|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب أبونا تادرس أو القديسة ثيؤدورة الإسكندرية التائبة - المقدس يوسف حبيب مقدمة أصدرنا كتابنا "قديسات تائبات" وضمناه مؤقتًا -ضمن هذه السيرة- سيرة القديسة ثيؤدوره الإسكندرية التائبة، مختصرة حيث أننا لم نجد لها مرجعًا سوى ما ذكره "Cheneau " في كتابه "Les Saints d'Egypte" الجزء الثاني من ص 324- 329، وقد أوضحنا ذلك وكنا نرغب في أن نقدم هذه السيرة مُفصلة وكاملة من كل جوانبها قدر الإمكان. ولما حانت الساعة ولكل شيء تحت السموات وقت وبتدبير من الرب المتحنن اهتدينا إلى سيرة هذه القديسة شاملة في مخطوط نفيس بدير البرموس. وإننا نقدم لك أيها القارئ العزيز في ثوب جديد هذه السيرة العطرة وفيها عظة أيما عظة عن أثر الانغماس في المسرات العالمية الزائلة وما تجره كثرة المجاملات والمعاشرات والحفلات الترفيهية التي لا نعمل لها حسابًا، والتي في غمرتها كثيرًا ما نأكل ونشرب من مائدة الشياطين وندمر حياتنا الروحية - إذ ننسى أن نشرك الرب يسوع في أفراحنا وفي موائدنا وفي اجتماعاتنا وفي أحاديثنا، ونترك لأنفسنا العنان في مجاراة التيار الشرير الجارف ونبرر ذواتنا ونقول ماذا نعمل ونحن إنما نسلك في هذا العالم ولا نستطيع أن نخالف ما جرى عليه عامة الناس؟!!. ولا ندري أن هذه الأمور - رويدًا رويدًا - قد تنتهي بنا إلى كارثة خلقية وإلى سقوط مروع لا يرضاه الله لأحد ولا يرضاه من أحد، وعندئذ نتجرع كؤوس المرارة والندم والحزن والحسرة والألم.. وإذ نحس بفجيعتنا نبتدئ نخاطب ذواتنا بينما قلوبنا تتمزق ألمًا وحسرة، كيف أنه بسبب أمور صغيرة في بادئ الأمر كالمزاح أو الأفكار الشريرة أو النظرات غير المقدسة أو عدم التعفف في الزي ومجاراة التيار قد أنهار صرح حياتنا الروحية ووقعنا في الخزي والفضيحة والعار، في الذل والامتهان، في انكسار النفس وفي الهزيمة الروحية والفجيعة المؤسفة، وتكون مرارتنا بالأكثر حينما نرى أنفسنا بمفردنا، وقد هرب منا الكل، ولا نرى سوى آثامنا المخيفة تمر أمام عيوننا ولا نستطيع الإفصاح عما اقترفناه من ذنوب.. إن في قصة هذه المرأة أبلغ عبرة فبعد أن كانت متزوجة ومشهورة بطهارة سيرتها، ورغم أنها من نبت طيب ومن عائلة غنية وشريفة ورغم أنها تربت تربية حسنة، وكانت سيرتها نظيفة وهي عذراء سقطت وهي متزوجة لعدم تحفظها وسهرها على حياتها الروحية.. وسلمت نفسها لجزار الشهوات الجسدية الوقح، إبليس اللعين، ذلك الجزار الذي يذبح لا بألم لكن بلذة والذي يحرقنا بنار الشهوة فنستلذ لظاها. سقطت الزوجة وما أن أفاقت من سكرات الخطية القاتلة للنفس والجسد والروح - حتى عرفت كل شيء وأيقنت أن الجرم الذي اقترفته خطير. تحول منزلها الذي كان مباركًا مملوءًا فرحًا وابتهاجًا ترفرف عليه ملائكة السلام إلى شبه مأتم دائم. أذلتها الخطيئة وأفسدت حياتها وخربت بيتها. لبست العار والخزي والفضيحة مثل الثوب.. لم تستطيع النظر إلى زوجها أو الحديث معه. لم ينقطع الحزن من قلبها الممزق.. تنبعث من أعماق نفسها آهات وتوجعات لا يستطيع عقل بشري أن يصفها. صارت تصرخ وتولول كل حين قد أخطأت.. قد أخطأت. يحدثها زوجها ماذا حدث؟ ما الذي يؤلمك بهذه الصورة، ما لي أرى وجهك مكمدًا ونفسك متهدمة، المنزل غير مرتب وكل شيء فيه تغير ويوحي بأن حادثًا هامًا قد وقع وأن أمرًا له خطره قد سيطر على حياتك.. أما هي فكانت تلوذ بالصمت الكامل.. عزمت على أن تتوب التوبة الحقيقية التي لا غش فيها - توبة المرأة الزانية التي جاءت من وراء يسوع باكية وكانت تقبل قدميه وتمسحهما بشعر رأسها، التوبة التي لا رجوع بعدها إلى الخطيئة، وقبلها الرب المتحنن على جنس البشر، ذلك الذي بكى على لعازر، الذي يشفق على شقاوتنا والذي يعرف ضعف طبيعتنا البشرية، قبلها الرب يسوع كعظيم رحمته، قبلها يسوع مريح التعابى- الذي عندما يهرب منا الكل يأتي ليعيننا ويقول لنا كما قال في القديم لذلك المفلوج "أتريد أن تبرأ"، لأنه هو حامل خطايا العالم كله، الذي كان يعاشر الخطاة والعشارين والذي قال إن فرحًا يكون في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارًا لا يحتاجون إلى توبة، الذي عندما نأتي إليه تائبين يحملنا برحمته الواسعة ويظلل علينا بظل جناحيه كما أعلمنا من مثل الخروف الضال الذي لم يضربه لما وجده بل حمله على منكبيه فرحًا، ومثل الابن الضال الذي أسرع أبوه لاستقباله،هو يسوع الحبيب الذي كان ولم يزل يفتح بابه لكل خاطئ يريد الرجوع إليه لأنه يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون. بعد هذا العزم الراسخ تركت المرأة كل شيء وانطلقت إلى إحدى الديارات قرب الإسكندرية حيث أكملت بقية أيام حياتها في أعمال النسك والعبادة وتدرجت في مراتب الفضيلة. تزينت بزي الرجال وكانت تعرف "بالراهب تادرس". أخيرًا تنيحت بسلام وأصبحت من القديسات الشهيرات في الكنيسة، وقد ورد خبر نياحتها تحت يوم الرابع عشر من شهر بؤونة في مخطوطة سير القديسين بدير البرموس، وكتبت سيرتها تحت عنوان "سيرة القديسة البارة أمنا تاودورة الإسكندرية، بركة صلاتها تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين. يوسف حبيب |
11 - 07 - 2014, 05:12 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب أبونا تادرس أو القديسة ثيؤدورة الإسكندرية التائبة - المقدس يوسف حبيب
عذراء هادئة عفيفة ولدت بالإسكندرية في القرن الخامس من أبوين شريفين منحهما الرب غنى وخيرات زمنية كثيرة. كانت بارعة الجمال في الخَلق والخُلُق، تعيش عيشة طاهرة هادئة، تتمتع بكل بركات الغنى التي أفاضها الرب على عائلتها التي كانت تخاف الله. كانت تنعم بصفاء الروح وبالحياة المباركة الهنيئة يرفرف عليها ملائكة السلام ويظلل عليها الرب ويبسط رضاءه عليها. كانت تواظب على الصلوات وحضور القداسات، تحب مطالعة الكتاب المقدس -وستجد نصه هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت- تحرس حياتها الروحية كما بسياج من حديد، تهتم بممارسة وسائط النعمة، لا تسلك في طريق الشر وتهرب من الأسباب التي تسوق إلى الخطية، لا تتزين ولا تجاري تيار العالم، وكانت ملتصقة بالرب يسوع حاملة نيره الحلو.. وهكذا كانت سنو شبابها مملوءة طهارة وعفة، لم يعرف لها سقطة ولم يكن لها ماضٍ في الخطية. _____ الحواشي والمراجع: (1) يجب التفرقة بين هذه السيرة وسيرة ثيؤدورة الشهيدة الإسكندرية التي استشهدت سنة 430 م. ومعها القديس ديدموس الشهيد. ← ثيودورة Θεοδώρα معناها موهبة الله - وهي كلمة يونانية: ثيو Θεο = الله، دورا δώρα = عطية. |
||||
11 - 07 - 2014, 05:15 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب أبونا تادرس أو القديسة ثيؤدورة الإسكندرية التائبة - المقدس يوسف حبيب
زوجة صالحة أمينة بلغت الفتاة سن الزواج وكان والداها يخافان عليها من تيارات الشر الجارفة ففكرا في تزويجها حفظًا لطهارتها وقداسة سيرتها خاصة وأنها كانت تمتاز بجمال بارع تحوطها مظاهر الثراء والغنى. زوجاها من شاب غني من عائلة مباركة حسنة السمعة، وكان تقيًا جدًا، قبلته الفتاة زوجًا عن رضا وارتياح كبير، وكان الزوج سعيدًا لتوفيقه إلى زوجة صالحة يترنم بقول سليمان الحكيم "من يجد زوجة يجد خيرًا وينال رضى من الرب" (أمثال 18: 22)، وكقوله أيضًا: "امرأة فاضلة من يجدها لأن ثمنها يفوق اللآلئ، بها يثق قلب زوجها.. تصنع له خيرًا لا شرًا كل أيام حياتها.. تشتغل بيدين