي المدينة الأولى في العالم القديم. وقد بشر فيها القديس بولس الرسول وكتب إليها رسالته (راجع: رو 1: 5 و13، غل 2: 7-9، أع 9: 15 و22: 18 و21، رو 15: 20، أع 18: 30 و31). ومنها كتب رسائله إلى أهل أفسس، وأهل فيلبى، وأهل كولوسي، والى فيلمون (راجع نهاية هذه الرسائل). ولذلك يعتبر القديس بولس الرسول هو المؤسس الحقيقي لكرسي روما، وإن كانت الكنيسة الكاثوليكية تنكر عليه ذلك، وتعتبر القديس بطرس الرسول هو أول من ذهب إليها وأسس كنيستها. فهذا يعتبر منافيًا للحق وللتاريخ. لأن القديس بطرس ذهب إلى روما متأخرًا وفيها استشهد عام 67م. بينما القديس بولس الرسول أقام فيها وعين الأساقفة الأولين للكنيسة هناك وهم لينوس، ثم انيكليتوس، وأيضًا القديس اكلمنضس الروماني أحد الآباء الرسوليين (4). أما قديسنا العظيم مارمرقس الرسول، فقد كان يعمل مع القديس بولس الرسول في روما، يكرز ويبشر ويخدم هناك وتبين هذا من: - رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل كولوسي إذ يقول: "يسلم عليكم ارسترخس المأسور معي، ومرقس ابن أخت برنابا الذي أخذتم لأجله وصايا، إن أتى إليكم فاقبلوه، ويسوع المدعو يسطس، الذي هم من الختان. هؤلاء هم وحدهم العاملون معي لملكوت الله.." (كو4: 10 و11). - رسالة القديس بولس الرسول إلى فليمون يقول فيها: "يسلم عليكم أبفراس المأسور معى في المسيح يسوع، ومرقس وارسترخس وديماس ولوقا العاملون معي" (فل 24). - رسالة القديس بولس الرسول إلى تلميذه تيموثاؤس، حيث يطالبه بحضور القديس مرقس إليه في روما لاحتياجه له في الخدمة فيقول له: "لوقا وحجه معي. خذ مرقس وأحضره معك، لأنه نافع لي للخدمة" (2 تى 4: 11). من هذا نتبين وكما يذكر التاريخ أن أبينا القديس مارمرقس قد ذهب إلى روما وخدم هناك. بل أنه ظل إلى جانب القديس بولس الرسول، ولم يتركه إلا بعد استشهاده في عام 67م. فترك روما وعاد إلى الإسكندرية. من ناحية أخرى يذكر ساويرس بن المقفع أن القديس مارمرقس الرسول عندما ذهب أولًا للخمس مدن الغربية ثم إلى الإسكندرية كان موجود قبل ذلك في روما.. فيقول:".. فلما عاد القديس مرقس من رومية قصد إلى الخمس مدن أولًا وبشر في جميع أعمالها بكلام الله، وأظهر عجائب كثيرة حتى أنه أبرأ المرضى وطهر البُرص وأخرج الشياطين بنعمة الله الحالة فيه وآمن كثيرون بالسيد المسيح من أجله وكسروا أوثانهم التي كانوا يعبدونها.. وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد.. ولذلك ظهر له الروح القدس وقال له قم أمضى إلى مدينة الإسكندرية.." (5). وهكذا نرى أن القديس العظيم مارمرقس الرسول قد أسس كرسي الإسكندرية الرسولي، وشارك القديس بولس الرسول في خدمة كرسي روما الرسولي منذ بداية الكرازة بملكوت الله. _____ الحواشي والمراجع: (1) راجع كتابنا: المرجع السابق. (2) ساويرس بن المقفع أسقف الأشمونين: تاريخ البطاركة، أعده للنشر نيافة الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر، ج1 ص 22. (3) راجع كتابنا: المرجع السابق. (4) راجع تفاصيل هذا الموضوع في كتاب قداسة البابا شنودة الثالث: "ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول الرابع ص 33. وأيضًا كتاب سليم سليمان: مختصر تاريخ الأمة القبطية ص 311 إلى ص 344. (5) ساويرس بن المقفع: المرجع السابق ص 22. |
||||
16 - 07 - 2014, 05:39 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس العظيم مارمرقس الرسول بين كرسي الإسكندرية وكرسي روما
الإسكندرية وروما بين المواجهة والتأييد كنيسة الإسكندرية وكنيسة روما وغيرهما من الكنائس الأخرى.. كانت في القرون الأولى من تاريخ المسيحية تمثل الكنيسة الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية، التي لها الإيمان الواحد برب المجد يسوع المسيح، ولها العلاقات الكنيسة التي تسوده المحبة والسلام والإخاء، حتى في وجود بعض المشكلات هنا وهناك.. ولكن مع ظهور الهراطقة وتعاليمهم المنحرفة عن الإيمان المستقيم واختلاف الكنائس بين معارض ومؤيد. نجد الدور المتميز والواضح لكنيسة الإسكندرية في مواجهة الهراطقة، وحفظ إيمان الكنيسة وحمايته.. كما نجد الدور الواضح لكنيسة روما في تأييد كنيسة الإسكندرية في مواجهتها للهراطقة، وتؤكد على تمسكها أيضًا بهذا الإيمان المسيحي القويم. بمعنى آخر.. أن قداسة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تحمل مسئولية مواجهة الهراطقة، وتفنيد تعاليمهم المنحرفة ودحضها. واتخاذ كل ما هو ضروري لإعلان الإيمان الصحيح والتمسك به.. وفي نفس الوقت كان بابا كنيسة روما يؤيد هذه المواجهة، ويتخذ المواقف الإيجابية لتأييد بابا الإسكندرية، ولتأكيد الإيمان الواحد. فجاء تعاونهما معًا صورة مشرقة ومضيئة في هذه الفترة التاريخية الهامة والحاسمة في حياة الكنيسة. وتاريخ الكنيسة يحفظ لنا العديد والعديد من تلك المواجهات الأرثوذكسية وتأييدها. ولسنا بصدد رصد كل هذه الأحداث رغم أهمية ذلك لبناء الإيمان المسيحي ووحدته. ولكن يكفي أن نذكر بعضًا منها كنماذج صادقة لآباء صادقين في كنيسة الإسكندرية، وفي كنيسة روما. أولًا: في مواجهة الأريوسية(1) -1- واجهت كنيسة الإسكندرية هرطقة أريوس الذي أنكر لاهوت السيد المسيح، واعتبره غير مساو للآب، بل مخلوقًا.. وقد حرمه البابوات بطرس الأول خاتم الشهداء 17 (302-311) والكسندروس الأول 19 (312-328) وأثناسيوس الرسولي 20 (328-373).. وبسببه عقُد مجمع نيقية المسكوني الأول عام 325م. وفيه كان للقديس أثناسيوس الدور الرئيسي في تفنيد ودحض هذه الهرطقة والدفاع عن الإيمان المسيحي. وأيضًا صياغة "قانون الإيمان" الذي أصدره المجمع ووقع عليه 318 أسقفًا. وصار قانون إيمان الكنيسة القويم والحقيقي.. ولكن كان الأريوسيون بزعامة يوساب أسقف نيقوميديا وهو القوة الشيطانية الأولى في محاربة القديس أثناسيوس، تمكنوا من: 1- كسب الإمبراطور قسطنطين الكبير (323-337) وابنه الإمبراطور قسطنطيوس (337-361) إلى جانبهم، وتعبئة نفسيتهما ضد البابا أثناسيوس بالوشايات والتهم الباطلة. 2- إعادة أريوس بقرار من الإمبراطور قسطنطين والتخلص من الأساقفة النيقيين بعزلهم ونفيهم. 3- تكوين جبهة مناهضة للبابا أثناسيوس، ثم عقد مجمع صور 335 وتوجيه الإتهامات ضده، ثم قرار العزل والنفي الأول إلى تريف بجنوب فرنسا.. 4- رغم موافقة الإمبراطور قسطنطيوس على عودة البابا أثناسيوس إلى كرسيه ثانية بعد غياب أكثر من عامين.. إلا أن الأريوسيين عقدوا مجمعين في أنطاكية عام 339 جددوا فيه قرارات مجمع صور بعزل البابا، بل وتعيين غريغوريوس الكبادوكي بطريركًا للإسكندرية بدلًا منه.. 5- قيام هذا البطريرك الدخيل فور دخوله الإسكندرية بالاعتداء على الشعب، وهاجم الكنائس. بل قيامه بمذبحة يوم الجمعة الكبيرة داخل الكنيسة وعاود الهجوم في ليلة عيد القيامة بغية الوصول للبابا أثناسيوس لينال منه، ولكن قداسته كان قد هرب من وجه الشر نزولًا على رغبة الأساقفة والشعب. وغادر الإسكندرية. أمام كل هذه الأحداث نجد الموقف الإيجابي من كنيسة روما، وتأييد أسقفها يوليانوس الأول (337-352) لصديقه البابا أثناسيوس حيث قام: 1- تبادل الرسائل مع البابا أثناسيوس لتفنيذ مزاعم الأريوسيين وقراراتهم. 2- استقبال البابا أثناسيوس في روما بعد مغادرة الإسكندرية وظل هناك نحو سبع سنوات وهي فترة النفي الثاني. 3- دعوة الأريوسيين لحضور مجمع في روما لوضع نهاية الصراع مع القديس أثناسيوس. ولكنهم رفضوا الحضور، بل وضعوا قانونًا جديدًا للإيمان مغايرًا لقانون إيمان نيقية. وأرسلوه إليه. 4- عقد مجمعًا في روما عام 340م وأصدر القرارات التالية: أ- تبرئة البابا أثناسيوس من كل التهم المنسوبة إليه. ب- عدم الاعتراف بعزل البابا أثناسيوس، لأن قرارات مجمع صور 335 تعتبر باطلة. ج- عدم قانونية تعيين غريغوريوس الكبادوكي على كرسي الإسكندرية لأنه يتعارض مع قوانين مجمع نيقية المسكوني. د- تبرئة جميع الأساقفة الذين عزلهم ونفاهم الأريوسيين وقبولهم في شركة الكنيسة وعودتهم إلى كراسيهم. ولكن الأريوسيين رفضوا قرارات مجمع روما، بل عقدوا مجمعًا في أنطاكية عام 341م للرد على أسقف روما وبحضور الإمبراطور قرروا فيه: 1- رفض قرارات مجمع روما. 2- إصدار ستة قوانين ضد البابا أثناسيوس. 3- وضع قانون إيمان للكنيسة يناهض لقانون إيمان نيقية ويسمى (بمرسوم القديسين). وأرسلوا هذه القرارات الأريوسية إلى أسقف روما يوليانوس مع التهديد بعزله ونفيه.. وتلاحقت الأحداث وتبين أن العالم المسيحي في اتجاه الإنقسام بين مؤيد ومعارض لنيقية والبابا أثناسيوس،وقد أدرك أسقف روما والبابا أثناسيوس خطورة الموقف، وسعيًا لدى إمبراطور الغرب قنسطانز (337-350) للحوار مع أخيه الإمبراطور قسطنطيوس لعقد مجمع في سرديكا عام 343 لحسم المشكلة.. ولكن الأريوسيين رفضوا الحضور. بل عقدوا مجمعًا خاص بهم جددوا فيه قراراتهم السابقة مع إضافة عزل أسقف روما وآخرين.. أما الآباء المجتعون في سرديكا فأيدوا قانون إيمان نيقية وقرارات مجمع روما 340م. وحرم وعزل بعض الأساقفة الأريوسيين. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... توالت أحداث الصراع مع الأريوسية.. وعقد الأريوسيون مجمعًا في سيرميوم بإيطاليا 357م وأصدروا قانونًا جديدًا للإيمان مخالفًا تمامًا لقانون إيمان نيقية. وقد عرف بـ"مرسوم التجديف" وضغط الإمبراطور قسطنطيوس على الأساقفة النيقيين بالتوقيع عليه ولكنهم رفضوا فأصدر قرارًا بعزلهم ونفيهم. وكان منهم أسقف روما ليباريوس (352-366). وتعيين چورچ الكبادوكي بطريركًا للإسكندرية بدلًا من البابا أثناسيوس الذي بدأ فترة نفيه الثالث والإختياري لمدة ستة سنوات في البراري المقدسة بمصر. ثم النفي الرابع بقرار الإمبراطور چوليان المرتد (361-363) والنفي الخامس بقرار من الإمبراطور فالنس (364-375).. ثم عودة قداسته لكرسيه من جديد عام 366م.. ومع جهود البابا أثناسيوس لتقويض أركان الأريوسية، عقد مجمعًا في الإسكندرية عام 369م لمساندة أسقف وما داماسيوس (366-384) في مقاومته لأسقف ميلان الأريوسي أوكسنتيوس وكتب إليه رسالة تأييد، وتتضمن إدانة واضحة لأسقف ميلان وتفنيد لتعالميه الأريوسية. