|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نبوات عن ذبيحة الابن الوحيد وقبولها لدى الآب
فِصْحَنَا أَيْضًا الْمَسِيحَ قَدْ ذُبِحَ لأَجْلِنَا هذه العبارة أوردها القديس بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس (1كو5: 7). وهو يعتبر أن السيد المسيح هو الفصح الجديد الذي كان يرمز إليه قديمًا الحمل الذي كان يذبحه شعب إسرائيل كل عام ما بين العشائين في عيد الفصح تذكارًا لعبور الملاك المهلك عن أبكار بنى إسرائيل عندما صنعوا الفصح في مصر ووضعوا علامة الدم على العتبة العليا والقائمتين (انظر خر12: 7)، كرمز للدم الذي سفك على الصليب لأن الإناء الذي فيه الدم كان أسفل العتبة العليا صانعًا صليبًا مع الثلاث علامات الأخرى. إن دم الصليب هو الذي ينقذنا من الملاك المهلك؛ أي ينقذنا من الهلاك الأبدي. ويلاحظ أن الفصح لم يكن بعلامة الدم فقط بل بأكل الفصح، إذ أن الخروف المذبوح أكله الشعب مشويًا في ليلة خروجهم من أرض العبودية. لذلك فإن العشاء الرباني بالنسبة لنا هو أن نصنع ذكرى حقيقية للفصح، ونأكل جسد الرب تحت أعراض الخبز ونشرب من الكأس التي للعهد الجديد دمًا حقيقيًا تحت أعراض الخمر. إننا نعيش الذكرى ونتمتع ببركات الخلاص في سر الافخارستيا ونستعد لذلك بالتوبة والاعتراف ونتحرر من عبودية الخطية. لذلك نقول في الاعتراف الأخير في القداس الإلهي أنه يُعطى عنا [خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه]. إننا نتحد بالحياة الأبدية الممنوحة لنا في المسيح وهذا هو معنى الاتحاد بالمسيح في سر الافخارستيا. لا يمكن أن نتحد بالجوهر الإلهي ولكن نتحد بالطاقة الممنوحة من الله وهي طاقة فائقة للطبيعة. أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحُزْنِ "أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحُزْنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ" (إش53: 10)، مقصود هنا أن الآب قد سُرَّ بأن يسحق السيد المسيح بالحزن؛ لأنه حمل خطايا العالم، وقدَّم كفّارة عنها. والكتاب يقول: "الْحُزْنَ الَّذِي بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يُنْشِئُ تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ"ً (2كو7: 10) عن هذه المسألة تكلّم معلمنا بولس الرسول وقال عن الآب الذي سمح بأن يوفى ابنه الوحيد الجنس كل ديون الخطية نيابة عن البشر: "الَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابنهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟" (رو8: 32). وذكر القديس يوحنا الإنجيلي قول السيد المسيح لنيقوديموس: "لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ الجنس لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو3: 16). ولكن هل الآب فقط هو الذي سُرَّ بسحق ابنه الوحيد المتجسد بالحزن؟! إننا نقرأ عن السيد المسيح في صنعه الفداء أنه "مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ" (عب12: 2). وهذا يعنى أن السيد المسيح هو أيضًا كان له سرور بخلاص البشرية. ولكنه من الناحية الإنسانية قد نال هذا السرور بعدما أكمل أحزانه وآلامه المختصة بالصليب. أي أن سرور السيد المسيح المقصود (إنسانيًا) قد حدث عندما حرر المسبيين من الجحيم، وعندما فتح الفردوس، وعندما قام من الأموات منتصرًا على الموت إذ "َأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُود" (2 تي1: 10). إن الآب لم يَظلم ابنه الوحيد المتجسد حينما تركه يتألم