راضيتين.. سراجها لا ينطفئ في الليل.. تبسط كفيها للفقير وتمد يديها إلى المسكين.. العز والبهاء لباسها.. تفتح فمها بالحكمة وفي لسانها سنة المعروف، تراقب طرق أهل بيتها ولا تأكل خبز الكسل، يقوم أولادها ويطوبونها. زوجها أيضًا يمدحها، (أمثال 31: 10 - 28). أمضى الزوجان الشابان أياما سعيدة كأنها نسيج من الذهب والحرير يتمتعان بالمسرات الطاهرة والاتحاد المقدس وسط كل مظاهر الغنى مع خوف الله وإكرام الجميع. استمرا على ذلك زمانًا، وكانت ثيؤدوره تمتاز بمحبتها للفقراء والمساكين وكانت تتصدق عليهم، ترتاد كثيرًا دور العبادة والكنائس. لكن العدو كان يسهر حاسدًا ويدبر لهما المكائد لإفساد حياتهما مثله مثل الحشرة الدنيئة التي تهاجم خفية جذور الورود الجميلة فتفسد رونقها وتذبلها. كثرة الأصحاب تخرب النفس (أم18: 22) في وسط مظاهر الغنى وفي وسط الحفلات والاجتماعات والليالي الترفيهية تكاثرت الزيارات والاهتمامات العالمية، الأمر الذي يحدث كثيرًا في حالة الثراء، على رأي سليمان الحكيم: الغني يُكثر الأصحاب والفقير منفصل عن قريبه أم 19: 4. تمكن شاب غني جدًا ومن عائلة كبيرة من التعرف بها وزيارتها ضمن الزائرين -وكان اسمه يوحنا- ورويدًا رويدًا بدأت العلاقة الطاهرة تنمو بينهما بحكم ظروف الحياة المتشابهة التي كانوا يعيشون فيها ولم يكن يدر بخلد الزوجة ثيؤدوره أو زوجها الطيب القلب أن هذا التعارف سوف ينقلب وينتهي بمأساة وكارثة خلقية. بدأ الشاب ينظر إلى ثيؤدوره نظرة احترام وتكريم لزوجة شريفة كما يفعل الكثيرون وكان يبادل زوجها عبارات الإخلاص والوفاء والمودة الأخوية.. في لياقة ونباهة ونكاته الفريدة أدبًا وحياء.. لكن في وسط كل هذا كانت هناك ثغرة خطيرة هي أن هذه التسلي وهذه الموائد كان ينقصها ذكر اسم السيد المسيح وحضوره في الوسط فتهرب الذئاب من بين الحملان، ينقصها أن تكون كما قال عنها القديس بولس الرسول"إن كانت تسلية ما للمحبة، إن كانت شركة ما في الروح، إن كانت أحشاء ورأفة فتمموا فرحي حتى تفتكروا فكرًا واحدًا ولكم محبة واحدة بنفس واحدة مفتكرين شيئًا واحدًا.. فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع ربنا أيضًا" (فيلبي2: 2- 20) كانت الفتاة المسكينة واهمة إذ ظنت أنها تعيش حياة مرحة ونسيت أنها دخلت من الباب الواسع الذي يؤدي إلى الهلاك وكثيرون يدخلون منه، لا بل لم يكن يخطر لها على بال أن هذا الطريق يؤدي إلى الهاوية، كأن أمر السقوط يتعرض له فريق دون آخر،نسيت فعل الحية الماكرة وخداعها التي أسقطت منذ القديم أبانا آدم الذي كان في الفردوس متنعما وطرد من الجنة كان الشاب من عادته أن يحضر كثيرًا لزيارة زوجها حتى توطدت عُرى الصداقة بينهما وبين زوجته أيضًا، وكان الكل يأنس فيه الإخلاص والرد والأدب الجم وصفاء الضمير وعفة النفس والبساطة والطهر ومحبة خدمة الآخرين.. استغل عدو كل بر هذه الظروف وقاتل الشاب بقتال الشهوة الرديئة نحو الفتاة. وبعد أن كان فكره طاهرًا خدعة إبليس بتصورات شريرة وأفكار فاسدة وكان يستسلم لهذه الأفكار فلم يستطيع أن يسيطر على التجربة - ورويدًا رويدًا وُجدت الدالة القوية بحكم كثرة الزيارات، حتى أنه كثيرًا ما كان يقوم بالزيارة في غياب الزوج، والزوجة المسكينة لا يخطر على بالها أمر ولا يراودها إلى هذه اللحظة أدنى شك من جهة زياراته. وعلى توالي الأيام بدأت الشهوة تقوى على الشاب. نسى مركزه ومركز عائلته، نسى كرامته وسمعته، نسى أنه بالخطية يسئ إلى نفسه وإلى الله كما يسئ إلى عائلته وإلى وطنه وإلى هذه الفتاة وزوجها ويحول حياتهما إلى جحيم.. نسى كل شيء لأن الشهوة أعمت عينيه وصار للبهائم مشابهًا، وكان يفكر بكل تركيز في الطريقة التي بها يستطيع أن يقتل شرف الزوجة ويتمم رغباته الدنيئة.. وفي إحدى الليالي وكان الزوج غائبًا -على سفر- رأى الشاب أن الفرصة مواتية له لفعل الشر، تحرك الشاب وتحدث إلى الزوجة ثيؤدوره حديثًا غير لائق ولم يستح أن يعرض عليها مشورة إبليس النجسة، لكن ثيؤدوره كانت ضابطة لنفسها وكانت هذه الأقوال المذمومة صدمة لها، وقعت في قلبها موقعًا سيئًا فصدته في عزة وكرامة وقوة ووبخته في عنف وزجرته في شدة وطردته شر طردة. |
