|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الإنجيليون والطلاق يحاول الإنجيليون في إسرائيل في هذه الأيام التعامل مع موضوع الطلاق والوصول إلى قرار جماعي يلتزمون به معا. ولقد التقت لجنة من المحاميين ولجنة أخرى من اللاهوتين والعديد من الخدام الأفاضل من كل صوب (معمداني، جماعات الله، كنائس الأخوة، ناصريين) ليتعاملوا مع هذا الموضوع الحساس والصعب والمثير للجدل. ولن أستطيع في هذا المقال تقديم الحلول القاطعة فلقد تنازع اللاهوتيون والكنائس في هذا الموضوع وما زالوا يختلفون. ولكن اسمحوا لي في هذا المقال أن أعرض موضوع الطلاق بواسطة ابراز النصوص التي تؤثر على النقاش وبعرض وجهات نظر مختلفة ثم كتابة بعض التعليقات. وقبل الخوض في تفاصيل الموضوع أرجو أن ينظر القارئ إلى هذا المقال وكأنه مسودة تحتاج إلى مداخلاته ومساهماته علّنا نصل معا إلى أفضل قرار. ولقد اعتمدت في طرحي على أفكار الاستاذ R. H. Stein في مقاله عن الطلاق Dictionary of Jesus and the Gospels. النصوص يحوي العهد الجديد خمسة نصوص مهمة تتحدث عن موضوع الطلاق (متى 5: 32 ومتى 19: 3 – 9 ومرقس 10: 2 – 10 ولوقا 16: 18 وكورنثوس الأولى 7: 10 – 15). ويتشابه النص في متى 5: 32 مع النص في لوقا 16: 18 إذ نسمع أن "من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني ومن يتزوج مطلقة فإنه يزنى". ويتشابه متى 19: 3 – 9 مع مرقس 10: 2 – 10 إذ يؤكد النص في الإنجيلين أن من طلق امرأته الا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزني. فضلا عن ذلك، يبدو أن بولس في رسالة كورنثوس الأولى يقتبس قول الرب يسوع المسيح إذ يقول: "وأما المتزوجون فاوصيهم لا أنا بل الرب أن لا تفارق المرأة رجلها وان فارقته فلتلبث غير متزوجة او لتصالح رجلها. ولا يترك الرجل امرأته" (1كور 7: 10 – 11). وهنا لا نرى امكانية طلاق الرجل لامرأته فحسب بل امكانية ان تطلق المرأة رجلها أيضا. ويوافق أكثر المفسرين أن معنى المفارقة مساوي لمعنى الطلاق في هذا السياق. ونرى هنا أيضا امكانية ترك شريك الحياة دون الزواج ثانية. ويوسع الرسول بولس تعليم السيد المسيح ليتحدث عن ترك شريك غير مؤمن بالمسيح شريكه المؤمن بالمسيح. وينصح الرسول بولس الطرف المؤمن قائلا: "إن كان أخ له امرأة غير مؤمنة وهي ترتضي أن يسكن معها فلا يتركها والمرأة التي لها رجل غير مؤمن وهو يرتضي أن يسكن معها فلا تتركه" (1 كور 7: 12 – 13). ولكن إن أصرّ الطرف غير المؤمن على ترك الزواج والطلاق فعندئذ لا يكون المؤمن مجبرا على الحياة في إطار هذا الزواج. وقد يطالب غير المؤمن شريكه الذي يتبع المسيح أن يختار بين الزواج وتبعية المسيح. الخيار هنا واضح فلنتبع المسيح حتى ولو خسرنا شريك الحياة. ويقول الرسول بولس: "ولكن إن فارق غير المؤمن فليفارق. ليس الأخ او الأخت مستعبدا في مثل هذه الأحوال" (1 