على الصليب "لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ اللهِ الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ" (عب2: 9).. لم يظلمه: لأنه قد رفعه إلى أعلى السماوات وأدخله إلى المجد السمائى ومجّده عند ذاته بالمجد الذي أخلى منه نفسه حينما تجسد؛ وهو المجد الذي كان له عند الآب قبل تأسيس العالم (انظر يو17: 5). ولم يظلمه أيضًا لأنه "أَعْطَاهُ اسمًا فَوْقَ كُلِّ اسم. لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسم يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآب"ِ (فى 2: 9-11). إن كل ما ذكرناه قد تم بقدرة إلهية واحدة هي قدرة الآب والابن والروح القدس، ولكن كل طاقة صادرة من الثالوث لها أصلها في الآب وتتحقق بالابن في الروح القدس كما قال الآباء القديسون. وما يعنينا هنا هو أن نؤكّد أن الآب لم يظلم ابنه المتجسد عندما تطوّع الابن لخلاص البشرية بل على العكس لقد نال في الجسد تمجيدًا وتكريمًا يفوق بمراحل ما لحق به من إهانات بما لا يقاس. السحق والانسحاق حينما يسحقون شيئًا يحولونه من شيء متماسك إلى مسحوق غير متماسك. يتحول من الجماد إلى السيولة، ولا يكون له شكل محدد بل يتشكل بحسب الحيّز الموضوع فيه. والمسحوق لا يقاوم بل يخضع في كل شيء. السحق هو أعلى درجات الإخضاع لذلك يقول المزمور عن الرجل الشرير الذي يظلم المساكين "فَمُهُ مَمْلُوءٌ لَعْنَةً وَغِشًّا وَظُلْمًا.. يَكْمُنُ لِيَخْطُفَ الْمِسْكِينَ. يَخْطُفُ الْمِسْكِينَ بِجَذْبِهِ فِي شَبَكَتِهِ. فَتَنْسَحِقُ وَتَنْحَنِي وَتَسْقُطُ الْمَسَاكِينُ بِبَرَاثنهِ. قَالَ فِي قَلْبِهِ: إِنَّ اللهَ قَدْ نَسِيَ. حَجَبَ وَجْهَهُ. لاَ يَرَى إلى الأَبَدِ" (مز10: 7. 9-11). ومن الجانب الآخر فإن أفضل شيء في الصلاة هو الانسحاق. والانسحاق في الصلاة والتواضع أمران متلازمان، فالقلب المنسحق هو نفسه القلب المتواضع، والقلب المتواضع لابد أن ينسحق أمام الله في الصلاة. فكما أن موت السيد المسيح كان عوضًا عن موت الجميع كقول بولس الرسول: "إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ. فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا" (2كو5: 14)؛ هكذا أيضًا كان السحق هو عوضًا عن سحق الجميع، والحزن عوضًا عن حزن الجميع. ما أجمل سيمفونية الحب هذه أن السيد المسيح قد ناب عنّا في كل شيء وأرضى قلب أبيه السماوي من حيث إنه كان هو آدم الثاني.. آدم الجديد.. رئيس الخلاص.. رئيس الكنيسة ورأسها وينبوع خلاصها ومجدها "لأَنَّهُ لاَقَ بِذَاكَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ الْكُلُّ وَبِهِ الْكُلُّ، وَهُوَ آتٍ بِأَبْنَاءٍ كَثِيرِينَ إلى الْمَجْدِ أَنْ يُكَمِّلَ رَئِيسَ خَلاَصِهِمْ بِالآلاَمِ" (عب2: 10). إن الكتاب المقدس يدعونا إلى الانسحاق في كل شيء إذ يقول المزمور "الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالْمُنْسَحِقُ يَا اللهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ" (مز51 (50): 17). وأيضًا يقول المزمور "الذَبيحة للهِ رُوحٌ مُنْسِحق" (مز50 (51): 17). كذلك يقول في سفر الأمثال "بِحُزْنِ الْقَلْبِ تَنْسَحِقُ الرُّوحُ" (أم15: 13). وفى سفر إشعياء "لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ الْعَلِيُّ الْمُرْتَفِعُ سَاكِنُ الأَبَدِ الْقُدُّوسُ اسمهُ: فِي الْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ الْمُقَدَّسِ أَسْكُنُ وَمَعَ الْمُنْسَحِقِ وَالْمُتَوَاضِعِ الرُّوحِ لأُحْيِيَ رُوحَ الْمُتَوَاضِعِينَ وَلأُحْيِيَ قَلْبَ الْمُنْسَحِقِينَ" (إش57: 15). ويبدو أن هذا القول هو الأصل الذي أخذ منه القداس الباسيلي عبارة [الساكن في الأعالي والناظر إلى المتواضعين]. ويقول أيضًا في سفر إشعياء "وَكُلُّ هَذِهِ صَنَعَتْهَا يَدِي فَكَانَتْ كُلُّ هَذِهِ يَقُولُ الرَّبُّ. وَإِلَى هَذَا أَنْظُرُ: إلى الْمِسْكِينِ وَالْمُنْسَحِقِ الرُّوحِ وَالْمُرْتَعِدِ مِنْ كَلاَمِي" (إش66: 2). كل هذه الأقوال الكتابية تدلنا على أن الانسحاق هو أحد الركائز الرئيسية في العلاقة مع الله: في التفكير، في الصلاة، في الخدمة، في تنفيذ الوصية الإلهية، في محاربة الشياطين، في مواجهة خطية الكبرياء. لأن الكتاب يقول "قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ" (أم 16: 18). ليعطنا الرب انسحاقًا حتى تكون عبادتنا مقبولة أمامه إذ نصلى ونقول: نحن غير مستحقين، "ولكن لانسحاق نفوسنا وتواضع أرواحنا اقبلنا" (دا 3: 39). إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ عبارة "إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ" (إش53: 10)، وأيضًا عبارة "إِلَى الذَّبْحِ" (إش53: 7) التي قالها إشعياء النبي، وعبارة "ذُبِحَ لأَجْلِنَا" (1كو5: 7) التي قالها معلمنا بولس الرسول، كما ورد في سفر الرؤيا "خَرُوف قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ" (رؤ5: 6)، نلاحظ أن هذه العبارات كلها تشير إلى أن السيد المسيح قد ذُبح على الصليب ولم يمت مخنوقًا مثل اللصين اللذين صُلبا معه. وذلك لأن اللصين قد كُسرت سيقانهما فتعلقا من أيديهما ولم يمكنهما التنفس، فماتا بعد ذلك مباشرةً. أما السيد المسيح فقد مات نتيجة للنزيف الحاد الذي نتج عن الجلد الروماني والصلب التالي له. فالسيد المسيح هو ذبيحة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى. وكان صدره مملوءًا بالدماء (الهيموجلوبين + البلازما + بعض المياه). وحينما طعنه الجندي بحربة في جنبه؛ جرى منه دم وماء، ليظهر لنا أنه مات بنزف دمه مذبوحًا من الداخل. كان هناك خمسة أنواع من الذبائح والقرابين في شريعة موسى وهي التي أمر بها الرب: 1- ذبيحة المحرقة. 2- ذبيحة السلامة أو ذبيحة شكر السلامة. 3- ذبيحة الخطية. 4- ذبيحة الإثم. 5- تقدمة القربان. كان من الصعب أن يعبّر نوع واحد من الذبائح والتقدمات عن الجوانب المتعددة لذبيحة الصليب العظيمة، لهذا تعددت الأنواع بهذه الصورة لكي تعبّر في مجموعها عن المعاني المذخرة في ذبيحة الصليب. * فذبيحة المحرقة: تشير إلى طاعة المسيح الكاملة لله أبيه بقبوله الموت على الصليب إذ "وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ" (فى2: 8). وقيل عن هذا النوع من الذبائح: "وَيُوقِدُ الْكَاهِنُ الْجَمِيعَ عَلَى الْمَذْبَحِ مُحْرَقَةً وَقُودَ رَائِحَةِ سُرُورٍ لِلرَّبِّ" (لا1: 9). كانت الذبيحة بعد سلخها وتقطيعها وغسل أحشائها، يُقدّم لحمها وشحمها وأحشاؤها كاملة على المذبح فوق الحطب الذي على النار التي على المذبح. أي تحرق بكاملها وتتحول إلى رماد وتتصاعد أبخرتها رائحة سرور للرب. * وذبيحة السلامة أو شكر السلامة: وهي ترمز إلى سر الشكر أو سر الإفخارستيا، ويشترك في أكلها الكهنة ومقدم الذبيحة (صدر الترديد والساق اليمنى للكهنة). ويقدم معها أقراص فطير ملتوتة بزيت ورقائق فطير مدهونة بزيت مع أقراص خبز خمير،ولا يقرب من كل ذلك على المذبح سوى شحم الذبيحة الذي يوقد على المذبح (انظر لا 7: 11- 34). فالفطير الملتوت بالزيت يشير إلى جسد يسوع الذي حبل به في العذراء مريمبالروح القدس، والرقائق المدهونة بالزيت تشير إليه عند مسحه في نهر الأردن بالروح القدس، والفطير يشير إلى خلوه من الخمير الذي يرمز إلى الخطية. أما أقراص خبز الخمير فتشير إليه حينما حمل خطايا العالم على الصليب، مثلما قال بولس الرسول عن الآب في بذله للابن على الصليب: "جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ" (2كو5: 21). * وذبيحة الخطية: ترمز إلى التكفير عن خطايا السهو "إِذَا أَخْطَأَتْ نَفْسٌ سَهْوًا فِي شَيْءٍ مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي الرَّبِّ الَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا وَعَمِلَتْ وَاحِدَةً مِنْهَا" (لا 4: 1). وقيل عن ذبيحة خطية الكاهن الممسوح وخطية كل جماعة إسرائيل أن الذبيحة تكون ثورًا، وعن خطية رئيس أن الذبيحة تكون تيسًا من الماعز ذكرًا صحيحًا، وعن خطية أحد من عامة الأرض (أي عامة الشعب) أن الذبيحة تكون عنزًا من الماعز أنثى صحيحة. وعلى سبيل المثال قيل عن خطية الجماعة ما يلي: "وَإِنْ سَهَا كُلُّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ وَأُخْفِيَ أَمْرٌ عَنْ أَعْيُنِ الْمَجْمَعِ وَعَمِلُوا وَاحِدَةً مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي الرَّبِّ الَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا وَأَثِمُوا. ثُمَّ عُرِفَتِ الْخَطِيَّةُ الَّتِي أَخْطَأُوا بِهَا يُقَرِّبُ الْمَجْمَعُ ثَوْرًا ابن بَقَرٍ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. يَأْتُونَ بِهِ إلى قُدَّامِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. وَيَضَعُ شُيُوخُ الْجَمَاعَةِ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ الثَّوْرِ أَمَامَ الرَّبِّ وَيَذْبَحُوا الثَّوْرَ أَمَامَ الرَّبِّ. وَيُدْخِلُ الْكَاهِنُ الْمَمْسُوحُ مِنْ دَمِ الثَّوْرِ إلى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. وَيَغْمِسُ الْكَاهِنُ إِصْبِعَهُ فِي الدَّمِ وَيَنْضِحُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى الْحِجَابِ. وَيَجْعَلُ مِنَ الدَّمِ عَلَى قُرُونِ الْمَذْبَحِ الَّذِي أَمَامَ الرَّبِّ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. وَسَائِرَ الدَّمِ يَصُبُّهُ إلى أَسْفَلِ مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ الَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يَنْزِعُهُ عَنْهُ وَيُوقِدُهُ عَلَى الْمَذْبَحِ. وَيَفْعَلُ بِالثَّوْرِ كَمَا فَعَلَ بِثَوْرِ الْخَطِيَّةِ. كَذَلِكَ يَفْعَلُ بِهِ. وَيُكَفِّرُ عَنْهُمُ الْكَاهِنُ فَيُصْفَحُ عَنْهُمْ. ثُمَّ يُخْرِجُ الثَّوْرَ إلى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ وَيُحْرِقُهُ كَمَا أَحْرَقَ الثَّوْرَ الأَوَّلَ. إِنَّهُ ذَبِيحَةُ خَطِيَّةِ الْمَجْمَعِ" (لا4: 13- 21). ومقصود بالثور الأول أو "ثور الخطية" أي الذي ذُكر قبل ذلك وهو ثور خطية الكاهن الممسوح. أما باقي ذبائح الخطية سواء لأحد الرؤساء أو لواحد من عامة الشعب فلها طقوس مشابهة لذلك للتكفير عن الخطية. * وذبيحة الإثم: لها بُعدان: فهي تخص الخطأ سهوًا في أقداس الرب، أو الخطأ عمدًا في خطية مثل السرقة وفي كلتا الحالتين عليه التعويض عن الخطأ أو إعادة المسلوب. وقيل عنها ما يلي: "إِذَا خَانَ أَحَدٌ خِيَانَةً