||||
11 - 07 - 2014, 05:18 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب أبونا تادرس أو القديسة ثيؤدورة الإسكندرية التائبة - المقدس يوسف حبيب
زوجة شريرة فاسقة لكن ما حدث بالنسبة للشاب الوقح المستهتر الخائن والدنيء لم يكن كافيًا لردعه لأن الشهوات كانت قد استولت عليه، أخذ يتمادى في التفكير في الشر، وكانت إهانته وطرده دافعًا له بالأكثر للتوغل في الشر بدلًا من النكوص عنه. أخذ بعدئذ يدبر أمرًا ليسقط هذه الفتاة ويفسد حياتها، كان يفكر في الوصول إلى غرضه الشرير وتفتحت أمامه حيل الشر - وهذا ما يحدث بالنسبة لكل سائر في الطريق المعوجة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.رأى أن يعيد التودد إليها -بعد انقطاعه فترة من الزمن- باستخدام أساليب شيطانية: أعاد الكرة وكانت الشابة في حالات فتور واسترخاء روحي، وكانت لا تزال تعيش وسط دوامة كثرة الاهتمامات والمشاغل والأفراح العالمية ولم تأبه بالحادث الذي وقع في طريقها. كان الشاب يحضر مع المعارف والأصدقاء القدامى للزيارة كلما وجد الفرصة سانحة وكأن أمرًا لم يحدث ناسيًا كل شئ، وكانت الشهوة تأكل قلبه أما هي فكانت تستحي أن تفصح لأحد عن شيء، كما أن العدو تدخل وبدأت الشابة هي أيضًا تفكر وتدنست تصوراتها وركز إبليس القتال ضدها فأحبت الكسل والانحلال الروحي الذي انتابها وتغلغل إلى أعماق نفسها وأهملت كل وسائط النعمة وألقت كل الأسلحة التي تستطيع أن تحارب بها إبليس. لقد فاتها قول ابن سيراخ: "يا بني إن أخطأت فلا تزد بل استغفر عما سلف من الخطأ. اهرب من الخطية هربك من الحية فإنك إن دنوت منها لدغتك، أنيابها أنياب أسد تقتل نفوس الناس، كل إثم كسيف ذي حدين ليس من جرحه شفاء" (ابن سيراخ 21: 1-4). بدأت الزيارات تتكاثر والأحاديث تطول، وفي ليلة ما بعد سلسلة من اللقاءات.. سقطت الزوجة، وما أسهل السقوط وما أيسره.. سقطت الزوجة المصون السقطة المروعة وتدمرت حياتها الزوجية والروحية وتحطم عش سعادتها. تحولت من امرأة صالحة وزوجة مخلصة إلى امرأة شريرة زانية أشد قبحًا من المرأة البرصاء.. فيا للهول ويا للفجيعة.. تمت عليها بعض أوصاف ابن سيراخ للمرأة الشريرة حيث قال: "المرأة الشريرة نير قلق ومثل متخذها مثل من يمسك عقربًا" ص26: 10. "كل سوء بإزاء سوء المرأة خفيف" ص25: 26. "إن لم تسلك طوع يدك تخزيك أمام أعدائك، فاقلعها عن جسدك لئلا تؤذيك على الدوام" ص25: 35، 36. "خبث المرأة يغير منظرها ويرد وجهها أسود كالمسح، رجلها يكمد بين أصحابه وإذا سمع تأوه بمرارة" ص25: 24، 25. "لا رأس أشر من رأس الحية، ولا غضب أشر من غضب المرأة. مساكنة الأسد والتنين خير عندي من مساكنة المرأة الخبيثة" ص25: 22، 23. حزن وخزي وعار بعد السقطة المروعة تراكم الحزن والخزي والعار على ثيؤدوره كما هو الحال عقب السقوط، وبعد أن كانت معروفة بطهارتها ومشهورة بنقاوتها وبرارتها هبطت إلى الدرك الأسفل، فاحت رائحة الخطية كما تفوح رائحة النتن من الجسد الميت، وأمست بين ليلة وضحاها مثل الجيف الميتة تنهشها الحيوانات المفترسة. أفاقت من سقطتها ووجدت نفسها قد تدنست، تملكها ندم، قاتل تجرعت كؤوس الحزن وصارت تبكي بكاء مرًا وتمزق قلبها هلعًا وفزعًا وكان