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... -2- تنيح القديس العظيم البابا أثناسيوس الرسولي في عام 373م، وجلس على كرسي القديس مار مرقس الرسول البابا بطرس الثاني 21 (373-379) تلميذ القديس أثناسيوس ومنذ بداية حبريته والأريوسيون يحاولون فرض الأسقف لوقيوس الكبادوكي بطريركًا للإسكندرية.. كما أثار الإمبراطور فالنس اضطهادًا ضد شعب الإسكندرية وضد الآباء النساك والمتوحدين في البراري المقدسة وخاصة برية شيهيت. حتى أنه قبض على القديس مكاريوس الكبير (300-390) ونفاه إلى جزيرة في مصر ومعه القديس مكاريوس الإسكندري (302-391).. وقد حاولت القوات البيزنطية القبض على البابا بطرس الثاني. إلا أنه تمكن من الهروب والاختفاء في قصر مهجور بالإسكندرية. وفيه كتب رسالة يدافع فيها عن إيمان نيقية المستقيم، ويندد بألوان التنكيل والعذابات التي قام بها جنود الإمبراطور في الكنائس.. ولكن البابا بطرس رأى أن هروبه لن يفيد الكنيسة، وخاصة في سيطرة الأريوسيين على الإسكندرية وسائر أقاليم مصر.. فقرر السفر إلى روما. وهناك في روما أستقبله الأسقف داما سيوس بكل ترحاب وحفاوة وتكريم إذ رأى فيه روح أبيه القديس أثناسيوس الرسولي.. وقد مكث البابا بطرس الثاني في روما نحو أربع سنوات هي فترة منفى إختياري ليناهض الأريوسية ويقاوم الأريوسيين فحدث: 1- موت أسقف ميلان الأريوسي وسيامة القديس أمبروسيوس أسقفًا عام 374 م. وبتأييد من البابا بطرس الثاني وأسقف روما داماسيوس. 2- ماركة البابا بطرس الثاني مع أساقفة الغرب النيقيين في مجمع الليرياسنة 375م والتأكيد على إيمان نيقية. 3- البابا بطرس الثاني يطلب من داماسيوس أسقف روما عقد مجمع لتأييد القديس ملاتيوس الأنطاكي (360-382) والاعتراف به وحرم ورفض الأسقف الأريوسي دورثيؤس الذي اغتصب كرسي أنطاكية.. وبالفعل عقد مجمع روما عام 376م وأصدروا القرارات بذلك وأرسلوها إلى ملاتيوس الأنطاكي فعقد بدوره مجمعًا حضره 146 أسقفًا وأيد قرارات مجمع روما. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ثانيًا: في مواجهة النسطورية(2) وأيضًا واجهت كنيسة الإسكندرية هرطقة نسطور بطريرك القسطنطينية (428-431)، الذي علم أن في السيد المسيح طبيعتين منفصلتين أو شخصين أو الأثنين حدث بينهما اقتران أو مصاحبة. وبالتالي فالسيدة العذراء هي أم يسوع وليست والدة الإله.. وقد تصدى القديس البابا كيرلس الكبير عمود الدين 24 (412-444) لهذه الهرطقة منذ البداية في رسالته الفصحية عام 429م حيث أكد على إيمان الكنيسة المستقيم أن للسيد المسيح طبيعة بعد الإتحاد التام والكامل فيها خصائص وصفات الطبيعتين بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير،كما كتب رسالة إلى نسطور بهذا الخصوص، ولكنه أصر على موقفه وتعاليمه المنحرفة.. فكتب له أيضًا القديس كيرلس رسالة ثانية عام 430م يشرح فيها الإيمان ومستعينًا بنصوص من كتابات القديس البابا أثناسيوس الرسولي.. ولكن نسطور رفض هذه الرسالة أيضًا. بل رفض مقابلة الوفد الإسكندري.. وعليه عقد البابا كيرلس الكبير مجمع الإسكندرية الأول عام 430م بحضور جميع أساقفة مصر، وناقش هذه الهرطقة النسطورية الخطيرة والتي تهدد الإيمان.. وقرر ما يلس: 1- إدانة نسطور وشجب تعالميه. 2- التمسك بقانون إيمان نيقية القسطنطيني. 3- كتب نص "نعظمك يا أم النور الحقيقي.. الخ". وأرسل هذه القرارات إلى جميع أساقفة العالم. وإلى شعب القسطنطينية.. ولكن نسطور أصر على تعاليمه رافضًا قرارات مجمع الإسكندرية الأول.. وإزاء ذلك عقد البابا كيرلس الكبير مجمع الإسكندرية الثاني في نوفمبر 430م وقرر ما يلي: 1-التمسك بقرارات مجمع الإسكندرية الأول. 2- مطالبة نسطور بالتوقيع على رسالة البابا الثالثة له، والتي ألحق بها الحرومات الاثني عشر. وهي التي تعرف بالرسالة المجمعية. ولكن نسطور ظل على عناده ورفضه.. وتأزم الموقف تمامًا بين مؤيد ومعارض.. فعقد على أثر ذلك مجمع أفسس المسكوني الثالث 431م وبحضور 200 أسقفًا. وفي هذا المجمع برئاسة البابا كيرلس الكبير كانت هناك أحداث كثيرة ومناورات من قبل النسطوريين.. كما قرأ الآباء المجتمعون رسالة البابا كيرلس المجمعية. وفي نهاية الأمر صدرت هذه القرارات: 1- حرم نسطور وعزله. 2- الموافقة على قرارات مجمع الإسكندرية الأول 340م والتي تتضمن مقدمة قانون الإيمان "نعظمك يا أم النور..". 3- التأكيد على أن سر التجسد المجيد قائم في إتحاد اللاهوت بالناسوت في أقنوم الكلمة الأزلي بدون انفصال أو امتزاج أو تغيير. وأن السيدة العذراء هي "والدة الإله" ثيؤتوكس. في خلال هذه الأحداث، كتب البابا كيرلس الكبير رسالة إلى كليستينوس الأول أسقف روما (422-432) يشرح له فيها هرطقة نسطور ومدى خطورتها على الإيمان المسيحي، كما أرسل له قرارات مجمع الإسكندرية الأول.. وعلى الفور عقد البابا الروماني كليستينوس الأول مجمعاُ في روما حضره جميع أساقفته. وناقش رسالة البابا كيرلس الكبير. وقرر إعطاء نسطور مهلة عشرة أيام ليرجع عن تعاليمه، وإلا سيكون محرومًا مقطوعًا من شركة الكنيسة.. وأرسل له رسالة بهذا الأمر. وفي نفس الوقت كتب كليستينوس رسال رائعة إلى القديس كيرلس الكبير يشكره فيها على يقظته ودفاعه عن الإيمان فقال له: "ونحن نفرح أن مثل هذه اليقظة توجد في تقواكم. حتى أنكم تفوقتم على أمثلة سابقيكم الذين كانوا دائمًا أنفسهم مدافعين عن التعليم المستقيم.. ونحن نخبرك كمدافع قوي جدًا لتثبيت الإيمان. أن كل شيء كتبته قداستكم بخصوص هذا الأمر قد سلم إلينا. لقد عريت كل فخاخ التعليم الغادر، وقويت الإيمان. (الرسالة 17). من ناحية أخرى نجد البابا كليستينوس الأول يرسل وفدًا من كنيسة روما لحضور مجمع أفسس المسكوني وكلفهم بالإعتذار للآباء المجتعين عن عدم حضوره شخصيًا لكبر سنه. أيضا تفويضه للبابا كيرلس الكبير في تنفيذ أحكام مجمع أفسس.. ومما هو جدير بالذكر أنه عندما قرأت رسالة البابا كليستينوس في المجمع، والتي جاءت أفكارها وتعليمها مطابقة تمامًا لتعاليم البابا كيرلس الكبير وعمود الدين. هتف الآباء الأساقفة قائلين: "ليس كليستينوس إلا بولس الجديد وليس كيرلس إلا بولس الجديد. إيمان واحد للجميع. وإيمان واحد للعالم بأسره.. ولم يمض على انقضاء مجمع أفسس عدة أشهر، حتى تنيح بسلام البابا كليستينوس الأول، والذي كان رفيقًا في الجهاد ضد النسطورية مع البابا كيرلس الكبير. وتم اختيار البابا سيكستوس الثالث (432-440) عوضًا عنه. وكان هذا البابا الروماني مؤيدًا للبابا كيرلس، وكتب رسالة إلى شعب كنيسة القسطنطينية، يُشيد فيها بدور البابا كيرلس ويعتبر عمله من أعمال الرسل. _____ الحواشي والمراجع: (1) راجع كتابنا: 1- الكنيسة تواجه الهراطقة ج1 عصر البابا أثناسيوس الرسولي. 2- الكنيسة تواجه الهراطقة ج2 عصر ما بعد البابا أثناسيوس (2) راجع كتابنا: الكنيسة تواجه الهراطقة ج3 عصر البابا كيرلس الكبير |
||||
16 - 07 - 2014, 05:41 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس العظيم مارمرقس الرسول بين كرسي الإسكندرية وكرسي روما
الإسكندرية وروما: الصدام والانقسام في عام 440 م. تنيح بابا روما سيكستوس الثالث الذي كان صديقًا ومؤيدًا للبابا كيرلس الكبير.. وخلفه البابا لاون الأول 45 (440-461) والذي كان يختلف تمامًا عن أسلافه من بابوات كرسي روما الرسولي.. لقد كان هذا الحبر الروماني يكّن عداوة شديدة لكرسي الإسكندرية، ويمتلئ قلبه بالكراهية والحقد لبابا الإسكندرية معلم المسكونة وقاضيها، وحامي الإيمان المسيحي من كافة البدع والهرطقات، وله الكلمة النافذة هنا وهناك. وأسقف روما لاون الأول هو الذي وضع في فكر كنيسته مسألة رئاسة روما على الكنائس، والسيادة على العالم المسيحي، إلى جانب الإدعاء بعصمة بابا روما!!! ولعله بذلك أراد أن يقلل من شأن ومكانة كرسي الإسكندرية، والعجيب حقًا أن كل بابوات روما منذ هذا العالم 440م وإلى الآن يأخذون بهذا المعتقد، ويسعون بشتى الطرق والوسائل من أجل تحقيقه، وغرسوا هذا الفكر في كل الأجيال المتعاقبة بكنيستهم، ليكون واقعًا في حياتهم، وتاريخهم الذي يكشف عبر العصور عن ذلك. وأيضًا نجد لاون الأول أسقف روما سيكون هو أحد العوامل الرئيسية فيما سيحدث للكنيسة الواحدة وخاصة في عام 451 م. عندما يحدث الانقسام. وفي الإسكندرية كانت هناك المحاولات الكثيرة التي يبذلها البابا كيرلس الكبير لرأب الصدع الذي حدث في الكنيسة الواحدة بسبب هرطقة نسطور الخطيرة.. وجاء عام 444 م. وتنيح القديس البابا كيرلس الكبير عمود الدين.. وبعد شهر واحد، اختير القديس ديوسقوروس (444-454) تلميذ قداسة البابا وسكرتيره الخاص ليكون هو بابا وبطريرك كنيسة الإسكندرية الخامس والعشرين.. وكان البابا ديوسقوروس يتصف بالغيرة الشديدة على الإيمان الأرثوذكسي القويم، ويحرص كل الحرص على سلامة الكنيسة. وفي القسطنطينية كان هناك فلابيانوس بطريرك كنيسة القسطنطينية (446-449)، والذي يكّن عداوة أيضاَ لكرسي الإسكندرية، ومعه الكثيرون من أساقفة الشرق.. أما الإمبراطورية فكان يجلس على عرشها الإمبراطور ثيؤدوسيوس الصغير. وبعد موته عام 450 م. تولى العرش الإمبراطور مركيان (450-457) والذي تزوج بوليكاريا شقيقة الإمبراطور ثيؤدوسيوس الصغير. وكان أيضًا يمتلئ قلبه حقدًا وكراهية لمصر والمصريين ولكنيسة الإسكندرية، وللجالس على السدة المرقسية. في هذا الزمن.. ومع هذه الشخصيات المتنافرة.. ومع التصدع الذي حدث بسبب النسطورية شرقًا وغربًا.. كان لابد من الصدام المحتوم. ولابد أن يتصاعد هذا الصدام إلى حد الانقسام في الكنيسة الواحدة بعد أحداث مجمع خلقيدونية 451م. في مواجهة الأوطاخية(1) في القسطنطينية، كان أحد رؤساء الأديرة هناك يدعى أوطاخي. كان يدافع عن إيمان الكنيسة في طبيعة السيد المسيح الواحدة ضد تعاليم نسطور. ولكنه كان مغاليًا ومتطرفًا في شرح الطبيعة الواحدة فسقط في هرطقة جديدة مؤداها أن طبيعة السيد المسيح الناسوتية تلاشت في طبيعته اللاهوتية، فصار المسيح طبيعة واحدة ممتزجة!!! وحاول الكثيرون إرجاع أوطاخي عن تعليمه وبدعته، إلا أنه أصرّ على موقفه وفكره.. فعقد فلابيانوس بطريرك القسطنطينية مجمعًا في نوفمبر من عام 448م حضره 29 أسقفًا و23 أرشمندريتًا. ورفض أوطاخي الحضور أولًا لمناقشته، ولكنه حضر ومعه بعض رهبان ديره وكبير الحرس الملكي، ومعه رسالة من الإمبراطور للمجمع.. وبعد مناقشة أوطاخي حكم هذا المجمع بما يلي: 1- حرم أوطاخي وعزله من رئاسة الدير. 