|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تأملات وقراءات فى شخصية القديس يوحنا المعمدان الجزء الثامن عشر والأخير (1) مقدمة يتبقى لنا ما ذكر فى أنجيل معلمنا يوحنا عن شهادة يوحنا المعمدان للسيد المسيح لما راح ليه اليهود يسألوه إذا كان هو إيليا أو المسيا أو النبى وتصريح السيد المسيح أنه لا يقبل شهادة من إنسان. الشهادة عن الابن يوحنا 5: 31- 36 31«إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقّاً. 32 الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ. 33أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يُوحَنَّا فَشَهِدَ لِلْحَقِّ. 34 وَأَنَا لاَ أَقْبَلُ شَهَادَةً مِنْ إِنْسَانٍ، وَلَكِنِّي أَقُولُ هَذَا لِتَخْلُصُوا أَنْتُمْ. 35 كَانَ هُوَ السِّرَاجَ الْمُوقَدَ الْمُنِيرَ، وَأَنْتُمْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَبْتَهِجُوا بِنُورِهِ سَاعَةً. 36 وَأَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا، لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لإِكَمِّلَهَا، هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي. 31*31«إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقّاً.السيد المسيح فى هذا الإصحاح كان بيتكلم عن عمل الله وعمل الأبن وعن مشيئة الآب وكان يكلم اليهود وكأنه قرأ أفكارهم أنهم لا يعترفون بشهادة السيد المسيح عن نفسه وأنه يمجد نفسه وأنه يقول أنه ديان وأنه يقول أنه معطى الحياة , هو اللى بيقول ويشهد لنفسه , ولذلك رد عليهم السيد المسيح حسب المنطق البشرى , والناس كما نعرف أن اللى بيشهد لنفسه بيبقى دايما متكبر وما هواش حق , وده بحسب المنطق البشرى , والسيد المسيح هنا بدأ يدعم مركزه كديان وكأبن لله بشهادات مختلفة , فبيجيب ليهم شهادة الآب وشهادة يوحنا المعمدان وشهادة الأعمال وشهادة الكتب اللى كلها بتشهد ليه أن هو الأبن وأن هو الديان , فهو عايز يقول لهم أن أنا مش بأشهد لنفسى ومش بأتكلم من نفسى لكن أنتم عندكم شهادات كثيرة , لأنه معروف حسب الناموس أن الشهادة تقوم على فم شاهدين لكن محدش بيشهد لنفسه , ولازم يجيب أتنين من برة يشهدوا ليه , ولذلك كان تفكيرهم , أنت بتتكلم عن نفسك طيب أيه صدق الإدعاءات بتاعتك , ومين اللى بيشهد لك , وأنت بتقول أنا , لأنك فى الأول كنت بتتكلم بصيغة الإبن ودلوقتى بتتكلم بصيغة أنا , فمين اللى بيشهد لك وأيه صدق إدعاءاتك , وهنا نلاحظ أن السيد المسيح بيضع مبدأ أساسى بقوله أن كنت أشهد لنفسى فشهادتى ليست حق , وهذا المبدأ اللى أنتم ماشيين بيه فى العالم وخاضعين ليه وأنك محتاج لشهادة الآخر لصدقك , لكن اللى بيشهد لنفسه لا تقبل شهادته , ولكن بالنسبة للمسيح فى وسط الكلام بيقول لهم 1- أنا لا أقبل شهادة من أحد , 2- ومجدا من أحد لست أقبل , يعنى السيد المسيح ما يقبلش أن حد يشهد له ولا يقبل أن حد يعطيله مجد , الإنسان العادى محتاج لشهادة الآخر ومحتاج أن الآخر يعطيه مجد , ولكن السيد المسيح بيقول ليهم كده من الأول لأنه مش خاضع للإنسان , وأيضا ما يقبلش مجد من الناس ولازم نضع هذه فى أذهاننا طيب ليه ؟ لأن اللى بيعتمد على شهادة الناس بيحتاج إلى الناس , فمعنى أنه يعتمد على الناس أنه محتاج إليهم وبيعتمد عليهم ولا يمكن يكون الله يعتمد أو يحتاج لأنسان , (لم تكن أنت محتاج لعبوديتى بل أنا المحتاج لربوبيتك) , وعلشان كده بيؤكد لهم المسيح أنا مش محتاج لشهادة من حد ومش محتاج مجدا من أحد , ولكن على حسب منطقكم أن اللى بيشهد لنفسه شهادته مش مقبولة , سأتماشى معاكم فى هذا الخط أو هذا الإتجاه , وهنا السيد المسيح بيضع نفسه تحت معايير أحكامهم وتحت معايير أفكارهم اللى بالقبول أو الرفض تماما زى القوانين الإنسانية وزى الناموس , فمعيار العالم ومعيار الناموس بيقول أن الذى يشهد لنفسه ده بيطلب مجد نفسه وعلشان كده شهادته مابتقباش حق , ولكن فى موضع آخر السيد المسيح بيقول عكس الكلام ده فى يوحنا 8: 13- 14 13فَقَالَ لَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ: «أَنْتَ تَشْهَدُ لِنَفْسِكَ. شَهَادَتُكَ لَيْسَتْ حَقّاً». 14أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: « وَإِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي حَقٌّ، لأَنِّي أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ وَإِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فلاَ تَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ آتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ. ويبدو هنا أن فى تعارض بين الآيتين , طيب ليه التعارض الموجود ده , الحقيقة السيد المسيح عايز يقول لهم حسب معايير العالم أنا موافق أن كنت أشهد لنفسى فشهادتى ليست حق وهذا اللى بيخضع للعالم أو لقوانين العالم , لكن أنا كإله مش محتاج لشهادة آخر ولا مجد من آخر , وأن كنت أشهد لنفسى كما يقول فى يوحنا 8 فشهادتى حق وأعطاهم الدليل على كده لأنى أعلم من أين آتى ومن أين أذهب وأنا عارف كل حاجة لأنى لآ أخضع لناموسكم أو للمعايير البشرية بتاعتكم ,وإن كنت بأخضع لتلك المعايير فهذا من أجلكم أنتم ومن أجل أن أنتم تقبلوا أو بمعنى آخر كأن ربنا بيقول أنا بأخذهم على قد عقلهم , فلو واضعين قياسات , أنا بأخذ القياسات لوحدى , وحأثبت أن شهادتى حق بالقياسات اللى أنتم واضعينها , ولذلك السيد المسيح بيقول أنا أشهد بحسب معرفتى لذاتى وأعرف من أين أتيت ومن أين أذهب , وهنا السيد المسيح حا يبتدى يكلمهم بنفس المعايير البشرية . 32*و33* 32الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ. 33أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يُوحَنَّا فَشَهِدَ لِلْحَقِّ.أنتم عايزين شهادة حد تانى , طيب أنا لى شهادة حد تانى , وبعدين قال السيد المسيح وشهادتى لى حق وعلى طول راح ذهنهم ليوحنا المعمدان بالرغم من أن السيد المسيح ماكانش يقصد يوحنا لأن السيد المسيح كاشف فكرهم . وأبتدأ يكلمهم عن يوحنا , لكن هذا الآخر اللى المسيح بيعتمد على شهادته مش يوحنا لكن يقصد بيه الآب , وعلشان كده بيقول الذى يَشْهَدُ لى , وكلمة يَشْهَدُ دى فعل مضارع , ومش الذى شَهِدَ لى , لأ ده بيتكلم أن فى شهادة مستمرة وأنا أعلم أن شهادته حق , أذا يَشْهَدُ دى فعل مضارع لكن يوحنا دى شهادة وأنتهت وهذا ما نجده هنا لما تكلم عن يوحنا فى فعل شَهِدَ فى الزمن الماضى , فالسيد المسيح بيتكلم عن شهادة حاضرة مستمرة , وبقوله أنا أعلم , هنا معرفة المسيح وعلم المسيح هو العلم الكامل المطلق الذى يختلف عن علم الإنسان , فأنا لما آجى أقول أنا أعلم أو أنا أعرف , طيب أنا أعلم أو أعرف نتيجة أيه ؟ أكيد نتيجة بحثى وإتطلاعى وتدويرى وتعليمى وتدريبى , لكن عند السيد المسيح مش نتيجة البحث والإتطلاع , لأن علم المسيح هذا هو علم مطلق لأن طبيعته هى المعرفة التى تختلف تماما عن معرفتنا اللى بتيجى نتيجة البحث والإختبار وكانت إشارة جميله جدا لما السيد المسيح أستخدم الفعل اليونانى أنا أعلم eidō الذى يعنى العلم المطلق والمعرفة المطلقة الأكيدة نتيجة إتصاله بإقنوم الآب , وكلمة حق هنا معناها آليسية alēthēs الكلمة اليونانية التى تعنى الحقيقة التى لا تقبل التغيير, ففى حاجات فى العالم أو فى الدنيا الزمن بيغيرها , يعنى يعرفوا نظريات السنة دى وممكن بعد عشر سنين تطلع نظرية تلغى النظرية اللى كانت موجودة السنة دى , يبقى ما نقدرش نقول عليها حق , لأن الحق هو الشىء الغير قابل للتغيير , وشهادة الآب للأبن هى غير قابلة للتغيير وهى شهادة ثابتة أو alēthēsوبعدين قال ليهم أنتم أرسلتم ليوحنا فشهد للحق . 