|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ميخا ورؤيا السلام العظيم بعد أن تحدث ميخا عن الخراب والدمار الذى سيلحق بشعبه وأورشليم نتيجة الخطية والإثم والشر والفساد ، ... وبعد أن أبصر صهيون تفلح كالحقل وجبل بيت الرب يضحى شوامخ وعر ، مد بصره إلى الأفق البعيد ، فرأى فى أحضان المستقبل ، عصراً ذهبياً مجيداً يثبت فيه بيت الرب ، وتتخرج من صهيون الشريعة ، وتسعى الأمم إلى اللّه ، ويسود الدين والسلام والأمن والرخاء والمحبة ، ... وقد اشترك إشعياء مع ميخا فى التنبؤ عن هذا العصر كما جاء فى إشعياء " 2 : 2 - 4 ، مى 4 : 1 - 5 " ، ولا يمكن أن نجزم أيهما كان أسبق فى نبوته ورؤياه ، فإذا أخذنا بالعمر ، فإن إشعياء كان أسبق ، ... غير أن ميخا ألحق بالنبوة : « لأن جميع الشعوب يسلكون كل واحد باسم إلهه ، ونحن نسلك باسم الرب إلهنا إلى الدهر والأبد » ... وقد شجع هذا البعض على الاعتقاد أن نبوة ميخا كانت أسبق ، على اعتبار أنها لم تنس واقع الشعوب المحيطة بشعب اللّه ، .. فى بيته بعد أن تفلح صهيون كحقل وتصير أورشليم خرباً ،... أما إشعياء فقد تجاوز هذه الحقيقة مأخوذاً بالنبوة نفسها ، وأثرها ، الذى لا يمكن معه الوقوف عند الصورة الجميلة دون النظر إلى الظلال القاتمة !! .. على أية حال إن كليهما دفعا الأجيال إلى التطلع نحو ذلك العالم المجيد المرموق ، ... وقد اختلف المفسرون ، واتجهوا ، وجهات مختلفة أشهرها وجهتان ، يطلق عليها : ما قبل الألف سنة ، و « مابعد الألف سنة » ، أما قبل الألف ، فتشير إلى مجئ المسيح الثانى حرفياً لمدة ألف عام ، أما بعد الألف فتشير إلى المجئ روحياً لمدة ألف سنة ، أو مدة طويلة لا يشترط أن تكون حرفياً ألف سنة ، ... أو فى لغة أخرى أن الخلاف يدور حول جبل الرب ، وهل المقصود به الجبل الحرفى ، أو أورشليم المدينة التاريخية ، التى يعتقد الآخرون بالمعنى الحرفى أنها ستتعود إلى مجدها العظيم التليد ، بل إلى مجد لم تعرفه فى تاريخها السابق على الإطلاق ، ... الأمر الذى لا يقبله أو يأخذ به المؤمنون بالمجئ الروحى ، والذين يفسرون الأمر كله تفسيراً روحياً ، فأورشليم عندهم ، هى أورشليم الروحية التى قال عنها الرسول بولس فى رسالته إلى غلاطية : « وأما أورشليم العليا التى هى أمنا جميعاً فهى حرة » ... وكان يفرق فى ذلك بينها وبين : « أورشليم الحاضرة فإنها مستعبدة مع بنيها » . . "غل 4 : 25 " وامتدت به التفرقة وهو يتحدث عن الصليب ، فكشف عما يعتقده فى معنى « إسرائيل » وهو لا يقصد إسرائيل بحسب الجسد ، أو الجنس اليهودى ، بل يقصد المؤمنين أبناء اللّه فى القول : « فكل الذين يسلكون بحسب هذا القانون عليهم سلام ورحمة وعلى إسرائيل اللّه » ... " غل 6 : 16 " وهو يقابل ما ذكره الرسول يوحنا فى سفــر الرؤيا « ثم رأيت سماء جديدة وأرضاً جديدة لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا ، والبحر لا يوجد فى ما بعد . وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند اللّه مهيأة كعروس مزينة لرجلها » ... " رؤ 21 : 1 و 2 " ولا يتصور بداهة عند الرسولين ، أن الحديث عن أورشليم هو بالمعنى الحرفى ، بل بالمعنى الروحى أو « الكنيسة » وهو ما نعتقد أنه التفسير الصحيح لنبوة ميخا وإشعياء ، ... إن جبل الرب المرتفع هو ذلك الحجر الذى