كور 7: 15). التفاسير المختلفة في بداية الحديث، يجب أن نؤكد أنه يجب علينا العمل على ديمومة الزواج وتشجيع الزواج الناجح بكل الطرق الممكنة والتذكر أن الطلاق مأساة إذ تنهار العائلة. والطلاق هو فشل الزواج وعدم تحقيق قصد الله منه. لهذا لا يوجد طلاق جيد ولا نستطيع أن نقول أن الطلاق بركة ونعمة إلهية. فالله يكره الطلاق (مل 2: 16) إذ أن قصده أن يكون الاثنان واحدا حتى الموت. ويجب أن تعمل الكنيسة على وقاية كل زواج وعلى السعي إلىى مصالحة الزوجين المتخاصمين بكل طريقة ممكنة. ولا يأمرنا الكتاب المقدس أن نطلق مهما كانت الأسباب ولكنه يبيح أو يسمح بالطلاق في بعض الأحيان. في ضوء ما سبق، نسرد التفاسير المختلفة. أولا، يسمح البعض بالطلاق في حالة الزنىى ولكنهم يمنعون الزواج ثانية إذ يقولون أن النص الكتابي يسمح بالطلاق في حالة علّة الزنى ولكنه لا يسمح بالزواج ثانية. ويبرز هذا التوجه الآية في متى 19: 9، "من طلق امرأته الا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزني. والذي يتزوج بمطلقة يزنى". ويقولون أن النص يتحدث عن حالتين (1) من يتزوج بعد أن يطلق امرأته الزانية، (2) ومن يتزوج بمطلقة سواء كان مطلقا أم لا. الحالتان مرفوضتان أي ان الزواج بعد الطلاق غير مسموح بتاتا. ثمة تحديات لهذا التفسير خاصة في تأويل النصوص اليونانية ولكننا لن نناقش هذا الأمر في هذا المقال. ثانيا، يسمح البعض بالطلاق والزواج ثانية بعد الطلاق. ولقد تبنى العديد من البروتستانت والأرثوذوكس هذا التوجه. ويجادل البروتستانت أن الطلاق في القرن الأول لا يعنى الأنفصال عن شريك الحياة فحسب بل امكانية الزواج ثانية أيضا. ويقدموا الأدلة والبراهين من مجتمع القرن الأول مؤكدين على أهمية الإطار التاريخي لفهم قصد المسيح ورسله. ثالثا، يوسع البعض دائرة الطلاق فيرون الزنى كأحد الأمثلة التي تبيح الطلاق. ويضيفون أن زواج المحارم يبيح الطلاق أيضا. ففي ضوء اكتشاف الزوجين قرابة أو صلة رحم تمنع زواجهما فعندئذ يستطيعان أن يتطلقا أو أن يبطلا زواجهما. ويستند المفسرون على الشريعة الموسوية المذكورة في لاويين 18: 6 – 18 وتثنية 27: 22 والآية في كورنثوس الأولى 5: 1. وفي هذه الحالة يبطل الزواج. وقد يبطل الزواج أيضا في حالة اكتشاف احد الزوجين أن شريك الحياة زنى في فترة الخطوبة ولم يُعلم شريكه بالأمر قبل زواجهما وربما يكون للزاني أولاد من امرأة أخرى ولم يذكر هذا الموضوع بتاتا. ويستندون في تفسيرهم على الآيات المدونة في سفر التثنية 22: 20 – 21. وهذا ما أراد أن يفعله يوسف خطيب مريم الطاهرة والمباركة عندما أخطأ في ظنه واعتقد أن خطيبته قد أخطأت إليه وحبلت بطفل غير شرعي. في ضوء ما سبق، علينا التفكير بما يلي: (1) ديمومة الزواج هو الوضع الطبيعي. والزواج من شخص عاقل في سن قانوني هو الوضع الطبيعي. ويجب أن يقبل الأشخاص على