لجريمتها مفعول السم يسري ببطء في جسمها ويسمم كل حياتها ويسيطر على تفكيرها ليل نهار، صارت مسرات الحياة ومباهجها مصدر لكد وألم، كانت تصرخ من أعماق قلبها الممزق في تأوهات مرة دون أن تستطيع النطق بكلمة واحدة، كانت تسجد إلى الأرض وتلطم وجهها وتندب مصيرها وتصرخ مولولة: "ارحمني أيها المتحنن كعظيم رحمتك، يا إله الرحمة والرأفة التجئ إلى مراحمك لأنه لم يبق لي رجاء ولا أمل. نعم أنني قد أخطأت وأذنبت لكني صنعتك وجبلتك فأنت قد رسمت صورتك البهية في هذه الطبيعة العديمة الشكر وأنا قد سودتها بخطيئتي".. "ويحي أنا المسكينة. لقد كنت قبلًا في كرامة وسلام، كنت أعيش تحت ظلال غروس الفردوس الشهية المباح أكلها والتلذذ بها والآن أسهر لأربي الأشواك.. أية تعاسة للجبلة المنفصلة عن جابلها، إنها كالجو الذي خلا من الشمس وأرخى عليه الظلام الحالك، كالعين التي جفت ونضب ماؤها، كالجسد الذي فارقته النفس".. "إن تذكر سعادتي السابقة يثقل عليَّ أحزاني الحاضرة وخيانتي الكبيرة التي سقطت فيها تجعل مصيبتي أبهظ مما احتمل". "الآن أرى حقيقة نفسي. إني موضوعة تحت الموت والأحزان والضيقات والأوجاع، أنظر إلى السماء حزينة والأرض تندب تعاستي.. ويزيدني ألمًا أن أرى باب فردوس النعيم مغلقًا والحربة النارية حارسة له".. "صرت بالحقيقة عدوة لك يا ربي فكيف اثبت بصري نحوك، وماذا يكون موقفي لو أتت ساعتي الآن وأنا في مثل هذه الصورة الدنسة الرجسة القذرة البشعة.."؟!! |
||||
11 - 07 - 2014, 05:23 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب أبونا تادرس أو القديسة ثيؤدورة الإسكندرية التائبة - المقدس يوسف حبيب
راهبة قديسة تائبة لم تحتمل البقاء في العالم وصار كل شيء أمامها مرًا وكريهًا. خرجت من منزل الزوجية ساعية نحو خلاص نفسها بعد أن اعترفت بكل شيء، وبعد أن أخبرت زوجها بخطيئتها لأن حياتها بعد سقوطها أصبحت مريرة وكان المنزل شبه مأتم دائم لا يُسمع فيه سوى الأنين والبكاء.. أرادت أن تذهب إلى مكان منفرد لكي تمارس أمور توبتها.. وفي إحدى الليالي الحالكة الظلام قصت شعرها وتزينت بزي الرجال وخرجت متخفية في جنح الظلام وقصدت دير "الإناطون" وهو يبعد عن الإسكندرية بتسعة أميال (في موقع الدخيلة الآن)(1). يختبر الأب مثابرتها تركها طول الليل عند الباب وكانت معرضة للبرد والحشرات المؤذية التي تجوب الصحراء أما هي فكانت دموعها تنهمر مدرارًا وكانت تجهش بالبكاء كمن يندب أباه أو أمه، كانت تستغرق في العويل ولم تكن هذه الدموع لتجد أمامها ما يوقفها أو يمنعها. وما أن أشرقت شمس اليوم التالي حتى كانت عيناها قد تورمت من كثرة البكاء.. خرج الرئيس وسائر الرهبان الإخوة لينظروا في أمر هذا الراهب. سارعت المغبوطة وطرحت ذاتها على رجلي الرئيس فأخذ بيدها ومضى بها إلى قلايته وقال لها: "ما اسمك يا بني؟" قالت له اسمي "تادرس". فقال له الرئيس يا أخي تادرس إن هذه الخدمة متعبة وقاسية جدًا من جهة الأصوام والصلوات والعمل وخدمة الإخوة واحتمال الإهانة وسهر الليل وصلواته وصلاة الرهبان جميعها، قالت له، الله يعينني لأفعل هذا كله يا سيدي ولأنفذ كل ما تأمر به وأخدم سائر الرهبان. أخيرًا قُبل تادرس في الدير. أمرها أن تسقي البستان فأسرعت في نشاط لتنفيذ الأمر. أمرها بإعداد الحنطة للخبز ففعلت كل ما يلزم في سرعة وهمة. كانت تعد أيضًا مائدة الرهبان وتخدم سائر الإخوة، وتنفذ كل ما يطلب إليها من أعمال على الفور، ولم تتأخر قط عن حضور صلوات الكنيسة،بعد كل ذلك كانت تذهب إلى قلايتها وتغلق بابها وتمارس صلواتها، وكانت دائمة القرع على صدرها نادبة خطيئتها بدموع غزيرة وقلب جريح.. وهكذا كانت خدمتها في ذلك الدير لمدة ثماني سنوات