2- إقرار القول بطبيعتين ومشيئتين بعد الإتحاد. وبهذا جددوا هرطقة نسطور ثانية. وتوالت الأحداث.. تظلّم أوطاخي لدى الإمبراطور ثيؤدوسيوس. فأصدر أمرًا بعقد مجمعًا آخر في أبريل من عام 449م برئاسة فلابيانوس وأغلب الأساقفة السابقين، للبحث في قرارات المجمع السابق.. والغريب أن الأساقفة تراجعوا وتنصلوا من أقوالهم، مُلقين التبعة بعضهم على بعض.. إلا أن فلابيانوس تمسك بوجود طبيعتين في السيد المسيح بعد الإتحاد.. وتظلم أوطاخي ثانية للإمبراطور، وكتب رسالة إلى ولان الأول أسقف روما ضد فلابيانوس. فأظهر الحبر الروماني تعاطفًا معه.. ثم انقلب عليه. مجمع أفسس الثاني رأى الإمبراطور ثيؤدوسيوس الصغير أن الأمر يتطلب عقد مجمع عام في مدينة أفسس للنظر في هذه المشكلة الإيمانية الجديدة،وبالفعل وجه الدعوة إلى الأساقفة للحضور. وجاء البابا ديوسقوروس على رأس وفد قبطي من عشرين مطرانًا وأسقفًا. أما أسقف روما فقد أرسل نيابة عنه أسقفًا وقسًا وشماسًا. وقد حضر أيضًا فلابيانوس أسقف القسطنطينية. وقد عقد المجمع في أغسطس من عام 449م بحضور 130 أسقفًا وبرئاسة البابا ديوسقوروس وقاموا بما يلي: 1- مناقشة أوطاخي في عقيدته فشرحها شفاهًا، كما قدمها مكتوبة فلم يجد الآباء أنه حاد عن الإيمان السليم. 2- قراءة رسالة البابا كيرلس الكبير المجمعية والتي تتضمن شرحًا وافيًا للتجسد الإلهي. 3- مراجعة أعمال وقرارات مجمعي فلابيانوس بالقسطنطينية. 4- تبرئة أوطاخي ورهبان ديره من الحكم الذي أصدره فلابيانوس عليهم. 5- قراءة قانون إيمان نيقية، وقرارات مجمع أفسس المسكوني الثالث. 6- أتخذ المجمع هذا القرار الإيماني:" للمرة الثانية نجدد القول بطبيعة واحدة بعد الإتحاد للكلمة المتجسد بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير". 7- أخذ رأي فلابيانوس في قرار المجمع، فأعلن رفضه له وتمسكه بعقيدته التي أعلنها في مجمعه وهي القول بطبعتين في المسيح بعد الإتحاد!! وحاول الأساقفة معه العدول عن أفكاره وتعلميه المنحرف، ولكنه أصر ورفض الخضوع لرأي آباء المجمع. 8- الحكم بحرم فلابيانوس مع ستة أساقفة آخرين أصروا على هرطقتهم. 9- وقّع الآباء على قرارات المجمع، ثم أرسلت إلى الإمبراطور ثيؤدوسيوس للتصديق عليها. وانتهت أعمال هذا المجمع، وعاد الأساقفة إلى كراسيهم.. الطريق إلى خلقيدونية وتطورت الأحداث بشكل متلاحق وسريع فنجد: 1- الإمبراطور ثيؤدوسيوس يصدر قرارًا بنفي فلابيانوس والأساقفة المحرومين. 2- عاد مندوبو البابا ولان الأول، الذي غضب لنتائج مجمع أفسس الثاني، وخاصة لعدم قراءة رسالته واعتبارها إهانة كبيرة له، وأيضًا عزل صديقه فلابيانوس حيث كان يشاركه الاعتقاد الخاطئ بخصوص طبيعتي المسيح بعد الإتحاد. 3- أتصل الأساقفة المقطوعون بالبابا لاون الأول، واحتجوا أمامه على قرارات المجمع، فوعدهم بالتدخل ومساعدتهم لعودتهم إلى كراسيهم, 4- سعى البابا لاون لعقد مجمع في مقر كرسيه بروما يستأنف فيه الأحكام الصادرة في مجمع أفسس الثاني. وكتب عدة رسائل للإمبراطور ثيؤدوسيوس وللإمبراطور الغربي فالنتيانوس ولزوجته ولوالدته للضغط على الإمبراطور ثيؤدوسيوس للموافقة. ولكن كلها باءت بالفشل لاقتناع الإمبراطور بنتائج مجمع أفسس، وأنه حقق هدفه، وليس هناك حاجة لعقد مجمع آخر. 5- عندما عرف البابا ديوسقوروس بأمر أسقف روما لاون الأول وسعيه لعقد مجمع لديه مناهضًا لمجمع أفسس الثاني، فضلًا عن قبوله لأتباع نسطور الذين حكمت عليهم المجامع المسكونية، وتأييده الكامل للتعاليم المنحرفة فيما يخص طبيعتين ومشيئتين للمسيح بعد الإتحاد. وتمسكه بكل ما كتبه في رسائله إلى فلابيانوس.. عقد مجمعًا في الإسكندرية بحضور جميع أساقفة مصر. وبعد المناقشات التي تبين فيها تردي لاون فيما تردى فيه فلابيانوس وكل النساطرة.. إتخذ قرارًا حاسمًا يحرم أسقف روما لاون الأول.. 6- في عام 450م مات الإمبراطور ثيؤدوسيوس الصغير دون أن يخلف وريثًا للعرش سوى أخته بوليكاريا التي نكثت عن عهدها بالرهبنة، وتزوجت من القائد مركيان ليصبح هو الإمبراطور الشرقي، والذي كان يميل إلى النسطورية وكانت بوليكاريا تميل إلى فلابيانوس ومعتقده أيضًا. 7- سعى الأسقف الرومان لاون من جديد لدى الإمبراطور مركيان وزوجته لعقد مجمع جديد للمشكلة القائمة، فجاء هذا الأمر تحقيقًا لرغبة الإمبراطورة بوليكاريا للنيل من البابا ديوسقوروس والحد من نفوذه وقوته. فضلًا عن الخوف من خطر انفصال مصر عن المملكة.. 8- أرسل الإمبراطور مركيان الدعوة إلى البابا ديوسقوروس وإلى كثيرين من الأساقفة كان معظمهم من النساطرة لعقد مجمع في قصره بالقسطنطينية.. وجاء البابا ديوسقوروس، ودهش لعدد الأساقفة المجتمعين بلا سبب ولا مبررز وإذا قيل لقداسته أن الإمبراطور يهدف من وراء ذلك توضيح الإيمان. قال البابا بكل جرأته وغيرته: "إن الإيمان لفي غاية الكمال لا يعوزه شيء من الإيضاح، وهو مقرر ومثبت من الآباء أمثال أثناسيوس وكيرلس وغيرهم". 9- وفي أثناء عقد هذا المجمع برئاسة الإمبراطور نفسه، حاول البعض أن يستميل البابا ديوسقوروس ليوافق على رسالة لاون (طومس لاون) التي تثبت الطبيعتين بعد الإتحاد. ولكنه رفض موضحًا لهم الإيمان السليم في طبيعة المسيح الواحدة، وخطأ التعاليم بالطبيعتين. واستعان بنصوص من كتابات البابا كيرلس الكبير التي تؤكد صحة وسلامة هذا الإيمان.. ولم يستطيع الأساقفة الرد على البابا ديوسقوروس، بل قيل أن بعض الأساقفة اقتنعوا برأي قداسته.. وعليه لم يجد الإمبراطور مركيان بدًا من أن يرفع الجلسة إلى موعد آخر. 10-عاد الإمبراطور مركيان في بحث أمر البابا ديوسقوروس مع زوجته بوليكاريا ومع الأساقفة النسطوريين والمقطوعين. واستقر رأيهم على عقد مجمع في مدينة خلقيدونية. وأن لا يناقشوا البابا ديوسقوروس في مسألة الإيمان لأنه قوي الحجة، بل يكتفون التركيز على: أ- طومس لاون ب- أمر الأساقفة المقطوعين. وصدرت الأوامر الإمبراطورية بعقد مجمع خلقدونية الذي لي يورث الكنيسة شيئًا سوى الانقسام والأحزان. مجمع خلقيدونية الزائف(2) في مدينة خلقيدونية بأسيا الصغرى بمقاطعة بثينية (حاليًا قرية قاضي قوة بتركيا) انعقد هذا المجمع بحضور 630 أسقفًا (ويُقال 330 في رأي آخرين) والإمبراطور مركيان وزوجته بوليكاريا والقضاة الذين اختيروا لإدارة جلسات المجمع، وذلك في أكتوبر 451م. وقد تبين منذ البداية مدى المؤامرة التي دبرت ضد البابا ديوسقوروس، وقد جرت الأحداث المؤسفة على هذا النحو: 1- في الجلسة الأولى وبعد افتتاح الإمبراطور مركيان أعمال المجمع بخطابه التقليدي.. اعترض أحد مندوبي لاون الأول على جلوس البابا ديوسقوروس في مقدمة الآباء لأنه هنا من أجل محاكمته لعقده مجمع أفسس الثاني 449م بدون إذن من كرسي روما!!! ولما وجد القضاة أن هذا الإدعاء باطل رفضوا مطلبه، وأفحموه بالرد فلاذ بالصمت. 2- دخول أسقف قورش النسطوري المقطوع من شركة الكنيسة لحضور المجمع قائلًا: أنه أعيد إلى كرسيه بأمر من لاون الأول أسقف روما. 3- أنكر بعض الأساقفة الذين حضروا مجمع أفسس الثاني موافقتهم على القرارات التي أخذت، وأنهم وقعوا رغمًا عنهم بقوة السلاح وعلى ورقة بيضاء، كما أنهم لم يصادقوا على اعتراف أوطاخي!!! تألم البابا ديوسقوروس على كذبهم وإدعاءاتهم وأنبهم بشدة لهذا الإنكار خوفًا من الناس، على حساب التمسك بالإيمان الصحيح والعقيدة السليمة.. ومن ثم تأثروا وشعروا بخطيئتهم وقالوا لقداسته "أخطأنا ونطلب الغفران".. فأندهش القضاة، وسألوهم عن سبب إنكارهم وتغيير كلامهم فقالوا أيضًا: "أخطأنا ونطلب الغفران".. 4- سأل القضاة البابا ديوسقوروس عن سبب عدم قراءة رسالة أسقف روما في مجمع أفسس الثاني فأجاب أنه أمر بقراءتها مرتين.. ثم أجاب أسقف أورشليم يوبيناليوس قائلًا: لقد أمر الأب ديوسقوروس بقراءة الرسالة وفي نفس الوقت قدم إلينا كبير كتبة المجمع رسائل الإمبراطور ثيؤدوسيوس الصغير، فتليت كلها.. ولم تقدم لنا رسالة لاون، ولم يذكرنا بها أحد.. فصمت الكل أما هذا الرد الحاسم. 5- أدرك خصوم البابا ديوسقوروس أن الأمر سيفلت من أيديهم نظرًا لحجة البابا ديوسقوروس القوية، ولدور القضاة في كشف الكثير من الزيف والخداع من أتباع لاون الأول وفلابيانوس.. تقرر رفع هذه الجلسة على أن تستأنف بعد خمسة أيام.. وهذا في حقيقة الأمر لكي ليحيكوا فيها مزيدًا من المؤامرات. 6- اتفق الأساقفة المتآمرون على عقد جلسة ثانية في اليوم الثالث وقبل موعد إستئناف أعمال المجمع المتفق عليه، لضمان عدم حضور البابا ديوسقوروس والقضاة، ولكي يتأكدوا من عدم حضور قداسة البابا، وضعوا حراسًا على باب مقر إقامته لمنعه من الخروج إذا حاول ذلك. 7- عقدت هذه الجلسة بحضور أساقفة الشرق النساطرة ومندوبي لاون الأول أسقف روما.. ولمزيد من الخداع أرسلوا وفدًا لاستدعاء البابا ديوسقوروس.. فأخبرهم أن الحراس يمنعوه، كما أنه لي يحضر إلا بحضور القضاة. 8- أصدر الأساقفة المتآمرون حكمهم على البابا ديوسقوروس في غيابه وغياب أساقفته وغياب القضاة ونواب الإمبراطور وقد جاء في نصه: "قد ظهرت الأمور التي صنعها ديوسقوروس.. فقد قبل أوطاخي بخلاف ما تأمر به القوانين.. واستخص لذاته الولاية قهرأً ولم يأذن أن تقرأ رسالة لاون المرسلة إلى قلابيانوس.. وقد زاد إثمًا على سيئاته الأولى فيما تجاسر وحرم لاون الحبر الأقدس صاحب كرسي كنيسة رومية.. وقد دعاه المجمع ثلاث دفعات بموجب القواني الكنائسية فخالف أمره وأبى السير إليه.. فلأجل ذلك لاون الحبر الأقدس بواسطتنا.. قد نزع عنه درجة الأسقفية وعزله من خدمة الكهنوت، فالآن، هذا المجمع المقدس يحكم في دعوى ديوسقوروس بما رسمته القوانينَ!!" 9- أرسلوا قرارات هذا المجمع وعقيدتهم المخالف للإيمان السليم إلى البابا ديوسقوروس،فتلاها على مسمع من بعض أساقفة.. وإذ وجدها مخالفة لتعليم الكنيسة كتب على هامشها ما يظهر فسادها، مع حرم كل مّن يتجاسر على تغيير العقيدة الأرثوذكسية الصحيحة أو يتلاعب بقوانين المجامع المسكونية.. ثم أرسلها إليهم. 10- عندما رأى الأساقفة الخلقيدونيون حرم البابا ديوسقورورس، أسرعوا إلى الإمبراطور مركيان، وأعلموه بما فعله البابا. فاغتاظ وعزم على قتله، ولكنه أدرك خطورة ذلك فعدل عنه، واكتفى بنفي قداسته إلى جزيرة غاغرا بآسيا الصغرى (حاليًا كانكريري بتركيا). وقد بقى البابا ديوسقوروس في منفاه خمس سنوات حتى تنيح بسلام في عام 457م.. ورفضت كنائس الإسكندرية وأورشليم وفلسطين وغيرها قرارات هذا المجمع الزائف الذي ابتدع تعليمًا غريبًا ومنحرفًا ونادى بطبيعتين في السيد المسيح بعد الإتحاد.. وهكذا كان مجمع خلقيدونية سببًا في انقسام الكنيسة الواحدة. ومازال العالم المسيحي يجني ثماره حتى الآن تلك الثمار التي زرع بذارها لاون الأول أسقف روما ونماها خلفاؤه. _____ الحواشي والمراجع: (1) الأسقف إسوذورس. الخريدة النفسية في تاريخ الكنيسة 1923 + القمص كيرلس الأنطوني "المتنيح الأنبا باسيليوس مطران أورشليم": عصر المجامع. (2) المرجعان السابقان + الارشمندريت جراسيموس مسرة: تاريخ الانشقاق ج 1 - 1891. |
