|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يوأنس الذى اشتهى الرئاسة !!
يوأنس الذى اشتهى الرئاسة كان راهبا حسن الهيئة طيب الخلق حلو الكلام عالم باللغة القبطية والالحان ماهرا فى الحديثة والعتيقة .. من قلالى دير ابو مقار ..وكان يلقى دعما من رهبان الدير ومن ثلاثة من اساقفة الكنيسة .. اراد وارادوا ان يكون هو البطريرك بعد نياحة البابا غبريال البطريرك السبعون .. ويقول تاريخ البطاركة ان هذا الراهب ويدعى يوأنس بن كدران قد اجتهد فى طلب البطريركية فلم يلق فعله لا رضا الرب ولا الشعب .. فقد انضرب بالضربة الردية التى هى طلب الرياسة ..فحسن فى عينيه طلب الرتبة و التقدمة على شعب الله بغير رأيهم ولا رضاهم .. وكان فى ذلك الزمان رجلا فيلسوفا اسمه ابو يوسف ابن ساويروس لما تضايق مما يراه من سعى الراهب يوانس كتب الى اراخنة مصر وقال : ان يوانس تعدى فى أنه طلب ولم يوفق حتى يكون مطلوب .. وكيف يدبر شعب الله من لا يعرف ان يدبر نفسه .. واتفق الاراخنة والاساقفة على استبعاد يوانس الذى طلبها وسعى اليها .. واختاروا من يصلح لهذه الرياسة ويقع عليه توافق الشعب والاراخنة .. وفعلا تم انتخاب البابا ميخائيل البطرك ال71 بالقرعة الهيكلية .. ويشاء الرب ان يتنيح البابا ميخائيل بعد ثمانى اشهر فقط وهنا تجددت احلام يوأنس للجلوس على كرسى مارمرقس وتحركت داخله شهوة الرياسة ..وتقدم يوأنس الى سلطان ذاك الزمان ووجد من يتوسط له حتى ينال الرياسة بمساعدة الوالى .. الذى طلب اجتماعا من الاساقفة والاراخنة حتى يقف على رأيهم .. وهنا نقف امام وثيقة ذهبية خرجت ممن حضر هذا الاجتماع من اساقفة وكهنة وحددوا فيها الشروط التى اختارتها الكنيسة القبطية لاختيار بطركها على مر العصور .. وانقلها لكم بنفس الالفاظ التى حفظها لنا التاريخ نقلا عن مخطوط تاريخ البطاركة لساويروس بن المقفع : فقد قال الاساقفة والكهنة : ليس لهم بطرك الا من طلبوه ورغبوا فيه ولا يكون هو طالب ولا راغب وهذه سنة القوم من اول ما عبدوا الله بدين النصرانية .. والى هذا الوقت ..وقد سبق داود النبى بالنبوة على ما يكون لكونهم ما يقيموا الا من رغبوا فيه لا من رغب فيهم فقال فى المزمور 149 يوثقوا ملوكهم بالقيود واشرافهم بسلاسل من حديد .. فهم اذا صح عندهم ان الرجل الذى يريدوا يقدموه عليهم كامل اوصاف شريعتهم من القدس والدين والعلم والصلاح والعفاف والرحمة وبقية ما يحتاجوه أخذوه كرها من غير اختياره وقيدوه بالقيد الحديد لئلا يهرب منهم الى البرية الجوانية فلا يقدروا عليه لان قليل هم اهل هذه الصفة وان كان الكل ابائنا واخوتنا فاهل هذه الصفة لا يوجد منهم الا من الالف واحد يكون قد توحد وقد تفرد وترك العالم وجعل حياته مع وحوش الجبال وسباع البرية فنقل الله طبع السباع الكاسرة الى مسالمته .. لمثل هذا الشخص يطلب النصارى ان يكون مقدما عليهم .. فان لم يجدوه قدموا غيره من اهل الاتضاع والعلم والدين ومن يشهد له بالعفاف والطهر .. ولا يجوز لهم ان يقدموا عليهم من رغب فيهم ولا من طلب بالسلطان .. انا اعتبر الكلام السابق هو وثيقة متجددة وميثاقا لابد ان تخضع له الكنيسة القبطية فى اختيار بطركها .. فقد اوجزت الوثيقة صفات من يحق له الرياسة من علم ودين وصلاح وعفاف واعتقد ان اهم سطر فيها هو الاخير : لا يجوز لهم ان يقدموا عليهم من رغب فيهم ولا من طلب بالسلطان .. ولا بد ان اشير الى شجاعة الاقباط الذين فى كلامهم هذا قالوا ان ما فعله يوأنس بن كدران من الاستعانة بالسلطان لا يجوز ولا يرغمهم على تقدمة من لا يحق له .. و تم عقد مجلس اخر فى مدينة الاسكندرية بدار الامارة بحضور الوالى والقضاة واكابر الدولة واراخنة الاقباط والاساقفة من كل اقليم واتفق الاقباط على تقدمة مرشحهم الذى تحققت فيه الشروط وهو راهب اخر اسمه يوانس ابن ابو الفتح .. وهنا تقدم رجلا من القضاة وسأل يوأنس ابن ابو الفتح : ما تقول انت فى يوأنس بن كدران .. اهو مستحق الرتبة دونك .. فقال : نعم هو اصلح منى واعلم بالشريعة .. ولما اجاب بذلك استحسنوا ذلك وعظم فى اعينهم وتركوا للاساقفة مطلق الحرية فى اختيار من يصلح وقدموا يوانس بن ابى الفتح ليكون البابا يوانس البطرك الثانى والسبعين .. ولما اراد البابا ان يطيب خاطر الراهب يوانس بن كدران وان يقسمه اسقفا ,, رفض يوانس الذى كان مضروبا بحب الرياسة .. ومضى بقية عمره بين الدير والريف الى ان مات … حدثت القصة فى القرن الثانى عشر ومازالت اصداءها تتردد فى جنبات التاريخ ..البطرك هو من يطلبه الشعب لا ان يكون هو طالب .. الرياسة لمن اعرض عنها لا لمن رغبها .. |
|