الصوم مصحوب بفضائل
إن الذين يصومون ولا يستفيدون من صومهم، لابد أنهم صاموا بطريقة خاطئة، فالعيب لم يكن في الصوم، وإنما كان في الطريقة. وهؤلاء أما أنهم صاموا بطريقة جسدانية، ولم يهتموا بالفضائل المصاحبة للصوم أو أنهم اتخذوا الصوم غاية في ذاتها، بينما هو مجرد وسيلة توصل إلي غاية. والغاية هي إعطاء الفرصة للروح.
إن الصوم هو فترة روحيات مركزة.
فترة حب لله، والتصاق به. وبسبب هذا الحب ارتفع الصائم عن مستوي الجسد الجسدانيات.
هو ارتفاع عن الأرضيات ليتذوق الإنسان السمائيات. إنه فتره مشاعر مقدسة نحو الله. علي الأقل فيها الشعور بالوجود مع الله والدالة بالوجود مع الله والدالة معه. وهو فترة جهاد روحي: جهاد مع النفس، ومع الله، وجهاد ضد الشيطان.
أيام الصوم هي أيام للطاقة الروحية وفترة تخزين. فمن عُمْق الروحيات التي يحصل عليها في الصوم، يأخذ الصائم طاقة روحية تسنده في أيام الإفطار. فالذي يكون أمينًا لروحياته في الصوم الكبير مثلًا، يحصل علي خزين روحي يقويه أيام الخمسين حيث لا صوم ولا مطانيات.. ولكي يكون صوم الإنسان روحيًا، عليه بالملاحظات الآتية:
1-يكون الصوم روحانيًا في هدفه ودوافعه:
لا يكون اضطرارًا، أو لكسب المديح، أو بسبب عادة. إنما يصوم لأجل محبة الله، ارتفاعًا عن الماديات والجسدانيات لتأخذ الروح فرصتها.
2-يكون الصوم فترة للتوبة ونقاوة القلب:
يحرص فيه الصائم علي حياة مقدسة مقبولة أمام الله. فيها الاعتراف وتبكيت النفس، وفيها التناول من الأسرار المقدسة..
3-يكون الصوم فترة غذاء روحي ببرنامج روحي قوي:
ويهتم فيه بكل الوسائط الروحية. ولا يركز حول أمور الجسد في الصوم، أنما علي أمور الروح. وأضعًا أمامه باستمرار ليس مجرد نوعية الطعام الصيامي، وإنما علي أمور الروح. واضعًا أمامه باستمرار ليس مجرد نوعية الصيامي، وأنما قدسية أيام الصوم وما يليق بها، لكي تقوي روحه فيها الصوم يوصل إلي قوة الروح. وقوة الروح تساعد علي الصوم.
وفي الصوم فضائل يرتبط بعضها بالبعض الآخر.
الصوم يساعد علي السهر لخفة الجسد. والسهر يساعد علي القراءة والصلاة. والقراءة الروحية أيضًا تساعد علي الصلاة. والعمل الروحي في مجموعة يحفظ الإنسان الروحي ساهرًا. القراءة مصدر للتأمل، والتأمل يقوي الصلاة. والصلاة أيضًا مصدر للتأمل..
والصوم يرتبط بالميطانيات. والمطانيات تساعد علي التواضع وانسحاق علي الواضع وأنسحاق القلب كما ان انسحاق الجسد بالصوم يوصل إلي إنسحاق الروح.
كما يرتبط الصوم بفضائل تتعلق بغرض الصوم.
فهناك صوم غرضه الاستعداد للخدمة، كصوم الرسل. وصوم غرضه التوبة كصوم نينوي. وصوم غرضه إنقاذ الشعب، كصوم استير.. وهناك من يصوم لأجل غيره، وفي ذلك حب وبذل ومشاركة. وكلها أصوام ممزوجة بفضائل خاصة. ليتنا نتذكر في صومنا أن السيد المسيح صام وهو ممتلئ بالروح. أما نحن فعلي الأقل فلنصم لكي نمتلئ بالروح.