||||
16 - 07 - 2014, 05:43 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس العظيم مارمرقس الرسول بين كرسي الإسكندرية وكرسي روما
الإسكندرية وروما: مفترق الطرق يعتبر مجمع خلقيدونية الزائف عام 451م هو سبب انشقاق الكنيسة الواحدة إلى قسمين: الأول: الكنائس التي ترفض قرارات هذا المجمع، وهي الكنائس اللاخلقيدونية، والتي تعرف بالكنائس الأورثوذكسية الشرقية وتؤمن بطبيعة المسيح الواحدة بعد الإتحاد لها كل صفات وخصائص الطبيعتين وأن إتحادهما بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير.. وهذه الكنائس هي:
الثاني: الكنائس التي توافق على قرارات هذا المجمع، وهي الكنائس الخلقيدونية والتي تعرف بالكنائس الأرثوذكسية البيزنطية. مع الكنائس التي استُحْدِثَت بعد الانشقاق في أوروبا وأمريكا وأسيا إلى اليوم، والتي سارت في ركب الكنائس الخلقيدونية وهي:
إلى جانب كنيسة روما حتى عام 1054م.. ثم الكنائس الكاثوليكية في العالم بكل أجناسها وشعوبها. ولكن..إذا كان هذا هو الانشقاق الأول للكنيسة الواحدة، بهذه الصورة الحزينة. فإن الكنائس صارت عند مفترق الطرق، وغدت في اتجاهات مختلفة، وخضعت لظروف وأحكام وسياسات شديدة الاختلاف وشديدة التعقيد والتشابك، وخاصة فيما يتعلق بالجدل اللاهوتي حول الإيمان. أما الإسكندرية وروما فكانتا في مفرق الطرق، ودخلت كل منهما في طريق، وكل منهما في اتجاه. شهدت فيه كليهما أحداثًا وقضايا إيمانية وكنسية وسياسية وقومية ومسكونية، انعكست وأثرت بشكل أو بآخر عليهما عبر القرون الطويلة الضاربة في أعماق التاريخ منذ الانشقاق الأول وحتى الآن.. في الإسكندرية(1) يقدم تاريخ كنيستنا القبطية الأرثوذكسية، قصة كرسي الإسكندرية بعد عام 451م بكل تفاصيله وأحداثه وسيره المقدسة. مؤكدًا على حقيقة تاريخية وإيمانية واضحة المعالم. أن الكنيسة عبر تلك العصور كلها، ومع الظروف العجيبة التي خضعت لها مصر. باستعمارها سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا طوال تلك الفترة، حتى نالت استقلالها وحريتها عام 1952م حافظت على كرسي مارمرقس الرسول، وإيمان مارمرقس الرسول، وفضّلت أن تجدد عصر الاستشهاد على أن تفرط في الأمانة الأرثوذكسية.. ويمكن أن تستعرض ملامح هذه الفترة على هذا النحو: 1- كانت صورة العداء لكنيسة الإسكندرية من كنيستي روما والقسطنطينية والإمبراطور مركيان وزوجته، واضحة تمامًا في مجمع خلقيدونية الزائف، وأن الحكم الجائز على البابا ديوسقوروس، كشف نفسية المتآمرين المزورين ودوافعهم غير الطيبة تجاه كرسي الإسكندرية، وتجاه البابا الجالس عليه. حتى أن الغرب يصف مجمع أفسس الثاني برئاسة البابا ديوسقوروس والذي حافظ على الإيمان القويم في طبيعة السيد المسيح الواحدة وفق تعاليم البابا أثناسيوس الرسولي والبابا كيرلس الكبير -خلفاء مار مرقس الرسول- بأنه "مجمع اللصوص" وهذا يؤكد صورة العداء الذي أستمر ضد الإسكندرية حتى بعد انفضاض هذا المجمع الزائف. 2- الاضطهاد الخلقيدوني البيزنطي الذي استمر لمدة 190 عامًا استخدمت فيه كل أساليب القمع والتعذيب والتنكيل والقتل، حتى بلغ عدد الشهداء نحو 24ألف قبطي.. كما نجد توعد الأباطرة ببابوات كرسي الإسكندرية من عزل ونفي، وتعيين بطاركة ملكيين دخلاء بدلاُ منهم. وهؤلاء بدورهم استخدموا كل أنواع وألوان البطش ضد آباء الكنيسة ونساكها ومؤمنيها، وخاصة عندما تولى البعض منهم حكم مصر كوالي بيزنطي إلي جانب تعيينه بطريركًا. فكانت في يده كل السلطات العسكرية والسياسية والاقتصادية وأيضًا الدينية، فاستخدمها جميعًا للقهر والإرهاب مثل كيرس (المقوقس)،مما جعل البابا بينامين الأول 38 (623-662) يهرب ويختفي من وجه هذا الشر ولمدة 13 عامًا. 3- كانت هناك محاولات للتوفيق في مسالة الإيمان، ساهمت ولفترة محدودة جدًا في التقارب بين الإسكندرية والقسطنطينية فنذكر: أ- مجمع القسطنطينية عام 476م بدعوة من الملك باسيليسكوس (عدة شهور) الذي أصدر مرسومًا بحرم مجمع خلقيدونية، وحرم وطومس لاون، كما أعلن التمسك بقانون الإيمان في المجامع المسكونية الثلاثة وأيضًا أفسس الثاني. ب- الهنوتيكون. وهو مرسوم إيماني أصدره الإمبراطور زينون (474-491) بعد عودته لكرسيه وفيه يقبل إيمان وقرارات المجامع المسكونية الثلاثة، ويقبل حرومات البابا كيرلس الكبير الاثني عشر، ويشجب نسطور وأوطاخي وطومس لاون.. ج- مرسوم الإمبراطور جستينان (527-565) الصادر عام 544 وفيه إدانة لثلاثة من عمد النسطورية هم تيودور من مبسيستيا، ثيؤدوريت من قورش، وإيباس من آديسا. 4- أراد الإمبراطور هرقل (610-641) أن يكسب الأرثوذكس دون أن يخسر الخلقيدونيين فقدم مع سرجيوس أسقف القسطنطينية (610-638) صياغة إيمانية جديدة بدلًا من الهنوتيكون عرفت باسم "المونوثيليتية" (مشيئة واحدة في المسيح) بدلًا من "طبيعة واحدة في المسيح".. ولكن رفضت من بابا الإسكندرية فأصدر الإمبراطور مرسومًا يعرف باسم "أكتسيس" عام 638م لإرغام الكنائس وخاصة الإسكندرية على قبول المرنوثيليتية. 5- الإحتلال الفارسي لمصر الذي دام عشر سنوات (617-627) وفيه شهدت البلاد والكنيسة الكثير من المآسي والمحن، حتى قيل أن البابا أندورنيقوس 37 (616-623) قد مات حزنًا لما جرى لأولاده على أيدي الفرس. ويذُكر أن القديس العظيم الأنبا شنوده رئيس المتوحدين (333-451) قد تنبأ بخصوص هذا الغزو الفارسي والخراب والدمار الذي أحدثوه. ومن المعروف أن الإمبراطور هرقل لم يرسل جيشًا لنجدة مصر، وإنما انسحب الفرس بسبب حربهم معه عام 627م. 6- دخول العرب مصر بقيادة عمرو بن العاص عام 641م، لتبدأ صفحة جديدة لمصر والكنيسة تحت الحكم العربي الإسلامي من خلال: أ- فترة حكم عصر الولاة (641-868) أيام دولة الخلفاء الراشدين والدولة الأموية ثم الدولة العباسية. ب-فترة حكم عصر الدول المستقلة: الطولونية (868-905) - الأخشيدية (935-969) - الفاطمية (969-1171) - الأيوبية (1171-1250) - المماليك (1251-1517) - والعثمانية (1517-1805). وما تبع هذا الحكم من تغييرات كثيرة في مصر ومن نتائج وقوانين وأنظمة أثرت على الكنيسة والأقباط سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا وأيضًا دينيًا. 7- الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت ونتائجها (1798-1801). 8- حكم أسرة محمد على (1805-1952) وما ترتب عليها من تغييرات في مصر، وفي العلاقة مع الكنيسة (2). 9- ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وبداية عصر جديد حديث فيه تغييرات وأحداث كثيرة قوميًا وكنسيًا وإلى يومنا هذا (3). في روما(4) ظنت روما أنها حققت انتصارًا في خلقيدونية بالتحالف والتآمر مع القسطنطينية ومع الحكم البيزنطي على الإسكندرية، وأنها تمكنت من السيطرة وبسط نفوذها على العالم المسيحي، ولكنها دخلت أيضًا في طريق مُغاير ومخالف على كل المستويات الدينية والسياسية، بل كان لها الدور الرئيسي في كثير من القضايا والمشاكل الداخلية والخارجية أسهمت في تفسخ الوضع في الغرب، وتأزم المواقف في الشرق، بل كانت سببًا مباشرًا في الانشقاقات التي حدثت، والحروب التي قامت في أماكن كثيرة شرقًا وغربًا، وكان لكل هذا تأثير في العلاقات داخل دول الغرب من ناحية، ومع دول الشرق من ناحية أخرى.. ولعل الوثيقة التاريخية التي أصدرها الفاتيكان تحت عنوان "التذكر والمصالحة.. الكنيسة وأخطاء الماضي" (مارس 2000) والتي فيها اعتراف واعتذار البابا يوحنا بولس الثاني عن الأخطاء التي وقعت فيها الكنيسة الكاثوليكية وارتكبتها على مدار ألفي عام (5). يؤكد ما نقوله، وما يذكره التاريخ العام والكنسي عن كنيسة روما. أحداث كثيرة جدًا. وتاريخ طويل عبر هذه العصور المتلاحقة في الزمان والمكان.. ولذلك نعرض أهم ملامح هذه الأحداث التاريخية والهامة على هذا النحو: 1- لم يدم التوافق الخلقيدوني بين روما والكنائس البيزنطية بعد الانشقاق كثيرًا. فمع إعلان الهنوتيكون أيام الإمبراطور زينون عام 482م، والتقارب الذي حدث بين أكاكيوس بطريرك القسطنطينية (471-489) والبابا بطرس الثالث 27 (477-489) وتوقيعهما على الهنوتيكون، وتبادل الرسائل بينهما. كان التباعد بين كنيستي روما والقسطنطينية، بل عقد فليكس الثالث أسقف روما 48 (483-492) مجمعًا عام 484م وحرّم أكاكيوس. فكان رد فعل القسطنطينية هو حذف اسم أسقف روما من صلوات القداسات الإلهية. وتسمى الكنيسة الكاثوليكية هذه القطيعة التي دامت بين الكنيستين 35 عامًا باسم "انقسام أكاكيوس". 2- ظلت الهوة بين كنيسة روما والكنائس البيزنطية وخاصة اليونانية فيها في اتساع مستمر منذ القرن الخامس عشر، وخاصة مع الفوارق السياسة والثقافية والعقائدية والسلطة الكنسية والتعليم الكنسي، إلى أن حدث الانشقاق بينهما عام 1054م بسبب تغيير روما لقانون الإيمان بإضافة كلمة "والابن" على عبارة "المنبثق من الآب.." وقد حدث ذلك أيام البابا لاون التاسع 152 (1048-1054)!!! ويعرف هذا الانشقاق في التاريخ بـ"الإنشقاق الكبير" لتظهر منذ هذا العام 1054 من القرن الحادي عشر الكنيسة الكاثوليكية والتي يخضع كل أتباعها في العالم بمختلف جنسياتهم لبابا روما. 3- شهدت العصور الوسطى ومع البابا جريجوري الأول 64 (590-604) النفوذ البابوي القوي للكنيسة في الغرب واستخدام كل السلطات والإصلاحات لتحقيق السيطرة الكاملة على كل الكنائس في فرنسا وأسبانيا وبريطانيا وإيطاليا وأيضًا في أفريقيا. حتى أصبحت الكنيسة الكاثوليكية مؤسسة لها النظام والتشريعات وخاصة فيما يتعلق برجال الإكليروس، مما جعل من الكنيسة قوة سياسية لها نفوذها الكبير الكنسي والمدني. وتعطي الوثيقة التاريخية الهامة والتي تسمى "المرسوم البابوي" على عهد البابا جريجوري السابع 157(1073-1085) صورة واضحة لمدى نفوذ البابا وسلطته المطلقة."