قطع بغير يدين والذى قال عنه دانيال للملك نبوخذ نصر : « كنت تنظر إلى أن قطع حجر بغير يدين فضرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما ، فانسحق حينئذ الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معاً وصارت كعصافة البيدر فى الصيف فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان . أما الحجر الذى ضرب التمثال فصار جبلا كبيراً وملأ الأرض كلها » .. " دا 2 : 34 و 35 " وكل هذه إشارة إلى ملك المسيح وكنيسته التى ستملأ الأرض ، ... والذى لا خلاف عليه - حتى مع الآخذين بالمعنى الحرفى - أنه لا يمكن أن يأتى العصر الذهبى أو يتم السلام فى الأرض دون أن يقبل الجميع من اليهود أو الأمم الرب يسوع المسيح، مخلصاً وفادياً ورباً ، كشرط أساسى لإتمام الخلاص وامتداد ملكوت اللّه على الأرض، إذ أن علاقة المسيح بأى إنسان قبل أن ترتبط بمكان أو زمان أو ظرف ، هى علاقة روحية شخصية ، كما أن خلاصه شامل كامل لم يعد وقفاً على اليهود ، بل يتسع ليشمل شعوباً وأمماً كثيرة ، إذ أنه خلاص الإنسانية بأكملها ، الإنسانية التى جاء المسيح ومات من أجلها ليفتديها ويحررها من اللعنة والخطية والإثم ، وهو خلاص أبدى لا يتزعزع أو ينهزم ... إن ممالك الأرض تقوم وتسقط ... فأين مصر وصور وصيداء ، وبابل واشور واليونان وروما !!؟ أين الممالك التى انحنى العالم لسلطانها ومجدها العظيم؟؟... لقد بادت وتلاشت ولم يبق منها إلا قصة تذكر فى التاريخ ، وتروى مع الأيام أما خلاص الله فأبدى ثابت إذ : « أن جبل الرب يكون ثابتاً فى رأس الجبال ويرتفع فوق التلال وتجرى إليه شعوب » " ميخا 4 : 1 " أو فى لغة أخرى إن خلاص المسيح سيسمو ويعلو على كل ما شمخت به جبال العالم ، ومرتفعات الزمن ، ... وهو خلاص قوامه حياة البر : « فيعلمنا من طرقه ونسلك فى سبله لأنه من صهيون تخرج الشريعة ومن أورشليم كلمة الرب » ... " ميخا 4 : 2 " ومن الملاحظ أن هذا الخلاص سيكون عظيما وقوياً ومؤثراً فى حياة الناس إذ سيملأهم بالغيرة المقدسة فيقولون بعضهم لبعض : « هلم نصعد إلى جبل الرب وإلى بيت إله يعقوب » ... وهل هذا إلا إعلاناً قوياً عن محبتهم للّه ، ومحبتهم بعضهم لبعض ؟؟ .. قال القديس زافييه لمحدثيه : « أنتم تقولون إنهم سيقتلوننى بالسم وإنه لشرف كبير لخاطئ مثلى لا أجرؤ على الحلم به ، ولكنى مستعد أن أموت عشرة آلاف مرة من أجل خلاص نفسى واحدة»... وهذا الخلاص سيكون مصحوباً بالنور : « فيعلمنا من طرقه » وسيادة المسيح وخلاصه لابد أن يصحبهما النور المشرق ، .. أليس هو نور العالم ومن يتبعه لا يمشى فى الظلمة ؟ ، ألم يأت ليمنحنا النور الذى به نخلص من الجهل والخرافات والفساد والخطية ؟؟ .. وخلاص المسيح مرتبط بالسلام : « فيقضى بين شعوب كثيرين. ينصف لأمم قوية بعيدة فيطبعون سيوفهم سككاً ورماحهم مناجل لا ترفع أمة على أمه سيفاً ولا يتعلمون الحرب فى مابعد » .. وهذا الخلاص مرتبط آخر الأمر بالرخاء : « بل يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته ولا يكون من يرعب لأن فم رب الجنود تكلم » ... " مى 4 : 3 و 4 " . ومع أن هذا الخلاص فى أحضان المستقبل ، ويرتبط بالمسيح ، إذ أن آخر الأيام التى ذكرها يعقوب وموسى ودانيال وإشعياء وميخا وغيرهم من الأنبياء تشير إلى عصر المسيا ، وقد فرق ميخا