|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الدفن المعلومات التي عندنا عن دفن المسيح في قبر يوسف الرامي تفوق في تفصيلاتها أي معلومات تاريخية عندنا عن دفن أي شخص آخر، سواء من العهد القديم، أو ملوك بابل، أو فراعنة مصر، أو فلاسفة الأغريق، أو قياصرة الرومان. إننا نعرف من أخذ جسده من على الصليب، ونعلم شيئاً عن تعطير جسده بالأطياب وعن أكفانه، ونعرف القبر الذي دُفن فيه واسم صاحبه، يوسف الرامي، ونعرف أن موضع القبر كان في بستان قريب من مكان الصلب، خارج أسوار المدينة. وعندنا أربعة سجلات تاريخية عن الدفن، تتوافق كلها، واحد منهم هو متى تلميذ المسيح الذي حضر حادثة الصلب. والثاني مرقس الذي كتب قصته بعد صعود المسيح بأقل من عشر سنوات. والثالث لوقا رفيق بولس والمؤرخ العظيم. والرابع يوحنا آخِر من غادر مكان الصلْب، وكان مع بطرس، أول التلاميذ الاثني عشر، اللذين رأيا القبر الفارغ (3). ويقول المؤرخ ألفرد إدرشايم: لم يكن الأغنياء وحدهم هم الذين يملكون قبوراً خاصة، بل كان متوسِّطو الحال يفعلون ذلك، كانوا يجهزون القبر قبل الحاجة إليه بوقت طويل. وكانوا يحفرون القبور في الصخور ويضعون فيها الجسد بعد تعطيره بالأطياب والحنوط وماء الورد وزيته. وكانوا يلفّون الجسد بالأكفان، وفي أقمشة قديمة تكون غالباً قد سبق أن لُفَّت بها كتب الشريعة. وكانت القبور أحياناً كهوفاً طبيعية (11). ويقول إدرشايم عن دفن المسيح: لعله بسبب اقتراب السبت وضرورة الاستعجال، أن يوسف الرامي اقترح دفن المسيح في قبره الجديد الذي لم يسبق لأحد أن وُضع فيه. وأُنزل الصليب إلى مستوى الأرض، وجُذبت منه المسامير الخشنة. ولفَّ يوسف الرامي ومن معه الجسد بقماش من الكتان النقي، وأسرع به إلى قبره المنحوت في الصخر في بستان قريب، حيث يلائم النحت وضع جسد الميت. وكانوا عادة يلحقون بالقبر غرفة نحو تسعة أقدام مربعة يضعون فيها التابوت، وفيها يتمكن حاملو الميت من القيام بآخر الواجبات من نحو الجثة . (11). ولقد تمَّ تطييب الجسد في تلك الغرفة الملحقة بالقبر. وكانوا عادة يستخدمون كمية كبيرة من المرّ والعود على جسد ذي المكانة الخاصة (11). ويخبرنا إنجيل يوحنا أن نيقوديموس أحضر نحو مئة مناً (نحو سبعين رطلاً) من الأطياب لتكفين جسد يسوع. ولا بد أن يوسف الرامي أراد أن يعّوض جُبْنه من نحو المسيح، فاشترى الكثير من الأطياب كما أنه كان غنياً. ولم تكن كمية الأطياب - مع ضخامتها - غير عادية، فقد طيَّبوا جسد غمالائيل (معاصر يسوع) بنحو ثمانين رطلاً من الأطياب. ويصف يوسيفوس، المؤرخ اليهودي في القرن الأول الميلادي، جنازة أرستوبولوس الذي قُتل وهو في الثامنة عشرة من عمره، وكان رئيساً للكهنة لمدة سنة واحدة فقط، قال إن الملك هيرودس بذل عناية خاصة لتجهيز القبر الذي يُوضع فيه الجسد، وزّوَده بكمية كبيرة من الأطياب، ودفن معه بعض أدوات الزينة (6). ولقد كان المرّ دواء يلصق بالجسد ويلتحم به حتى يصعب نزع الأكفان عن بدن الميت. وكانت عادة اليهود في التكفين أن يغسلوا الجسد، ويسّووه، ثم يلفّونه من الإِبطين إلى الكعبين بقماش كتاني بعرض قدم (30 سم). وكانوا يضعون الأطياب بين طيات الأكفان لحفظ الجسد وللصق الكتان. وتعبير يوحنا تعبير دقيق لفاه بأكفان مع الأطياب . وفي صباح اليوم الأول بعد الدفن اختفى جسد يسوع، لكن بقيت الأكفان! ولقد اتبع يوسف الرامي الوصية القائلة: فَلَا تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلْ تَدْفِنُهُ فِي ذ لِكَ الْيَوْمِ، لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللّهِ. فَلَا تُنَجِّسْ أَرْضَكَ الّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِل هُكَ نَصِيباً (تثنية 21: 23). ويعلّق بولس على هذا قائلاً: اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لِأَجْلِنَا، لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ (غلاطية 3: 13). ولا زالت عادات الدفن قائمة حتى اليوم في الشرق، فالجثة تُغسَّل، وتُلف بالأكفان، وتُطيَّب بالأطياب، ويُغطى الوجه بمنديل (يوحنا 11: 44). |
|