إذ حسمت بكل حزم أن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية مدينة في تأسيسها لله وحده، وأن رئيسها دون غيره هو الوحيد الذي يجب أن يقبل قدميه كل الأمراء، وأنه يستطيع خلع الأباطرة، وهو الذي يمكن أن يعطي ويحل رعايا أي حاكم شرير من ولائهم له.. كما أن الكنيسة الكاثوليكية معصومة من الخطأ وأنه بحسب الكتاب المقدس أنها لن تخطئ أبدًا". 4- أدى نفوذ البابا الروماني إلى الدخول في صراع مع الأباطرة والملوك في أغلب ممالك أوروبا، وأصبحت هناك مواجهات شديدة بينهما وصلت إلى حد الحروب، وهذا يبدو واضحًا في تاريخ هذه البلاد في العصور الوسطى. 5- ظهور الحركات الرهبانية من الدومنيكان والفرنسيسكان والبندكتيين باعتبارها حركات إصلاحية ساهمت في إحياء وتجديد الرهبنة في مجالات كثيرة مثل التعليم والتبشير والعمل وسط الناس مع الحفاظ على الطابع الرهباني في الحياة النسكية. إلى جانب هذا. أنتجت الحملات الصليبية نوعًا عسكريًا من الرهبنة في العصور الوسطى مزج بين فنون الحرب والحياة الرهبانية مثل نظام "الفرسان الخادمون" و"فرسان الهيكل" في القرن 12. كما ظهرت في هذه الفترة الحركات الإصلاحية العلمانية مثل "الألبنيون الفلاسفة" و"حركة الوالدنسسيين التطهيرية" و"حركة أتباع يوقيم" و"جماعة الكاثاري".. ويذكر أن البابا قاوم هذه الحركات الإصلاحية العلمانية، واستخدم أسلوب "محاكم التفتيش" وهي لجان كنيسة تقوم بالتحقيقات والمحاكمات في ذات الوقت تستخدم أساليب التعذيب وتنفيذ العقوبات التي وصلت إلى حد الإعدام حرقًا. 6- الحملات الصليبية السبع التي قام بها ملوك الغرب وتحت زعامة بابا روما بهدف أساسي هو استرجاع أورشليم (القدس) من أيدي المسلمين فضلًا عن المصالح السياسية والاقتصادية فكانت الحملة الأول عام 1096م بدعوة من البابا أربان الثاني 159 (1088-1099) لمواجهة الأتراك السلاجقة والاستيلاء على القدس. وجاءت الحملة الثانية عام 1147م ولكنها فشلت وبعدها نجح صلاح الدين الأيوبي في استعادة مدينة القدس عام 1187م. فكانت الحملة الثالثة عام 1189م والتي استولت على بعض المناطق، ولم ينجح في استعادة القدس وعودة الملك ريتشارد إلى بلاده بعد مفاوضات مع صلاح الدين.. واستهدفت الحملة الرابعة عام 1202م مصر واليونان وإضعاف الإمبراطورية الشرقية في بيزنطة. ثم كانت الحملة الخامسة عام 1217م على مصر بدعوة من البابا هونوريوس الثالث 177 (1216-1227)، والتي هزم فيها الصليبيون أيام الملك الكامل الأيوبي (1218- 1238).. ثم الحملة السادسة عام 1248م ثم الحملة السابعة عام 1249م ضد مصر والتي لقى فيها الفرنسيون هزيمة قاسية وأسر الملك لويس التاسع. 7- ظهور مارتن لوثر (1483-1546) الراهب الكاثوليكي، ورفضه لما يحدث داخل الكنيسة وخاصة مع مسألة بيع "صكوك الغفران" وبدأ في المقاومة والمناداة بالإصلاح لنحو أربع سنوات انتهت بقرار البابا لاون العاشر 217(1513-1521) بحرمه في يناير عام 1521م وهو نفس العام الذي أعلن فيه لوثر الانشقاق عن كنيسة روما. لتبدأ معه الكنائس البروتستانتية. ثم ظهور رجال الإصلاح في سويسرا وألمانيا وفرنسا وكلها أعلنت الانشقاق عن كنيسة روما مثل زوينجلي (1484-1531) وچان كلفن (1509-1564). وهذا أدى إلى مزيد من الانقسامات في البروتستانتية حتى أنها تُعد اليوم بالآلاف!!! 8- كان النزاع بين بابا روما بولس الثالث 220 (1534-1549) وملك إنجلترا هنري الثامن (1509-1547) بسبب رفض البابا طلاق الملك من زوجته كاترينا. فأعلن انفصال كنيسة إنجلترا عن روما 1538م وأنه الرئيس الأعلى للكنيسة، والتي عُرفت في عهد الملكة إليزابث الأولى (1558-1603) وإلى اليوم بـ"الكنيسة الإنجليكانية". 9- مع حركة الكشوف الجغرافية في القرنين 15 و16 ارتبطت مسألة التبشير الكاثوليكي في العالم وتنظيم حركة الإرساليات من الرهبان الفرنسيسكان واليسوعيين إلى المستعمرات والمناطق المكتشفة. كما اختلطت كثيرًا بالتجارة الاستعمار وتقلبات السياسة والنزعات العالمية مما انعكس على كنيسة روما من الداخل فأدت إلى كثير من المتاعب والتجاوزات. حتى مع أسبانيا وفرنسا وإنجلترا لتحجيم دور الانتشار الكاثوليكي. بل وصل الأمر إلى قيام البابا أكلمنضس الرابع عشر 249 (1769-1774) بحل الرهبانية اليسوعية وإلغاءها في جميع الدول الكاثوليكية عام 1773م وما ترتب عليها من نتائج.. أضف إلى هذا قيام الثورة الفرنسية عام 1789م وأثرها على العالم الغربي من جهة وعلى كنيسة روما من جهة أخرى. جدول يوضح: الكنيسة الواحدة والانقسامات التي حدثت عبر التاريخ الكنيسة الواحدة | | | | | ↓ عصر الرسل وتأسيس الكراسي الرسولية 325 مجمع نيقية المسكوني الأول381 مجمع القسطنطينية المسكوني الثاني 431 مجمع أفسس المسكوني الثالث مجمع خلقيدونية 451 | الانشقاق الأول↓ __________ ↓ ______________________ __________ ↓ الكنائس الغير خلقدونية الأرثوذكسية الشرقية الكنائس الخلقيدونية الكنائس البيزنطية (روم أرثوذكس + روما) | الانشقاق الكبير 1054↓ __________ ↓ ______________________ __________ ↓ كنيسة روما الكاثوليكية والكنائس التبع 1521-1538 الكنائس البيزنطية الأرثوذكسية __________ ↓ ______________________ __________ ↓ انشقاق مارتن لوثر وظهور البروتستانتية انشقاق هنري الثامن وكنيسة إنجلترا الإنچليكانية ______________________ ↓↓↓↓↓↓↓↓↓↓↓↓↓↓↓↓↓↓↓↓↓↓↓ آلاف الكنائس والشيع البروتستانتية 10- تلاحقت الأحداث وتطورت العلاقات بين كنيسة روما ودول أوروبا. ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945م وما نتجت عنه في الظروف والأوضاع العالمية الجديدة. كان لابد لكنيسة روما من أن تواجه ذلك كله من الداخل ومن الخارج أيضًا. فدعا البابا يوحنا الثالث والعشرون 261 (1958-1962) إلى عقد مجمع الڨاتيكان الثاني عام 1962م وحدد له هدفين رئيسين هما: تجديد الكنيسة والرسالة في عالم يتبدل بسرعة، والعودة إلى وحدة المسيحيين. ولكن توفى البابا يوحنا 23 في عام 1963م بعد دورة المجمع الأولى، وأنتخب عوضًا عنه البابا بولس السادس 262 (1963-1978). وأكمل المجمع أعماله في دوراته الثانية عام 1963م والثالثة في عام 1964م والرابعة عام 1965م. وانتهت بإصدار القرارات والنصوص التي تعبّر عن الكنيسة الكاثوليكية المعاصرة وانفتاحها على العالم، وعلى الكنائس الأخرى، وأيضًا على كافة الديانات. إلى جانب التنظيم الداخلي للكنيسة. وفي عام 1985م أعلن البابا يوحنا بولس الثاني 264 (1978-) عقد مجمع غير عادي للأساقفة "السينودس" للنظر في تأثير قرارات مجمع الڨاتيكان الثاني على حياة الكنيسة الكاثوليكية مؤكدًا على أن تعاليم الڨاتيكان الثاني ليست مجالًا للمناقشة لأنها ستظل هي نقطة الارتكاز الدائمة التي يرجع إليها في كافة أعماله ونشاطاته الرعوية،وإنما الهدف هو مراجعة الفترة التي تلت المجمع (1965-1985) والتي تنادي بتغييرات داخل الكنيسة.. وقد أصدر هذا المجمع تقريره النهائي الذي أعطى فيه مزيدًا من الاستقرار في الكنيسة الكاثوليكية (6). _____ الحواشي والمراجع: (1) الأنبا يؤانس أسقف الغربية السابق: أوراق تحضيرية تحت عنوان "لمحات من تاريخ الكنيسة القبطية" الأم الفتية والتيارات العصرية. + الأسقف إيسوذورس: الخريدة النفسية في تاريخ الكنيسة. + القس منسي يوحنا: تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. + إيريس حبيب المصري: قصة الكنيسة القبطية. (2) راجع كتابنا: المشاركة الوطنية للأقباط في العصر الحديث ج 1 عصر البابا كيرلس الخامس. (3) + راجع كتابنا: قراءة في حياة أبونا مينا البراموسي المتوحد [البابا كيرلس السادس]، والذي سنضعه هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت لاحقًا. + مقدمات في التاريخ الكنسي. (4) الأب جان كمبي: دليل إلى قراءة تاريخ الكنيسة ج1. + مجموعة من المؤلفين: دليل إلى قراءة تاريخ الكنيسة ج 2 الكنائس الشرقية الكاثوليكية. + إيرل كيرنز: المسيحية عبر العصور. + الارشمندريت جراسيموس مسرة اللاذقي: تاريخ الانشقاق. + ميرل دوبينياه: تاريخ الإصلاح في القرن السادس عشر. + نورمان ف. كانتور: تاريخ العصور الوسطى ج1. د. قاسم عبد قاسم ود. على الغمراوي. + نورمان ف. كانتور: التاريخ الوسيط ج2. د. قاسم عبده قاسم. + د. سعيد عبد الفتاح عاشور: أوروبا العصور الوسطى ج1 التاريخ السياسي. + د. عزيز سوريال: الحروب الصليبية وتأثيرها على العلاقات بين الشرق والغرب. (5) راجع الأهرام في 20 مارس 2000 مقال بعنوان "الفاتيكان.. الذكرى والغفران". (6) كارل برنشتاين: صاحب القداسة. ترجمة أنطوان رياض. |
||||
16 - 07 - 2014, 05:46 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس العظيم مارمرقس الرسول بين كرسي الإسكندرية وكرسي روما
الإسكندرية وروما: الاستقطاب والتبعية