34* 34 وَأَنَا لاَ أَقْبَلُ شَهَادَةً مِنْ إِنْسَانٍ، وَلَكِنِّي أَقُولُ هَذَا لِتَخْلُصُوا أَنْتُمْ. هو ذهنكم راح إن الآخر هو يوحنا , نعم يوحنا شهد لى صحيح لكن أنا مش محتاج لشهادة يوحنا , وأنا مش معتمد على شهادة يوحنا لأن المسيح لا يعتمد على إنسان , وأنتم يهمكم شهادة إنسان عندكم شهادة يوحنا , وكأن المسيح بيقول ليهم هنا أنا حا أمشى بالمنطق بتاعكم , عايزين شهادة من إنسان يوحنا شهد , وإن كنت أنا غير خاضع لشهادة يوحنا لكن حا أقبل الكلام ده ولكنى أقول هذا لتخلصوا أنتم , يعنى حا أمشى معاكم فى هذا الطريق علشان أوصلكم للخلاص , يوحنا فعلا شهد لى وبأقول لكم وبأعتمد على مبادئكم وكلامكم أن لازم آخر يشهد لى وأنتم منتظرين آخر أو أنسان يشهد لى , طيب ده كان عندكم يوحنا واللى أنا مش محتاج شهادته , ولكن حا أعتمدها علشان أنتم تخلصوا علشان تكون ليكم الحياة . و سنرى سبب حزن ربنا فى هذا الكلام فى الآيات اللى جاية , هم بينفذوا الشريعة وبالرغم من أنهم بيفتشوا الكتب لكن ما قدروش يوصلوا للمسيح , ولما بعتوا يتأكدوا من إرسالية يوحنا , ويوحنا شهد وشهادته أنتهت بفعل ماضى ,ووبعدين السيد المسيح بيؤكد أن هذا فعل ماضى فى الآية التالية . 35* 35 كَانَ هُوَ السِّرَاجَ الْمُوقَدَ الْمُنِيرَ، وَأَنْتُمْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَبْتَهِجُوا بِنُورِهِ سَاعَةً.كان فعل ماضى وليس الآن وشوفتوه زى المصباح الموقد المنير , تماما مثل الأطفال الصغيرين لما يجيبوا ليهم فانوس , فالأولاد يتلموا حوالين الفانوس ويهللوا ويمسكوه فى إيديهم ويهللوا , وهذا هو الوضع اللى حصل مع يوحنا , يوحنا طلع حاجة غريبة كده فإتلموا حواليه وهللوا لكن ما إستفادوش منه إستفادة حقيقية , فكان هو السراج المنير وأنتم أردتم أن تبتهجوا بنوره ساعة , يعنى فترة زمنية محدودة , ولما زهقوا منه إترمى فى السجن ومات , زى الطفل الصغير مسك المصباح لعب بيه شوية وفرح بيه ولكن بعد شوية زهق منه ورماه وما أهتمش بيه , أبتهجتم بنوره ساعة لفترة زمنية , وهى دى بهجة الخلاص الكاذب لما أفتكروا أن يوحنا هو المخلص لما سألوه أنت المسيا فقال لهم لأ مش أنا المسيا , وكانوا فرحانين جدا بيه لما شافوه بيعمل أعمال حلوة وبيتوب الناس وفى صورة حق ظاهرة , فقالوا أن هو المسيا , ولكن تبعوه لفترة صغيرة , وهو ده الخلاص الكاذب بهجته لمدة ساعة , لكن بهجة الخلاص الحقيقى هى بهجة أبدية وغير وقتية ومستمرة على طول , فالفرحة الحقيقية غير الفرحة الوقتية الزمنية الكاذبة . 36*36 وَأَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا، لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لإِكَمِّلَهَا، هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي. المسيح بينقل هنا نقلة واضحة مباشرة , مين هو الآخر اللى بيطلب شهادته وبيأخذ شهادته , هو اللى شهادته أعظم من يوحنا اللى هى شهادة الآب , وحايبتدى يتكلم أن الآب شهد للأبن عن طريقين أو حاجتين : 1- شهادة الأعمال وبيعتبر السيد المسيح هذه الأعمال عطية من الآب لكى ما يكملها الأبن , والأعمال اللى بيعملها المسيح كالمعجزات وبيقصد بيها آخر معجزة عملها وهى إقامة الإنسان المطروح أو مريض بيت حسدا فى نفس الإصحاح فى أوله , وهو بيقول أن هذه الأعمال برهان على إرساليته لأنه بيعلن عمل الآب فى الخليقة , الآب غير منظور والله لم يره أحد قط لكن الأبن جاء ليعلن عمل الله بصورة منظورة فى الخليقة وأول حاجة عملها هى المعجزات , وإذا كان أتكلم عن عمل الأبن فى نفس الإصحاح أنه يعطى حياة وعمل الإبن الدينونة , فكل معجزات المسيح بتنصب فى هذين الإتجاهين وهم إعطاء حياة وإنقاذ من الدينونة , يعنى الإنسان المفلوج قبل ما بيقول له خذ حياه جديدة وقوم وأمشى نلاقيه بيقول ليه مغفورة ليك خطاياك , يعنى بيشيل سلطان الدينونة من عليه , يعنى بيعطيه تبرير وبيبرره وبيغفر ليه خطيته , ولذلك كل المعجزات كانت بتنصب فى هذين الإتجاهين 1- إنقاذ من الدينونة , 2- إعطاء حياة جديدة للإنسان , وكان فى أربعة علامات مهمة جدا فى معجزات المسيح وهى 1- كانت معجزات المسيح كثيرة جدا لدرجة أن يوحنا ييجى يقول فى أصحاح 21: 25 25وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ. آمِينَ.