وَأَخْطَأَ سَهْوًا فِي أَقْدَاسِ الرَّبِّ، يَأْتِي إلى الرَّبِّ بِذَبِيحَةٍ لإِثْمِهِ.. وَيُعَوِّضُ عَمَّا أَخْطَأَ بِهِ مِنَ الْقُدْسِ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ وَيَدْفَعُهُ إلى الْكَاهِنِ، فَيُكَفِّرُ الْكَاهِنُ عَنْهُ بِكَبْشِ الإِثْمِ فَيُصْفَحُ عَنْهُ" (لا5: 15، 16). وأيضًا "إِذَا أَخْطَأَ أَحَدٌ وَخَانَ خِيَانَةً بِالرَّبِّ وَجَحَدَ صَاحِبَهُ وَدِيعَةً أَوْ أَمَانَةً أَوْ مَسْلُوبًا أَوِ اغْتَصَبَ مِنْ صَاحِبِهِ. أَوْ وَجَدَ لُقَطَةً وَجَحَدَهَا وَحَلَفَ كَاذِبًا عَلَى شَيْءٍ مِنْ كُلِّ مَا يَفْعَلُهُ الإِنْسَانُ مُخْطِئًا بِهِ. فَإِذَا أَخْطَأَ وَأَذْنَبَ يَرُدُّ الْمَسْلُوبَ الَّذِي سَلَبَهُ، أَوِ الْمُغْتَصَبَ الَّذِي اغْتَصَبَهُ، أَوِ الْوَدِيعَةَ الَّتِي أُودِعَتْ عِنْدَهُ، أَوِ اللُّقَطَةَ الَّتِي وَجَدَهَا، أَوْ كُلَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَاذِبًا. يُعَوِّضُهُ بِرَأْسِهِ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ. إلى الَّذِي هُوَ لَهُ يَدْفَعُهُ يَوْمَ ذَبِيحَةِ إِثْمِهِ. وَيَأْتِي إلى الرَّبِّ بِذَبِيحَةٍ لإِثْمِهِ كَبْشًا صَحِيحًا مِنَ الْغَنَمِ بِتَقْوِيمِكَ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ إلى الْكَاهِنِ. فَيُكَفِّرُ عَنْهُ الْكَاهِنُ أَمَامَ الرَّبِّ فَيُصْفَحُ عَنْهُ فِي الشَّيْءِ مِنْ كُلِّ مَا فَعَلَهُ مُذْنِبًا بِهِ" (لا6: 1- 7). وقد ادّعى البعض أن خطايا العمد لا يكفّر عنها بذبيحة، ونشروا ذلك في كتاب عن القديس بولس الرسول. وهم في هذا يتجاهلون أن خطايا السرقة، والاغتصاب، والقسم الكاذب المذكورة في شريعة ذبيحة الإثم، هي جميعها خطايا عمد ويلزم للتكفير عنها تقديم ذبيحة كبش صحيح من الغنم. أما خطايا السهو فيقدّم عنها عنزًا من الماعز أنثى صحيحة. كما أن خطايا العمد يلزم التعويض فيها للمجني عليه بنفس المقدار ويزيد عليه الخُمس. لهذا قال إشعياء النبي عن السيد المسيح: "إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ" (إش53: 10). بمعنى أن السيد المسيح قد كفّر عن خطايا العمد كما كفّر عن خطايا السهو، وأنه قد سدد الدين الذي علينا، وزاد على ذلك أيضًا لمن يسلك مثل الخمس العذارى الحكيمات ويقتنى الفضائل الروحية وثمار النعمة. وقد عبّر عن ذلك معلمنا بولس الرسول بقوله: "وَلَكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هَكَذَا أَيْضا ًالْهِبَةُ" (رو5: 15). وما أجمل دقة النبوة في أن السيد المسيح هو حمل الله الذي يحمل خطايا العالم. * أما تقدمة القربان: فكانت تشير إلى كهنوت السيد المسيح وإلى نقاوة طبيعته الإنسانية وخلوّها من الخطية. وكانت من الدقيق والزيت واللبان (البخور) أو أقراصًا من دقيق فطيرًا ملتوتة بزيتٍ ورقاقًا فطيرًا مدهونة بزيت بدلًا من الدقيق العادي (انظر لا2: 1-16). فالفطير أو الدقيق خالي من الخمير، واللبان رمز للبخور الكهنوتي. وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ وردت هذه العبارة في (إش53: 10)؛ فلم ينجح أحد قبل السيد المسيح في إتمام مسرة الرب بالكامل. فجميع البشر كانوا محتاجين إلى الخلاص من فساد الطبيعة ومن حكم الموت الأبدي ولم يفلت أحد قبل مجيء السيد المسيح من هذا الوضع المحزن. وقد وردت عبارات أخرى تشير إلى أن مسرة الرب كانت وسوف تكون على الدوام بواسطة الابن الوحيد الجنس ربنا يسوع المسيح. فقد ورد في سفر إشعياء عن السيد