تعمل بلا ضجر ولا إهمال ولا تراخ بل بنشاط واجتهاد وانسحاق قلب. أما زوجها فكان حزينًا كاسف البال لا يدري ماذا يكون مصيرها وكان دائم الصلاة والتضرع إلى الله بدموع حارة حتى تستريح نفسه المضطربة ويهدأ قلبه الثائر.. أخيرًا في غمرة التفكير والحزن رأى حلمًا كأن ملاكًا نورانيًا يقول له أذهب في الغد إلى كنيسة القديس بطرس خاتم الشهداء وسوف تجدها على مقربة من بابها ولن تجد غيرها عند وصولك إلى الكنيسة. فلما أشرق النور أنطلق إلى هذه الكنيسة وحدث في هذا اليوم بالذات أن أوكل رئيس الدير إلى "الراهب تادرس" (ثيؤدوره) أن يأخذ جمال الدير إلى الإسكندرية لكي يحضر مئونة الزيت، وكان عليه أن يمر ناحية الكنيسة المذكورة. حدثت المقابلة غير المتوقعة وعرف قائد الجمال الشخص الذي كان سائرًا قرب الكنيسة. نظرت إليه وقالت في نفسها الويل لي أيها الأخ الصالح، الرب يغفر لي ما صنعته من الإثم وما سببته لك من أحزان.. أما الزوج لم يكن يظن البتة أن هذه هي زوجته وكانت لابسة زي الرجال ولم يعرفها إطلاقًا- لم يطرأ على قلبه أن تكون هي ثيؤدورة، فقد تغيرت هيئتها تمامًا بسبب كثرة الأصوام والنسك والتقشفات التي أحنت ظهرها.. مرت بجانبه وحيته تحية السلام وانطلقت في طريقها، أما هو فعاد أدراجه مسلمًا الأمر لله الذي بيده كل شئ. رجعت ثيؤدورة إلى الدير وازدادت في النسك والتقشف وطلبت إلى رئيس الدير أن يأذن لها بمزيد من الصوم الذي كانت معتادة عليه فقال لها الرئيس القديس "يا ابني تادرس الله يقويك في مخافة الله.. وأرشده إلى ما يلزم. وفي السنة التاسعة من بقائها في الدير طلبت إلى أحد الشيوخ في الدير وقالت له: "أسألك أن تطلب لي من الرئيس أن يلبسني مسح شعر، فتقدم الشيخ إلى الرئيس وقال له: "الأخ تادرس يطلب إلى قداستك أن تلبسه مسح شعر" فأجاب الرئيس وقال لتادرس "الله يباركك يا أبني تادرس، وصلى على مسح شعر وألبسه الإسكيم المقدس(2)، فمجدت الله والدموع تنهمر من عينيها، وكانت تداوم على الصلاة والمطانيات وكثرة النسك وتطلب إلى الرب أن يصنع معها رحمة كعظيم رحمته ويغفر لها خطيئتها المرة.. أما عدو الخير فكان يقاتلها قتالًا مريرًا وسمعته مرة يقول لها: آه منك يا زانية يا من خرجت من منزلك ومن عند رجلك وأقبلت إلى هنا لمقاومتي، إني سوف أجلب عليك ضيقًا عظيمًا وأحزانًا متكاثرة.. أما هي فكانت دومًا ترتمي إلى الأرض وتصلي ساجدة للرب يسوع طالبة منه ليلًا ونهارًا أن يعينها على خلاص نفسها وينجيها من فم الأسد.. وحدث أن احتاج الدير إلى حنطة ومئونة زيت فقال الرئيس: "يا ابني تادرس خذ الجمال وامض إلى المدينة وأحضر الحنطة والزيت وإن لزم الأمر أقض الليل في دير قريب" فمضت الطوباوية وأدت عملها وعند عودتها من المدينة كان الوقت مساء فاقتربت من دير قريب وقرعت باب الدير، ففتح لها البواب ودخلت مع الجمال وقضت القديسة ليلتها في الدير إلى جانب الجمال. ولما كان الغد مضت القديسة ثاؤدوره مع الجمال إلى ديرها وحدث أن أحد الغلمان في هذه المنطقة ارتكب الزنا مع إحدى الجواري وحان وقت حبلها فسألها أهلها من فعل بك ذلك؟ فقالت إن الراهب تادرس لما اجتاز بالجمال ارتكب معي هذا الفعل، ولما قالت لهم هذا مضوا إلى رئيس الدير وشرحوا قصة الفتاة والجريمة الشنعاء التي ارتكبها الراهب تادرس. دعا الرئيس الراهب تادرس للحال وقال له كيف فعلت هذا الجرم الكبير الشنيع لما كنت خارج الدير أثناء المأمورية التي كلفت بها؟ أجابت الطوباوية وقالت له أغفر لي يا أبي.. ثم أنهم طرحوا الطفل لرئيس الدير بعد أن أهانوا الرهبان ورئيسهم إهانات بالغة واعتدوا على الراهب البريء تادرس بالضرب واللطم وهو صامت لا ينطق ببنت شفة. ولم يكن هناك بد بعد هذه الجريمة الشنعاء من طرد الراهب تادرس (ثيؤدوره) خارج الدير مشيعًا بالخزي والعار والازدراء ومعه الطفل. ثم أن ثيؤدوره أقامت خارج الدير وكان أسفل الجبل رعاة غنم حنن الرب قلوبهم عليها فأعطوها حصيرًا وكانت تغذي الطفل من لبن الغنم.. وظلت على هذا الحال زمانًا وهي صابرة متحملة برد الشتاء وحر الصيف والجوع والعطش والتعب.. وفي تلك الأثناء حدث مرة أن ظهر لها الشيطان في شكل رجلها وقال لها أنت جالسة ههنا وأنا كل هذه السنين في تعب، هلمي انهضي معي إلى منزلك ولن أعود أذكر ما فعلته من الإثم؟ وكان من عادتها مداومة الصلاة فلما رفعت يديها إلى السماء وهي تصلي للحال هرب الشيطان فشكرت الرب وكانت تطلب بدموع كل حين أن يخلصها من الشر ومن تذكاره الملبس الموت. كان طعام القديسة من حشائش البرية وشرابها من ماء البحر الملح، وقد تآنست بالوحوش ولم تقترب إليها ولم تؤذها، وكانت تقضي لياليها في قلب الصحراء رافعة قلبها إلى الحبيب يسوع ليصنع معها رحمة كعظيم رحمته ولم تكن لنكف عن الصلاة. وكان الرعاة يتعجبون من أمر هذا الراهب فما كانوا يرونه إلا مصليًا باكيًا ولا ينام إلا يسيرًا.. توسطوا لدى الرئيس والرهبان ليصفحوا عنه خصوصًا وأنه قضى خارج الدير حوالي سبع سنوات. قبلوه داخل أسوار الدير ومعه الصبي ثم أن الرئيس أوصاه بضرورة العمل بقوانين صارمة وبأن تكون كل أيام حياته صومًا قدام الله. أما ثيؤدورة فلم تخالف قط أمرًا مما أوصاها الرئيس به وهي شاكرة راضية حتى بقية أيام حياتها. _____ الحواشي والمراجع: (1) ذكر Cheneau في كتابه "Les Saints d'Egypte "الجزء الثاني ص327 أنها دخلت دير "None " "Anisi nomme parce qu il était au meuiréme mille d'Alexandrie…" "ويُسَمّى هكذا لأنه كان في الميل التاسع للإسكندرية..". أما مخطوطة دير البرموس فذكرت أنها توجهت إلى الثمانية عشر ميلًا للرجال وهو دير "الأكتوذ بكانون" وموقعه بجوار بلدة العامرية ويرجع تاريخه إلى القرن الخامس وكان عامرًا في القرن السادس. (2) هكذا ورد بمخطوطة دير البرموس. |
||||
11 - 07 - 2014, 05:24 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب أبونا تادرس أو القديسة ثيؤدورة الإسكندرية التائبة - المقدس يوسف حبيب
نياحة القديسة حدث بعد هذه الأمور أن رئيس الدير رأى حلمًا كأنه جالس وإذ به يختطف إلى أعلى وإذا صوت ملائكي يصرخ قائلًا: "أنظر.. ولما التفت مضوا به إلى موضع لا يقدر شيء من النطق أن يصف مقدار مجده وأبصر هناك عرشًا موضوعًا وملاكًا واقفًا إلى جواره، وعلى العرش كانت عروس وجهها يضيء بالبهاء فسأل من هذه فقيل له هو الراهب تادرس "ثيؤدوره" الذي احتمل كل إهانة من أجل الرب ومكث خارج الدير سبع سنوات -ومعه الطفل- يتغذى من حشيش البرية ويشرب الماء الملح".. "لقد صبرت ثيؤدوره على ذلك لأنها كانت أخطأت ودنست مضجع زوجها وقد تابت التوبة الحقيقية ولم تضجر من العبادة لكيما ترث الحياة الأبدية، ثم رأيت نفسي كأني في ديري". ولما استيقظ من النوم ومضى إلى قلاية الطوباوي وجد أنه قد تنيح بسلام وكان ذلك حوالي سنة 510م حيث حرر الموت، وهو منفذ إرادة الله الصالحة -نفس ثيؤدوره- من سجن هذا العالم المملوء بالتجارب والخطايا. وكم كانت دهشة رئيس الدير والرهبان مريرة لما أظهرت واجبات التكفين سر ثيؤدوره وكيف أنها كانت امرأة واحتملت صنوف الإهانات والازدراء باطلًا. بكى الأب رئيس الدير كذا الرهبان عليها وطلبوا إلى الرب بحرقة قلب وبدموع أن يغفر لهم خطيئتهم،علم الزوج أيضًا بأمرها- حيث كان قد شاع الخبر في الدير وخارجه - وتحقق له أنها زوجته وأنها هي ذاتها التي كانت قد قابلته وهي تقود الجمال بالقرب من كنيسة القديس أنبا بطرس وكيف أنه