يعنى معجزات المسيح كثيرة , 2- كانت المعجزات عظيمة ومبهرة لدرجة التعبير اللى كانوا بيستخدموه أن الناس بعد ما تشوف المعجزة بتقول ما رأينا مثل هذا قط أو ماشفناش حاجة زى كدة لأنها كانت عظيمة جدا , 3- كانت المعجزات جهرا أمام الكل وكانت واضحة للجميع , 4- كل المعجزات كانت للخير , يعنى السيد المسيح أستخدم كل قوته للخير وما سمعناش مثلا أن المسيح أمات أى حد , كما أن فى العهد القديم فى واحد أمات واحد , لكن فى العهد الجديد معجزات المسيح كلها للحياة , ولم يضرب أحد بالعمى زى إليشع لما ضرب الجنود اللى جايين يقبضوا عليه بالعمى , فمعجزات المسيح كلها كانت للخير , وهى دى الأعمال اللى قال عنها السيد المسيح ,الأعمال التى أعطانى الآب لأكملها , وهو هنا بيشدد على موضوع العطاء فى علاقة الآب بالأبن , أن الآب أعطانى لأكملها , ولكن لا بد أن نفهم العطاء صح , لأن العطاء هنا على أساس الإستعلان وأن الآب بيعطى الأبن الأعمال لكى ما يعلنها ويظهرها للكل , يعنى العطاء هنا مش على أساس أن فى واحد أعلى من التانى أو واحد إمكانياته أكثر من الآخر , لكن العطاء على أساس الإستعلان لكى ما يخرجها الإبن اللى هو صورة الآب الغير منظور إلى حيز الوجود وأن الناس تراها لأن عمل الأبن هو إستعلان الآب , ولذلك أرجو أن لا يذهب فكرنا عن العطاء لمفهومه السلبى وهو أن واحد أقل بيأخذ من الأعلى , ولكن هو عايز يقول أن العطاء كما تكلمنا عن المحبة المتبادلة , والسيد المسيح بيقول وأعطانى الآب لأكملها وكلمة أكملها باليونانية teleioō ليست تعنى أنه يتممها أو مجرد أنه ينفذها لأ , لكن تعنى أكثر من كده أنه يصل بيها إلى درجة الكمال , وهذه هى الصيحة التى صاحها المسيح مرتين 1_ فى صلاته الشفاعية لما قال العمل الذى أعطيتنى قد أكملته , 2- على خشبة الصليب قال قد أكمل , لأن هذا هو هدف التجسد أن السيد المسيح يكمل كل الأعمال ويظهرها ويخرجها إلى حيز الوجود وإن الله يستعلن للإنسان بصورة منظورة . والحقيقة بقية هذه الأحداث هى موضع تأملات مستقبلية خصصتها عن عمل الآب والأبن وشهادة الآب للأبن. تعالوا نتعرض بإختصار لكل ما تأملناه عن القديس يوحنا المعمدان . القديس يوحنا المعمدان فى الميزان أن كنا أتكلمنا قبل كده عن الجبل وضرورة الجبل فى حياة الإنسان , فمن الشخصيات الحلوة اللى أتمتعت بحياة الجبل وحياة البرارى هى شخصية القديس يوحنا المعمدان ويمكن كل القديسين المشهورين وكل الأنبياء وكل الرسل اللى كانوا فى الكتاب المقدس , كلهم عملوا معجزات وحياتهم كانت فيها معجزات وأعمال عجيبة خارقة للطبيعة إلا أن يوحنا المعمدان لم يعمل أى معجزة كما فى يوحنا 10: 41 41فَأَتَى إِلَيْهِ كَثِيرُونَ وَقَالُوا: «إِنَّ يُوحَنَّا لَمْ يَفْعَلْ آيَةً وَاحِدَةً، وَلَكِنْ كُلُّ مَا قَالَهُ يُوحَنَّا عَنْ هَذَا كَانَ حَقّاً». يعنى ما عملش ولا معجزة لكن بالرغم من كدة أستحق أن السيد المسيح يقول عنه فى متى 11: 11 11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. وفى لوقا 7: 28 28لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ لَيْسَ نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ أَعْظَمُ مِنْهُ».يعنى بالرغم من أنه ما عملش أى معجزات لكن المسيح مدحه وقال أن يوحنا أحسن واحد فى مواليد النساء , وده علشان مانفتكرش أن عمل المعجزات هى علامة القداسة أو اللى بيعمل معجزات يبقى هو الإنسان القريب من ربنا لأ. طيب تعالوا نشوف أن يوحنا ده عاش حياة ممكن أى أنسان فينا يعيشها من غير ما يعمل معجزات وفى نفس الوقت ربنا يقبله ويمدحه وكمان أكثر من كده كما سنرى لاحقا . ولادة يوحنا المعمدان وحياته قبل ظهوره الحقيقة أن ولادة يوحنا المعمدان البشارة بيها نجدها فى أنجيل لوقا الإصحاح الأول كما سبق وشرحنا ونلاحظ فيها شوية ملاحظات , كلنا عارفين القصة أن أبوه زكريا كان داخل هيكل الرب بيبخر وبعدين رأى الرؤيا لكن قبل ما ندخل فى الرؤيا اللى شافها أبوه تعالوا نشوف أليصابات وزكريا اللى الكتاب المقدس وصفهم بأنهم كانوا بارين أمام الله وأمام الناس يعنى أعمالهم كويسة على مستوى الأعمال , ناس بلا لوم بارين , لكن بالرغم من البر اللى كانوا عايشينه لكن كان داخل أليصابات وداخل زكريا إحساس بالعار , طيب عرفنا منين أنه أحساس بالعار ؟ لما حبلت أليصابات قالت أن ربنا نظر إليا لينزع عارى بين الناس , وده بالرغم من أنهم كانوا بيعملوا أعمال بر وأعمال كويسة لكن كان جواها أحساس بالعار , يعنى برها وبر زوجها ماقدرش ينفعهم , كان جواهم فى إحساس بالعار وكانوا محتاجين لبر آخر مش بر الأعمال الصالحة مانشتمش وما نحلفش وما نكذبش وما نسرقش وما نزنيش , بالرغم من أنهم كانوا بيعملوا الحاجات دى والكل يشهد وربنا نفسه شهد لهم أنهم بارين ولذلك كانا بارين أمام الله وأمام الناس , ولكن كان جواهم أحساس بالعار! يعنى محتاجين لبر تانى من نوع آخر , والسؤال طيب البر اللى من نوع آخر ده يأخذوه أزاى؟ يأخذوه بولادة الأبن ! , يعنى الأعمال الصالحة اللى بنعملها دى كلها كوم , وأن الإنسان يتولد ليه أبن ويبقى ليه أبن كوم آخر, الحقيقة أنا بأقول المقدمة دى لأن يوحنا المعمدان كان نموذج ومثال ورمز لبر السيد المسيح , بالرغم من أن أليصابات كانت ماشية كويس وكل أعمالها كويسة لكن كان عندها إحساس أنها محتاجة لبر آخر وهذا البر ما يجيش إلا بولادة الأبن , وعلشان كده البشارة اللى أعطاها أشعياء لينا 9: 6 6لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْناً وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيباً مُشِيراً إِلَهاً قَدِيراً أَباً أَبَدِيّاً رَئِيسَ السَّلاَمِ. شوفوا اللفظ اللى قاله يولد لنا ولد ونعطى أبنا وهو ده البر بتاع المسيح , وده اللى جاء إليه يوحنا ليحققه وجاء يوحنا ليشهد ليه , ومن الآية 41 بعاليه أن كل اللى قاله يوحنا عن المسيح حق أو صح , وعلشان كده الملاك لما جاء يبشر زكريا فى لوقا 1: 13- 14 13فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا،لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْناً وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا. 14وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ،وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ، يعنى أن ناس كثيرة حاتفرح بميلاد يوحنا المعمدان , طيب فلو الواحد وقف مع نفسه ويفكر ويقول يا ترى أنا الناس فرحت بولادتى واللا الناس بتلعن اليوم اللى أنا أتولدت فيه !من اللى أنا بأعمله فيهم , ويا ترى أنا حياتى اللى قدرت أحققها ,أحقق معاها فرحة للناس اللى حواليا أو ما قدرتش أحقق الفرحة دى وبعدين الملاك بيقول 15لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيماً أَمَامَ الرَّبِّ،وَخَمْراً وَمُسْكِراً لاَ يَشْرَبُ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 16وَيَرُدُّ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِهِمْ. 17وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ،لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْباً مُسْتَعِدّاً». ودى كانت البشارة بيه والإعداد لولادته وإن فى ولادة الإبن ينزع العار , فلما نعطى أبن ويولد لنا ولد وهذا الولد هو المسيح الإله العجيب المشير , وبيه وحده بيتنزع العار , علشان الكل يعرف أن كل الأعمال اللى بنعملها دى كوم وهى بر لكن بر أرضى لا يستطيع أن يعطينا البر السماوى . ولما أتولد يوحنا بيقول الكتاب المقدس فى لوقا 1: 67- 80 67وَامْتَلأَ زَكَرِيَّا أَبُوهُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَتَنَبَّأَ قَائِلاً: 68«مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ، 69وَأَقَامَ لَنَا قَرْنَ خَلاَصٍ فِي بَيْتِ دَاوُدَ فَتَاهُ. 70كَمَا تَكَلَّمَ بِفَمِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ هُمْ مُنْذُ الدَّهْرِ، 71خَلاَصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ مُبْغِضِينَا. 72لِيَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا وَيَذْكُرَ عَهْدَهُ الْمُقَدَّسَ،73الْقَسَمَ الَّذِي حَلَفَ لإِبْرَاهِيمَ أَبِينَا: 74أَنْ يُعْطِيَنَا إِنَّنَا بِلاَ خَوْفٍ،مُنْقَذِينَ مِنْ أَيْدِي أَعْدَائِنَا، نَعْبُدُهُ 75بِقَدَاسَةٍ وَبِرٍّ قُدَّامَهُ جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِنَا. 76وَأَنْتَ أَيُّهَا الصَّبِيُّ نَبِيَّ الْعَلِيِّ تُدْعَى،لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ. 77لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ الْخَلاَصِ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ،78بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلَهِنَا الَّتِي بِهَا افْتَقَدَنَا الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ. 79لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلاَمِ».80أَمَّا الصَّبِيُّ فَكَانَ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، وَكَانَ فِي الْبَرَارِي إِلَى يَوْمِ ظُهُورِهِ لإِسْرَائِيلَ. بدأ يتنبأ عن أبنه وبعدين فى آخر عدد 80 بيقول كان الصبى ينمو ويتقوى بالروح وكان فى البرارى إلى يوم ظهوره لإسرائيل , وعلشان نقدر نعرف نشأة يوحنا والآثار التى تأثر بيها , كان فى شوية مدارس كده أتعلم فيها يوحنا : 1- مدرسة البيت , أب وأم بارين , أب يخدم الله وواضع حياته لربنا , فربوه وهيأوه على حسب الكلام اللى نطق بيه زكريا من ساعة ما أتولد لما قال له أنت كده نبى العلى تدعى لأنك تتقدم أمام الرب لتعد طريقه , فمنذ ميلاده وهم بيضعوا فيه الفكر أن أنت لربنا وشغلتك تعد طريق ربنا , فكان يوحنا فى الطقس نظير لربنا زى ما الملاك قال لزكريا (خمرا ومسكرا لا يشرب) , تعالوا نتخيل طفل صغير ييجى كده ويشوف شعره طويل ويشوف أصحابه الصغيرين شعرهم قصير فيسأل أمه هو أنا شعرى طويل ليه وليه ما بتقصليش شعرى زى بقية أصحابى , فترد عليه أمه وتقول أصل أنت نذير وأنت لربنا وأنت بتاع ربنا والنظير بيطول شعره , وأصحابه بيشربوا من عصير العنب ويقولوا له ده طعمه حلو ويقول لأمه أنا عايز من ده , فتقول له لأ ما تشربش , طيب ما أشربش ليه ده طعمه حلو وكلهم بيقولوا طعمه حلو , فتقول له أصل أنت لربنا ونذير لربنا وحياتك لربنا فلا تشرب خمرا ولا مسكر , وبعدين ماشى فى الشارع يلاقى عصفور ميت وزى العيال الصغيرين بيمسكه وعايز يلعب بيه , فتقول له لأ أنت ما تمسكش ميت , طيب ليه , علشان النظير ما يقربش من ميت بعدين يتنجس , فأتربى من وهو صغير أن هو لربنا , , ولكن هم كانوا شاطرين وهم بيعلموه , وصحيح أنت ما بتشربش خمر وما بتقصش شعرك وما بتلعبش بالعصفور الميت مش لأنك محروم من الحاجات دى لكن لأنك مضبوط فربوا من جواه إزاى الإنسان يضبط نفسه وإزاى الإنسان يشعر بالحرمان , فلو شعر أنه محروم من حاجة تكون حياته صعبة , لكن لو حاسس أن ده ضبط ليه لأن ليه وضع معين يختلف عن الباقى تكون المسألة أسهل وعلشان كده فى حياتنا لازم نتعلم الحتة دى أن أحنا لما ما بنعملش حاجات معين مش لأننا محرومين منها لأ من حقك عايز تعمل أعمل , ولكن لأنك أنت ليك وضع مختلف أن أنت لله , لحد ما طلع للمدرسة الثانية وهى 2- مدرسة البرارى , ولذلك يقول وكان فى البرارى ينمو ويتقوى بالروح إلى يوم ظهوره لإسرائيل , وكلمة ينمو وكلمة يتقوى هم كلمتين حلوين , يعنى هو كان أنسان ليه نمو بإستمرار وليه قوة ويزيد من قوة إلى قوة لأن الروح القدس كان بيعمل داخله وكان بيشتغل جواه ويوضب حاجات كثيرة جواه ولذلك بتقاس قوة الإنسان بالمشاعر وبالعواطف اللى هو بيخضعها ومش بالمشاعر والعواطف اللى هى بتخضعه يعنى الإنسان يعرف يضبط نفسه ويتحكم فى نفسه ومش المشاعر هى اللى تجرجره لكن يعرف أزاى يضبط مشاعره ويضبط أفكاره ويضبط إنفعالاته ويضبط تصرفاته , وهى دى القوة أن الإنسان يضبط نفسه , ففى مدرسة البرية قدر يتعلم الهدوء وقدر يتعلم النقاوة والعفاف وقدر يتعلم الصبر , وعلشان كده أحنا محتاجين لفترات فى الجبل لأن الجبل ده فيه خلوة , لأن ياما إحتكاكنا بالناس كل يوم بيسبب لينا ضعفات كثيرة , وكل ما بنحتك بالناس كل ما بنضعف لأن الناس بتأثر علينا بآرائها وبتصرفاتها وبمشاعرها وبأفكارها