المسيح قول الآب: "مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي" (إش42: 1). وأثناء عماد السيد المسيح في نهر الأردن بيد يوحنا المعمدان جاء صوت الآب من السماء: "هَذَا هُوَ ابني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ" (مت3: 17، انظر مر1: 11). وعن ميلاد الرب يسوع المخلّص سبّحت الملائكة قائلة: "الْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ" (لو2: 14). أي أن مجيء السيد المسيح قد حقق المسرة للآب السماوي وكذلك قد جلب المسرّة للبشر الذين آمنوا به وقَبِلوه. وقد وردت أيضًا عبارة: "أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحُزْنِ" (إش53: 10) وذلك في نفس الآية من سفر إشعياء. فهل سُرَّ الآب فقط بأن يسحقه بالحزن في جثسيمانى، وفي القبض عليه مع خيانة يهوذا، وفي المحاكمة أمام مجمع اليهود، وفي سجنه، وفي محاكمته أمام الحاكم الروماني، وفي جلده، وفي حمله الصليب، وفي آلامه على الصليب، وفي ذوقه الموت لأجل كل واحد؟!! لقد سُرَّ الرب أيضًا بنزوله إلى الجحيم وتحريره لأرواح القديسين المسبيين الذين رقدوا على الرجاء، وفي فتحه للفردوس وإدخاله لهذه الأرواح هناك، وفي انتصاره الساحق على الموت وقيامته المجيدة من الأموات، وفي ظهوراته المفرحة لتلاميذه بعد القيامة، وفي صعوده الانتصاري إلى أعلى السماوات حيث دخل ملك المجد وجلس عن يمين الآب، وفي فرح السمائيين به وبخلاصه للبشرية وإعلان حب الله الآب للخليقة بصورة جردت الشياطين من دعاويهم الباطلة ضد الله. لدرجة أن تسابيح السمائيين قد تطورت من شكر الآب على خلقه للعالم إلى شكره على إرساله لابنه الوحيد الجنس فاديًا ومخلّصًا. وكأن "سر الشكر" الذي نمارسه نحن في القداس الإلهي هو تجسيد لحالة "الشكر" التي يترنم بها السمائيون في وجود الحمل القائم كأنه مذبوح وهو مستحق لكل المجد والكرامة والتسبيح مع أبيه الصالح والروح القدس. هذا ما عبّر عنه القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات في قداسه العظيم عن تسابيح الشاروبيم والسرافيم أمام العرش الإلهي {يرسلون تسبيح الغلبة والخلاص الذي لنا}. إذن فهم يترنمون بترانيم الخلاص. إنها سيمفونية الحب الإلهي ترددها الخليقة إلى أبد الدهور. بيده تنجح يقول الكتاب "يمين الرب صنعت قوة" (مز117: 15). وقيل عن السيد المسيح إنه هو "قُوَّةِ اللهِ" (1كو1: 24). وقيل عنه أيضًا إنه "جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي" (عب1: 3). واليمين هنا إشارة إلى موضع القوة والتقدير والإكرام. إن عبارة "مَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ" (إش 53: 10) تشير أيضًا إلى أن يد السيد المسيح قد حققت ما أراد الرب أن يصنعه بيمينه وذراعه القوية. عندما لمس السيد المسيح الأبرص بيده للوقت طهر برصه (انظر مت8: 1-4)، وعندما لمس نعش الشاب ابن أرملة نايين الوحيد لأمه وناداه قام الشاب من الموت ودفعه إلى أمه الحزينة (انظر لو7: 11- 17). وعندما طلى عينيّ المولود أعمى بيده بالطين وأمره أن يغتسل في بركة سلوام، أتى المولود أعمى بصيرًا. وعند مد يده الطاهرة على خشبة الصليب وسمّرها الجنود، مزّق صك خطايانا وسمّر خطايا البشرية بالصليب. لذلك نصلى ونقول في قطع صلاة الساعة السادسة {صنعت خلاصًا في وسط الأرض كلها أيها المسيح إلهنا عندما بسطت يديك الطاهرتين على عود الصليب}. بيده الطاهرة بارك السيد المسيح الخمس خبزات والسمكتين وأشبع الجموع. وبيده الطاهرة بارك الخبز والخمر