إن ما حدث في مجمع خلقيدونية الزائف عام 541م من هزيمة كنيسة الإسكندرية على المستوى المسكوني، ومحاولة إذلالها بحرم ونفي البابا ديوسقوروس، لم يكن هو نهاية المطاف، بل كان هو البداية لمواجهة مستمرة مع الإسكندرية بهدف إخضاعها للإيمان الخلقيدوني. وكان الاضطهاد البيزنطي صورة من تلك الصور المشينة التي قامت بها السلطة الحاكمة بالتعاون في كنيستي روما والقسطنطينية. وبالرغم من دخول الكنائس بعد خلقيدونية في الشرق والغرب في مفترق الطرق، وصارت لها اتجاهات مختلفة تبعًا لتطورات الأحداث المتلاحقة.. إلا أن كنيسة روما وأساقفتها لم يحولوا نظرهم عن كنيسة الإسكندرية، ولم تغمض لهم أعين عن تحقيق مأربهم في السيطرة على كنيسة الإسكندرية واستقطابها لروما وتبعتها لهم!! ويرصد تاريخ الكنيسة محاولات الاستقطاب التي قامت بها كنيسة روما تجاه كنيسة الإسكندرية من أجل التبعية لها، مستخدمة كل الطرق والوسائل، حتى ولو بتفسير خاطئ ومغلوط للحقائق والوقائع التاريخية ليتفق مع أهدافها ومآربها وخططها. ويظهر هذا بكل وضوح في الكتابات التاريخية للكنيسة الكاثوليكية بخصوص تاريخ وجودها في مصر!!! (1) ويمكن أن نتتبع هذه القصة منذ أحداث ما بعد خلقيدونية عام 541م، وإلى الوقت الحاضر على النحو التالي: البطاركة الدخلاء الملكيين الخلقيدونيين 1- المساندة القوية من كرسي روما للبطاركة الدخلاء الملكيين الخلقيدونيين الذين عينهم الأباطرة على كرسي الإسكندرية رغم رفض ومقاومة المصريين لهم. حتى مع استخدام العنف وأشد أنواع العذاب والتنكيل، لأنه لم يوجد مصري وطني واحد كان موافقًا على خلقيدونية، بل أن الخلقيدونيين في مصر هم الأروام واليونان، تلك الطائفة التي كانت تتبع الخلقيدونية، والإمبراطور الخلقيدوني (2).. ويكفي هنا أن نذكر كيف أرسل لاون الأول إلى بروتيريوس البطريرك الدخيل يطلب منه في تملق ومكر أن يكتب الرسالة الفصيحة لتحديد عيد القيامة كعادة بابوات الإسكندرية طبقًا لقرارات مجمع نيقية عام 325م (3). فعمل هذا التصرف على زيادة هياج المصريين الذين أصروا على التخلص من هذا الدخيل. فقتلوه. سرقة جسد القديس مار مرقس الرسول 2- لا يمكن أن نغفل سرقة جسد أبينا القديس العظيم مار مرقس الرسول بواسطة البنادقة بإيطاليا، وهم من أتباع كنيسة روما في القرن التاسع نحو عام 828م. ومن المعروف أن الكنيسة التي كان بها جسد أبينا مار مرقس كانت تحت سيطرة الروم الملكيين الخلقيدونيين والتي استولوا عليها بالقوة والاغتصاب منذ القرن السادس (4). ولاشك أن إتفاق روما والروم في معتقد خلقيدوني واحد، أعطى إمكانية سرقة الجسد.. وبالرغم من بناء كنيسة سان مارك لجسد ما مرقس والتي تعتبر بحق من أفخم وأعظم الكنائس في العالم. إلا أن جًرح سرقة جسد أبينا لم يندمل قط.. ولذلك كانت فرحة كنيستنا بعودة رفات مار مرقس، عام 1968م لا توصف (5). خدمة الفرنسيسكان 3- في القرن الثالث عشر وأثناء الحملة الصليبية الخامسة على مصر عام 1219م، وأيام بابا روما هونوريوس الثالث 177 (1216- 1227) جاء فرنسيس الأسيزى وبعض الرهبان الفرنسيسكان إلى مصر بناء على أوامر صادرة من البابا، وقد سمح لهم السلطان الكامل الأيوبي (1218-1238) -بعد تبادل الهدايا- بالإقامة والوعظ في البلاد المصرية (6). وكانت هذه بداية خدمة الرهبان الفرنسيسكان الكاثوليك في مصر وخاصة لأبناء القنصليات التجارية المختلفة لاسيما مّن هم من چنوا والبندقية والنمسا (7). وفي القرن السابع عشر صارت للفرنسيسكان مراكز وكنائس في الموسكي بالقاهرة وإسكندرية وأسيوط وطهطا وأخميم وجراجوس ونقادة إلى جانب ديرهم بأخميم الذي تأسس عام 1666م (8).. وهذا يعني الخدمة والعمل في وسط الأقباط وخاصة في الصعيد. ألا يمثل هذا العمل استقطابًا وتبعية لكرسي روما؟!! المبعوثين الكاثوليك إلى إثيوبيا التابعة لكنيسة مصر 4- حاولت كنيسة روما منذ القرن الخامس عشر الوصول إلى كنيسة أثيوبيا الأرثوذكسية والتي تتبع كرسي الإسكندرية إيمانيًا ورعويًا منذ عصر البابا أثناسيوس الرسولي الذي قام بسيامة أول أسقف لها عام 330م هو القديس الأنبا سلامة (9).. وذلك لاستقطابها وللتأثير بشكل أو بآخر على الإسكندرية الكنيسة الأم ونجحت بعض محاولاتهم وخاصة أيام بعض ملوك الأسرة السليمانية وبالأخص في عهد الملك سوسينوس (1607-1632) مما تسبب في قيام الحروب الأهلية هناك، حتى أقنع ولي العهد فاسيلاداس والد بفداحة ما أرتكب ضد كنيسته ودينه وشعبه وبلده. فأعتزل الحكم، وتولى فاسيلاداس العرش (1632- 1665) ليعيد إلى البلاد هدوئها وسكينتها. وطرد المبعوثين الكاثوليك وأتفق مع حاكم مصوع على أن يرقب السواحل الشرقية ليمنع دخول اليسوعيين ومن يماثلهم (10).. محاولة استقطاب الإسكندرية لتتبع روما 5- وجه بابوات روما نظرهم إلى الإسكندرية لأجل استقطابها وتبعيتها لهم تحت دعوى الإتحاد بين الإسكندرية وروما منذ المحاولة الفاشلة البابا أوجينوس الرابع 207 (1431- 1447) في مجمعهم الكاثوليكي بفلورنسا والذي يسمى "المجمع الفلونتيني" وذلك عام 1442م (11).. ثم أرسل البابا بيوس الرابع 224 (1560-1565) وفدًا لمقابلة بابا الإسكندرية غبريال السابع 95 (1525-1568) يطلب إليه الانضمام لروما، فأعلمُهم غبطته أنه لا يمكن أن ينحرف قيد شعرة عن التمسك بعقائد وطقوس كنيسته المقدسة.. وعاد الوفد في خذلان شديد (12). وجاءت المحاولة الثالثة من بابا روما جريجورى الثالث عشر 226 (1572-1585) على البابا الإسكندري يؤانس الرابع عشر 96 (1571- 1586) عام 1583م، الذي مال إلى الموافقة على عقد اتفاقية الإتحاد ظنًا منه بكل بساطة أن هذا سيعود بالفائدة لأبناء كنيسته كما أوهموه مبعوثو البابا الروماني.. إلا أن إرادة الله أفسده كل تدابيرهم بنياحة البابا يؤانس الرابع عشر في تلك الليلة. بل قام والي مصر العثماني بالقبض على هؤلاء المبعوثين الغرباء واتهامهم بإلقاء الفتنة بين الرعايا فزجهم في السجن، حتى أطلق سراحهم بفدية 5 آلاف قطعة ذهب دفعها بعض الأغنياء الأقباط، وعادوا إلى بلادهم (13). وفي عهد بابا روما سيكستوس الخامس 227 (1585- 1590) ومن بعده أكلمنضس الثامن 231 (1592-1605) كانت المحاولة الرابعة لإخضاع البابا غبريال الثامن 97 (1587- 1603) ولكنها لم تنجح إذ لم يروق لقداسة البابا الإسكندري وكبار أساقفته وكهنته ووجهاء الأقباط أن يبيعوا استقلالهم الديني ويصبحوا تابعين لكرسي روما (14).. وللأسف يزعم الكاثوليك أن هناك اتفاقًا قد تم وأن البابا غبريال الثامن كتب إقرارا بذلك ووقع عليه مع أساقفة الكنيسة وعدد كبير من الآباء الكهنة وأفراد الشعب القبطي (15)!!! ثم كانت المحاولة الخامسة مع البابا مرقس الخامس 98 (1603- 1619) وأخرى سادسة مع البابا مرقس السادس 101 (1646-1656) وفشلت كل من المحاولتين.. ثم تأتي المحاولة الجديدة من بابا روما إينوشينسيوس الحادي عشر 240 (1676- 1689) مع بابا الإسكندرية يؤانس السادس عشر 103 (1676-1718) عندما قام رئيس الأرسالية الفرنسيسكانية بالصعيد الراهب فرانسوا ماريادي ساليم عام 1694م بطبع ترجمة عربية لكتاب: مجمع خلقيدونية" عن النص اللاتيني المحفوظ بمكتبة الڨاتيكان بروما، وأعلن فيه تبرئة واضحة للبابا القديس والمجاهد العظيم دوسقوروس من كل ما نسب إليه من تهم باطلة, قد قدم هذا الراهب نسخة من الكتاب لقداسة البابا يؤانس وكتب عليه إهداء شيقًا ورقيقًا، لعل غبطته يعلن الولاء لبابا روما، الذي أمر في نفس السنة بتأسيس الأرسالية اليسوعية في مصر.. ومن العجيب أن المسئولين الكاثوليك عندما فطنوا إلى وثائق هذا الكتاب الخطيرة والتي تدين البابا لاون الأول أسقف روما، جمعوا الكتاب من الآسواق والمكتبات بأثمان باهظة، وأحرقوه، ولكن هناك بعض النسخ أفلتت من أيديهم، مازالت تحتفظ بها كنيستنا القبطية، لتكون شاهدة على الافتراءات الموجهة إلى البابا ديوسقوروس، وما نسجوه من تهم باطلة من خيالهم (16). وعندما تبوأ البابا يؤانس الثامن عشر 107 (1769- 1796) عرش القديس مار مرقس الرسول، أرسل إليه بابا روما بيوس السادس (1775- 1799) قسًا لاتينيًا يدعى برثلماوس، يحمل رسالة يدعوه فيها للإتحاد مع كنيسة روما، وخضوعه للأحبار الرومانيين،ولكن قداسة البابا يؤانس تحدث بكل وداعته المعروفة عنه، وبكل قوة الإيمان وروح الآباء العظام أثناسيوس وكيرلس وديوسقوروس، مع هذا المبعوث، وأعلمه أنه من المستحيل أن يتخلى عن عقيدته الأرثوذكسية، التي دافع عنها الآباء الأولون، أو أن يستبدل تقاليد كنيسته المجيدة بأوضاع أخري ثم طلب منه الانتظار لحين كتابة الرد المناسب على رسالة الحبر الروماني. ثم أستدعى قداسة البابا العالم اللاهوتي العظيم أنبا يوساب الأبح أسقف أخميم وجرجا، وقدم له رسالة أسقف روما، وطلب منه أن يكتب ردًا قويًا على إدعاءات كنيسة روما، وتفنيد دعواها بالأدلة والبراهين. فقام أنبا يوساب بكتابة رد مفصل، ناقش فيه أهم القضايا الإيمانية المختلف عليها، والتي تسببت في انقسام الكنيسة الأولى في مجمع خلقيدونية، مثل طبيعة السيد المسيح بعد تجسده من الروح القدس والعذراء مريم، ومعنى الإتحاد بين الطبيعة اللاهوتية والطبيعة الناسوتية، وموضوع انبثاق الروح القدس من الآب فقط.. وغيرها من الموضوعات الهامة.. وذلك عن لسان البابا يؤانس. ثم سلم رسالته للقس برثلماوس الذي حملها إلى بابا روما، فلما أطلع عليها ووجد فيها الحجة اللاهوتية وقوة المنطق، توقف عن إرسال المبشرين للعمل بين صفوف الكنيسة القبطية. ولكنه عاد بعد فترة وتناسى كل شيء ليستأنف نشاطه من جديد, ومن ثم طلب البابا يؤانس الثامن عشر من نيافة أنبا يوساب، أن يقوم بحمله تعليمية في الأقاليم المصرية، لتثبيت المؤمنين على الإيمان الأرثوذكسي القويم، والتمسك بالكنيسة.. فقام قداسته بهذه الجولات في أغلب الإيبارشيات وسط فرح وابتهاج أساقفة الكنيسة وشعبها، لوجود هذا الأسقف العظيم، الذي فيه روح البابا أثناسيوس الرسولي، وفكر البابا كيرلس الكبير الثاقب، وقوة البابا ديوسقوروس الغالبة (17). هكذا تبين تلك الصور السابقة وغيرها مدى المحاولات التي قامت بها روما من أجل استقطاب الإسكندرية وتبعيتها لها. ولكن آباء كنيسة الإسكندرية خلفاء القديس العظيم مار مرقس الرسول رفضوا كل هذه المحاولات. وتمسكوا بإيمانهم، وثبتوا في أرثوذكسيتهم ولم يحيدوا عنها قيد أنملة.. ولكن هل تسكت روما؟! هل تحول روما نظرها عن الإسكندرية، وتنظر فيما يحدث بداخلها؟! هل تفقد روما رغبة السيطرة، ورغبة تواجدها في مصر حيث كرسي القديس العظيم ما مرقس الرسول؟! مجمع الدعاية الروماني والإرسالية لمصر 6- في الحقيقة أن روما لم تهدأ أبدًا، وكانت تفكر كيف تنجح في اختراق الإسكندرية، وتحقق لنفسها التواجد الدائم المطلوب في مصر.. فكان لابد أن تكون هناك خطة محكمة كي لا تطيش أسهمها كما طاشت السهام السابقة,,, فقام بابا روما أكلمنضس الثاني عشر 146 (1730-1740) بتكوين ما يسمى "مجمع الدعاية" وهو مدرسة لاهوتية في روما يُلّقًّن فيها الطلبة وسائل الدعاية والإعلام إلى جانب الدراسات اللاهوتية.. ثم بعث بخريجي هذا المجمع إلى بلاد الصعيد المصري مثل أسيوط وأبوتيج وصدفا وأخميم وجرجا والأقصر وحتى إلى النوبة في آن واحد.. وقبل مغادرتهم روما صدرت إليهم التعليمات بالبحث عن الصبية القبط الأذكياء وإدخالهم في المدارس الكاثوليكية التي كان يقيمها الفرنسيسكان والچيزويت. تمهيدًا لإرسالهم إلى روما للدراسات العليا وقد تم تمويل هذا المشروع بأموال طائلة (18). وبالفعل نجح المرسلون والمبشرون الكاثوليك في هذه المهمة وأنضم إلى الكنيسة الكاثوليكية عدد لا بأس به من الأقباط، مما أحدث نوع من القلق والنزاع بين العائلات والأفراد في ذلك الوقت من