جرأة الشيطان على المسيح!
عبارة " أخلي ذاته " لم تنطبق عليه في فترة ميلاده فحسب، بل صاحبته طوال حياته على الأرض في الجسد...
ومن أجل أنه أخلي ذاته، تجرأ الشيطان ليجربه.
ووصل الرب في إخلائه لذاته، إلى حد أنه ترك الحرية للشيطان، يختار الزمان والمكان ونوع التجربة... ما أشد على النفس قول الكتاب: "ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة، وأوقفه على جناح الهيكل " وأيضًا " ثم أخذه إبليس إلى جبل عال جدًا" (مت4: 5، 8).
إبليس "يأخذه"، "ويوقفه" حيثما يشاء!! يا للهول!...
ما أشد هذا الإخلاء للذات... من يحتمله؟!
وإذا بهذا الإله الكامل في معرفته المخبأة فيه كل كنوز العلم والمعرفة، يقول عنه الكتاب أن الشيطان: "أراه" جميع ممالك الأرض ومجدها!!... "أراه"؟! وهو الذي يري الخفيات والمكنونات، ويعلم حتى أعماق الفكر وبواطن القلوب...
وهذه الممالك، التي كلها من صنعه، وكلها له، والتي بيده بقاؤها وانحلالها، يقول له الشيطان: "لك أعطي هذه جميعها"... وتصل الجرأة بالشيطان أن يقول له: "إن خررت وسجدت لي "!! هل إلى هذه الدرجة تصل الجرأة؟!
ما أعجبك يا رب! من يقدر على مثل هذا الإخلاء؟!
وأخيرًا
يعوزنا الوقت إن تحدثنا عن كل نواحي إخلاء الرب لذاته... الأمثلة عديدة، لا تحصي... وإخلاء الرب لذاته له جذور ممتدة في العهد القديم، أتركها حاليًا لتأملاتك الخاصة....