|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من هم العلمانيون ؟
العلمانيون هم كافة الناس, والعاميون من غير رجال الدين بقلم-الأنبا غريغوريوس-أسقف عام للدراسات العليا اللاهوتية, والثقافة القبطية معني كلمة (العلمانيين) الذين يرد ذكرهم في طقوس صلوات القداس وسائر الخدمات الدينية المسيحية, في مصطلحاتنا الكنسية هم كل المسيحيين كافة ممن لا يحملون درجة كهنوتية أو رتبة من رتب الإكليروس, أي هم كل الشعب العامي من غير رجال الدين من الكهنة والشمامسة. ولذلك فإنها ترد في كتب الصلوات الكنسية ترجمة لكلمة Laos وهي كلمة يونانية الأصل أي (الشعب) وهم جمهور المصلين من المؤمنين المسيحيين من غير رجال الدين المتخصصين الذين يحملون الدرجات الكهنوتية والرتب الكنسية للقيام بمهام الخدمة الدينية في الكنيسة. وفي اللغة العربية العلمانيون هم المشتغلون بصنائع (العالم) -بفتح اللام- وغير المتفرغين وغير المنقطعين للخدمة الدينية. فالمهندسون والأطباء والمحامون والقضاة والمحاسبون والمدرسون للمواد العلمية... وغيرهم من أصحاب المهن والحرف والصناعات ومنهم المزارع والنجار والتاجر والسباك والعامل في أي حرفة أو مهنة أو صناعة من أي نوع... كل هؤلاء علمانيون بمعني أنهم مشتغلون بصنائع العالم المختلفة, ومنها يرتزقون ويتعيشون. فالعلمانيون بهذا المعني هم (الكافة) من جمهور المؤمنين باستثناء رجال الدين. 2- وكذلك الأمر في اللغات الأخري, فالعلمانيون باللغة الإنجليزية مثلا يقال عنهم Laity وهم سواد الناس بوصفهم طبقة متميزة عن أصحاب مهنة ما. فالأطباء المحترفون للطب, هم العلماء الدارسون للطب, والمتفقهون في دراسة الأمراض والعلاج...علي أن من المثقفين من له ثقافة طبية عامة, ولكن هذه الثقافة الطبية لا تكفي ولا تؤهله لأن يسمي طبيبا إخصائيا في الطب. وهكذا قل عن المثقفين ممن لهم ثقافة فلكية أو قانونية, أو موسيقية, أو هندسية, أو محاسبية, أو اقتصادية, أو زراعية, ومع ذلك ليسوا علماء إخصائيين في الفلك أو القانون أو الموسيقي أو الاقتصاد أو الزراعة, إن هؤلاء المثقفين ثقافة عامة يسمون بالعلمانيين بالنسبة للعلماء والإخصائيين علي وجه الدقة. وعلي ذلك يمكن أن يقال في كل أمة وشعب, وفي كل مجتمع بشري: إخصائيون ثم علمانيون. والإخصائيون هم القلة المتفقهة في نوع ما من المعرفة الإنسانية. أما غيرهم من كافة الناس في المجتمع فهم العلمانيون الذين قد تكون لهم معارف كثيرة أو قليلة في غير دائرة اختصاصهم. وعلي ذلك فالعلمانيون في كل أمة وكل شعب ليسوا كفارا ولا زنادقة ولا أشرارا ولا ملحدين, إنما هم من بين عامة الناس, ومن المؤمنين, لكنهم ليسوا من القلة المتميزة في فرع أو فن من فنون الحياة في المجتمع مما يؤهلهم لأن يكونوا علماء وإخصائيين محترفين. 3- ولقد امتد تعبير (العلمانيين) في استخدامه في دائرة الرهبنة بوصفها نوعا من الحياة الخاصة, وهي نذر التبتل لله مع اختيار الفقر طوعا, واعتزال العالم للتعبد. فالرهبنة من مقوماتها اعتزال العالم والاعتكاف في دير أو صومعة في الصحراء أو البرية, بعيدا عن الحياة في مجتمع الناس في المدن أو الحضر. ومن هنا صاروا يطلقون علي تلميذ الرهبنة الذي لم يقدم بعد نذر الرهبنة, ولم يرسم راهبا, ولم يتزيا بعد بزي الرهبان, لكنه يبقي مدة تحت الاختبار لامتحان مدي صلاحيته لهذا الطريق, ويسمونه الأخ (العلماني) أي أنه القادم من العالم الخارجي, ولم ينتظم بعد في سلك الرهبان. 4- ولما صار بعض الرهبان يرسمون كهنة وجعلوا يدعونهم للخدمة في كنائس العالم في المدن والقري, صار بذلك الكهنة خدام الدين فريقين: فريق الكهنة من بين الرهبان, ثم فريق الكهنة المتزوجين لخدمة أهل العالم في المدن والقري, وهكذا صار الكهنة العاملون في العالم, وبعيدا عن الرهبنة والأديرة, يسمون بالكهنة (العلمانيين) تمييزا لهم عن الكهنة من الرهبان, ومن غير المتزوجين. ومن هنا صار يعرف بين المسيحيين من يسمونهم بالكهنة العلمانيين أي الكهنة المتزوجين الذين يخدمون في العالم من غير الرهبان المتبتلين. 