القرن الثامن عشر وصلت إلى حد القضاء (19). وهكذا حدث الاختراق من العمق!!!! (20) أسقف ونائب رسولي لطائفة الأقباط الكاثوليك بمصر 7- لم تقف روما عند هذا الحد في خطة اختراقها للإسكندرية استقطاب أولادها وشبابها.. بل تجاوزت الحدود، وتجاوزت اللياقة عندما قام باب روما بندكت الرابع عشر247 (1740- 1758) في عام 1741م برسامة أول أسقف ونائب رسولي لطائفة الأقباط الكاثوليك بمصر باسم الأنبا اثناسيوس. ولكنه لم يستطع المجيء إلى مصر خوفًا من أقباط مصر الأرثوذكسيين فعين نائبًا عنه يدعى يسطس (صالح) المراغي (21). وللأسف يزعم الكاثوليك أن أثناسيوس هذا كان الأسقف القبطي في أورشليم، ثم انضم إلى روما فَعَيَّنهُ البابا نائبًا رسوليًا!!! (22). وتوالى بعد ذلك تعيين المديرين والنواب الرسوليين لطائفة الأقباط الكاثوليك وصل عددهم إلى 18 نائبًا حتى عام 1895 م.. (23). تأسيس الكنيسة الكاثوليكية في مصر 8- وجاءت الخطوة الجريئة من روما من أجل تواجدها واستقرارها في مصر، وهذه الخطوة تعتبر اخطر ما فعله بابوات كرسي روما على مدى العصور السابقة من لاون الأول وخلقيدونية، إلى لاون الثالث عسر 256 (1878-1903) الذي عمل بقراره البابوي وإجراءاته على تأسيس الكنيسة الكاثوليكية في مصر وتكوينها كمؤسسة ثابتة. بقيام بطريكية الأقباط الكاثوليك وتأسيس أول إيبارشيتين كاثوليكيتين في المنيا والأقصر.. والقصة تبدأ كما هو معروف أن المعلم غالي سرجيوس أحد المباشرين الكبار في عهد حكم محمد على (1805-1848) والذي انضم مع أسرته إلى الكنيسة الكاثوليكية وتبعة روما (24).. قد طلب من البابا بيوس السابع 251 (1800-1823) بضرورة تعيين بطريرك للأقباط الكاثوليك في مصر.. فاستجاب بابا روما لطلبه -رغم موت المعلم غالي مقتولاُ عام 1822م- بتعيين النائب الرسولي مكسيموس جويد (1824-1831) بطريركًا للكنيسة في مصر. ولكن هذا التعيين لم يتم؟!! (25) وفي 19 يونيو عام 1899م عين البابا لاون الثالث عشر الأنبا كيرلس مقار بطريركًا لكرسي الإسكندرية. وتم تجليسه في 31 يوليو من نفس العام. ليكون أول بطاركة الأقباط الكاثوليك.. واعترفت به الحكومة المصرية في يناير عام 1900م رسميًا بعد أن تخلي بعد أن تخلى عن الحماية النمساوية المجرية لطائفته، أسوة بالبابا كيرلس الخامس بطريرك الأقباط الأرثوذكس 112 (1874-1829) (27). وهكذا بدأت الكنيسة الكاثوليكية الرسمية في مصر مع بداية القرن العشرين.. بينما كان تواجد الكاثوليك قبل هذا التاريخ هو مجرد تواجد لطائفة أجنبية تحت الحماية الأجنبية وفي ظل التبعية لكرسي روما (28).. وكان عددهم وقتئذ نحو 6 آلاف قبطي كاثوليكي (29). ولكن نعود ونتساءل.. ما علاقة هذا النائب الرسولي أو البطريرك فيما بعد بالكنيسة المرقسية مار مرقس الرسول وكرسي الإسكندرية؟! هل يتبع هذا الرجل وطائفته إيمان مار مرقس الرسول وخلفاء مار مرقس البابوات أثناسيوس الرسولي وكيرلس الكبير وديوسقوروس؟َ!! في حين أنه وطائفته من أتباع كرسي روما أو كرسي بطرس الرسول كما يزعمون،وحتى لو أخذنا بهذا الرأي، فهل هو وطائفته على إيمان القديس بطرس الرسول..؟!! أنه وطائفته من المصريين التبع لكرسي روما ولإيمان روما الجديد الذي أخذ به لاون الأول منذ عام 440م, ولا علاقة بهم على الإطلاق بمار مرقس الرسول مؤسس كرسي الإسكندرية العظيم... وعمومًا.. إستعاد البطريرك كيرلس مقار ذاكرته الأرثوذكسية من جديد، وواجه مسألة سلطان وعصمة بابا روما واصطدم بها، فاستدعاه بابا روما بيوس العاشر 257 (1903-1914) إلى روما في مايو 1908م. وقد استقالته. ويُذكر أنه عاش سنوات الأخيرة في لبنان. ألف خلالها كتابه المشهور "الوضع الإلهي في تأسيس الكنيسة" الذي يكشف فيه كل الحقائق والأسرار بخصوص كنيسة روما وتأسيسها وسلطانها.. وقد ترجم هذا الكتاب العلامة الأسقف إيسوذورس أسقف دير البراموس (1897-1942) (30), وأخيرًا توفى في عام 1921م. إيبارشيات كاثوليكية في مصر 9- منذ استقالة الأنبا كيرلس مقار عام 1908م، لم تٌقدم روما على تعيين بطاركة آخرين حتى عام 1947م، عندما قام البابا بيوس الثاني عشر 260 (1939-1958) بتعيين الأنبا مرقس خزام بطريركًا (1947-1958).. وإثر وفاته اختير الأنبا أسطفانوس الأول (1958-1986) ليكون البطريرك الثالث للأقباط الكاثوليك في عهد بابا روما يوحنا الثالث والعشرين 261 (1958-1962).. وبعد أن قدم البطريرك أسطفانوس الأول استقالته لمرضه وتقدمه في السن عام 1986م اختير البطريرك الحالي الأنبا أسطفانوس الثاني ليكون البطريرك الرابع.. من ناحية أخرى تأسست إيبارشيات جديدة للأقباط الكاثوليك بعد المنيا والأقصر. وهي (31): إيبارشية أسيوط (1947م) وإيبارشية سوهاج (1982م) - إيبارشية الإسماعيلية (1983م). كنائس كاثوليكية في مصر لغير أقباط 10- الكاثوليك في مصر ليس هم الأقباط فقط، ولكن هناك طوائف أخرى ببطركيات أخرى وجميعها تتبع بابا روما وهي (32): - كنيسة الروم الكاثوليك.. وتتبع البطريك الحالي مكسيموس الخامس حكيم (1967 م.). - كنيسة الموارنة الكاثوليك.. وتتبع البطريرك الحالي مار نصر الله بطرس صفير ومقره لبنان. - كنيسة الأرمن الكاثوليك.. تتبع البطريرك الحالي نرسيس بدروسيان (1982 م.) ومقره لبنان. - كنيسة السريان الكاثوليك.. تتبع البطريرك الحالي مار أغناطيوس موسى (1995 م.) ومقره لبنان. - كنيسة الكلدان الكاثوليك.. تتبع البطريرك الحالي مار روفائيل بداويد ومقره العراق. هذا هو تواجد روما في مصر. وهذا هو تواجد روما في مصر. وهذا هو دور بابا روما مع الإسكندرية كرسي القديس مار مرقس الرسول.. فهل من جديد؟ (33). _____ الحواشي والمراجع: (1) راجع كتابنا: الكنيسة تواجه الهراطقة ج4 عصر البابا ديسقوروس [تحت الإعداد والطبع]. (2) القس منسي يوحنا: تاريخ الكنيسة القبطية. (3) إيريس صليب المصري: قصة الكنيسة القبطية ج2. (4) البابا شنوده الثالث: ناظر الإله مرقس الرسول. (5) راجع كتابنا: قراءة في حياة أبونا البراموسي المتوحد. (6) الأب لويس برسوم الفرنسيسكاني: سيرة القديس فرنسيس الأسيزي. + أديب نجيب سلامة: الكنيسة الكاثوليكية في مصر. (7) مجموعة من المؤلفين: دليل إلى قراءة تاريخ الكنيسة. ج2 الكنائس الشرقية الكاثوليكية. + مركز الدراسات السياسية والاستراتيچية بالأهرام: تقرير الحالة الدينية في مصر 1995م. (8) أديب نجيب: المرجع السابق. (9) راجع كتابنا: الكنيسة تواجه الهراطقة ج2 عصر البابا أثناسيوس الرسولي. (10) د. زاهر رياض: تاريخ أثيوبيا. (11) مجموعة من المؤلفين: المرجع السابق. مقال مساعي الإتحاد بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية. (12) كامل صالح نخله: سلسلة تاريخ البابوات بطاركة الكرسي الإسكندري الحلقة الرابعة. (13) كامل صالح نخله: المرجع السابق. + الأنبا أندراوس غطاس مطران الأقصر وسوهاج للأقباط الكاثوليك [حاليًا البطريرك أسطفانوس الثاني]: مقال بعنوان "مآسي الإنشقاق ومساعي الإتحاد". بمجلة صديق الكاهن عام 1971م العدد 4. (14) كامل صالح نخله: المرجع السابق. + إيريس حبيب المصري: قصة الكنيسة القبطية الجزء السابع. (15) الأنبا أندراوس غطاس: المرجع السابق. (16) راجع كتابنا: القديس أنبا يوساب الأبح. (17) راجع كتابنا: المرجع السابق. (18) إيريس حبيب المصري: المرجع السابق. (19) كامل صالح نخله: المرجع السابق. الحلقة الخامسة. (20) للأسف ما زالت المدارس التي بها الراهبات الكاثوليك حتى اليوم تعمل على التأثير الكاثوليكي على أبناء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الذين يتلقون التعليم فيها وعندي الشواهد كثيرة على ذلك!!! (21) المرجعان السابقان. (22) مجموعة من المؤلفين: المرجع السابق. مقال سيرة الكنيسة القبطية الكاثوليكية مع النواب والمديرين الرسوليين للبطريرك أسطفانوس الثاني. (23) المرجع السابق. + الأنبا يوحنا كابس: لمحات تاريخية عن النواب الرسوليين لطائفة الأقباط الكاثوليك في القرن التاسع عشر. + أديب نجيب: المرجع السابق. (24) يتهم المؤرخون الأقباط المعلم غالي بخيانة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بانضمامه إلى الكاثوليكية، وطلبه الذي به بدأت الكنيسة الكاثوليكية في مصر. ولكن الكاثوليك تختلف رؤيتهم ورواياتهم عنه. وخاصة الدراسة التي قدمها الأنبا يوحنا كابس في العدد الثاني من مجلة صديق الكاهن عام 1976. (25) أديت نجيب: المرجع السابق. (26) الأنبا يوحنا كابس: الأنبا كيرلس مقار. (27) المرجع السابق. (28) مجلة المشرق: مقال الكنيسة القبطية الكاثوليكية في مئويتها الأولى. الهوية والرسالة للآب موريس بيارمارتان اليسوعي. العدد 2 يوليو 1998م. (29) أديب نجيب: المرجع السابق. (30) للأسقف إيسوذورس المواقف الإيجابية في الدفاع عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مواجهة الباباوين والأقباط التبع، ومنهم كيرلس مقار قبل وجوعه لأرثوذكسيته.. راجع كتابنا: في الدفاع عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ج1. (31) المرجع السابق. (32) المرجع السابق. (33) سوف تٌعد بإذن الله دراسة تاريخية وثائقية بالتفصيل عن العلاقة بين كرسي الإسكندرية وكرسي روما في هذه المرحلة الهامة من تاريخ الكنيستين. |
||||
16 - 07 - 2014, 05:48 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القديس العظيم مارمرقس الرسول بين كرسي الإسكندرية وكرسي روما
الإسكندرية وروما: مد الجسور شهد النصف الثاني من القرن العشرين، صورة جديدة مختلفة تمامًا عما سبق، صورة لواقع جديدة بين الإسكندرية وروما لمد الجسور بين الكنيستين الرسوليتين. رغم العصور الطويلة التي مضت، ورغم الحرم الكنسي القائم بين الكنيستين ومازال.. ورغم كل الخلافات والاختلافات التي تراكمت عبر الأجيال.. كان لابد من مد الجسور بين الإسكندرية وروما.. لابد من مد الجسور للعبور نحو حياة أفضل، ونحو مستقبل أكثر إشراقًا من أجل ملكوت الله. الطريق صعب وشاق.. المسائل والقضايا بين الاثنين في غاية التعقيد والتشابك.. والتداخل بين الطرفين شائك لأقصى الدرجات. ولكن كان لابد من الإسكندرية وروما أن تمدا الجسور، جسور الثقة المتبادلة، جسور المحبة الإنجيلية، جسور القبول للآخر.. وأيضًا جسور الحوار الفعّال.. إن تاريخ الكنيسة المقدس سيذكر البابوات المعاصرين في الكنيستين بكل فرح وسرور.
