الصليب والعرش الإلهي
11- الصليب والعرش الإلهي
الصليب كعلامة له أربعة فروع أو أجنحة ويرمز للعرش الإلهي الذي حوله الأربعة الأحياء غير المتجسدين. والعرش السماوي ليس عرشاً مادياً لكنه عرش روحي وهو يتصل بالصليب بالرقم أربعة. فالرقم أربعة واضح في العرش السماوي وفي الصليب جداً. الصليب يرمز إلى انتشار الخلاص في العالم كله. لأن به كان الخلاص من مشارق الأرض إلى مغاربها ومن الشمال إلى الجنوب. كما أن الأربعة الأحياء التي حول العرش ترمز للخلاص. فصورة الإنسان ترمز للتجسد، وصورة العجل ترمز للذبيحة أو الصلب، وصورة الأسد ترمز للقيامة والقوة لأن المسيح بقيامته من الأموات أعلن سلطانه الإلهي على الموت. لأنه هو ملك الملوك ورب الأرباب. وصورة النسر ترمز للصعود لأن النسر يحلِّق في السماء. فالأحياء الأربعة ترمز لتجسد الكلمة وصلبه وقيامته وصعوده.
ولكي ينتشر الإنجيل في العالم كله؛ انتشر من خلال أربع بشائر: متى ولوقا ومرقس ويوحنا. وهذا الترتيب هو ترتيب الأربعة الأحياء الحاملين للعرش الإلهي. فهذا هو الترتيب اللاهوتي للبشائر الأربعة. لم يكن عدد الأناجيل ثلاثة أو خمسة ولكنها كانت أربعة ولم يكن هذا بمحض الصدفة إنما كان نتيجة لارتباط الأناجيل بفكرة الصليب وبفكرة العرش أيضاً الذي حوله الأحياء الأربعة.
يتكلم إنجيل متى عن السيد المسيح ابن داود أو ابن الإنسان وذُكِرَ لقب ابن الإنسان 33 مرة في إنجيل متى، لذلك يرمز إليه بالإنسان،أما إنجيل لوقا فيتكلم عن السيد المسيح الخادم وعن عمله في تقديم نفسه كذبيحة لذلك اهتم جداً بأحداث الختان في اليوم الثامن والذهاب للهيكل لتقديم الذبيحة (فرخي الحمام) وذهابهم للهيكل أيضاً في اليوم الأربعين. ففي إنجيل لوقا نجد معاني كثيرة تشير إلى الذبيحة لذلك يرمز إليه بالعجل. وإنجيل مرقس من بدايته يتكلم عن الصوت الصارخ في البرية ثم عن معجزاته وقوته لذلك يرمز إليه بالأسد. أما إنجيل يوحنا فيتكلم عن لاهوت السيد المسيح والإلهيات لذلك يرمز إليه بالنسر المحلق في السماويات. لذلك فإن الأربع بشائر تشير إلى عمل الله في خلاص البشرية وخبر انتشاره في العالم كله.
فلكي تتحقق كل الرموز الخاصة بالفداء وكل المعاني الروحية؛ كان لابد للسيد المسيح أن يموت مصلوباً وليس بأي ميتة.
حتى أن السيد المسيح تكفن بالطيب قبل موته لكي يكون ميتاً وهو حي، وحياً وهو ميت. وهكذا مات قائماً لكي نرى القيامة في الصليب ونرى الصليب في القيامة.