الزواج بدون حجب معلومات تتعلق بعلاقات جنسية أو بأولاد غير شرعيين. (2) ولكن الخطيئة تدخل إلى حياتنا ويسمح الله ببعض الأمور لقساوة قلوبنا وبسبب جهلنا. فإذا تزوج أخ شقيقته دون علمه، فمن الأفضل أن نبطل الزواج رحمة بهما. فكما أن السبت وضع من اجل الإنسان وليس الإنسان من اجل السبت كذلك نستطيع أن نقول أن الشريعة وضعت من اجل خدمة الإنسان وقيادته إلى تمجيد الله وليس الهدف المحافظة على الشريعة حتى ولو كان الثمن تحطيم الإنسان بصورة تخلو من الرحمة والنعمة. (3) وإذا أصر احد الزوجين على اللواط او السحاق فمن الأفضل اعتبار هذا التوجه زنى خاصة أن الكلمة المترجمة زنى قد تدل على زنى المحارم (1 كور 5: 1) او على العلاقات الجنسية غير المشروعة (مر 7: 21؛ 1 كور 6: 9 – 11) او العلاقات البهيمية (لا 18: 23). ومن يزني يصبح جسدا واحدا مع شريكه في الزنى وهكذا يكسر عهد الزواج ويبيح الطلاق للطرف غير المخطئ. (4) وإذا كان أحد الزوجين متزوجا من أكثر من شخص. فربما يكون من ديانة أخرى وهو متزوج لامرأتين أو أكثر فعندئذ يستطيع أن يستمر في زواجه ولكنه لا يستطيع أن يكون راعي كنيسة إذ أن خادم الله يجب أن يكون بعل امرأة واحدة. وقد يسمح بالطلاق في هذه الحالة (وهو غير مُلزم بذلك). ويجب أخذ الرحمة والعدالة بعين الاعتبار. وأخيرا، موضوع الطلاق صعب ولكننا نحيا في عالم ساقط في الخطيئة وعلينا أن نتعامل مع الصعوبات برحمة وعدل ومحبة وطول أناة. ليس الطلاق بحد ذاته خطية ولكنه ثمر علاقة دخلت فيها الخطيئة وليس ثمر البر. فقد يكون أنسان مطلقا بسبب خطية شريكه وليس بسبب خطيته ولا يجب أن نطلب منه أن يتوب عن خطيئة الطلاق. وعندما يخطئ الإنسان الذي صار الطلاق بسببه فإنه يستطيع أن يتوب عن خطاياه ويرجع إلى الرب في كل حين ولكن علينا أن نتذكر أن الخطيئة هي ليست خطيئة الفرد فحسب بل هي أيضا خطيئه ضد الكنيسة ورسالتها وضد المجتمع وضد الله الذي اختار الزواج ليعبر من خلاله عن علاقة المسيح بالكنيسة. أضف إلى ما سبق، ليس الطلاق بحد ذاته خطيئة وإلا تصبح الكنائس التي توافق عليه موافقة على الخطيئة. وعلينا أن نتذكر أن قرار الطلاق هو ليس قرار الفرد فحسب بل قرار الكنيسة أيضا وهي مسؤولة عن قراراتها أمام الله والناس. في ضوء هذا التحدي، علينا أن نسعى إلى تمجيد المسيح بكل قوتنا دون أن نصبح فريسيين ودون أن نصبح عشارين وخطاة. فليعطنا الرب الانفتاح دون التسيب وليعطنا الالتزام بتبعية المسيح دون التزمت. ولنعمل برحمة مع الذين أخطأوا ولكن يجب أيضا أن نعمل بحكمة فنعد الأجيال للزواج الناجح الذي ختم الرب عليه: صلاحية مدى الحياة. في ذات الوقت لنتذكر أننا لا نحيا في عالم وردي وهمي خالي من المشاكل. فهنالك من يزنى ويخطئ إلى شريكه ولقد سمح الله بالطلاق في حالة زواج المحارم والزنى ومغادرة الشريك غير المؤمن. القس الدكتور حنا كتناشو |
|