لأن هؤلاء البابوات قد رغبوا الدخول معًا مرحلة مد الجسور، بل قد سعوا بالفعل لبناء الجسور القوية والعبور فوقها إلى أرض جديدة وسماء جديدة.. ويمكن أن نرى هذه الصورة الجديدة المشرقة والمضيئة من خلال: البابا كيرلس السادس وإعادة جسد مارمرقس1- كما عرفنا أن جسد أبينا القديس مار مرقس الرسول قد سرقه أهل البندقية عام 828م وظل جسده باقيًا هناك كل القرون الطويلة السابقة بينما نحن هنا في الإسكندرية نذخر بوجود رأسه المباركة في كنيسته بمدينة الإسكندرية. ولكن عندما جلس المتنيح البابا كيرلس السادس على كرسي القديس مارمرقس في عام 1959م وصار خليفة له.. كان لقداسته رؤية أخرى.. فقد اخترق بروحانيته وانتمائه وبنوته كل هذا الزمن القديم، وكل تلك العصور الماضية. ورأى أنه آن الأوان لكي يعود جسد مار مرقس الرسول لأولاده ليكون بينهم وفي وسطهم.. وكان عام 1968م هو ذكرى مرور 1900 عامًا على استشهاد القديس مار مرقس الرسول، على أرض مصر المقدسة.. وأراد بابا الإسكندرية أن تكون مناسبة مباركة لعودة جسد القديس مار مرقس إلى مصر. وبدأت الاتصالات مع البابا بولس السادس الذي وافق على مطلب الإسكندرية. ورغم صعوبة موقف البندقية، إلا أن البابا بولس بحكمته استطاع أن يحسم هذا الموقف بتقديم الجزء الأكبر من رفات القديس مار مرقس الرسول لكنيسته في الإسكندرية. وذهب الوفد القبطي برئاسة المتنيح الأنبا مرقس مطران أبو تيج وطهطا إلى روما. واستقبلهم البابا بولس السادس في الڨاتيكان بكل الترحاب وقدم لهم الصندوق الذي به الرفات المقدس، وذلك يوم السبت 22يونيو عام 1968م. في احتفال مهيب وسعادة بالغة للأقباط أبناء مرقس.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... وفي يوم 24 يونيو كان الاستقبال الحافل بالقاهرة لكاروز مصر العظيم ومدبرها الأول.. زحفت الجماهير إلى المطار والتي يزيد عددها عن مائة ألف. وعدد كبير من الآباء المطارنة والأساقفة والشمامسة في ملابسهم الكهنوتية.. وكان البابا كيرلس السادس على رأس كل المستقبلين. وعندما وصلت الطائرة. صعد البابا كيرلس السادس السلم، وتسلم الصندوق الثمين الذي يحمل رفات العظيم مار مرقس الرسول.. وسار الموكب من المطار إلى المقر البابوي بالكنيسة المرقسية الكبرى بالأزبكية وسط الألحان والتسابيح والحشود التي اصطفت طول الطريق.. وفي اليوم التالي 25 يونيو كان الاحتفال بافتتاح الكاتدرائية المرقسية الجديدة بحضور الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والإمبراطور هيلاسلاسي، ورؤساء الكنائس وممثليهم.. وفي يوم 26 يونيو، كان الاحتفال الكنسي بإقامة القداس الإلهي الأول برئاسة البابا كيرلس السادس ومعه البطريرك الأنطاكي مار أغناطيوس يعقوب الثالث، وجميع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية. وأيضًا بحضور الإمبراطور الأثيوبي.. وفي نهاية القداس الإلهي وفي مركب كنسي بديع حمل البابا كيرلس السادس صندوق الرفات المقدس ووضعه في المزار الذي أعد خصيصًا له.. وهكذا عاد مار مرقس لأولاده ليكون بينهم (1). وقد عبر المتنيح القمص بيشوي كامل عن هذه المشاعر بقوله:".. ودليل انشغاله (مارمرقس) بنا هو رجوع جسده إلينا بعد 11 قرنًا متغربًا عن الإسكندرية، وكأنه يقول: أنا لا أستريح إلا بين أبنائي" (2). 2- كان جسد أبينا القديس البابا أثناسيوس الرسولي موجودًا بالإسكندرية في مقبرة الآباء البطاركة حتى القرن الثامن الميلادي. عندما استخدمت القسطنطينية نفوذها في نقل جسد البابا إليها وظل بها إلى القرن الخامس عشر الميلادي، عندما نقل إلى مدينة فينسيا الإيطالية ووضع في كنيسة القديس زكريا. وبمناسبة مرور 1600 على نياحة البابا أثناسيوس الرسولي عزم قداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث على إحضار جزء من رفات سلفه العظيم البابا أثناسيوس الرسولي.. وبعد مفاوضات استمرت طويلًا وافق البابا بولس السادس بابا روما الراحل على طلب الكنيسة القبطية توثيقًا لأواصر المحبة والود بين الكنيستين. ودعمًا للتقارب. وقام البابا شنوده الثالث برحلة إلى روما، التقى فيها بالبابا بولس السادس في شهر مايو عام 1973م ليكون أول لقاء بين الكنيستين منذ عام 451م.. وفي يوم الأحد 6 مايو 1973م أقام قداسة البابا شنوده الثالث قداسًا قبطيًا بكنيسة القديس أثناسيوس بروما بمناسبة ذكرى نياحة البابا أثناسيوس الرسولي (تبعًا للتقويم الغربي) وأشترك معه أعضاء الوفد المصري من المطارنة والأساقفة والكهنة والشمامسة،ثم حضر البابا شنوده ومرافقوه القداس الذي أقامه البابا بولس السادس ثم سلم قداسته رفات البابا أثناسيوس في كأس ذهبي كبير.. ثم سارا معًا في مركب من المذبح إلى الكنيسة. والرفات عبارة عن عظمة ثمينة من عظام القديس أثناسيوس. وضعت داخل كأس من الذهب الخالص صنعت خصيصًا لها. وأغلق عليها بإحكام. ثم وضعت الكأس في صندوق خشبي مغطى بقطعة من قماش القطيفة الثمينة زيتية اللون.. ومع الرفات استلم قداسة البابا شنوده أيضًا وثيقة رسمية مكتوبة باللاتينية وبإمضاء الكاردينال المختص بحراسة الذخائر المقدسة بالڨتيكان. وهذه الوثيقة تشهد بأن الرفات هي للقديس أثناسيوس الرسولي. وفي المساء يوم الخميس 10 مايو 1973م وصلت الطائرة التي تقل البابا شنوده الثالث ومعه رفات البابا أثناسيوس الرسولي. وكانت الجموع قد احتشدت في مطار القاهرة وعلى طول الطريق.. وتقدم قداسة البابا في النزول من الطائرة واستقبلته الجماهير بالفرح والزغاريد والألحان الكنسية.. وأندفع الكهنة لحمل الرفات المقدس ونوال بركته.. ثم سار الموكب البابوي خارج المطار إلى الكاتدرائية بالأنبا رويس. وقد جلس البابا في سيارته وبجواره رفات البابا أثناسيوس وهو في الصندوق الكبير والمغطى بالقطيفة الخضراء لدواعي السفر. وفي الكاتدرائية والشعب هناك بالآلاف ينتظر تلك الساعة التي فيها يدخل البابا شنوده ومعه البابا أثناسيوس.. وبعد جهد كبير وصعوبة بالغة تمكن قداسة البابا أن يشق طريقه وسط الشمامسة في موكب كنسي داخل الكاتدرائية. حيث قدم قداسته صلاة الشكر.. ووضع رفات القديس أثناسيوس على المذبح الرئيسي. وفي يوم الاثنين 14 مايو 1973م بدأت الاحتفالات الكبرى ولمدة أسبوع بذكرى مرور 1600 سنة على نياحة البابا أثناسيوس الرسولي. حيث بدأ الاحتفال بصلاة عشية رأسها قداسة البابا شنوده الثالث ومعه ضيوف الكنيسة من كل أنحاء العالم، وفي مقدمتهم البطريرك الأنطاكي الراحل مار أغناطيوس يعقوب. وبعد الصلاة ألقيت كلمات كثيرة عن البابا أثناسيوس. ختمها قداسة البابا المعظم بكلمة رائعة عن مواهب القديس أثناسيوس.. وفي اليوم التالي أقيم القداس الإلهي وهو يوم نياحة القديس 15 مايو 1973م وبعد الانتهاء من القداس، ألقيت كلمات أخرى من بطاركة العالم تشيد بحامي الإيمان.. ثم أخذ رفات البابا أثناسيوس في موكب مهيب إلى أسفل الكاتدرائية حيث وضع في مقصورة خاصة أعدت خصيصًا يعلوها صورة جميلة للقديس أثناسيوس.. ثم أقيمت ندوة علمية عن البابا أثناسيوس الرسولي، تحدث فيها الكثيرون عن شخصية البابا أثناسيوس، وجهاده من أجل حفظ إيمان الكنيسة. ثم أختتم قداسة البابا شنوده الثالث الندوة اللاهوتية عن القديس أثناسيوس بكلمة حيًا فيها دور البابا أثناسيوس في وحدة الكنيسة، وقال قداسته في النهاية: ".. ولتكن روح أثناسيوس المرفرفة الآن، والذي جمع الكنائس حول إيمان واحد، وجمع المجاهدين من الأبرار في ميدان لاهوتي واحد.. لتكن روحه معنا. ولتكن روح كيرلس عمود الدين معنا وليباركنا الله في كنيسته وليبارككم جميعًا". كما أقيمت احتفالات مماثلة في الإسكندرية رأسها قداسة البابا وشارك فيها عدد كبير من ضيوف الكنيسة، وألقيت العديد من الكلمات التي تحي ذكرى بطل الإيمان وحاميه البابا أثناسيوس الرسولي (3). الحوار اللاهوتي بين الإسكندرية وروما 3- الحوار اللاهوتي بين الإسكندرية وروما والذي بدأ بصورة غير رسمية في سبتمبر عام 1971م عندما مثل كنيسة الإسكندرية نيافة الأنبا شنوده أسقف التعليم (قداسة البابا شنوده الثالث)، وفيه قدم قداسته لكنيسة روما الصيغة الإيمانية حول طبيعة السيد المسيح ونصه: "نؤمن أن ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، الكلمة (اللوجوس) المتجسد، هو كامل في لاهوته، وكامل في ناسوته. وأنه جعل ناسوته واحدًا مع لاهوته، بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير. وأن لاهوته لم ينفصل عن ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين. وفي نفس الوقت نحرم تعاليم كل من نسطور وأوطاخي" (4). وقد تم قبول هذا النص على المستوى الرسمي للكنيستين في فبراير 1988م، ووقع عليه قداسة البابا شنوده الثالث وممثلو البابا يوحنا بولس الثاني. ومما هو جدير بالذكر أنه عندما جلس البابا شنوده الثالث على السادة (= السدة) المرقسية، وأثناء زيارته التاريخية لروما عام 1973م، وقّع قداسته مع البابا بولس السادس على إعلان مشترك وتكوين لجنة مشتركة لأجل الحوار اللاهوتي. وقد بدأت هذه الاجتماعات واللقاءات المشتركة للحوار حول الموضوعات مسار الخلاف بين الكنيستين (5).. وكانت المناقشات تدور حول موضوعي: انبثاق الروح القدس والمطهر.. ولكن لم يتمكن الجانبين من الوصول إلى اتفاق حولهما إلى الآن!! الزيارة التاريخية للبابا يوحنا بولس الثاني لمصر 4- الزيارة التاريخية للبابا يوحنا بولس الثاني لمصر، وقيام قداسته بزيارة البابا شنوده الثالث بابا الإسكندرية مساء يوم الخميس 24 فبراير 2000م بالمقر البابوي بالقاهرة.. وقد استقبلته الكنيسة القبطية بكل ترحاب بحضور 34 من الآباء المطارنة والأساقفة إلى جانب وكيل البطريركية بالإسكندرية وسكرتارية البابا شنوده وأعضاء المجلس الملي العام ووكيل وبعض أعضاء المجلس الملي بالإسكندرية وعدد من الآباء الكهنة والأراخنة الأقباط.. وقد ألقى قداسة البابا شنوده كلمة ترحيب باللغة الإنجليزية قبل أن يتبادلا الهدايا، جاء فيها (6): ".. إن مصر زارتها العائلة المقدسة، وقضت فيها ثلاث سنوات ونصف وشربت من ماء نيلها. وفي المواضع التي زارتها بنيت كنائس قديمة. وإذ تأتي قداستكم لزيارة الأماكن المقدسة في الشرق الأوسط، نذكر أن مصر أيضًا تعتبر مكانًا مقدسًا. قُدست بزيارة ربنا يسوع المسيح. فهو لم يزر أي بلد آخر سوى مصر. مصر هي القطر الوحيد الذي زارته العائلة المقدسة. مصر أيضًا هي الكنيسة الوحيدة من كنائس الأمم التي كتبت عن تأسيسها نبوءة في العهد القديم. فقد ورد في سفر إشعياء النبي (19:19). في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر وعمود للرب عند تخمها ويعرف المصريون الرب. وفي نفس الإصحاح توجد آية جميلة جدًا يقول فيها الرب "مبارك شعبي مصر". إننا سعداء أن الرب الإله دعانا شعبه ومنحنا البركة. بلدنا مصر أيضًا هي أم الرهبنة. فأول راهب في العالم هو القديس الأنبا أنطونيوس، قبطي من صعيد مصر. والقديس أثناسيوس أحد بابوات كنيستنا، كتب قصة القديس أنطونيوس في كتابه Vit Antonii. وهذا الكتاب أرسله إلى رومه، وكان سببًا في نشر الرهبنة في رومه. وكذلك القديس مار مرقس الإنجيلي الذي أسس كنيستنا كتب إنجيله للرومان. هذه أيضًا علاقة أخرى. كما أنه عندما كان القديس أثناسيوس يضطهدونه في الشرق، كان يذهب إلى الغرب ويجد أمنًا في رومه وتقدم له الإمكانيات ليكرز ويعلم في الغرب. مصر أيضًا يا صاحب القداسة هي البلد الذي ولد فيه موسى النبي العظيم. وفي مصر أجرى معجزات كثيرة بنعمة من الله. إن لنا علاقات كثيرة في القرون الأولى للمسيحية بين كنيسة الإسكندرية وكنيسة رومه. وقد عادت الصلة بعد زيارتي لقداسة البابا بولس السادس في الڨاتيكان سنة 1973م وقد وقعنا معًا إعلانًا مشتركًا: Acommon declaration وكوّنا لجنة مشتركة لأجل الحوار اللاهوتي. مصر هي مركز في الشرق الأوسط والرئيس مبارك يقوم بأقصى جهده ليدعم السلام في الشرق الأوسط وليدافع عن قضية الفلسطينيين، كما أنه زار أيضًا لبنان العام الماضي. وكان لهذه الزيارة تأثيرها الكبير. ونحن نتوقع من قداستكم أن يكون لكم دوركم في الشرق الأوسط بجهودكم لأجل السلام وبخاصة لأجل أورشليم (القدس). إننا سعداء أن نرحب بقداستكم، ليس فقط الكنيسة القبطية بل كل المصريين. ونشكركم على كلمة التحية التي قلتها في المطار لأجل كنيستنا. ونرجو أن تتقدم بتعضيدكم كل الجهود لأجل الوحدة المسيحية لأن الرب الإله قال في إنجيل يوحنا الإصحاح العاشر أنه يريد تكون كنيسته "رعية واحدة لراعٍ واحد". وفي تأملاته مع الآب في يوحنا الإصحاح 17 أنه يريد أن يكون تلاميذه أو المؤمنون به "أن يكونوا واحدًا كما أننا نحن واحد". فليكن الرب معكم أثناء أقامتكم في مصر في هذه الأيام التي كنا نود أن تطول لتروا كل الأماكن المقدسة في مصر، سواء المواضع التي زارتها العائلة المقدسة أو أديرتنا التي هي أقدم أديرة في العالم كله. قداستكم ستذهبون إلى دير سانت كاترين وهذه القديسة كانت قبطية. ولكن دير سانت كاترين تحت رعاية اليونان الأرثوذكس. نرجو لكم زيارة سعيدة حيثما تتوجهون كرجل سلام، كرجل سياسة، كرجل دين، كرجل محترم من الجميع, أمنياتنا الطيبة لكم وللكنيسة الكاثوليكية في كل مكان". وقد علّق قداسة بابا رومه وقال: أنا مقتنع أن مصر هي أرض مقدسة. I am convinced that Egypt is a Holy Land. _____ الحواشي والمراجع: (1) راجع كتابنا: قراءة في حياة أبونا مينا البراموسي المتوحد. + الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي: الكنيسة وقضايا الوطن والدولة والشرق الأوسط ج2. (2) القمص بيشوي كامل: إيمان كنيستنا القبطية الأرثوذكسية ج1. (3) راجع كتابنا: الكنيسة تواجه الهراطقة. ج1 عصر البابا أثناسيوس الرسولي. + العدد الخاص عن القديس أثناسيوس الرسولي من مجلة مدارس الأحد يونيو ويوليو 1973م. (4) البابا شنوده الثالث: طبيعة المسيح. (5) يصل عدد موضوعات ونقاط الخلاف العقائدية والكنسية والطقسية وغيرها إلى 27 موضوعًا مختلفًا. (6) مجلة الكرازة: العددان 9و10 بتاريخ 11 مارس 2000م. |
||||
|