|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بعضاً من خدمة عيد الرقاد السيدة
تحتفل الكنيسة بأعيادها بواسطة تسابيح وصلوات فحواها يتضمن معاني العيد بعناصر عقائدية وروحية وكتابية، فتعبر الكنيسة عن إيمانها بالصلاة والترتيل وتصرخ مع بولس الرسول في رسالته إلى أهل أفسس: “مكلمين بعضكم بعضا بمزامير وتسابيح واغاني روحية مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب” (أفس19:5). التسابيح والطروباريات الكنسية هي تعبير عن العبادة الحية للكنيسة الأرثوذكسية والتسبيح المقدس هو صوت الإيمان والتقليد والحياة لكل المؤمنين في الكنيسة، لذلك سنتوقف في حديثنا عند بعض طروباريات عيد رقاد والدة الإله ومنها قطع الطروباريات الثلاثة الأولى في صلاة الغروب فهي تعبر عن العيد بطريقة جلية و سنتوقف عند الأولى منها: “يا له من عجبٍ مستغربٍ إن ينبوع الحياة قد وُضعت في قبرٍ واللحد صار سلّماً مصعدةً إلى السماء، فافرحي أيتها الجسمانية الخدر المقدّس الذي هو لوالدة الإله، ولنهتف نحوها يا مؤمنين مع غفرائيل رئيس الطغمات قائلين: افرحي أيتها الممتلئة نعمةً الرب معك المانح العالم بواسطتك الرحمة العظمى” وفيها نلاحظ التشديد على النقاط التالية:+ موت العذراء ليس إلا تشديداً على كونها إنساناً لا أكثر، ككل البشر، وبما أن الموت محتماً على كل البشر فلذلك ماتت العذراء مريم، والأمر المستغرب و العجيب هو أن التي منها أتى الحياة والتي صارت سلماً للسماء تموت، فكإنسان ووالدة لإله تتمم كمال الطبيعة البشرية وتموت، ولهذا الأمر حضر الرسل من كل مكان إلى الجسمانية ليقوموا بصلاة الراقدين عليها. + قبر المؤمنين، وحتى يوم القيامة العامة، ليس سوى خدر، أي سرير، وراحة، أما بالنسبة لوالدة الإله لم يكن سوى سلم به صعدت إلى السماء (كما يشير التقليد)، لذلك الكنيسة تكرم الجسمانية لأنها أصبحت المكان المقدس لوالدة الإله حيث رقدت، لا بل صعدت إلى السماء. + يطلب كاتب التسبيح من المؤمنين مشاركة رئيس الملائكة غفرائيل، وكل الملائكة معه، في مدح وتسبيح العذراء لتشترك الكنيسة بالكلية الأرضية والسماوية في تجنيز والدة الإله فترتفع أصوات الكنيسة لتمجيدها وتكريمها مادحين إياها بعبارة الملاك “افرحي” التي هي التحية الوحيدة الآتية من السماء. + تفهم الكنيسة التجسد الذي تم من العذراء، بنعمة الروح القدس، بأنه رحمة من الله ومحبة للبشر. في وسط الخدمة نجد قانونيين لكاتبي التسابيح الكبيرين في الكنيسة وهما القديسان قزما ويوحنا الدمشقي، الذين كتبا الكثير من التسابيح للأعياد السيدية والوالدية، كتبا هذه التسابيح لأنهما عاشا العيد كحدث إيماني فاستطاعا أن يكتبا عنه بتراتيل روحية مميزة، شرح هذه التراتيل لا يحتاج إلى مفسرين كبار أو علماء في الآداب بل إلى مؤمنين يعيشونها، سنأخذ من القانونين أرمس الأودية التاسعة للقانون الأول، أي الطروبارية الأولى: “أيتها البتول الطاهرة أن حدود الطبيعة قد غلبت فيك لأن المولد بتولي والموت قد صار عربونا للحياة فيا من هي بعد الولادة بتول وبعد الموت حية يا والدة الإله أنت تخلصين ميراثك دائما“ + التركيز على بتولية العذراء هو من صميم عقائدنا عن والدة الإله والليتورجية عبر التراتيل تجسد هذه العقيدة بالعبارات والكلمات التي تؤكد هذا الإيمان.+ مع والدة الإله تم تجاوز حدود الطبيعة لحياة إنسان، فهي ولدت ابنها بنعمة الروح القدس وبقيت بعد الولادة عذراء، هي ماتت ولكن انتقلت إلى الحياة، والمسيح بذاته نقلها إلى الحياة، فبقيت بعد الموت حيّة. ننتقل في تحليلينا إلى قطعة أخرى من تراتيل الكنيسة وهو القنداق: “إِن والدةَ الإله التي لا تغفل عن الشفاعة والرجاء الغير المردود في النَّجدات . لم يَضبِطْها قبٌر ولا موتٌ لكن بما أنَّها أُمُّ الحياة نقلها إلى الحياة الذي حلَّ في مُستودعها الدائم البتولية” + العنصر الأساسي في القنداق هو دور العذراء في الشفاعة، واكتمل دورها هذا من كونها أم الحياة الذي نقلها بذاته من الموت إلى الحياة، هذه النقلة أكدت دورها في الشفاعة لما لها مكانة عند السيد حتى ينقلها إليه.+ امرأة كوالدة الإله لا يمكن أن يكون للموت تأثير عليها. + هناك تأكيد أن الذي ولدته هو الذي حضر يوم رقادها وأصعدها بيديه إلى السماوات. هكذا نجد أن الكنيسة عندما تحتفل ليتورجياً بأي عيد فإنها تحيط به بمعاني نابعة من روح العيد حتى تبلوره بشكل روحي أفضل، فأي خسارة تكون للذين لا يتابعون صلوات وتراتيل الكنيسة؟ فبشفاعات العذراء نصلي أن يشملهم الرب بعنايته ليعرفوا غنى صلوات الكنيسة وفوائدها الروحية السامية التي إن عاشها المؤمن حقيقة لن يضرّه الموت أبداً. |
|