ومفيش حاجة بتضيع الإنسان إلا الناس الكثيرة , فكان ليوحنا فرصة أن هو ينمو فى البرية منفردا بدون الإحتكاك بتاع الناس اللى بيضعفنا وبيهد فينا , وصدقونى ياما بيـهد فينا حاجات كويسة بسبب أحتكاكنا وأرتباطنا بالناس , ولكن يوحنا المعمدان أخذ الفرصة أنه يطلع فى الجبل علشان يقدر أن هو يقوى وينمو . ظهور يوحنا المعمدان وبداية خدمته المهم أن يوحنا قدر فى وقت قليل أنه يحقق شهرة جبارة يعنى فى أنجيل لوقا إصحاح 3: 2- 18 بيحكى أول ما ظهر يوحنا , وفى الوقت اللى ظهر فيه يوحنا كنبى لله كان مر وقت كبير جدا وما كانش فى وسط الشعب نبى وكان آخر أنبياء العهد القديم قبله كان ملاخى ومن بعد ملاخى لم يظهر أى نبى لشعب اليهود مده حوالى 400 سنة وربنا ماكانش بيكلم الشعب خالص وفجأة طلع وقت يوحنا وأبتدأ يكلمهم بكلمة الله فكان الشعب متعطش جدا لكلمة ربنا لأن ال400 سنة مروا ولا فى رؤية ولا نبوة ولا إتصال من ربنا لشعبه , وكلمة نبى بالعبرى تعنى معنى آخر وهو يغلى أو يبقلل , يعنى لما يبقى فى ينبوع متفجر يقعد يطلع كده فالمياه بتاعته تطلع بقاليل ! ,وكلمة نبى فى العبرى تساوى هذا المعنى أيضا , فيوحنا ظهر بهذا المعنى , عين مياه مقفولة وبعدين أنفجرت وأبتدت تبقلل وتطلع , الحقيقة وظيفة النبى كادت تكون قد نسيت تماما فى الوقت اللى ظهر فيه يوحنا , ويوحنا نفسه ظهر بهذا المنظر , ولكن العجيب أن يوحنا أول ما طلع كل الناس أتلمت حواليه وهذا ما يقوله إنجيل لوقا (فجائت إاليه كل الكورة المحيطة ) بالرغم من أن يوحنا كانت كل كرازته عن التوبة , يعنى كلامه مش حلو ومش على هوى الكثير من الناس , ولم يكن كلامه تأملات عن محبة ربنا ولا على لطف الله ولا عن عناية ربنا لكن كل تأملاته كلام فى العضم يعنى كلام يوجع (يا أولاد الأفاعى) لكن بالرغم من شدة يوحنا ومن شدة كلامه كل الناس أتلمت حواليه , فنجد هيرودس الملك طلبه وكان بيسمعه , والفريسيين المدققين طلبوه أيضا , والصدوقيين الماديين اللى ما بيؤمنوش بالحياة الأخرى وأن مفيش بعد الموت حياة أيضا جاءوا إليه , والحنود اللى كلهم قوة وإفتراء جاءوا إليه أيضا , والخطاة جاءوا أيضا , يعنى كل الناس جائت إليه بالرغم من أن كلامه عن التوبة وكلام التوبة دايما بيوجع , ولما نبتدى نتكلم عن التوبة نلاقى كل الناس نامت علشان تهرب من الموضوع ده ! أيوه هى دى الحقيقة, لكن يوحنا كل الناس أتلمت حواليه طيب ليه ؟ لأنهم شافوا فى يوحنا 1- نموذج غريب جدا من البشر ويوحنا هو أبن زكريا الكاهن وما أدراك بالكهنوت فهوة سلطة وطقوس ورياسة وده كان فى عهد حنان وقيافا يعنى اللى كانوا آكلين الكهنوت كله وواضعين أيديهم على السلطة كلها , وكان مفروض أن يوحنا يطلع زى أبوه فى سلك الكهنوت ! , لكن شافوا أن يوحنا رفض الكهنوت وما يتبعه من سلطة ومجد وجاه والهيكل والذبائح وغنى وكرامة , يعنى رفض كل ده , وذهب إلى البرية لابسا قطعة وبر أبل 2- يوحنا طول حياته على الأرض لم يطلب شيئا , يعنى لا طلب أسرة ولا طلب ناس ولا طلب عزوة ولا طلب فلوس ولا طلب من أى حد حاجة فكان نموذجا غريبا , وده كان تساؤل الكل لماذا هذا الإنسان غريب هكذا؟ لأن يوحنا كان قدامه مجالات كثيرة يقدر يثبت فيها ذاته لكن ايه اللى خلاه يعمل كده؟ , يوحنا كان نومذج غريب قدامهم لأنه لم يكن يطلب منهم أى حاجة , يعنى لا طلب أن الناس تتلم حواليه ولا طلب أى حاجة زى ما حانشوف دلوقتى فكان بيشدهم ليه , وفى نفس الوقت بالرغم من أن كل طائفة من هذه الطوائف اللى جائت إليه ليها إهتماماتها الخاصة لكن كان فى إحساس من داخلهم كلهم أن كل واحد فيهم ناقصه شىْء ! ومحتاج حاجة , فكانوا بيبحثوا عن هذه الحاجة عند يوحنا , وكلنا نعلم أن الجنود عندهم قوة وعندهم ثروة لكن كانوا حاسين أن ناقصهم شىء , والفريسيين بيدققوا فى الوصايا وفى الفرائض وفى المناظر تماما كالسلفيين فى هذا العصر لكن كانوا شاعرين أن ناقصهم شىء , وهيرودس كان عنده الملك لكن كان حاسس أن كان ناقصه شىء , وحتى الصدوقيين اللى كانوا عايشين حياة مادية كناس كثيرين