لم يستطيع أن يتعرف عليها على الإطلاق في ذلك الوقت لشدة نسكها وأصوامها وتقشفاتها.. وشاءت إرادة الرب أن يحضر بسرعة إلى الدير وأن يشترك في جنازتها، وأن يراها ميتة بالجسد بعد أن أرضت الرب بتوبتها الصادقة. وتمضي المخطوطة تقول إنه بعدئذ التمس الزوج من رئيس الدير أن يقبله في ديره ليترهب، وهكذا أمضى بقية حياته. وتثبت العجائب العديدة التي أجراها الله بصلوات القديسة ثيؤدوره أي درجة عالية من الكرامة يعود إليها الخاطئ التائب الصادق في توبته، والمغفرة الجزيلة التي يحظى بها كل من يرجع عن شروره التي اعترف بها وتاب عنها. |
||||
11 - 07 - 2014, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب أبونا تادرس أو القديسة ثيؤدورة الإسكندرية التائبة - المقدس يوسف حبيب
ختام الكتاب نرى من التاريخ أن مثل هذه القصص كان لها أثر واضح بالنسبة للأزواج فلقد كان القديس بولا البسيط تلميذ القديس أنطونيوس الكبير متزوجًا وخانته زوجته - ترك العالم وانطلق إلى الدير وقد منحه الرب مواهب عديدة منها إخراج الشياطين،غالبًا تتعذر الرهبنة لسبب أو لآخر كسبيل بعض التائبين والتائبات إلى ذلك فماذا يفعل الذين في العالم بعد سقوطهم في الخطايا؟ يجيب القديس يوحنا الذهبي الفم في ميمر قاله على الذين يتخلفون في وقت القداسات وعن المائدة الطاهرة (ويقرأ نصف الليل من ليلة الخميس الكبير) هكذا قائلًا: لعل سامع يقول وكيف أستطيع أن أكون في العالم في وسط أموره وأتخلص من شروره فأجيبه أنه ليس المكان هو الذي يخلص بل جودة الطريقة وتقويم النية هم سبب خلاصنا، قد كان آدم في الفردوس كأنه في الميناء لكنه غرق، وكان لوط في مدينة سدوم كأنه في اللجة وخلص ناجيًا.. وقد أوصى بالسهر في الصلوات وحضور القداسات الإلهية حضورًا متصلًا.. عن المخطوطة 175/ 296 طقس بالمتحف القبطي. حقًا ما قاله القديس مار اسحق السرياني "أن الله يهمه العمل ولو كان بلا شكل ولا رسم". وفي القصة التالية التي وردت في تاريخ القديس مكاريوس الكبير خير تفسير. قيل إنه فيما كان القديس مكاريوس الكبير يصلي وافاه فكر العظمة والافتخار.. فسمع للحال من يقول له إنك لم تبلغ إلى الآن فضيلة امرأة أرملة تسكن مع امرأة ابنها بمحبة كاملة في مدينة الإسكندرية ويمكنك أن تشاهد فضيلتها عيانًا، فلما سمع الأب هذا الإعلان اتقد بنار الرغبة لمشاهدة هذا الأمر وقام لوقته إلى الإسكندرية بعد أن زود رهبانه بالنصائح، وبتدبير من الله استدل على منزلها وقرع الباب ففتحت له إحداهما فاستدعاهما وخاطبهما قائلًا: "إني من أجلكما قد عانيت مشقة السفر ومتاعب البرية وما ذلك إلا شوقًا لأعلم ماذا تصنعان وما هي حالة معيشتكما، فقالتا له"هل يمكنك أن تجد صلاحًا في امرأتين متزوجتين يعيشان في لذة ونعيم؟، فألح عليهما فقالتا له: أننا أقترنا بسر الزواج مع أخوين من مدة خمس عشرة سنة وقد مضت هذه المدة بدون أن تخرج من فم الواحدة كلمة تغيظ الأخرى ولم يحدث بيننا خصام أو شبه خصام قط، وأن الواحدة منا لا تميز أولادها، عن أولاد الأخرى بل تهتم بما يرضي أولاد الأخرى قبل أولادها، ثم قالتا له: "قد تعاهدنا أمام مخلصنا أن نعيش هكذا كل أيام حياتنا ونطلب منه تعالى أن يساعدنا على القيام بعهدنا، فلما سمع القديس خبرهما هتف قائلًا: حقًا إن الله يمنح المتزوجين كما يمنح المتبتلين وأنه تعالى لا ينظر إلا الضمائر والقلوب ويمنح روحه القدوس لجميع الذين يخدمونه. هكذا نالت القديسة ثيؤدوره الفرح الدائم في ملكوت السموات، وتعيد الكنيسة في اليوم الرابع عشر من شهر بؤونة، كما ذُكر في تاريخ القديسة بالمخطوطة بدير البرموس. بركة صلاتها تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين. |
||||
|