في ليلة آلامه وحوّلهما إلى جسده ودمه الأقدسين وأعطاهما لتلاميذه صانعًا عهدًا جديدًا في كأس الافخارستيا. وحتى بعد قيامته من الأموات كشف آثار الجراحات في يديه لإثبات حقيقة القيامة ثم قال لتوما في الأحد التالي: "هَاتِ إِصْبِعَكَ إلى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي" (يو20: 27) ليؤكّد له أنه قد قام حقًا. وعندما ظهر لتلميذيّ عمواس في يوم قيامته عرفاه عندما بارك الخبز في المنزل. وعند صعوده إلى السماء رفع يديه وبارك التلاميذ "وَفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إلى السَّمَاءِ" (لو24: 51) كم من الأمور صنعتها يد السيد المسيح؟ كم من الخير؟ كم من المعجزات؟ كم من العطاء؟ كم من أعمال الشفاء؟ كم من علامات الحنان والرفق بالأطفال؟ كم من البركات الإلهية؟ كانت يد السيد المسيح تمتد بالخير للجميع، وتدعو الجميع إلى التوبة والخلاص كقول الكتاب "الْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ" (إش45: 22). فما أجمل هذه العبارة التي تغنّى بها إشعياء النبي: "وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ" (إش53: 10). حقًا لقد نجحت جميع المقاصد الإلهية بما فعله السيد المسيح وفرح قلب الآب وامتلأ سرورًا بكل ما فعله ابنه الوحيد الجنس الحبيب. مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ "مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ" (إش53: 12) لقد رأينا كيف وعد الآب السماوي بأن تكون ثمار ذبيحة الصليب مفرّحة للأعزاء وغنية جدًا، والآن سنرى أن الآب يقدّر لابنه الوحيد الجنس أنه "سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ". السَكيب والانسكاب عبارة "سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ" توضّح أن السيد المسيح لم يقبل الموت فقط، ولكنه بذل نفسه مثل الطيب المنسكب والخمر المنسكب "لأَنَّنَا رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةِ لِلَّهِ، فِي الَّذِينَ يَخْلُصُونَ.. رَائِحَةُ حَيَاةٍ لِحَيَاةٍ" (2كو2: 15، 16). وهذا الانسكاب يدل على الطاعة والانسحاق أمام الآب السماوي من جهة، ويدل على تكريس الذات لخلاص البشرية من ناحية أخرى. وقد اقتبس القديس بولس الرسول هذا المفهوم في حديثه مع مخدوميه فقال: "أَنْسَكِبُ أَيْضًا عَلَى ذَبِيحَةِ إِيمَانِكُمْ" (فى2: 17). وعند انتقاله من هذا العالم قال: "أنَا الآنَ أسْكَبُ سَكِيبًا، وَوَقْتُ انْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ" (2تى4: 6). فالانسكاب في الصلاة، والانسكاب في الخدمة، والانسكاب في التضحية مقتبسة من سكيب الخمر الذي كان الكاهن يسكبه على ذبيحة المحرقة أو ذبيحة السلامة (انظرعد6: 17)، الموضوعة على المذبح قبل أن تتقد فيها النار. وقد ورد ذلك في أسفار التوراة كقول الرب لموسى النبى: "وَهَذَا مَا تُقَدِّمُهُ عَلَى الْمَذْبَحِ: خَرُوفَانِ حَوْلِيَّانِ كُلَّ يَوْمٍ دَائِمًا. الْخَرُوفُ الْوَاحِدُ تُقَدِّمُهُ صَبَاحًا وَالْخَرُوفُ الثَّانِي تُقَدِّمُهُ فِي الْعَشِيَّةِ. وَعُشْرٌ مِنْ دَقِيقٍ مَلْتُوتٍ بِرُبْعِ الْهِينِ مِنْ زَيْتِ الرَّضِّ وَسَكِيبٌ رُبْعُ الْهِينِ مِنَ الْخَمْرِ لِلْخَرُوفِ الْوَاحِدِ. وَالْخَرُوفُ الثَّانِي تُقَدِّمُهُ فِي الْعَشِيَّةِ. مِثْلَ تَقْدِمَةِ الصَّبَاحِ وَسَكِيبِهِ تَصْنَعُ لَهُ. رَائِحَةُ سُرُورٍ وَقُودٌ لِلرَّبِّ. مُحْرَقَةٌ دَائِمَةٌ فِي أَجْيَالِكُمْ عِنْدَ بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ أَمَامَ الرَّبِّ. حَيْثُ أَجْتَمِعُ بِكُمْ لأُكَلِّمَكَ هُنَاكَ. وَأَجْتَمِعُ هُنَاكَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَيُقَدَّسُ بِمَجْدِي" (خر29: 38-43). وأيضًا "وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: قُل لِبَنِي إِسْرَائِيل: مَتَى جِئْتُمْ إلى أَرْضِ مَسْكَنِكُمُ التِي أَنَا أُعْطِيكُمْ. وَعَمِلتُمْ وَقُودًا لِلرَّبِّ مُحْرَقَةً أَوْ ذَبِيحَةً وَفَاءً لِنَذْرٍ أَوْ نَافِلةً أَوْ فِي أَعْيَادِكُمْ لِعَمَلِ رَائِحَةِ سُرُورٍ لِلرَّبِّ مِنَ البَقَرِ أَوْ مِنَ الغَنَمِ. يُقَرِّبُ الذِي قَرَّبَ قُرْبَانَهُ لِلرَّبِّ تَقْدِمَةً مِنْ دَقِيقٍ عُشْرًا مَلتُوتًا بِرُبْعِ الهِينِ مِنَ الزَّيْتِ. وَخَمْرًا لِلسَّكِيبِ رُبْعَ الهِينِ. تَعْمَلُ عَلى المُحْرَقَةِ أَوِ الذَّبِيحَةِ لِلخَرُوفِ الوَاحِدِ. لكِنْ لِلكَبْشِ تَعْمَلُ تَقْدِمَةً مِنْ دَقِيقٍ عُشْرَيْنِ مَلتُوتَيْنِ بِثُلثِ الهِينِ مِنَ الزَّيْتِ. وَخَمْرًا لِلسَّكِيبِ ثُلثَ الهِينِ تُقَرِّبُ لِرَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ" (عدد15: 1-7). وقد وبخ الرب شعب إسرائيل على سكائبهم لعبادة الأصنام عندما زاغوا عن عبادته: "وَيْلٌ لِلْبَنِينَ الْمُتَمَرِّدِينَ يَقُولُ الرَّبُّ حَتَّى أَنَّهُمْ يُجْرُونَ رَأْيًا وَلَيْسَ مِنِّي، وَيَسْكُبُونَ سَكِيبًا وَلَيْسَ بِرُوحِي لِيَزِيدُوا خَطِيئَةً عَلَى خَطِيئَةٍ" (إش30: 1). وأيضًا "أَمَا أَنْتُمْ أَوْلاَدُ الْمَعْصِيَةِ نَسْلُ الْكَذِبِ؟ الْمُتَوَقِّدُونَ إلى الأَصْنَامِ تَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ الْقَاتِلُونَ الأَوْلاَدَ فِي الأَوْدِيَةِ تَحْتَ شُقُوقِ الْمَعَاقِلِ. فِي حِجَارَةِ الْوَادِي الْمُلْسِ نَصِيبُكِ. تِلْكَ هِيَ قُرْعَتُكِ. لِتِلْكَ سَكَبْتِ سَكِيبًا وَأَصْعَدْتِ تَقْدِمَةً. أَعَنْ هَذِهِ أَتَعَزَّى؟ عَلَى جَبَلٍ عَالٍ وَمُرْتَفِعٍ وَضَعْتِ مَضْجَعَكِ وَإِلَى هُنَاكَ صَعِدْتِ لِتَذْبَحِي ذَبِيحَةً" (إش57: 4-7). إذن فسكب الخمر مع تقدمة الذبيحة كان أمرًا يمارس في تقديم الذبائح للإله الحقيقي في شريعة موسى. كما استخدمه البنون العصاة أيضًا في تقديم الذبائح للأوثان. وبالنسبة لتقديم ذبيحة المحرقة أو السلامة للرب مع سكيب الخمر فإن هذا يوضح لنا العلاقة بين ذبيحة الافخارستيا وذبيحة الصليب. فإن الخمر في الافخارستيا هو دم السيد المسيح الذي قال عنه: "هَذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا" (مت26: 28). إن موت السيد المسيح على الصليب كان ممتلئًا بالحب وعن ذلك تتغنى عروس النشيد بقولها: "أَدْخَلَنِي إلى بَيْتِ الْخَمْرِ وَعَلَمُهُ فَوْقِي مَحَبَّةٌ" (نش2: 4). وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ أما عبارة: "وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ" (إش53: 12) فهي نبوة واضحة عن صلب السيد المسيح في وسط لصّين محكوم عليهما بالإعدام في جرائم تستحق الموت فعلًا (انظر لو23: 41). ويختم النبي إشعياء هذا الفصل عن صلب السيد المسيح (أى الإصحاح 53) بالعبارة الأساسية فيه "وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ"، وهي تلخّص كل عمل السيد المسيح الفدائي كحامل لخطايا العالم، وكشفيع أمام الآب لتبرير الخطاة الذين يقبلون شفاعته الكفارية عنهم ويسلكون في التوبة للحياة الأبدية حافظين وصاياه المحيية. |
|