5- علي أن هذا المصطلح, مصطلح (العلمانيين) أخذ مع الأيام بعدا آخر. وصار يعبر به عن المنادين بفصل الدين عن الدولة في سياسة الحكم. والمعروف تاريخيا أن الحكام والملوك في كل أمة, كانوا يتمتعون قديما بما يعرف بالحق الإلهي في حكمهم للشعوب التي تخضع لهم, وهو ما يسمي (بالثيوكراتيك) أي أن الملك الحاكم يزعم أنه مفوض من قبل الإله في حكم الشعب. ومن هنا وجب الخضوع للحاكم, بل والسجود له والطاعة لأوامره, وعدم مخالفته, حتي إن من يعارضه ولا يخضع له جعل نفسه مخالفا لله وبالتالي مقاوما لله. ومن ثم لابد معاقبته بالقتل واستئصاله من بين الناس. وبلغ الأمر عند أحد الحكام أن سمي نفسه بـالحاكم بأمر الله (985-1921) وهو منصور بن العزيز, سادس الخلفاء الفاطميين في مصر, مع أنه كما يقول عنه المؤرخون أنه اشتهر بالظلم والاستبداد. وشيئا فشيئا تحول الحاكم أو الملك إلي إله تجب طاعته وعدم مخالفته, واحترام كلمته, ومن يخالف أمره, صار عدوا لله وللناس... بل إن رجال الدين أنفسهم أخذوا يؤيدون دعوي الحاكم الإلهية ويساندونها بالنصوص الدينية... وشيئا فشيئا فرض الحكام سيادتهم علي رجال الدين, قولا وفعلا, نظرا وعملا, حتي إن الملك هنري الثامن ملك إنجلترا (1491-1547) أعلن نفسه رئيسا أعلي للكنيسة في إنجلترا, وجعل جميع المؤسسات الدينية ورجالها تابعين له. وفي العصور الوسطي زاد في أوربا نفوذ رجال الدين علي نفوذ الحكام والملوك حتي كان بابا روما يملك أن يلغي أوامر الملوك ويصدر علي الملك قرارا بالحرمان, وفي هذه الحال يصير الجيش والشعب في حل من مخالفة أوامر الملك. ولقد تقلص بذلك نفوذ الحكام علي شعوبهم إذ كان البابا الروماني ينادي, بأن الملك يستمد سلطانه من البابا, كما يستمد القمر ضوءه من الشمس... وهكذا صار الباباوات الرومانيون في العصور الوسطي يملكون زمام السلطتين الدينية والمدنية. وكان لابد بعد ذلك أن يثور الملوك وغير الملوك علي رجال الدين في أوربا, وينادون بالتمرد علي سلطة الدين مما أدي بالكثيرين إلي الخروج علي الدين وبالتالي سلطة رجال الدين, ومن ثم ظهر التيال الليبرالي الذي ينادي بفصل الدين عن الدولة, حتي لا يستغل الدين لتبرير تأليه الحكام, والإذلال للمحكومين من الشعب. علي أن هذا التيار الليبرالي الذي ينادي بفصل الدين عن الدولة, هو الذي علم به المسيح له المجد في مقولته الخالدة (أعطوا مالقيصر لقيصر ومالله لله) متي22:21, مرقس 12:17, لوقا 20:25. وهذا ما وكدناه في خطابنا للرئيس الراحل محمد أنور السادات في لقاء سيادته مع أعضاء اللجنة البطريركية الخماسية في 15 من سبتمبر -أيلول لسنة 1981, وكان ذلك بحضور الرئيس محمد حسني مبارك في رئاسة الجمهورية بقصر عابدين. قلنا في خطابنا للسيد رئيس الجمهورية: ونحن نريد أن نؤكد للسيد الرئيس أن الكنيسة بصفتها هذه -أي بصفتها الروحية والدينية- لا تقحم نفسها في سياسة الدولة. وهذا مبدأ عقائدي من مبادئ الكنيسة الأرثوذكسية مؤسس علي مقولة المسيح له المجد في الإنجيل (أعطوا مالقيصر لقيصر وما لله لله) متي22:21, مرقس 12:17, لوقا 20:25 وقيصر هنا يرمز لسلطة الدولة المدنية. والمسيح نفسه أثناء وجوده علي الأرض, لم يقحم ذاته في سياسة الدولة المدنية ولم يعترض علي كيانها وتشريعاتها. لذلك فإن الكنيسة بصفتها هذه -أي بصفتها الروحية والدينية- لا تعترض علي قرار لرئيس الدولة يخص الدولة, ولا تتمرد علي رئيس الدولة, إنها بصفتها هذه -الروحية والدينية- تصلي من أجل سلام الدولة وسلامة رئيس الدولة, والوزراء, والمحافظين, ورجال الأمن, والجيش, وكل شعب الجمهورية. ولقد أمرنا الكتاب المقدس بأن نخضع لرئيس الدولة وأن نحترم السلطة الزمنية المدنية, وعلمنا أن احترامنا لرئيس الدولة هو احترام لله, الذي بيده قلوب الملوك والرؤساء, وأن من يقاوم السلطة المدنية يقاوم ترتيب الله. والمقاومون يجلبون دينونة علي أنفسهم (رومية13:2). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
كلمة الله والمؤمنون العلمانيون |
يوحنا ذهبي الفم العلمانيون يسندون الكهنة بالصلاة |
ممدوح إسماعيل العلمانيون سيسيطرون على تحالف الإخوان |
العِلماني | العلمانيون |
الشحات فى خطبة العيد: العلمانيون متبجِّحون |