جدا فى هذا العصر كانوا شاعرين أن كان ناقصهم شىء فأبتدأوا يبحثوا عن هذا الشىء عند يوحنا , فقال ليهم يوحنا أنا عبارة عن صوت صارخ فى البرية فأول واحد بيسمع صوته هويوحنا نفسه و وحتى لو ماحدش سمعه خالص فالصوت ده ليا أنا , وأنا لما بأنادى ليكم بالتوبة ,فهذه التوبة هى بتاعتى ولذلك قال صوت صارخ فى البرية والبرية مافيهاش ولا حد لكن أنا بأصرخ فى البرية وحأسمع أنا صوتى بنفسى وعلشان كده كانت شهادة يوحنا شهادة عظيمة جدا لربنا ,أن هو يوحنا كان أول واحد بيسمع صوته يعنى كان بينفذ الكلام اللى بيقوله للناس ومش بس كده لأ ده كمان كان بيعيشه , وعلشان كده قام بتوجيه الناس كلهم ناحية التوبة وتوبهم , وننتبه هنا شوية أن يوحنا أعطى مفهوم حلو للتوبة , يعنى أحنا كثير قوى بنصلى وبنطلب السيد المسيح بحرارة علشان يحل مشاكلنا , يعنى لما واحد يبقى عنده مشكلة يفضل يصلى ويصلى ويصلى ويصلى ويبقى عنده نشاط , لكن عمرنا ما بنطلب السيد المسيح بنفس الحرارة علشان توبتنا , يعنى أحنا نصلى كويس قوى علشان مشاكلنا لكن عمرنا ما بنصلى بنفس الحرارة والحماس لتوبتنا , آه فى مشكلة نقعد نصلى ونيجى الكنيسة ويبقى عندنا نشاط روحى , لكن فى خطية آه مش مهم يعنى عدى ياليلة , ولذلك بأكرر لو كل واحد فينا قعد وسرح كده مع نفسه وقال أنا كام مرة بكيت فى حياتى ؟ طبعا الإجابة كثيرا جدا , طيب بكيت على أيه؟ آه بكيت على حاجة خسرتها ممكن أو على إرتباط فشلت فيه أو على حاجات طلبتها ومأخذتهاش , هو ده اللى أنا بكيت عليه , لكن كل واحد فينا يسأل نفسه سؤال هل فى مرة واحدة بكيت على خطاياك ؟ الحقيقة أهى دى اللى لا يمكن ! لأننا بنبكى على ناس خسرناهم أو حاجات خسرناها وعلى حاجات ما قدرناش نحققها آه و مش بس بنبكى لكن كمان بنبكى بحرقة , لكن كام واحد قدر يبكى على خطيته أو على غلطته ؟ ولا واحد ! , وعلشان كده يوحنا وجه الناس للتوبة صح وقال ليهم أن هى دى التوبة أنكم تصنعوا أثمار تليق بالتوبة , نعم ناس كثيرة إتلمت حواليه فقال ليهم أنتم جايين تعملوا أيه؟ أنا مش فرجة , فيقولوا ليه إحنا عايزين نتعمد فيرد عليهم ما هياش موضوع عماد لكن الموضوع إن الإنسان يعيش توبة صح ويصنع أثمارا تليق بالتوبة وأن هذه التوبة تصبح حياة ومش مجرد ندامة وياريتنى ما كنت عملت وياريتنى ما كنت سويت , لكن لأ التوبة للتصليح , وعلشان كده الإعتراف مهم , وأحنا ممكن نغلط ونروح نعترف وخلاص , لكن لأ ,لازم تعترف لله وتعترف قدام أبونا والأكمل من كده أنك تعترف للى أنت غلطت فيه وهذا هو الأكمل والأصلح , آه أحنا ممكن نلبخ فى بعض وممكن نروح نعترف قدام أبونا لكن أعترف للى أنا غلطت ليه مش ممكن يبقى أعترافك زى قلته وكأنك ما أعترفتش , وعلشان كده قال ليهم أصنعوا أثمار تليق بالتوبة . وكما رأينا أن كل واحد جاء وقال ليه ماذا نفعل وماذا نصنع ؟ , فلو تأملنا بدقة نجد أن كل كرازة يوحنا قبل ما يقابل السيد المسيح كانت بتتلخص فى حاجتين : 1- ملكوت الله (توبوا لأنه أقترب منكم ملكوت الله ) 2- الغضب الآتى ( أنه بالرغم من أن الملكوت قادم فى غضب آت) ومن أراكم أن تهربوا من الغضب الآتى , نعم سيأتى الملكوت صحيح لكن حاييجى وفى أيده رفشه أو المذراة , فيرفع كده يطير التبن بعيدا والقمح ينزل , فيجمع القمح للمخازن أما التبن فيحرق بالنار ولذلك كانت موضوع بشارته التوبة الحقيقية . والى اللقاء مع بقية الجزء الثامن عشرو الأخير (2) تكملة التأملات فى شخصية يوحنا المعمدان , راجيا أن يترك كلامى هذا نعمة فى قلوبكم العطشه لكلمة الله ولألهنا الملك والقوة و المجد إلى الأبد آمين. |
25 - 01 - 2013, 04:58 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: تأملات وقراءات فى شخصية القديس يوحنا المعمدان الجزء الثامن عشر والأخير
مجهود رائع أخت مارى الرب يباركك ويحفظك |
||||
25 - 01 - 2013, 08:04 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأملات وقراءات فى شخصية القديس يوحنا المعمدان الجزء الثامن عشر والأخير
شكرا على المرور |
||||
|