على ما يعتقد بعض المفسرين بين هذا العصر ، وعصر السبى البابلى الذى قال فيه قبل هذه النبوة مباشرة : « لذلك بسببكم تفلح صهيون كحقل وتصير أورشليم خرباً وجبل البيت شوامخ وعر » ... ولعل هذا هو السبب الذى جعله يضيف العبارة التى لم ترد فى إشعياء : « لأن جميع الشعوب يسلكون كل واحد باسم إلهه ونحن نسلك باسم الرب إلهنا إلى الدهر والأبد » فيرى البعض أنها تتحدث عن سلوك إسرائيل فى السبى ، وهم يرفضون العبادة الوثنية التى أحاطت بهم ، وكان هذا سر رجائهم وقوتهم وعودتهم من السبى ، ... ويرى آخرون أنها تشير إلى الكنيسة ، وهى تأخذ طريقها إلى الانتصار الكاسح ، فى عالم الوثنية والفساد والشر ، وهو التصور الأصح فى نظرنا . وقد تحدث ميخا عن هذا الخلاص على أية حال بلهجة الواثق المتأكد : « لأن فم رب الجنود تكلم » " ميخا 4 : 4 " .. وهل يتكلم الرب إلا بالصدق ، وهل يغفل عن أن يسهر على كلمته ليجربها ؟!! .. لئن كان هناك من رجاء أو أمل فى كل التاريخ فى أن نصل إلى الأمن والسلام والاستقرار ، والرخاء والمحبة والأخاء ، فإن هذا الرجاء أو الأمل يرجع إلى ثقتنا الوطيدة فى كلمة اللّه !! .. وما من شك فى أن الكنيسة المسيحية يقع عليها وحدها الرجاء فى الدفاع عن الحقوق البشرية ، ... مع أن الإنسان يسير بطيئاً جداً فى الدفاع عن هذه الحقوق ، .. وها نحن نرى هيئة الأمم المتحدة وقد أقرت ميثاق « حقوق الإنسان » ، وهو ثمرة جهاد طويل منكوب بالحروب والمتاعب والمجازر البشرية ، وهو يتكون من اثنتين وعشرين مادة ، وهو جزءان : الجزء الأول منه يتكون من أربع مواد ، ويسير إلى ضرورة احترام الدولة المشتركة فيه لكل نصوصه وقوانينه ، ومساهمتها فى تنفيذ مواده بكل ما تملك من قوة ونفوذ - والجزء الثانى ويتكون من ثمانى عشرة مادة ، ويفصل حقوق الإنسان فى الحياة والسلامة والحرية والأمن والملكية والدين والكلام .. غير أن الأمم المتحدة لا تملك قوة تنفيذية تلزم المخالف بهذه الحقوق ، وإنما هى أحلام أفلاطون تظهر مرة أخرى على سطح التاريخ كما تمنى فى الجمهورية أو « اليوتوبيا ، أى عالم الكمال ، الذى كان يحلم به توماس مور أو « المدينة الفاضلة » التى كان يتخيلها فرنسس بيكون !! .. على أن كلمة اللّه ، تتجه بنا بكل يقين إلى أورشليم السماوية ، إلى مدينة اللّه النازلة من السماء ، بمعنى أنها ليست مجرد حلم أو خيال بشرى ، أو جهد يقوم به الإنسان فى الأرض ، بل هى من صنع اللّه القادر على كل شئ ، وبترتيب منه ، وعلى الصورة التى قصد أن تكون ، أو هى كنيسة المسيح الممجدة السماوية التى جعلت ملتون يقول : " أخرج من غرفتك الملكية يارئيس ملوك الأرض ، وألبس ثوب جلالك ومجدك الإمبراطورى المنظور" |
28 - 08 - 2013, 07:42 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: ميخا ورؤيا السلام العظيم
ميرسي كتير ربنا يبارك خدمتك الجميلة
|
|||
28 - 08 - 2013, 09:03 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: ميخا ورؤيا السلام العظيم
شكرا على المرور
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مجدا لمن تنازل حتى ينير المحفل مجدا لمن في وسطنا مجدا لساكن العلا |
الصديق العظيم ميخا النبي |
ميخا رجل السلام |
ميخا والعلاج العظيم |
السلام للسمائيين - السلام للانبا صموئيل العظيم فى القديسين |